الأحزاب السياسية في إسرائيل


الأحزاب المركزية في إسرائيل بتنوع أطيافها جميعها تقع تحت كنف الأيديولوجية الصهيونية, والصهيونية حسبهم أكبر من أن تكون مجرد برنامج سياسي ثقافي واضح المعالم وثابت، بل هي منظومة فكرية عقديّة تتغذّى من تأويل مستمر للتاريخ وأحداث الواقع وصور المستقبل. ومن أهم الأحزاب الإسرائيلية المركزية: كديما, الليكود, العمل, شاس وغيرها.
أما فيما يتعلق بالأحزاب العربية فلم تلعب دوراً في السياسة الإسرائيلية نتيجة لرفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الاعتراف بحقوق العرب الفلسطينيين السكان الأصليين لدولة إسرائيل (فلسطين المحتلة), وكذلك فإن أغلبية الأصوات العربية تذهب إلى الأحزاب الصهيونية.
من يتابع سياسة الأحزاب الإسرائيلية المركزية يرى إن هناك إجماعًا صهيونيًا بينها على وجوب الانفصال ديموغرافيًا عن الفلسطينيين لكن دون الحاجة إلى تحقيق حل عادل ودائم، أي دون الحاجة للانسحاب إلى حدود العام 1967 ودون حق العودة ودون القدس. وهناك أيضاً إجماع صهيوني حول عدم السماح لعودة اللاجئين إلى المناطق السيادية لإسرائيل. وسوف نتناول بإيجاز في مقالنا هذا الخطوط العريضة لأهم الأحزاب الإسرائيلية المركزية.
حزب الليكود: الذي يرأسه بنيامين نتنياهو –رئيس حكومة إسرائيل الحالي-, والخطوط العريضة لهذا الحزب تقول: إن حقّ الشعب اليهودي على أرض إسرائيل هو حقّ أبديّ غير قابل للاعتراض, ينخرط هذا الحقّ الأساس ضمن حقوق أساس أخرى، مثل حقّ الشعب اليهودي بالسلام والأمن، وحقّ مواطني الدولة العيش بحرية ورفاه في ظل نظام ديمقراطي، يتعهد بالحفاظ على حقوق الإنسان والمواطن على قاعدة مبدأ المساواة، ومن ضمنها حقوق أبناء الأقليات أن يعيشوا وفق تراثهم، ودياناتهم، ولغاتهم وثقافاتهم وذلك تحت رعاية دولة إسرائيل. كذلك يقول الليكود: إن استمرار وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية مستقلة في الشرق الأوسط مشروط بداية بقدرتها في الحفاظ على قوّتها العسكرية والسياسية, لهذا فإن الاعتبارات الأمنية والسياسة الخارجية المختلفة تحتل مكانة مرموقة في دولة إسرائيل, وفقًا لذلك فإن من واجب دولة إسرائيل الحفاظ على إرثها الأمني بغية ردع أي عدو، ولتأمين قدرتها في الدفاع عن ذاتها في أوقات الأزمة كقاعدة ضرورية، والعنصر الأهم في أي تسوية سياسية.
أما في مسألة السلام فيرى الليكود ما يلي: إن السلام هو من الأهداف المركزية لدولة إسرائيل, ستواصل إسرائيل العمل بهدف الوصول إلى اتفاقيات سلام مستقرة ودائمة إضافة إلى علاقات جيرة طيبة مع الفلسطينيّين والدول العربية، وذلك من خلال رؤية الأمن في جميع مستوياته كشرط أساس وضروري ولن يتحقق أي سلام قابل للحياة في الشرق الأوسط دون هذا الشرط. أما فيما يخص "الدولة اليهودية": سيعبّر الدستور عن مبدأ كون دولة إسرائيل هي دولة يهودية". والليكود في نفس الوقت ينادي بان يقوم النظام السياسي في إسرائيل على مبادئ ديمقراطية.
وقد وجد الليكود واجبًا عليه أن يولي أهمية لموضوع "أبناء الأقليات" فوضع مادة تحمل عنوان "حقوق الأقليات"، جاء فيها إشارة إلى تشكيك بوجود أي نوع من التمييز ضد السكّان العرب أو "أبناء الأقليات"، إذ يقول بأنه إن صحت الآراء التي تدعي بوجود تمييز، فإن هذا التمييز قائم لسببين اثنين، ألا وهما الفساد المتفشي في السلطات المحلية العربية والإدارة غير السليمة؛ وأن السلطة التنفيذية في الدولة لا تفرض سلطة القانون والمراقبة ولا تعمل شيء في سبيل إصلاح العطب. وأخيرًا، يتوجّه الحزب إلى "أبناء الأقليات" ويطلعهم على أنه "مؤمن بأنه يمكن تغيير الواقع القائم والوصول إلى تقليص على صعيد اغتراب أبناء الأقليات ودمجهم في المجتمع والدولة لرفاهية الجميع.
حزب كديما: الخطوط العريضة لكديما تقول: إن الأهداف العليا للحكومة برئاسة كديما هي الحفاظ على وجود دولة إسرائيل كبيت قومي آمن للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وإضفاء مضمون قومي على طابع دولة إسرائيل وسط منح مساواة كاملة في الحقوق للأقليات التي تعيش فيها، بحيث تكون قيمها كدولة يهودية وديمقراطية. ويرى كديما في دفع عملية السلام مع الفلسطينيّين هدفًا مركزيًا سيعمل الحزب بكل السبل على دفعه قدمًا بغية وضع الأسس لرسم وبلورة الحدود الدائمة لدولة إسرائيل وصولاً إلى تحقيق الهدوء والسلم وسط المحافظة على أمن إسرائيل ومحاربة الإرهاب دون هوادة والحفاظ على المصالح القومية والأمنية لدولة إسرائيل. ويرى الحزب إن الاختيار أو الحسم بين الرغبة في تمكين كل يهودي من السكن في كل أنحاء أرض إسرائيل وبين الحفاظ على وجود وبقاء دولة إسرائيل كبيت قومي يهودي يتطلب التنازل عن جزء من أرض إسرائيل. وهو يرى كذلك إن التنازل عن جزء من أرض إسرائيل ليس تنازلاً عن أيديولوجية وإنما تجسيد للأيديولوجية الهادفة إلى ضمان وجود دولة يهودية وديمقراطية في أرض إسرائيل. ويرى حزب كديما إن رسم الحدود الدائمة لدولة إسرائيل في نطاق تسوية سلمية يجب أن يضمن المصالح القومية والأمنية لدولة إسرائيل.
أما فيما يخص السلام فيرى كديما: إن موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية منوطة بشكل مطلق في أن هذه الدولة هي الحل القومي المطلق والتام لكل الفلسطينيّين بلا استثناء وحيثما كانوا، بما في ذلك اللاجئون. وبناء عليه لن يُسمح في أية تسوية بدخول لاجئين فلسطينيّين إلى إسرائيل. وكذلك على الدولة الفلسطينية العتيدة أن تكون خالية من الإرهاب، وأن تتعايش بسلام وجيرة حسنة مع إسرائيل، وأن تكون منزوعة السلاح بحيث لا تشكل قاعدة لمهاجمة إسرائيل، ولذلك يتعين على الفلسطينيّين التجرّد من الإرهاب بصورة كاملة ومطلقة قبل قيام هذه الدولة. وفيما يخص تعيين حدود إسرائيل في نطاق التسوية الدائمة فيرى كديما انه يجب أن يتم على أساس المبادئ التالية: ضم مناطق يتطلبها أمن إسرائيل, ضم أماكن مقدسة للديانة اليهودية ومهمة كرمز قومي وفي مقدمتها القدس الموحدة عاصمة إسرائيل, ضم أقصى عدد من المستوطنين اليهود فعليًا. وأخيرًا لم يجد هذا الحزب الجديد أية أهمية للتطرق إلى توجّهه للسكّان العرب في الدولة، فقد غاب في برنامجه أية إشارة إلى هذه الفئة السكّانية التي تشكّل ما يزيد عن 20% من سكّان الدولة.
حزب العمل: الخطوط العريضة للعمل تقول: دولة إسرائيل هي دولة يهودية، وهي البيت القومي لكل اليهود أينما تواجدوا. إننا إذ أخذنا على عاتقنا تحقيق الصهيونية، نرى أنفسنا ورثة راية الثقافة اليهودية والثقافة العبرية المجيدة وحامليها. أما في القضايا الأمنية والخارجية فيقول الحزب: التسوية السياسية هي مصلحة قومية لدولة إسرائيل. هناك صلة وثيقة بين التسوية السياسية وبين النمو الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي. الحكومة برئاسة حزب العمل ستعمل من أجل استئناف المفاوضات السياسية وفي الوقت ذاته العمل الحازم والجاد ضد العنف والإرهاب، واستكمال بناء الجدار الأمني والمحافظة على تفوق إسرائيل. إذا سادت حالة جمود سياسي ستلجأ إسرائيل إلى اتخاذ خطوات مستقلة تضمن مصالحها الأمنية والسياسية.
أما فيما يتعلق بالسكان العرب في إسرائيل فيتسم توجّه العمل نحوهم بالتوجّه الليبرالي المنقوص، ونقصد به ذلك التوجّه الذي يرى بهم متساوي الحقوق قانونيًا كونهم أفراد لا كونهم جماعة، لكن مساواتهم تنبع من تعريف الدولة لذاتها بأنها أولاً وقبل كل شيء يهودية بطابعها، ممّا يخلق شروطًا وأحكامًا تحدّد مدى هذه المساواة وحجمها ومعانيها. أما المفاوضات من وجهة نظر العمل فهي: دولتين لشعبين تُعيَّن حدودهما في مفاوضات بين الطرفين؛ ضم كتل الاستيطان الكبيرة في يهودا والسامرة إلى دولة إسرائيل، القدس بكل أحيائها اليهودية ستكون العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، والأماكن المقدسة للديانة اليهودية تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية.
حزب شاس: يؤمن شاس بكون دولة إسرائيل دولة الشعب اليهودي تقوم على مبادئ ديمقراطية بما يتفق مع توراة شعب إسرائيل. كما ويطمح الحزب إلى تجميع الجاليات اليهودية من كل بقاع الأرض بغية بناء البيت اليهودي في دولة يهودية كبيرة وقوية في جميع أرجاء أرض إسرائيل. والحزب يحترم الشواذ في المجتمع ويدعو إلى التسامح معهم، بحيث أن السلام يبدأ من الداخل، من خلال المحبة بين المجموعات المختلفة في المجتمع، وفي علاقة نديّة مع أبناء الديانات الأخرى واحترام حقوقهم. ويرى شاس انه لزامًا عليه أن يرعى المسائل التالية: الاستمرار في تطوير الاستيطان بما يتفق مع قرارات الكنيست والحكومة؛ وتطوير الجليل والنقب بغية تدعيم سكّان الأطراف. وشاس لا يعترف بالشعب الفلسطيني ولا بوجوده في الضفة والقطاع، كما ولا يعترف بوجود أقلية فلسطينية أو عربية بين ظهراني الدولة، وإنما يرى بهم أقليات دينية يتوجب التسامح معهم. كذلك فقد ربط السلام مع الدولة العربية بشرط يستحيل تطبيقه ألا وهو رهن السلام بعدم قتل أي يهودي.
مما سبق نستنتج ان جميع الأحزاب الإسرائيلية المركزية غير راغبة في السلام الحقيقي وبهذا فان السياسة الإسرائيلية كدولة غير راغبة في السلام الحقيقي وقد استخدمت السلام كذريعة لكسب الوقت لتدعيم بناء دولتها وتوسيع مستوطناتها, ولذلك على الفلسطينيين والعرب التوقف عن عملية السلام والرجوع إلى الخيار الصحيح وهو المقاومة لأن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.



تعليقات القراء

رامي القريوتي
فلتذهب اسرائيل الى الجحيم......... شكرا للكاتب الكريم على هذا التوضيح
04-11-2011 02:40 PM
هديل
اشكرك يا استاذ هيثم على مقالك الرائع وكما عودتنا في مقالاتك الهادفة والتي فيها التوعية للفئة التي ياخذها سبات عميق لا ادري الى متى ....؟؟؟؟ والذين يركضون خلف سراب السلام ...ولماذا نقبل بالسلام ومنذ متى كان لليهود عهود ومواثيق فكل التاريخ يشهد بنقضهم العهود والمواثيق ....كيف لنا ان نضع ايدينا بايديهم ... لا بد ان يكون امامنا تفكير واحد هو ان نقاوم اليهود وان نخرجهم من اراضينا وندافع عن حقوقنا وارضنا المغتصبة من قبلهم ....كيف نريد من الله ان يرحمنا ويفرج كربنا وينزل علينا الغيث والخير ونحن نتودد لليهود ونريد السلام معهم ونترجى رضاهم .....ان الله لرؤوف رحيم بنا لاننا بالرغم من اعمالنا المشينة لازال الله يرأف بنا ويعطينا الخيرات التي لا نستحقها في هذا الزمن الذي تغيرت فيه كل معاني الاخلاق والمبادئ....وان الله لرحيم بنا لانه حتى الان لم يخسف بنا الارض من الجرائم التي نقوم بها بحق الاسلام والمسلمين...
واخيرا اتمنى ان لا يؤاخذنا الله بما فعل السفهاء منا .......وان يرحمنا برحمته ....وان يعز الاسلام والمسلمين ويذل ويشتت اعداء الدين .......
05-11-2011 09:07 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات