شيطان من نوع اخر


كان قد إقشعر بدني منذ بضعة أيام عند سماعي قصة حدثت في الشارع الذي يلي منزلي مباشرة في بلد الغربة، إمرأة تمسك بيد إبنها الصغير الذي بالكاد تجاوز العشر سنوات، وتقطع معه الشارع إلى الجانب الآخر، ولم تكن تعلم بأن هناك شيطاناً قادماً بجنون غير محسوب، لينهي حياتها مع إبنها، وليكون هذا هو القدر المكتوب لهم في تلك اللحظة "رحمهما الله".

ولكنني اليوم أجد نفسي أقف مذهولاً أمام فظاعة شيطانة من نوع نادر، تظهر لأول مرة في شوارع عاصمتنا الحبيبة، وقد سبقت كل من ظهر قبلها في الإجرام، والوقاحة، والخسة، والنذالة، ونسأل الله عزوجل أن تكون الأخيرة التي يظهر فيها أمثالها في شوارعنا ...

أطفال لا يتجاوز أكبرهم ثلاثة عشر عاماً، يتشاجرون فيما بينهم كأي أطفال في العالم، تخرج والدة أحدهم معلنة الحرب عليهم، وتهاجمهم بسيارتها قاصدة قتلهم، وأخذ حقها بيدها من هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين لا يستحقون سوى الموت "بحسب قول تلك المجرمة" !!!

يصاب الأطفال الصغار بإصابات بالغة، بعد أن كانوا قد إستنفذوا طاقاتهم في الفرار من إجرام تلك الشيطانة القاتلة، بينما يغادر صديقهم "أحمد" الحياة التي إنتظر والداه مجيئه لها أكثر من سبع سنوات، بعد قيام تلك المجرمة بدهسه بسيارتها عدة مرات، ولتستقبل الحياة أخيه الجديد "أحمد" الذي ولدته أمه بعد ساعات قليلة فقط من الحادثة، ولكن أحمد الذي نسأل الله عزوجل أن يكتبه من طيور الجنة، لا يغادر الحياة إلا بعد أن يهدي والده قبلة الوداع، وهو منقول إلى المستشفى في سيارة الإسعاف وأمعائه تتهادى أمامه، وتكون آخر كلماته "أحبك جداً يا بابا" !!!

حقيقة ربما كانت هذه من المرات القلائل التي تدافعني فيها العبرات وأنا أكتب كلماتي، وأجد نفسي عاجزاً عن إختيار كلماتي، ولكنني أريد القول لمصاصة الدماء تلك، سحقاً للجنسية الأمريكية التي تحملينها إن كانت ستخرجك من هذه الجريمة مثل الشعرة من العجين، وسحقاً لك ولها ألف مرة إن كانت ستلبسك ثوب "المجنونة" أو "المختلة عقليا" لتخرجك من جريمتك بدون حساب.

قضائنا الأردني الذي نتوسم فيه العدل دائماً، اليوم هو أمام محك وإختبار حقيقي جديد، فأولادنا ليسوا مطية لأحد مهما كانت جنسياتهم أو إنتمائاتهم، وأحمد الحميدات لم يعد اليوم إبن عشيرة الحميدات أو الغباشنة فقط، بل هو إبن كل واحد وواحدة بيننا، وكل العشائر الأردنية الشريفة التي تحمل هموم وآلالام أبناء الوطن على عاتقها دائماً، وقضية أحمد هي قضيتنا جميعاً اليوم.

نتمنى أن يثبت لنا قضائنا الأردني بأن دم الإنسان الأردني هو أغلى ما نملك، وأن يقيم القصاص على تلك المجرمة مهما كانت عليه الضغوط كبيرة أو ثقيلة، أولاً لأن هذه القضية هي قضية أمن دولة، وثانياً لأننا وقتها سنطمئن على أنفسنا وأبنائنا من هؤلاء الشياطين الذين لا علاج معهم سوى القصاص السماوي العادل.

رحمك الله يا طير الجنة "بإذن الله"، يا حبيبنا أحمد، ونتمنى أن تأخذ حقك في الدنيا من تلك المجرمة بدون تدخل الواسطات أوالمحسوبيات، ولكن لا تقلق فإن حقك عند رب العزة محفوظ لا يضيع، فعدالة السماء لا واسطات ولا محسوبيات فيها.

نشاطر الأعزاء أبا أحمد وأم أحمد الحزن والتعزية، وكذلك عموم عشيرتي الحميدات والغباشنة الأفاضل، ونسأل الله عزوجل لهم الصبر والثبات، واللقاء مع الحبيب أحمد في ربوع الجنات، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا "أحمد" لمحزونون ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات