يعني ( لا نط .. ولا تنهـيق ؟ )‏


لاشك أن لغتنا لن أقول العربية فقط ولكن لغتنا العربية المصرية ولهجتنا الخاصة هي أجمل ‏وأبسط وأحلي لغة ولهجة علي نطاق عالمنا العربي والأسلامي وخاصة فيما ورد فيها من ‏أمثال شعبية هي نتاج وتلخيص بسيط لحكم وتجارب ومواقف تعرض لها الأنسان المصري ‏الخفيف الروح والدم وبطبعه وعلي مر السنين بل أفردت لها كتباً خاصة أصبحت بمثابة ‏مراجع لهذه الأمثال الشعبية القيمة المعني والمعاني , ولنعود لعنوان المقال لأقول أن هذا ‏المثل الشعبي الطريف الدارج ربما تسمعه أكثر في أرياف مصر وهو يطلق علي " الحمير " ‏‏, فصنع الخالق وتدبيره فطر الأنسان والحيوان بل وجل الكائنات الحية وبالفطرة علي أحدي ‏أهم سمات الخلق ألا وهي التكاثر والتي بدونها لأنعدمت الحياة والخليقة , ومن هنا جاءت ‏الحاجة أو الرغبة الجنسية لدي مخلوقات الرحمن ومودعة بالفطرة والسليقة في جسد الجميع ‏أنساناً أو حيواناً وتبدأ الفحولة والقدرة الجنسية في سن الصبي والشباب المبكر لتتخذ أقوي ‏أشكالها ولكي تبدأ من بعد في الضعف رويدأ رويداً مع تقدم العمر ولكي تضعف في سن ‏الكهولة وتنتهي تقريباً وتزول في سن الشيخوخة أو سن اليأس كما يقال وفي معظم الخلق , ‏والحال مع الأنسان مثله مع الحمار ؟ والذي يمر أيضاً بنفس المراحل ويشيخ ويعف ويكف ‏عن الحاجة الجنسية ولايبدي سوي نهيقاً مستمراً في شيخوخته وكأنه فقط ليذكر قطعان ‏الحمير الصبية واليافعة والأناث منها خاصة أنه مازال موجوداً وحي يرزق مع أنه قد سلم ‏النمر ؟ ومن هنا جاء الفلاح المصري الخفيف الظل بالفطرة بهذا المثل الشعبي الريفي ليقول ‏عن حماره ( يعني لانط ولا تنهيق ؟ ) وهو يقصد أيه يعني خلوه ينهق ؟ وبالطبع هو ‏لايقصد في واقع الأمر حماره أو حماراً بعينه ولكنه ربما أو مؤكداً أنه يقصد جاره ذلك الشيخ ‏العجوز والذي لايكف عن الزعيق أو إثارة الشغب والتشاجر المستمر مع الرايح والجاي ‏ولأتفه الأسباب أو حتي بدونها ؟ , أنا عن نفسي أحترم وأحب الحمير جداً وأجزم أنه من أذكي ‏الحيوانات علي سطح البسيطة وأكثرها جلداً وتحملاً وصبراً فاق صبر أيوب ؟ وكم يغضبني ‏جداً عندما أشاهد عربجياً ما وخاصة ولسوء حظ الحمار لو كان يشد أو يجر عربته في مطالع ‏إحدي الكباري والعربة محملة بأثقال لايستطيع حتي الفيل ؟ جرها ومع ذلك تجد هذا العربجي ‏المنزوع الأنسانية والرحمة وبيده سوط أو قطعة خشب أو حديد ويلهب بها ظهر هذا المخلوق ‏البائس اليائس التعس لكي يجر ويحمل مافوق طاقة الأفيال غير مكترثاً بتلك الآلام الرهيبة أو ‏الجروح الغائرة والتي يسببها بوحشيته في ظهر وجسد هذا الحيوان المسلوب الإرادة في ‏التعبير وربما يبكي ولكننا لانشاهد بكاؤه من فرط كبرياؤه عنا , وساعتها أتمني لو بيدي الأمر ‏لأربط هذا العربجي الوقح مكان الحمار وأتعامل معه بنفس الوسيلة والقسوة وظني أنه سيبدأ ‏العويل والبكاء ومن أول سوط ويقول أنا عاوز أمي ؟ ولا أعرف طبيعة الشبه العجيبة في هذا ‏المخلوق الجميل الصابر والمثابر وبيننا نحن المصريين خاصة أو المواطن العربي عامة ؟ ‏وتدور ذاكرتي في في تلك العلاقة الغير متكافئة أو متجانسة بين ذلك الحمار وهذا العربجي ؟ ‏وظني أنهما معاً يضربان لي مثلاً حياً وترجمة من نوع آخر بين الحاكم والمحكوم في ظل ‏أنظمتنا العربية تلك ؟ فهذا العربجي القابع في راحة وأمان واستجمام واستقرار من فوق ‏عربة محملة بأطنان الأثقال ليجرها هذا الحيوان البائس النحيل ويتجرع العذاب المهين ‏والمقيت والبشع علي يد سيده الجلاد القابع في أمان وليته وبعد هذا الذل والهوان والأستعباد ‏المفرط وفي نهاية يوم العمل والشقاء يكافئه بحزمة برسيم أو بعض من حبات الفول ؟ ولكنه ‏يقوده جبراً وقهراً إلي أحدي أكوام القمامة والفضلات ويجعله ينبش فيها عن شيء ما ربما ‏يتناسب مع نوعية غذاؤه وهو وحظه ؟ ولكي يأخذه ومن بعد إلي أي خرابة أو عامود ليربطه ‏ويكبله فيه وليقضي ليلته أو لياليه السودة واقفاً ؟ وحتي إذا مارغب المسكين في النوم ‏فليكون ولكن وهو واقفاً ؟ بينما ذلك العربجي العربيد يأخذ عرقه وعرق الحمار الغلبان ولكي ‏ينفقه وبالأخير في إحدي مواخير البوظة أو منقوع البراطيش البلدي ؟ وظني أن علاقة ‏الحمار بجلاده أو بهذا العربجي الغبي المعدوم الأنسانية والضمير والأحساس والمشاعر لا ‏تفرق كثيراً عن حالة العلاقة بين معظم شعوبنا العربية وأنظمتها ؟ فنحن نشقي ونتجرع ‏كئوس الطلي من العذاب والمرار المهين ولكي نجد وبنهاية المطاف بضعة جنيهات لاتوفر لنا ‏حتي حد الكفاف أو ضرورات المعيشة أو السكن بل أنه ليس من الغريب علي مجتمعاتنا بل ‏أنه من سماتها سكني المقابر والأحواش والخرابات والعشش الصفيح والخيام وهو مايعني لي ‏حمار بدون زريبة ولا دار ومكبل فقط بعامود الأضاءة ؟ أو هكذا وجه الشبه بيننا وبين الحمير ‏؟ فنتاج عرقي وجهدي الدؤب وعملي الحقيقي لايذهب إلي جيبي كما هو مفترض وعلي ‏الرغم من قلته ولكني الجازم أنه يذهب في معظمه إلي جيوب ومصالح من يرأسون ويقبعون ‏علي تلك العربات الفاخرة والتي نجرها ونجريها لهم نحن ناهينا عن كونهم عربجية أو حتي ‏ملوك ؟ ولو عدنا مرة أخري إلي غاية المثل وعنوان المقال لنجد أنه ينطبق وبالكامل علي ‏عموم الأنظمة العربية والتي أظن أنها أخصيت منذ ولادتها لذلك فلا ثمة نط واجب أو مفترض ‏أو حتي منتظر لها بل مجرد نهيق ونهيق مستمر لم يعد يصدع أدمغتنا لأننا تعودناه ومنذ ‏نعومة أظافرنا ؟ وللمفارقة تجد أنه حتي في الخلافات العربية العربية فأن اللغة ( الحماري ) ‏وما يلازمها من مستلزمات واجبة للحوار العربي من رفص وعض ونطح هي المستخدمة ‏والمتعارف عليها للهجوم أو الصد ؟ فتتحول لغة الحوارات أو العتاب الرقيق الهاديء الهادف ‏والمتحضر وحتي بين بعض الحكام العنتريين خاصة إلي مجرد نهيق ورفص وعض ولا مانع ‏أيضاً أن نحسنه ببعض النباح ولكي نصل وبالنهاية وكعادتنا العربية إلي أوركسترا تعزف ‏لاشيء ؟ يعني نهيق في نهيق ثم نتعانق ونتقاسم البرسيم ويادار مادخلك شر ؟ ولكن ربما ‏الحمار كحيوان جميل في عموم جنسه وعلي الأطلاق وتجده أكثر كمالاً وجمالاً ورضي ‏وقناعة من بني آدم في عموم جنسه وعلي الأطلاق أيضاً ؟ فمثلاً الحمار لايسرق ولاينهب ‏بقية قطعان الحمير ؟ والحمار لايعتد بالجنيه أو الدينار أو اليورو أو الدولار وإذا ماقدمته له ‏سيأكله ويتبرزه ؟ والحمار هو الوحيد المؤمن بأن الكفن بلا جيوب لأنه أصلاً يعرف وبالفطرة ‏الربانية أنه لاكفن أصلاً له ؟ والحمار هو ذلك الحيوان القانع والذي تنتهي أقصي درجات ‏طموحه للفوز ببعض حبات الفول والتي ربما لاتشبع ولا تقنع بني آدم ويريدها كافيار ؟ بينما ‏الحمار يحلم بالخيار ؟ والحمار لايأكل اللحوم أو السيمون فيميه ولا حتي البفتيك أو حتي يقبل ‏أن يأكل لحم أي كائن حي له رأس وعقل ومخ ؟ بعكس الأنسان والذي أكل لحم وكبد الحمار ‏نفسه ولايفرق معه ؟ فضلاً علي أن الحمار لايشرب الخمور ولا الويسكي ولا البيرة ولايدخن ‏السيجار ولا الغليون ولا الحشيش ولا البانجو ولايتعاطي الأفيون بل أنه محترم , ولايرازل أو ‏يعاكس بنات صنفه أو من هم في سن أمه الحمارة هانم الكبيرة في الشوارع ؟ ويجرح ويؤذي ‏حياؤهم ويخدش كرامتهم ؟ بل أنه متعفف حتي عن أستعمال المحمول والعطور والبرفانات ‏وتركها لبني آدم ؟ ويكفيه وبانشكاح عجيب فقط مجرد التمرغ بجسده في تراب الأرض والذي ‏يعلم بفطرته السوية أنه منها وإليها سيعود ؟ كما أن الحمار لايغتصب أطلاقاً حمارة طفلة ‏غير بالغة من بني جنسه وبالفطرة السوية لديه أما نحن بني البشر ما أوقحنا وما ‏أفضحنا وماأظلمنا وأجهلنا وأقسانا ونحن نقرأ عن حالات لأغتصاب أطفال وربما ‏حديثي الولادة؟ فأي عار بعد علي وجوهنا العارية ؟ بل أن الحمار لاينكح حماراً ‏مثله ؟ ولا الأنثي تساحق أنثي من قبيلتها ؟ بينما نحن أصحاب العقول المفترضة ‏والكمال المفقود لواطين وزبالة بل ونسن القوانين للزواج المثلي وإباحة اللواط ‏والسحاق ؟ والحمار لا ولم ولن يفعلها وأختتم لأقول أنا بصراحة يا أخواني مع الواد‏‎ ‎الرقاص الفنان / سعد الصغير لأقول ومن داخلي معه وباقتناع يشهد عليه الله أمامكم باحبك ‏ياحمار ؟ بل شعب مصر كله بيحبك ياحمار ؟ بس بيكره العربجية .‏
Mohamd.ghaith@gmail.com



تعليقات القراء

حمار
شر البلية ما يضحك
14-10-2011 09:36 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات