انفلات الشارع ولغته


خيرا فعل الفاضل معالي عبد اللطيف عربيات والشيخ حمزة منصور عندما تبرءا من الشعارات والهتافات المنحرفة التي دعت إلى إسقاط النظام تلميحا وتصريحا. معترفين بالشعارات التي تنادي بإصلاح السلطات الثلاث فقط من خلال إصلاحات دستورية وقوانين ناظمة لعملها، ورفض المغالاة ورفع الصوت دون معنى، دون تجاوز هذا الحد. هذا الحد الذي يقف عنده الأردنيون جميعهم؛ من يعتصم ومن لا يعتصم، من يشارك بالمسيرات ومن لا يشارك، من ينادي بالإصلاح بأسلوبه الخاص، ومن ينادي بالإصلاح بأسلوب آخر. وهذا الحد نقف عنده لا تقديسا أو تعظيما وثنيا أعمى، ولكنه حدّ آمنا ووثقنا بخصاله الحميدة وسجاياه النبيلة الذي جمع في ثناياه الأردنيين كافة. وعندما نسمع مثل هذا الخطاب الواعي وغير المتشنج من أبرز قيادات جبهة العمل الإسلامي نستشعر بعضا من الاطمئنان ألا نقع أسرى لغة الشوارع والأزقة وهتافاتها المتطرفة التي إن انفلت عقالها وضوابطها فستجرف في طريقها كل صوت داع للتعقل وعدم الغلو في مطالب تعجيزية وفورية أو استفزازية.
أضف إلى ذلك ما يشاع عن انشقاقات في ما يدعى بـ 24 آذار بسبب استغلال بعض الهتيفة لاسم الحراك وتمرير شعارات وهتافات مسيئة للشعب الأردني والنظام الملكي. وهذا يدل على أن هناك من يتربص ويروغ كما يروغ الثعلب بين الجموع لعله يعثر على منفذ يشعل فيه لهيب الفتنة والتأزيم بتصريح أو يافطة أو تهييج أعصاب المشاركين في مثل هذه المسيرات. كما يدل هذا أيضا على وجود نفر يرى في العقلانية لبنة في صرح الإصلاح المنشود، وبأن التمادي والتطاول ما هو إلا قفز ورقص على أشواك مسمومة.
أما وأصبح الاستشعار بخطر الفتنة واقعا، فحري بنا المناداة والتنادي والتناصح فيما بيننا بأن التطرف لا يولد إلا تطرفا، والاعتراف بأن الشارع يتكلم بلغة مفرداتها العنف والغضب والشتم والقذف وما إلى ذلك من مترادفات تردف كل منها على متنها وظهرها سلوكات وتصرفات غوغائية لا تحسب حسابا للتبعات والعواقب التي ينتظرها قلة القلة المتربصون بالبلد وأهله شرا، هم أنفسهم وجه العملة التوأم للفساد الذين يدعون محاربته واجتثاثه.
واستنادا إلى مثل هذه المواقف الواعية تحديدا، فإن الأقنعة الزائفة بشعار مكافحة الفساد ستقع عندما ينبذ هؤلاء ويعرون من ورقة التوت التي يتوارون وراءها لتمرير نثر بذورهم بين أفراد البلد الواحد خاصة أن أسياد هؤلاء معروفون بسيرتهم الشخصية والتي فاحت روائح سكرهم ومهنهم على أعتاب سفارات الدول الغنية الثرية لتزكم الأنوف من الشمال إلى الجنوب دون استثناء شرق البلد وغربه. ولكن علينا التنويه هنا إلى أن منظمي المسيرات والاعتصامات هم المسؤولون مباشرة عن أي انحراف، حتى ولو كانت المسؤولية أدبية فقط.
البلاد العربية أصبحت مرتعا لخنازير البشرية وموسادها وعملائها؛ وما يحدث الآن في مصر من فتنة دينية يقودها الشارع الأعمى والموساد إلا خير دليل على ما يقوم به الصهاينة من إثارة البغضاء والإحن بين الشعوب العربية، وبين أفراد البلد الواحد. وما تناقلته الشاشات الفضائية عن أحداث مؤسفة في القاهرة والاسكندرية وغيرهما، لدليل بين على أن لغة الشارع تقوم على الغضب والتسرع وعدم التعقل، وكذلك على الصمم عن سماع كلمة حق وخير تقال. مستندة إلى نبش الذاكرة البغيضة، والتعصب الأعمى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات