الخريف الاردني .. مطلب من اجل الاصلاح


إن ما يحصل اليوم بالأردن هو حراك للنخب والقوى والأحزاب السياسية الوطنية الأردنية التي لم تستطع تحريك الغالبية الصامتة منذ زمن حيث يوجد هناك فجوة كبيرة بين ممارسات قيادات تلك القوى والأحزاب السياسية وبين أفكار ومتطلبات الغالبية الصامتة بالأردن , فبينما كان هم المواطن الأردني من الغالبية المطالبة بالعدالة والمساواة وان تكون المحافظة على كرامة المواطن الأردني أولا وأخيرا وان تكون الوحدة الوطنية ممارسة فعلية وليس شعارا يرفع بالمناسبات والانتخابات, بالمقابل كانت معظم قيادات تلك القوى والأحزاب السياسية للأسف تتصارع داخليا وتكرس الانقسام وتجيد التلون حيث كنا نشاهد الكثير من تلك القيادات يتحدث بالأمور الدينية والقومية بالنهار ولكن للأسف ينقلب ليلا داخل الغرف المغلقة ليصبح إقليمي حتى النخاع . فهل هذا بالفعل هو ما يحصل عندنا ؟؟؟
لقد عشنا في غفلة من الزمن ردحا ليس باليسير ولن يكون يسيرا ان يمحى من ذاكرة البعض ممن عشق الاردن بل يرى نفسه في ذاك الوهم ولعلها الشخصية الاردنية وتركيبتها التي تهوى دائما ان تعيش على الخيال وبالخيال الى ان اصطدمنا بالواقع المعاش اليوم وهو واقع الكل يعيشه ويتذوقه وهو مجبول بالمرارة ومع كل هذا لا زال الكثيرون منا يكابرون ولست ادري الى متى ؟
لذا يكرر العديد منا مقوله أن الأردنيين ترعرعوا كشبح يبحث عن جسم ليسكنه ...فلا يجد..... وأن توهم انه فعل سيجد الجسم بلا روح..... هل آن الآوان لنقر بصريح العباره بأننا صنعنا في مراحل غيبوبه رموزاً تسعى لتحقيق مصالح شخصية آنية .. رموزاً همها ركوب الموجة .. رموزاً همها الوحيد المزاودة ورفع الشعارات البراقة .. رموزاً تتجنب العمل تحت مظلة واحدة فمثل هؤلاء لا ولن يكونوا يوما قادة قادرين على قيادة حركة الاصلاح وسيتساقطوا في هذا الخريف الاردني وستنمو براعم التغيير القادرة على العمل والعطاء المنتمية الى هذا الوطن.
فالكثير من عناصر الحراك والاحزاب بعيدين كثيرا عن راي الغالبية من الشعب وقريبين جدا لاهوائهم ومحركاتهم التي لا هدف لها الا تشتيت الحراك وتشويهه والتسلق بغية مصلحة شخصية.
الدولة الاردنية تواجه بحق مأزقا كبيرا اليوم , جيل التحول الديمقراطي يرتد عليها, وجيل الشباب فقد الامل بالاصلاح واتجه إلى تصعيد ما بات يعرف بالحراك الشبابي في المحافظات شمالا وجنوبا, فأي مقاربة تعيد للدولة مكانتها وهيبتها لتفرد جناحيها على الجيلين .
لقد ارتكبت الدولة في الفترة الاخيرة اخطاء قاتلة عمقت من عزلتها في الشارع ودفعت باوساط واسعة كانت محسوبة عليها الانتقال الى صف المعارضة, وها هي تنزل تدريجيا إلى الشارع وتنافس المعارضة التقليدية على سقف شعاراتها ..
لا نريد ان نصل الى لحظة الطلاق, ما زال علاج الازمة ممكنا من خلال اصلاح فعلي قابل للتطبيق يلمسه المواطن وتحقق للاردنيين مطالبهم من دون دماء وخسائر, ثورة اصلاحات يرضى عنها جيل الرواد وجيل الشباب...
فالصراع الذى يدور فى الساحة الان بين القوى الوطنية الرافضة دون ان تقدم ما يمكن ان يوصف بالاصلاحات الجذرية لمختلف نواحى الحياة بدأ ياخذ منحنيات متعددة اختفت فى ظلها كثير من الشعارات والمطالب المختلفة فى وصفها بين الحقيقى الذى يهدف تحقيق اصلاح قابل للتطبيق يحقق الحدود الدنيا التي يطالب بها الشعب وبين الشعارات التي تطالب بتغيير نمط الحكم .
أن القوي الوطنية طالما نجحت في أن تنحي خلافاتها جانباً فهذا يعطي أمل كبير في أن تتوحد هذه القوي خلال الفترة القادمة علي مطالب عامة كبيرة تحقق مبادئ الاصلاح بعيداً عن أي مكتسبات شخصية وهو ما نحتاجه في الفترة القادمة.
ان المطلوب اليوم هو المضي قدماً في شراكة وطنية جامعة لبناء حاضر ومستقبل الاردن الآمن المستقر لتنعم الاجيال القادمة في ظل راية الحرية بالرقي والتقدم والرفاهية.
في المرحلة الحالية التي تمرُّ بها التحركات الجماهيرية لا تقبل سوى الفكر الائتلافي والتعاون بين الجميع، بدون مناورة وبخطاب واضح وصريح غير قابل للتأويل او التكهن ؛ونبذ الخلافات الفئوية الضيقة التي تهدف لتحقيق مصالح آنية على حساب مصلحة الوطن متعامية عن المخطط الشامل الذي ينفذ لتحقيق الوطن البديل من هنا فانه يجب ان يخرج العمل بين جميع القوى الوطنية من اطار التنظير والتمني الى اطار عملي منظم يبدأ بنقاط الاتفاق أولاً، وليس بنقاط الخلاف، مع توسيع مساحة هذا الاتفاق بالدعوة والتفاهم قدر الإمكان، ثم الأسلوب العملي الإيجابي الذي ينتج من هذه المساحة المشتركة، ولا يقف عند حدود الكلام النظري، بل حسن توجيه الآخرين لأداء عملي إيجابي يُسهم في إصلاح المجتمع لأن البلد إذا غرق سيغرق الكل، ومصلحة الوطن تقتضي التجميع لا التفريق.
أن أي شخص يفكر بالمصالح الشخصية الضيقة البعيدة كل البعد عن هموم الوطن وعن امال وطموحات الاغلبية لن تتاح له هذه الفرصة لان ما نلمسه من فكر وعمل لدى الشباب قادر على ازالة كل الرموز المتسلقة واسقاطها وقادر على خلق تيار عريض يضم كل الاتجاهات سواء كانت فكرية او عشائرية وعندما يستطيع تنظيم نفسه تحت مظلة هذا التيار سيكون هو الوحيد القادر على تحقيق الاصلاح الذي ننشد. ومن هنا يجب أن ينصب التفكير ليس في من يحكم الاردن ولكن في كيف يحكم الاردن فإذا تمت الأجابة على هذا السؤال اعتقد اننا نكون قد أصبنا الهدف. ومصلحة الوطن تقتضي التجرد عن كل المصالح الحزبية الضيقة والمصالح الفئوية من أجل المصلحة العليا التي تحقق الأستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي لأهل الاردن.
أننا نريد أن نقدم للناس نموذجًا للسياسة الملتزمة بالأخلاق، وأن الغاية الشريفة لا بدَّ أن يتوصل إليها بوسيلة شريفة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات