كفاكم مغامرة !!!


منذ أبصرنا النور على أرض بلادنا الحبيبة، ونحن نتنفس هوائها حرية، وتعايش، وفكر سياسي رفيع تحمله كل طبقات المجتمع، من سائق الأجرة إلى معالي الوزير، ومن طالب المدرسة إلى أستاذ الجامعة، ومن البائعات المتجولات إلى سيدات المجتمع المخملي، ليرافقنا هذا الهواء العليل حتى ونحن نعيش في غربتنا عن نسيم بلادنا، وهي التي مرت بالعديد من الأحداث والأزمات، منها كان زلزلاً شديداً، ومنها هزة عابرة، تركت بعض الأثر الخفيف، ومرت على الوطن بسلام. اليوم، ونحن ننظر إلى ما يدور في بلادنا من أحداث، نتحاور ونتشاور ونتداور الأفكار بيننا وبين أنفسنا، ذلك عندما نشاهد كرة اللهب المشتعلة فيما حولنا من البلدان، ونجد البعض في بلادنا، يشعلون الفتيل هنا وهناك، بخطأ مقصود أو غير مقصود، بكلام محسوب أو غير محسوب، أو بتصرف مسؤول أو غير مسؤول. فنرى بعض أعضاء الحكومة الحالية \"التي لم تكمل العام بعد\" وهم يتبارون للمجئ بالأزمات الواحدة تلو الأخرى، منذ تقلدهم مواقعهم في الوزارة، ويلعبون بالنار من خلال إعجابهم بطريقة العصا والجزرة التي يستخدمونها مع الشعب. فمن قضية الكازينو، إلى قضية خالد شاهين، إلى قضية إقالة محافظ البنك المركزي بالقوة الأمنية، ولأول مرة في تاريخ الأردن فقط لأنه ليبرالي !!! إلى الطلب من رئيس المجلس القضائي الإستقالة وهو في مهمة رسمية خارجية !! ثم إلى تهديدات وزير الداخلية الأخيرة تجاه شعارات الحراك الشعبي، والتي أصبحت تتجاوز الخطوط الحمراء بنظره مهدداً بأن الحكومة يمكنها مقاضاة أصحاب هذه الشعارات، وهو الذي يعلم جيداً بأن الشعب الأردني لن يتوقف عن فضح الفاسدين والفاسدات، أينما كانت مواقعهم ومراكزهم وسلطاتهم. رأينا كيف تم الضغط على مجلس النواب حتى يتم إقرار التعديلات الدستورية بأسرع ما يمكن، ثم مناقشة المادة 23 المريبة، والتي أراد واضعوها \"على ما يبدو\" الحفاظ على شخصية الفاسدين ومشاعرهم، من سيف الصحافة والإعلام المسلط على رقبة الفساد والمفسدين، متناسين أن الصحافة والإعلام في كل أنحاء العالم يعتبران السلطة الرابعة في الدولة بعد السلطات الثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية. وقبل كل ذلك كنا قد رأينا ما حدث في دوار الداخلية، عندما هاجم مجموعة من الشبان الذين يحملون صور جلالة الملك والأعلام الأردنية المعتصمين بالحجارة، وأمام مرأى ومسمع القوات الأمنية المتواجدة في المكان، وبدل أن تقوم القوات الأمنية بالقبض على هؤلاء الشبان، أو منعهم على الأقل من الإساءة لصورة سيد البلاد، وعلم البلاد بتصرفاتهم الرعناء تلك، أكملت هي فض الإعتصام بالقوة، ليصبح المعتصمين بين نارين، وابل الحجارة من الأعلى، وعصي قوات الدرك المسلطة عليهم من الأسفل. ثم يذهب هؤلاء الشبان للدوار للإحتفال بالإنتصار، لنشاهد ألفاظاً وتصرفات حولت الأمر إلى نعرات إقليمية، لا تؤدي بالبلاد إلا إلى المجهول. ومن جديد يحدث ما يشبه ذلك قبل أيام قليلة، ولكن في جرش هذه المرة، فالمعارض الشهير \"شبيلات\"، والذي قامت الدولة بتأمين الحماية الأمنية له، يبدو بأنه أزعج السلطات بكثرة تحركاته، فقامت بغض الطرف عن حمايته هذه المرة، تاركة المجال لمجموعة من الشبان المغرر بهم، أن يهاجموه خلال إلقاء محاضرته بالحجارة وبأقذع الألفاظ والشتائم. وكم كنا نتمنى من هؤلاء الشبان ومن ورائهم إن كانوا مقتنعين بأن الرجل على خطأ أن يأتوا إليه لمحاورته، ومناقشته في أفكاره، وإقناعه بالحجة والمنطق، بدلاً من الحجارة والشتيمة. ما أردنا أن نوصله لكل من يدعي حبه وولائه لجلالة الملك والهاشميين، أو يدعي حفاظه على الوطن ومقدراته بتصرفات رعناء لا تمت لحب الوطن بصلة، نقول لكل هؤلاء، مهما كانت إنتمائاتهم، أو أحزابهم، أو أفكارهم، أو مناصبهم، أو سلطاتهم، كفاكم مغامرة بمستقبل الأردن، فمن يعتدي على أبناء بلده بالحجارة بحجة حفاظه على البلاد، هو مغامر بمستقبل البلاد، وليسأل نفسه قبل إلقاء الحجر، كم مرة شاهد جلالة الملك يحمل حجراً ليلقيه على من يخالفه الرأي؟؟ ومن يعتدي على غيره باللفظ والشتائم، أو يستخف بعقل الشعب بكلام لا يقبله عقل ولا منطق، هو مغامر بمستقبل البلاد، ويشعل النيران فيها، ونحن في زمن أحوج ما نكون فيه للحفاظ على مستقبل بلادنا وإستقرارها. نتمنى دائماً أن يبقى أساس حياتنا هو التحاور والتعايش فيما بيننا، بالحجة، والمنطق، والحكمة، والموعظة الحسنة، كما أمرنا عزوجل في قوله: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) سورة الحجرات الآية 13. فالخطاب في الآية هو لكل الناس، كل الناس بدون إستثناء، وقد بدأ إختلافهم مع بداية هذه الحياة، وسيستمر، ويجب أن يستمر معه التعارف والتحاور، لا التقاتل والتناحر .. ونحن نرى حرص سيد البلاد على محاورة كافة أطياف شعبه، والإستماع إلى همومهم، وآلامهم، وآمالهم، لذا نعود لنقولها بأعلى الصوت، لكل من يلعب بالنار، بدفاعه عن الفساد، أوحمايته للفاسدين، ويغامر بمستقبل بلادنا، ويسئ لها ولكل من فيها، مستغلاً في ذلك إسم صاحب الجلالة ملك البلاد، أو مبرراً تصرفات وأقوال رعناء بأنها من أجل أمن ومستقبل البلاد، نقول له لأننا نحب وطننا، ونعشق ترابه، ونتنفس هوائه، ونحرص على مستقبله، وأمنه، وأمانه، وإستقراره. كفاكم.... كفاكم .... كفاكم مغامرة بمستقبلنا، ومستقبل بلادنا، فما عادت الشعوب يمكن إستغفالها، ولن يكون بإذن الله للفاسدين مكان في مستقبل بلادنا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات