لنتنياهو أمام “درس رابين”: لست سوى “حمار المسيح” .. ومليشيا “تمرد” ستصلك يوماً ما
جراسا - كان قتل إسحق رابين “جريمة قتل مثالية ومربحة”، كتب الصحافي والمحلل القانوني المتوفى موشيه نغبي. من منظور 30 سنة، كانت عملية القتل المثالية؛ فقد كان لها الكثير من الشركاء الذين منحوها الدعم القانوني، ولم يدفعوا أي ثمن مقابل ذلك. “بدون حكم شرعي أو قانون يعتبره شخصاً يجب ملاحقته، الأمر الذي انطبق على رابين وصدر من عدد من الحاخامات الذين أعرفهم، كنت سأجد صعوبة في قتله”، قال يغئال عمير في التحقيق معه. كان القتل مجدياً أيضاً، لأن عمير نجح في تشكيل الواقع السياسي الذي أراده. الحكومة الإسرائيلية الآن أقرب إلى رؤية عمير مما هي إلى رؤية رابين.
الحاخام دوف ليئور والحاخام ناحوم رابينوفيتش، اللذان قالا بأنه يسري على رابين حكم من يجب ملاحقته، لم يتم تقديمهما للمحاكمة يوماً ما. بعد سنوات من ذلك، أعطى الحاخام ليئور موافقته الخطية على كتاب “توراة الملك”، الذي تم التحقيق مع كاتبيه بتهمة التحريض. لقد رفض الامتثال للتحقيق. أصدقاء ليئور نظموا مسيرة دعم، ووقع 25 عضو كنيست على عريضة تدافع عنه، أيضاً كتاب الكتاب، بالمناسبة، لم يقدموا للمحاكمة أيضاً. وفضلت السلطات أن يعالج أحد آخر هذا الجرح، وهكذا إلى ان أصبح الجرح دملاً وبدأ يتلوث.
لذلك، لا أتفاجأ من أنه لا أحد يتجرأ على المس بالإرهابيين اليهود في المناطق، الذين ينفذون تطهيراً عرقياً ويطردون تجمعات الرعاة من أماكن سكنهم، أو المس بالكهانيين الموجودين في الحكومة أو الذين يعلقون لافتات مكتوباً عليها “اليساريون خونة” أمام منزل رئيس الحكومة. قتل رابين كان اختباراً وفشلنا فيه. فضلنا النظر جانباً وغض النظر، وأملنا بأن يعالج المشكلة أحد آخر.
سلطات الحكم وسلطات القضاء أقنعت نفسها بأنه إذا مكّنا المتطرفين من إدارة ممالكهم الصغيرة، في مدارس الاتفاق الدينية وفي البؤر الاستيطانية وفي المستوطنات، حينئذ نستطيع إدارة مجتمع “هايتيك” متطور. هذه السلطات لم تدرك أن طموحات المتطرفين كانت دائماً الوصول إلى المملكة. قتل رابين ليس سوى محاولة السيطرة العلنية الأولى على السلطة. في 2013 بدأ يعمل تنظيم لنشطاء من اليمين لتنفيذ أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، الذي سمي “التمرد”، وأراد إسقاط السلطة وإقامة دولة شريعة. “الشاباك” نسب لمئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا، تورطه في هذا التنظيم. تحول اتنغر منذ ذلك الحين إلى باحث في “الصوت اليهودي”، الذي نشر وبتفاخر عن كل مذبحة ارتكبها ” يمينيون فرحون”، وكان عدد لا بأس به من “المراسلين” في اليمين مسرورين بمساعدته في تجنيد التبرعات.
أما الانقلاب النظامي فهو جزء من هذه العملية. نتنياهو، الذي وقف على الشرفة في مظاهرة بميدان صهيون قبل شهر من عملية القتل، وشارك في كل عملية تحريض ممكنة منذ ذلك الحين، وأصبح خبيراً في تأجيج العنف مع حرف الأنظار، يتظاهر اليوم بأنه لا يرى ولا يسمع. إذا كان نتنياهو يأمل في أن يصبح الملك، فإن المستوطنين ينظرون إليه بالأساس على أنه حمار المسيح. هل هناك من يشكك بأن عمير كان سيبصم بكلتا يديه على أقوال الحاخام اليعيزر كشتئيل، وهو صهر رئيس “الشاباك” الجديد دافيد زيني؟ “نعم، نحن عنصريون. بالتأكيد، توجد أعراق ونحن نؤمن بالعنصرية. ثمة أعراق في العالم وخصائص جينية للشعوب، وهذا يقتضي منا التفكير في كيفية مساعدتهم”، قال في أحد دروسه. “اعتباراتنا هي مملكة السماء. كيف يتضح ذلك؟ تدمير جميع العماليق؟ نعم جميعهم، رجل، امرأة، طفل، رضيع، ثور وخروف”. تحريض على العنصرية؟ لا شك في ذلك. أي واعظ مسلم يقول أشياء مشابهة كان سيسجن طوال حياته. ولكن الحاخام يمكنه قول ذلك ويربي عليها أجيال الطلاب. فقط الكاذبون والأغبياء هم الذين لا يعرفون الاتجاه.
منذ عملية القتل، عشق اليمين كلمة “تحريض”، لكنه أفرغها من كل معنى. المحامي نداف هعتسني، قال في حينه بأن قول “قتل رابين كان مثالياً ومجدياً” هو تحريض. ولكن الانتقاد مهما كان شديداً، لا يعتبر تحريضاً. في إسرائيل، يستخدم العنف السياسي مرة تلو الأخرى من قبل اليمين، ليس لأن اليمينيين أكثر عنفاً، بل لأن اليمين في إسرائيل يستخدم التحريض والعنف سلاحاً، خاصة في سنوات حكم نتنياهو. في 2020 تم تسجيل أحد المقربين من نتنياهو، نتال ايشل، وهو يقول الحقيقة: “هذا الجمهور – الذي أسميه حتى غير أشكنازي، نعم – ما الذي يثيره؟ هم يكرهون الجميع. هذه الكراهية هي التي توحد معسكرنا”.
هكذا عمل أعضاء هذا المعسكر، وهكذا يعملون، ضد اليساريين وعائلات المخطوفين وضباط الجيش الإسرائيلي، وضد وسائل الإعلام وكل من لا يتفق مع اليمين. كانت العنصرية (وما زالت) العامل الأول للتحريض. ادعى اليمين أن حكومة رابين، الذي وقع على اتفاق أوسلو وعمل على صنع السلام مع الفلسطينيين، تعتمد على أصوات العرب، وكأنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين، وأن أصواتهم لا قيمة لها. نتنياهو يكرر هذه العملية مرة تلو الأخرى حتى الآن. لم يتعلم أي شيء جديد، ولكنه أيضاً لم يطلب منه ذلك. فلماذا يغير صيغة ناجحة؟
لقد مرت 30 سنة على قتل رابين. ويا ليتنا نكف عن الخوف في هذه السنة. ويا ليتنا نفهم أن الديمقراطية لا يتم اختبارها فقط بدرجة الموافقة، بل بالقدرة على استيعاب مواجهة فكرية، والتوقف عن طمس الخلافات وتغطية أنفسنا بالوحدة التي تسبب العمى. الديمقراطية لا تحتاج إلى الوحدة، بل تحتاج إلى الموافقة على قواعد اللعب، التي تمكننا من تسوية الخلافات فيما بيننا بشكل غير عنيف. بدلاً من ذلك، حاول سياسيون إسرائيليون إخفاء مواقفهم. فقد قالوا إن بن غفير شخص متطرف، ولكنهم يجدون صعوبة في شرح لماذا هم لا يتفقون. لقد وصفوا أنفسهم كمعتدلين، وبعد ذلك صوتوا مع “ضم المناطق”.
من ناحية نتنياهو، هذا أمر عمل بشكل ممتاز حتى الآن. من فضلكم، لا تستمروا في ذلك.
زهافا غلئون
هآرتس 31/10/2025
كان قتل إسحق رابين “جريمة قتل مثالية ومربحة”، كتب الصحافي والمحلل القانوني المتوفى موشيه نغبي. من منظور 30 سنة، كانت عملية القتل المثالية؛ فقد كان لها الكثير من الشركاء الذين منحوها الدعم القانوني، ولم يدفعوا أي ثمن مقابل ذلك. “بدون حكم شرعي أو قانون يعتبره شخصاً يجب ملاحقته، الأمر الذي انطبق على رابين وصدر من عدد من الحاخامات الذين أعرفهم، كنت سأجد صعوبة في قتله”، قال يغئال عمير في التحقيق معه. كان القتل مجدياً أيضاً، لأن عمير نجح في تشكيل الواقع السياسي الذي أراده. الحكومة الإسرائيلية الآن أقرب إلى رؤية عمير مما هي إلى رؤية رابين.
الحاخام دوف ليئور والحاخام ناحوم رابينوفيتش، اللذان قالا بأنه يسري على رابين حكم من يجب ملاحقته، لم يتم تقديمهما للمحاكمة يوماً ما. بعد سنوات من ذلك، أعطى الحاخام ليئور موافقته الخطية على كتاب “توراة الملك”، الذي تم التحقيق مع كاتبيه بتهمة التحريض. لقد رفض الامتثال للتحقيق. أصدقاء ليئور نظموا مسيرة دعم، ووقع 25 عضو كنيست على عريضة تدافع عنه، أيضاً كتاب الكتاب، بالمناسبة، لم يقدموا للمحاكمة أيضاً. وفضلت السلطات أن يعالج أحد آخر هذا الجرح، وهكذا إلى ان أصبح الجرح دملاً وبدأ يتلوث.
لذلك، لا أتفاجأ من أنه لا أحد يتجرأ على المس بالإرهابيين اليهود في المناطق، الذين ينفذون تطهيراً عرقياً ويطردون تجمعات الرعاة من أماكن سكنهم، أو المس بالكهانيين الموجودين في الحكومة أو الذين يعلقون لافتات مكتوباً عليها “اليساريون خونة” أمام منزل رئيس الحكومة. قتل رابين كان اختباراً وفشلنا فيه. فضلنا النظر جانباً وغض النظر، وأملنا بأن يعالج المشكلة أحد آخر.
سلطات الحكم وسلطات القضاء أقنعت نفسها بأنه إذا مكّنا المتطرفين من إدارة ممالكهم الصغيرة، في مدارس الاتفاق الدينية وفي البؤر الاستيطانية وفي المستوطنات، حينئذ نستطيع إدارة مجتمع “هايتيك” متطور. هذه السلطات لم تدرك أن طموحات المتطرفين كانت دائماً الوصول إلى المملكة. قتل رابين ليس سوى محاولة السيطرة العلنية الأولى على السلطة. في 2013 بدأ يعمل تنظيم لنشطاء من اليمين لتنفيذ أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين، الذي سمي “التمرد”، وأراد إسقاط السلطة وإقامة دولة شريعة. “الشاباك” نسب لمئير اتنغر، حفيد الحاخام كهانا، تورطه في هذا التنظيم. تحول اتنغر منذ ذلك الحين إلى باحث في “الصوت اليهودي”، الذي نشر وبتفاخر عن كل مذبحة ارتكبها ” يمينيون فرحون”، وكان عدد لا بأس به من “المراسلين” في اليمين مسرورين بمساعدته في تجنيد التبرعات.
أما الانقلاب النظامي فهو جزء من هذه العملية. نتنياهو، الذي وقف على الشرفة في مظاهرة بميدان صهيون قبل شهر من عملية القتل، وشارك في كل عملية تحريض ممكنة منذ ذلك الحين، وأصبح خبيراً في تأجيج العنف مع حرف الأنظار، يتظاهر اليوم بأنه لا يرى ولا يسمع. إذا كان نتنياهو يأمل في أن يصبح الملك، فإن المستوطنين ينظرون إليه بالأساس على أنه حمار المسيح. هل هناك من يشكك بأن عمير كان سيبصم بكلتا يديه على أقوال الحاخام اليعيزر كشتئيل، وهو صهر رئيس “الشاباك” الجديد دافيد زيني؟ “نعم، نحن عنصريون. بالتأكيد، توجد أعراق ونحن نؤمن بالعنصرية. ثمة أعراق في العالم وخصائص جينية للشعوب، وهذا يقتضي منا التفكير في كيفية مساعدتهم”، قال في أحد دروسه. “اعتباراتنا هي مملكة السماء. كيف يتضح ذلك؟ تدمير جميع العماليق؟ نعم جميعهم، رجل، امرأة، طفل، رضيع، ثور وخروف”. تحريض على العنصرية؟ لا شك في ذلك. أي واعظ مسلم يقول أشياء مشابهة كان سيسجن طوال حياته. ولكن الحاخام يمكنه قول ذلك ويربي عليها أجيال الطلاب. فقط الكاذبون والأغبياء هم الذين لا يعرفون الاتجاه.
منذ عملية القتل، عشق اليمين كلمة “تحريض”، لكنه أفرغها من كل معنى. المحامي نداف هعتسني، قال في حينه بأن قول “قتل رابين كان مثالياً ومجدياً” هو تحريض. ولكن الانتقاد مهما كان شديداً، لا يعتبر تحريضاً. في إسرائيل، يستخدم العنف السياسي مرة تلو الأخرى من قبل اليمين، ليس لأن اليمينيين أكثر عنفاً، بل لأن اليمين في إسرائيل يستخدم التحريض والعنف سلاحاً، خاصة في سنوات حكم نتنياهو. في 2020 تم تسجيل أحد المقربين من نتنياهو، نتال ايشل، وهو يقول الحقيقة: “هذا الجمهور – الذي أسميه حتى غير أشكنازي، نعم – ما الذي يثيره؟ هم يكرهون الجميع. هذه الكراهية هي التي توحد معسكرنا”.
هكذا عمل أعضاء هذا المعسكر، وهكذا يعملون، ضد اليساريين وعائلات المخطوفين وضباط الجيش الإسرائيلي، وضد وسائل الإعلام وكل من لا يتفق مع اليمين. كانت العنصرية (وما زالت) العامل الأول للتحريض. ادعى اليمين أن حكومة رابين، الذي وقع على اتفاق أوسلو وعمل على صنع السلام مع الفلسطينيين، تعتمد على أصوات العرب، وكأنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين، وأن أصواتهم لا قيمة لها. نتنياهو يكرر هذه العملية مرة تلو الأخرى حتى الآن. لم يتعلم أي شيء جديد، ولكنه أيضاً لم يطلب منه ذلك. فلماذا يغير صيغة ناجحة؟
لقد مرت 30 سنة على قتل رابين. ويا ليتنا نكف عن الخوف في هذه السنة. ويا ليتنا نفهم أن الديمقراطية لا يتم اختبارها فقط بدرجة الموافقة، بل بالقدرة على استيعاب مواجهة فكرية، والتوقف عن طمس الخلافات وتغطية أنفسنا بالوحدة التي تسبب العمى. الديمقراطية لا تحتاج إلى الوحدة، بل تحتاج إلى الموافقة على قواعد اللعب، التي تمكننا من تسوية الخلافات فيما بيننا بشكل غير عنيف. بدلاً من ذلك، حاول سياسيون إسرائيليون إخفاء مواقفهم. فقد قالوا إن بن غفير شخص متطرف، ولكنهم يجدون صعوبة في شرح لماذا هم لا يتفقون. لقد وصفوا أنفسهم كمعتدلين، وبعد ذلك صوتوا مع “ضم المناطق”.
من ناحية نتنياهو، هذا أمر عمل بشكل ممتاز حتى الآن. من فضلكم، لا تستمروا في ذلك.
زهافا غلئون
هآرتس 31/10/2025
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
|
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
| الاسم : | |
| البريد الالكتروني : | |
| التعليق : | |


الرد على تعليق