أجندات .. أجندات


مصطلح حاز بكل جدارة على لقب المصطلح الأكثر انتشاراً وتداولاً هذا العام وبامتياز، حيث تكرر استخدامه بكثرة و بصورة غير مسبوقة وغير معهودة في مجتمعنا العربي و الأردني حتى أصبح المرء منا يكاد يسمعه في كل لحظة بعدما بات صداه يتردد في كثير من المحافل و المواقف الإعلامية منها و الرسمية و بزخم أكبر في المواقف الشعبية.
مصطلح بدأت بترديده أبواق الأنظمة العربية المتهاوية بصورة جنونية منذ بداية هذا العام الذي شهد هبوب نسمات الربيع العربي التي غطت الوطن بأكمله و نثرت ورودها في كل مكان و فاح عطرها باعثاً الحياة ومجدداً الأمل في الشعوب العربية الواهنة، رددته في محاولة منها للتأثير على هيجان الشعوب العربية المتعطشة للحرية والإصلاح التواقة إلى حياة كريمة تليق بشعوب ظلمت وهمشت كثيراً وعانت ما عانته من حرمان حتى من أبسط حقوقها في الحياة فأخذت هذه الأفواه الموجهة المدفوعة المؤتمرة على عاتقها النفخ في هذا البوق بصورة مقززة وغبية في مسعى منها لتشتت هذه الجهود الشعبية السلمية وضربها وتشويه صورتها محلياً ودولياً لتداري به فشل هذه الأنظمة الذريع في الإصلاح و في الاقتراب من مطالب شعوبها.
و بما أننا في الأردن جزء من هذه المنطقة ونتوحد معهم في اللغة ونجاورهم الحدود ونشاركهم الهموم فكان لا بد من وصول نشاز هذه الأبواق التي استغلت كل أدواتها وسخرت جميع إمكانياتها ووظفت جميع منافقيها لعزف هذا النشاز لتلتقطه أذان كثير من أبواقنا الإعلامية و توظفه في الهجوم على حراكنا السلمي المعتدل محاولة تشويه صورته بطريقة مبتذلة وسفيهة ومنفرة دون الارتكاز على أية أدلة أو إثباتات مادية مقنعة بل مجرد أكاذيب و افتراءات صدقها و للأسف بعض المواطنين العاديين البسطاء ذو الخبرات والتجارب السياسية القليلة خاصة من الشباب صغار السن الذين أصبحوا يتفننون في توزيع هذه الأجندات و قذفها في وجه كل من يعارض اعتقاداتهم وأفكارهم و بصوره غريبة تشعرك بأنهم مجرد ببغوات يرددون ما يسمعونه دون وعي أو إدراك، حيث أصبحت أي حركة إصلاحية وأي دعوة للتغيير تواجه سيلاً من الاتهامات و التخوينات بمجرد الإعلان عنها، فهذا يتهمها بأنها صاحبة أجندات إيرانية و ذاك يتهمها بأنها صاحبة أجندات موسادية و يعود آخر ليصفها بأنها تحمل أجندات إمبريالية و و و..... مما يعكس حالة من الارتباك والتوهان في صفوف من يسمون أنفسهم بالمواليين والوطنيين وحماة البلد من الخطر الوهمي الذي رسموه في عقولهم و تخيلوه في أذاهنهم، هذا الخطر الذي يريد تدمير وطنهم وتشريد شعبهم ونهب أموالهم غير مدركين وللأسف بأن ما يفعلونه هو من يهدم و يخرب لأنه يمنح الفرصة لأعداء الإصلاح من المستفيدين من الأوضاع الراهنة بالإفلات من العقاب و الحساب و .....
إن هذا الارتباك والتخبط السياسي الذي يعاني منه معظم الشعب الأردني يعتبر أمراً عادياً وغير مستهجناً في دولة كالأردن تعد من الدول التي تصنف ضمن المناطق المنكوبة سياسياً حيث تعاني شعوب هذه المناطق من إفلاس سياسي وأمية سياسية كبيرة ساهمت فيها بشكل رئيسي تراكمات وسياسات حكومية و اجتماعية كثيرة ، فأغلب الشباب الأردني هو شباب غير مسيس نشأ و تربى على سياسة الخوف من الحديث في السياسة والرعب من التحزب والنهي عن انتقاد أي أداء حكومي في ظل تقصير الحكومات الأردنية المتتالية في تنمية الحياة السياسية ونشر مفاهيمها والتقصير في تهيئة البيئة الخصبة والمناخ المناسب لنموها وازدهارها لا بل على العكس عملت هذه الحكومات و الأجهزة الأمنية على نشر الترهيب والتخويف من كل ما يمت للحياة الحزبية بصلة، صاحب هذا التقصير الحكومي ضعف إعلامي عجز عن المساهمة الفعالة في توعية الشعب من الناحية السياسية حيث احتكر التلفزيون الأردني والصحف الحكومية أبصار وعقول المشاهدين لعقود من الزمن غابت فيها البرامج الحوارية والديمقراطية وهوت فيها سقوف حرية التعبير وأقتصر دور الإعلام الرسمي على تبني وجهة النظر الحكومية فغدا إعلامنا إعلام حكومات لا إعلام شعب .
ولن ننسى أن نعرج على سبب آخر ساهم بقوة في ما ألت إليه أحوالنا ألا وهو الضعف والتشتت الحزبي الذي فشل في جذب الجماهير لبرامجه ورؤاه بسبب السياسات الحكومية وبسبب ضعف أغلب قيادات هذه الأحزاب و غياب برامجها المقنعة الجاذبة التي تلامس الواقع الشعبي وتحاكي هموم الشباب وتلبي تطلعاته وتتناغم مع تطوراته، فالحياة الحزبية الفاعلة كما هو معلوم هي صاحبة الدور الريادي في تسييس الشعوب وتحويله من مجتمع قبلي إلى مجتمع مدني، فبرلماناتنا ومجالس بلدياتنا واتحادات جامعاتنا وهيئاتنا وجمعياتنا ما زالت حتى الآن تنتخب وفق مرجعيات عشائرية وفئوية ومناطقية ووفق مصالح ضيقة .

.
أعلم و يعلم الجميع صعوبة المهمة و حجم العمل الذي ينتظر الشعب الاردني و يتحتم عليه القيام به اذا ما اراد اللاحاق بركب المجتمعات المدنيه ألتي سبقتنا باشواط و مسافات ، منها مجتمعات ليست ببعيده عنا جغرافيا كلبنان و دولة الاحتلال و تركيا استطاعت الوصول الى درجات كبيرة من الديمقراطيه و الحريه و الحياة الحزبية ، و منها مجتمعات انقلبت على أنظمتها القمعيه و أصبحت مستعدة للانطلاق نحو الحياة المدنيه التي يكون فيها للشعب دور كبير في تحديد مصيرة و صنع قراره و بناء مستقبله كمصر و ليبيا و تونس و اليمن .......
فهل نلتحق بالركب ؟؟؟
ام سنبقى في مكاننا قابعون و نتخلف عن من سبقناهم ذات يوم ؟؟؟



تعليقات القراء

ام هاشم
لن يتحقق التغيير مادام كل واحد يغني على ليلاه,والموالين يعترضون طريق الاعتصامات التي تطالب بالاصلاح للشعب و للاردن و هؤلاء يعترضون طريقهم بحجة خوفهم على الوطن(نفس المطلب بس كل طرف شايف الطرف الاخر غريمه)فكيف سنلتحق بالركب............وشكرا" للكاتب الحر المبدع دائما"
14-09-2011 07:42 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات