أي اصلاح اقتصادي يريدون


استطاعت حكوماتنا السابقة واللاحقة أن تحول الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد بلاعقل ولاقلب ولاضمير ، وتمكَّنت فرقها الاقتصاديه من ترسيخ اقتصاد السوق بنسخته الليبرالية المتوحشة، ضاربهً عرض الحائط بالتحذيرات الكثيرة التي أًطلقت آنذاك من خبراء ومهتمين ونقابيين وفعاليات شعبية، واختارت الحكومات طريقاً وعرةً جداً، كانت كفيلة بتبديد غالبية فرص الدعم الممكنة، التي عادةً ما تبحث عنها الحكومات.
إن اقتصاداً بلا قلب هو اقتصاد بلاشعبية، ولا جماهير تدافع عنه، وتسعى لتطويره، وتحاول تطبيقه. اقتصاد بلا ملامح شعبية، والسواد الأعظم من المواطنين خارج اهتمامه، والفئات والشرائح التي يجب أن تستفيد منه، غائبة تماماً عنه. والمعضلة الحقيقية هنا، في رسم نهج اقتصادي بعيداً عن مصالح المواطنين، والطبقات التي تقف إلى جانب الحكومة التي من المفترض أنها تمثل الطيف الواسع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وبدلاً من أن يأتي المولود الجديد ـ أي النهج الاقتصادي ـ مُرحباً به، وتسبقه التهليلات، كعادة العرب في استقبال مواليدهم الجدد، أتى المولود الجديدمسخا مشوهاً، ولم يخرج من رحم الواقع، أو كنتيجة موضوعية لمجمل تطورات وإرهاصات الاقتصاد الوطني. بل أتى كولادة قيصرية لمطالب فئات قليلة، تضررت من النهج السابق، ووجدت أن الفرصة مواتية محلياً وعالمياً للمطالبة بـ (حقوقها) المهدورة ـ على ما زعمت آنذاك ـ فهدرت الحكومة حقوق مواطنين فقراء وبسطاء، وشباب لم تنظر إليهم مرة واحدة بعناية، وشرعت الأبواب أمام عدد من رجال الأعمال والقوى الاقتصادية الذين حاولوا تعويض سنوات طوال من تقييد النشاط.
وظنت الحكومة أنها بهذه الخطوات ستسهم في إجراء المصالحة التاريخية مع القطاع الخاص، الذي إلى هذه اللحظة يشعر فيها بالغبن والتهميش وعدم تلبية مطالبه. وحدث الخلل البنيوي الكبير، إذ لم تجد الحكومة نتيجة إجراءاتها وقراراتها، من يقف إلى جانبها، وظلت تسير سنوات متتالية على خطا الليبراليين، وغرقت في توحش الليبرالية الجديدة، ولم يبق إلى جانبها من يأخذ بيديها، ويعيدها إلى حيث يجب أن تكون.
تحول الاقتصاد إلى اقتصاد بلا قلب في اللحظة التي ظن فيها الفريق الاقتصادي أنه يمكن السير على قدم واحدة، ويمكن أن يؤدي المطلوب رغم حالة العرج الشديد التي كانت تشهدها القرارات الحكومية، وحالة اللاتوازن التي كانت تحكمها. إذ فشلت الحكومة السابقة في تحقيق الهدف الأول من نشاطها والشرط الموضوعي لاستمراريتها، وهو تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة، وحاولت إقناع المواطنين بجدوى قراراتها، وضرورتها، لاسيما تلك المتعلقة بحيواتهم مباشرة. لكن الإجراءات المؤلمة لن تحظى بالتأييد الشعبي، والقرارات التي لا تخدم العامة من الناس لن يُكتب لها النجاح، وأن التشاركية هي القادرة على إقناع المواطنين بالوقوف إلى جانب القرارات، والإسهام في تطبيقها.
. فاتخاذ القرار باتجاه واحد وتسليط الضوء على ما يخدم مصلحة القلة والفاعلين والمستفيدين فقط، لن يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة، ولن يسهم في بث الطمأنينة في نفوس الناس.
بل إن في توقيتات القرارات ضرورة وأهمية بالغة لحسن تطبيقها وضمان عدم تسرب الفساد إلى ثناياها.

نعم لم تجرؤ الحكومات السابقة على الاعتراف بأخطائها، وإن وصول فرسان الاقتصاد الذين لايملكون الخبرة ولا الدرايه الى وزاراتهم الموكله مهمتها اليهم وجلوسهم ببروجهم العاجية، وعدم التركيز على قضايا الطبقات التي تتضرر من عمليات التحول الاقتصادي، ساهم في تأليب الشارع ضدها، ويقينه أنها لا تعمل من أجل مصلحته. وعادة لا يحب المواطنون الحكومات الإصلاحية، إلا أنه من الظلم اعتبار الحكومات السابقة حكومات إصلاحية،يبنى على ماقامت به ويعظم ومع هذا لم يحبها أحد.




تعليقات القراء

دكتور اقتصاد
الاستاذ البطاينه لولا انيلااعرفك جيدا لقت انك تخصص اقتصاد وهذا التحليل حقا هوالواقع الذييجب ان نتنبه له

شكراك وانكان هنك ناط يجب ان تعالج ووامور يجب ان تؤخذ بعناية مع هذا اعترف انك كاتب اقتصادي مميزوتحللك جيد
29-08-2011 06:13 PM
ابن الحته
ان من يرى ويسمع عن تخطيط وزرائنا للاقتصاد او التخطيط يعرف اننا مازلنا دوله نبحث عن وزير لديه الخبرة والتجربة والعلم وهذا الحال جعلنا ندفع الثمن
29-08-2011 06:16 PM
ابن معان
الى الاردنيين الشرفاء

قضية الكازينو انتهت على خير وسجلت ضد مجهول

وقضية المصفاه رروحوهمحتى يعيدةا باللي اخذوه ويشوفو حالهم وقضية البورصة الحكومة بتتمصرف بالقروش لحين يفرجها الله وقصة الملايين والمليارات تسكرت وقضية البطيخي انتست وقضايا اخرى تلفلفت والشعب بده..........
29-08-2011 06:26 PM
مجد
.........
رد من المحرر:
نعتذر
29-08-2011 06:27 PM
سند الروسان
..........................
رد من المحرر:
نعتذر
29-08-2011 06:28 PM
المارد الاردنيي




........
رد من المحرر:
نعتذر
29-08-2011 06:30 PM
جميد كركي
.....
رد من المحرر:
نعتذر
29-08-2011 06:37 PM
منجد
اي اقتصاد تتحدث عنه ونحننعاني من ازمات اقتصادية وسياسية واجتماعية
29-08-2011 11:46 PM
سناء
اقتصدنا وضعنا لانه بدها معرفة وخبرة مش تجارب
29-08-2011 11:47 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات