هكذا تبدأ الامور بسؤال بسيط عن مكان ولادتك وإذا لم يحالفهم الحظ كون أجابتك لاتصب في صالح ما يريدون يحولون السؤال إلى مكان ولادة الاب ، وهنا تتسع عيونهم لأنهم أقتربوا من الهدف ويخيب أملهم بعد أن يعلموا أن مكان ولادة الاب في غرب النهر ، لكن أسم العائلة بقي كما هو من شرق النهر .
يعيدون الحوار فيما بينهم وبصوت هامس ، ويوجه أحدهم السؤال القنبلة عن مكان ولادة الجد وتكون الاجابة انه من شرق النهر ، ويبدأون في البحث عن ما يفسر هذه الحالة من الفوضى في الجغرافيا ويعجز الشاب عن الاجابة ويكتفي بأن يقول أن جده من مواليد السلط وقد عمل في الزراعة والتجارة وكان يذهب لغرب النهر كي يبادل تجارته بغلال أرض فلسطين وهو هناك معروف انه ابن عائلة جذورها من السلط ، ثم عشق إمرأة من غرب النهر فتزوج وأقام هناك ، وأن ابوه ولد في نابلس وخدم في الجيش العربي في العديد من مدن غرب النهر وشرق النهر وتزوج أبنت خالته وأستقر بعد حرب السبعة والستين في نابلس .
وهو ولد كنتاج لهذا العشق البشري البعيد عن جغرافيتهم الضيقة قدم ذات يوم للدراسة في الجامعة الاردنية وتخرج وهو الان يبلغ من العمر اربعين عاما ويرغب بزيارة أهل أمه مع أطفاله وزوجته أبنت عمه التي ولدت هي وابوها شرق النهر من زوجة جده الثانية السلطية الأصل والمولد، لكنه كمواطن أردني حريص على مواطنته لايرغب الذهاب لغرب النهر دون وجود ضمانات بأن ليس هناك أحد سيشك في أصوله وتسحب منه جنسيته ، وجاء الى دائرة الاحوال المدنية كي يتأكد .
خرج الفلسطيني المولد هو وأبيه واردني الجنسية من الأب الى الجد العاشر من دائرة الاحوال المدنية وهو يضحك سعيدا لأنه خلال ساعة من الأسئلة والاجابات أوقف عقل رجال الداخلية عن التفكير وبقي السؤال المحير هو فلسطني من أصول أردنية ! إذا هل هو منا أم منهم ؟؟؟؟