نزول رحاب طلوع القصر


منطقة الملاحم سميت بذلك لكثرة الملاحم (جمع ملحمة) المتخصصة بالخراف البلدية ، وقد يسميها البعض نزول القصر منطقة رحاب ، وهي الطريق الواصلة بين بلدة بلعما ورحاب ضمن محافظة المفرق ،وتربط محافظة الزرقاء مع محافظة اربد كطريق دولي ، أنا تعمدت أن أبدا بالتسمية الشعبية (الملاحم) لان تلك المنطقة شهدت وخلال عشرة أيام عشرة وفيات أي ملحمة بشرية، وأكثر من عشرين إصابة ما بين البليغة والمتوسطة ، وخسائر مادية تفوق ألاف الدنانير ، في كل عام تشهد هذه المنطقة من الوفيات والجرحى أكثر ممن سقطوا في إحدى المعارك الإسلامية .

بالأمس ودعنا احد أفراد الأمن العام والذي لم يتجاوز عمره 25 عاما ، أودعناه الثرى وبكاه الزملاء رفاق السلاح والأصدقاء وفجعت به أسرته التي عادت من الإمارات على عجل ، حتى عصافيره في القفص توقفت عن الحركة \"والزقزقه\" وأعلنت الحداد واتخذت لها مكاناً قصيا ، ولف الحزن بيته الجديد الذي ينتظره مع شريكة حياته ....بكته القرية كما بكت ثلاثة قرى أردنية أخرى على امتداد الوطن ممن كانوا معه في نفس الحادث، ولف السواد أربعة بيوت أردنية عندما نادى المنادى الله اكبر الله اكبر معلنا دخول وقت الغروب داعي المسلمين للإفطار ...

طريق مرت عليه أكثر من سنة و أكثر من مسؤول ومتنفذ ولم يلفت نظرهم حال الطريق وبطئ المتعهد ، فلا تجد إشارة تحذيرية ، ولا يافطة تنبيهيه أو إرشادية ، ولا تجد اهتمام بأدنى متطلبات السلامة ، أرواح بريئة تزهق ، وشباب بعمر الورد تذهب مع الريح وهي في قمة عطائها ، وأمهات ثكلى ما جفت دمعتها ولا نضبت إن المصاب عظيم والله .

عندما كنا نسير في جنازة عبد الباسط توقفت يجانبا إحدى حافلات نقل الركاب العمومية ذات الخمسين راكباً ، والتي تعمل على خط اربد الزرقاء وتقل على الأغلب طلبة جامعة اليرموك والتكنولوجيا ، وعندما نقول طلبة فالحمولة فتيه في معظمها ، ما لفت نظري في تلك الحافلة عدم وجود مرآة جانبية للسائق وهي من الضروريات على حد علمي ، وعندما قرر السائق الانطلاق والانعطاف مد يده من النافذة وأخرج مرآة صغيرة مثل تلك التي تستخدمها النساء لتصلح زينتها ومكياجها (والله على ما قول شهيد)أخرجها ليرى الطريق قبل الانعطاف ...علما بأن السائق يسلك طريق \"الملاحم\" بشكل شبه يومي وفي تلك اللحظة كان متوجهاً إلى هناك....

أي استهتار هذا ؟وأية أمانة في عنقه يحملها ؟ وأية أرواح رخيصة عند ذلك السائق ...ألا يوجد بيننا مسؤول ذو ضمير حي ....يترجل عن كرسيه ويمسح دمعة أم مثل أم عبد الباسط...

أيها الوطن استعد ولا تخلع السواد وثب الحداد ولا تهدم بيوت العزاء ، فهنالك فاجعة أخرى قريبا (لا قدر الله )إذا لم يستيقظ ضمير مسؤول ...

سلاما عليك يا عبد الباسط وسلاما على كل أم أودعت مهجتها الثرى سلاماً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات