شبابنا بين العربية و(العربيز)


جراسا -

اللغة ، أية لغة ، هي مظهر اجتماعي ، ووسيلة تفكير ، وأداة تخاطب بين الناطقين بها ، لذا تخضع لنواميس نمو الكائنات الحية ، ويصيب اللغة ما يصيبها بمرور الزمن ، حين تبدأ بمرحلة الطفولة فمرحلة الشباب ، ثم النضج والشيخوخة والاندثار في أحيان كثيرة .
إذا فاللغة تساير أحوال أبنائها والناطقين بها ، وتتأثر بظروف أبنائها السياسية والاجتماعية والثقافية ، وفي مختلف الظروف الأخرى ، فهي تنهض بنهوضهم ، وتنكص وترتكس وتضعف ، بل وتصاب بالهزال والاندثار إن كان أبناؤها والمعنيون بها مستلبين ثقافيا وحضاريا ، واللغة العربية في هذا النطاق، أنموذج صارخ ، ومثل فاضح ، حول ما نمرّ به وتتعرض له لغتنا العربية من أخطار جسيمة ، ومؤامرات استعمارية ، وتحديات جوهرية تواجه كل المساعي والتوجهات القومية التي تنحو باتجاه تعزيز مكانة العربية وترسيخها في أذهان أبنائها .
نحن في الوقت الراهن نقف بإزاء المحافظة على اللغة العربية على ثلاثة اتجاهات أو تيارات بارزة :
الاتجاه الأول الذي يرى أن اللغة العربية محفوظة بحفظ كتاب ربنا ،عز وجل لها ، فباتوا أكثر اطمئنانا واسترخاء، واكتفى هؤلاء السلفيون بقوله تعالى : \\\" إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون \\\" وعلى هذا الأساس تواكلوا واستراحوا من عناء البحث في وسائل جديدة لتطوير اللغة ، أو محاولة تيسيرها على شداة اللغة ومحبيها ، وإن هذه النظرة التقديسية للغة بأثر من القران الكريم ، جعلت من اللغة العربية أنماطا محنطة جامدة ، واجترار أقوال القدامى ، واقتفاء آثارهم نحوا وصرفا وبلاغة .
والاتجاه الثاني مقابل أو مناقض تماما لأنصار الاتجاه الأول ، فهم مستغربون ، ومستلبون حضاريا وثقافيا ، لانقطاعهم عن تراثهم ، واحتقارهم له ، بل يذهبون إلى أبعد من هذا ، حين يظنون أن تراثنا هو سبب تخلفنا الحضاري، لذلك يقفون من اللغة موقفا سلبيا يتلقفون كل ما ينغص على اللغة إشراقاتها وجمالياتها ، ولا يملون في كل المحافل ، وبما يملكون من قوى ضغط مجتمعية من المطالبة بقطع الصلة بالتراث ، والتساهل في قواعد اللغة العربية محادثة وكتابة ، والسعي إلى محاولات تغريبية هي في الواقع امتداد لما قام به منظرو الحداثة ، ودعاة استخدام العاميات في مصر ولبنان ، واستبدال الحرف اللاتيني بالحرف العربي ،بحجة أن اللغة الفصحى لم تعد ،حاضرا، قادرة على مواكبة العصر الحديث .تلك الفكرة التي تناولها ( ولمور) في كتاب العربية المحلية في مصر ، وامتد أثرها إلى سنواتنا هذه بما نراه من ( صرعات وتقليعات ) لغوية عند شبيبتنا التي مهدت لها ظروف الواقع الاجتماعي الجديد ، والثورة التكنولوجية والمعلوماتية ، ومن أبرز مظاهر هذه الثورة هو انتشار وسائل تخاطب جديدة على صفحات التواصل الاجتماعي تعتمد على اللغة الهجينة أو المهجنة هي لغة ( العربيز ) تلك المعجونة من عدة لغات ولجات دون مراعاة أية قاعدة لغوية أو نحوية حتى تجد في الجملة الواحدة ما يثير الاستغراب والدهشة لما تتصف به من سرعة وإيجاز واختصار وحذف وتساهل لغوي وحرارة وابتكار .
وفي تقديري أن هذه الأشكال اللغوية دخيلة على واقع لغتنا التي استقرت عبر قرون ، فهي ليست بديلا عنها ، قطعا ، كما أن لغتنا قادرة على تخطي مثل هذه التجاوزات والانتهاكات اللغوية ، ولا خوف على اللغة من الصمود في وجه كل هذه المظاهر والظواهر ‘ على الرغم من أننا نمر في هذه السنوات العجاف بتمرد على الأصعدة كافة ، كنتيجة منطقية لما نشهده من ظروف عربية قاسية .
أما الاتجاه الثالث ، فيتبناه التوفيقيون ، وهم الذين ينظرون إلى اللغة العربية نظرة احترام وتقدير ، يأخذون من التراث زادا للحاضر والمستقبل ، بعد تمحيصه جيدا ، ويحاولون التجديد والتيسير لبناء الحاضر اللغوي من داخل النظام اللغوي ، ولكي يتوافق مع متطلبات العصر ، وهي توجهات ضرورية ، بل ملحة ، لمواجهة جميع مظاهر الاستلاب والتقهقر ، ولكي تبقى لغتنا ، لغة الأمة العربية ، لغة كتابة ومحادثة ، منهج حياة وعامل تقدم ورقي ، على ألا يظن أنني ميال إلى المطالبة باستخدام فصحى المعلقات ، وذي الرمة والشنفرى ، وغيرهم بل هي لغة التخاطب التي نسمعها في وسائل الإعلام ، وفي قاعات الدرس ، وفي المساجد ، تلك اللغة المشرقة الجذابة ، غير المتقعرة ، والسعي الدءوب لتطوير قوانينها الداخلية لنتفادى الازدواجية اللغوية ،والتوظيف اللغوي السيئ، والاختراقات الهدامة للغتنا العربية الجميلة لغة القران الكريم المعجز رمز التحدي الأزلي إلى قيام الساعة .
Tarq_majali@yahoo.com




تعليقات القراء

ليل المسافه
استاذ طارق اللغه محفوظه ولها حراسها الافاضل فافي المجلس العربي

للغه العربيه اجتماع سنوي لبحث

المستجدات بها وادخال ونبذ ماهو

غير صالح ،،،علما ان السفر وتقليد

الغير بلباس الحضاره والتمدن والمدنيه واجهزه الهاتف النقال والاطباق الفضائيه كلها لم تقصر في

ضرب ركائز واساسيات اللغه العربيه ،،،،، ولكن كل العتب على الجيل الجديد من الشباب وخصوصا الشابات من

ابناء العشائر او الفلاحين اللذين

اصبح لسانهم كالتالى يقولون( الئصه للقصه وئلبي لقلبي ودايئتك لضايقتك وهلاء للأن وئرش للقرش وئرقصني لقرصني

وئئولك لقلت لك وهاد لهذا والعجئه للزحمه وما ئلتلك لقولتك ))وغيرها من

(((( من الكالمات النواعم والناعمات

في سبيل ان المتفوه والمتفوها بها انه متحضر وتربيته في بيئه ودار ناعمه وحجه اخرى ان البنت يجب ان يكون حديثها ناعم لانها مخلوقه ناعمه

ولا اقول الا الله يرحم ايام غليون جدتها وسله التين على راس امها ،،،مع تحيات اخوك ليل المسافه
20-08-2011 09:37 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات