ماتت القومية العربية من منطقتنا بعد احداث الجمهورية العربية السورية الآخيره،
تابعت بمزيد من الحزن و الأسى و الآلم و دمع العين اخبار دخول القوات الإسرائيلية الى الاراضي السورية بعد انسحاب الرئيس بشار الأسد من الحُكْم و مغادرته الأراضي السورية، حيث بحركة استفزازية لقوميتنا العربية و حرمة الاراضي السورية لا يُفْهَمْ منها الا نوايا التوسع الإمبريالي و لتنكشف نوايا اسرائيل الحقيقية تجاه امتنا العربية بضم اجزاء كبيرة من الاراضي العربية الى دولتها استولى الجيش الإسرائيلي على جبال الشيخ، بل باتت قواته على مسافة بضعة كيلومترات من العاصمة العربية دمشق بحادثة صادمة و لكن ليست غريبة على كيان استعماري وَظًفَ كل قدراته و نفوذه مع حلفائه منذ نشأته في عام 1948 لتحطيم اي كيان عربي مناهض لوجوده بالمنطقة، و بالرغم من انسحابه من الاراضي في جنوب لبنان الا ان هذا لم يحدث بعد تحطيمه للبنية التحتية بالعديد من مناطقها تراكا ورائه خراب هائل لن تستطيع الدولة اللبنانية النهوض منه الا بعد عقد طويل من الزمن...و إن نهضمت منه اساسا، و لم ينسحب من جنوب لبنان الا بعد هدنة لا يُفْهَمْ منها سوى الإتفاقيات الغير معلنة التي قد تكون ايران ابرمتها لحل نزاعها مع اميريكا و اسرائيل، فرأينا حركة تقدم غير مسبوقة فجأة و سَلِسَة للمعارضة المسلحة في سوريا نحو دمشق و هي العاصمة التي لم تكن لوهلة لقمة سهلة بعهد الرئيس بشار الأسد للفرق المسلحة، فأوقفت تقدمها دمشق في العقد السالف من الزمن بالرغم من دعم تركيا الكبير لها بمطامعها السياسية و الإمبريالة نحو المنطقة العربية،
ربما يقول البعض ان ما لبث و شعر الرئيس بشار الأسد بإعتكاف حلفاؤه عن مساندته بهذه الحرب الضروس ضده كنظام حاكم و ضد بلاده فإنسحب هو و معاونوه من سوريا، فإستغلت الدولة الإسرائيلية فراغ القوة
(power vacuum)
الذي خلفه وراءه لتتقدم داخل الاراضي السورية و تبدأ بإنجاز خارطة كبرى لدولتها اعلنتها للعالم مرارا و تكرارا و علقت صورها على اكتاف ضباطها في جيشها، لتُفَسِرْ نواياها التوسعية للرأي العام مع كل اسف، و لكن على ارض الواقع و لغاية هذه اللحظة ليس بين ايدينا تفسير لما حصل سوى تسوية ايران و حزب الله لمشاكلهم مع الغرب ليبقى الأسد بميدان القتال بمفرده، اما بالنسبة لروسيا و إعلاناتها المتكررة عن دعم نظام الأسد فاجتهد المفسرون ان انخراط جيشها في اوكرانيا ربما هيج مخاوف لديها من ان تفتح جبهتي قتال في آن واحد، مما لا شك به انها قادرة على فعل ذلك فعتادها و جيشوها قوية جدا، و لكن السؤال الحقيقي الذي يطرح ذاته هو إن كان هنالك وعود اميريكية اعطيت لدولة المربع الأحمر بأن الضغط عليها سيخف بحربها مع كييف مقابل ان تريح اسرائيل من وزن الأسد بالمنطقة، الواضح من كل ما جرى ان الضحية كان نظام حكم الأسد فهذه دنيا مصالح و ليس ببعيد ان الدولة الروسية ابرمت اتفاقا بين تركيا و ايران لتسليم سوريا للمعارضة، و من ثم طُلِبَ من الأسد ان يغادر دمشق نحو موسكو مقابل حصانة عُرِضَتْ عليه، و الثمن كان تسليم دمشق و محافظات سورية للمعارضة، كان الأسد رجل روسيا بالمنطقة بلا منازع، قد يكشف الستقبل خفايا كثيرة و قد يخف الضغط على البرنامج النووية الإيراني، و المعارضة السورية قد لا تتعرض لإسرائيل فهذه الجماعات المتعصبة يتم دعمها بصورة مباشرة من تريكا و يطلب منها عدم التعرض لأمن اسرائيل لكي تبقى هي الحاكمة في مناطقها، اقلها ستكون تركيا كبيرتها و تركيا تتمم مصالح اسرائيل بالمنطقة لذلك لن تسمح تريكا لها بالتعرض لإسرائيل، إخوان مصر بعد تلقيهم الرضى الأميريكي اثناء حكمهم لمصر لم يطلقوا طلقة واحدة صوب اسرائيل، فقتلوا المسلم و المسيحي بحروبهم في مصر و لم يطلقوا طلقة واحدة على اسرائيل، و سوريا تعلم انها بجيوشها اضعف من ان تواجه اسرائيل بمفردها من دون دعم روسي و ايراني...فكانت هذه الصفقات المريبة ربما هي الأقرب لما حصل في آخر فترة،
لو اردنا سرد التاريخ القومي للجمهورية العربية السورية لاحتجنا الى مساحات ورقية لا تنتهي على النِتْ فتاريخها مشرف و طويل بهذا السياق، و لكن بإختصار منذ اندلاع الخلافات الداخلية في الاراضي السورية حول اطلاق سراح المساجين السياسيين، و هذا كله حدث بعد ان استلم الحُكْم الرئيس بشار الأسد و سَعَتْ اسرائيل مع حليفها التركي البغيض لدعم معارضة مسلحة في سوريا لإضعاف نظام حكم الأسد الذي حكم سوريا مع والده الراحل لستة عقود طويلة، رأت سوريا بهذه الفترات الذهبية الإستقرار و الإزدهار و نمو اقتصادي غير مسبوق في تاريخها كدولة، فسوريا بعهد آل الأسد كَبُرَتْ رويدا رويدا لتكون قوة لا يستهان بها بمنطقة الشرق الأوسط و مرتكزا سياسيا هاما للقومية العربية، فكانت قوة اقليمية تبنت شتى المواقف المشرفة لقضيانا العربية، مما جعلها هي و اقتصادها الذي ارتكز على الإكتفاء الذاتي بمواجهة مستمرة مع اسرائيل و البيت الأبيض فكانت سد منيع لهم سياسيا و عسكريا و لمطامعهم بإضعاف المنطقة لتبقى اسرائيل هي القوة المطلقة بالشرق الأوسط، آلا نستذكر ميولها القومية الأصيلة كدولة بالوحدة العربية حينما اقيمت الجمهورية العربية المتحدة مع الشقيقة مصر و الذي عكس لحمة الشعب المصري و السوري مع بعض (1958 - 1961)، الا نستذكر حروبها التي خاضتها ضد الدولة الإسرائيلية في حرب 1967 و 1973، استذكر هنا بعض المحللين الذين رأوا انه من اسباب قيام الجمهورية المتحدة اهتمام الجماهير في سوريا بالشأن المصري و الثورة المصرية و اتفاقية قناة السويس و مقاومة الأحلاف و بلورة الفكر العربي لدى قادة الثورة في مصر و الضغط الصهيوني على مصر متمثلا في الحملة على غزة في مطلع عام 1955، و لا ننسى ذكر طبيعة الإتجاه الإجتماعي للثورة المصرية و محاربتها الجدية للإقطاع و الذي يعكس ابتعاد الدولة المصرية عن النظام الإقتصادي الرأس مالي بسبب الحروب الغربية ضدها و اتجاهها الى الإشتراكية و العلاقات مع السوفييت، فكل تلك العوامل اكسبت الثورة في مصر الإحترام المطلق لدى الجماهير في سوريا، مما ادى الى قبول الراحل جمال عبدالناصر بهذه الوحدة في عام 1958 بسبب الضغط المتزايد من شخصيات عسكرية في سوريا،
حدث بلا جرح عن تاريخ مشرف للقومية العربية في سوريا الذي اكمله الرئيس الراحل حافظ الأسد فبنى سوريا الى قوة اقليمية كانت تهابها و تهاب نفوذها اسرائيل و البيت الابيض و العديد من دول المنطقة، فكانت اسرائيل بعد حروبنا ضدها بترقب دائم لكسر هذه القوى الإقليمية التي كانت تردعها عن اتمام خارطتها الكبرى كدولة صهيونية، مما جعلني اراقب بقلق شديد الأحداث اثتاء الربيع العربي الذي هدد بالفتك بدولنا العربية و بسلامها و بتفتيتها الى دوليات متصارعة على يد فصائل مسلحة و قوى سياسية متعصبة دعمتها اسرائيل و تركيا بالمنطقة، و مما نجحت بإشعال فتيل الثورات في سوريا فإبتدأ هذا الكيان الغالي بالمعاناة بنظامه الحاكم، و اكتملت المؤامرات ضده و ضد اقتصاده من قِبَلْ مجلس الأمن الذي لطالما همش تطاولات اسرائيل العسكرية على البلدان العربية و دعم شتى الحملات ضد دُوَلِنَا العربية التي كانت تقف بوجه الدولة الصهيونية، و منذ عام 2011 و شهدت سوريا الأمَرًيْنْ و منذ هذا الحظر بالتحديد فتسارعت بعض دول عربية بالإلتزام به لكسر ظهر هذه القوة العربية الأصيلة، فاستمعنا الى نداءات عديدة من نظام الأسد و دولته تعاني بسبب هذه الضغوطات مما اضعف قدرتها بإدارة شأن بلادها و اضعفها اقتصاديا بصورة كبيرة، فاصاب اقتصادها الوَهَنْ و كثرة المشاكل لديها و اصاب عملتها التضخم و اغلقت الكثير من المنشأت و المصانع ابوابها و ارتفعت البطالة في ربوعها، في آخر عشرة سنين تسارعت قوى كثيرة بإضعافها سواء من المنطقة العربية و المجتمع الدولي و تجاهلوا نداءات النظام الحاكم بالمسارعة بفك الحصار عنها، و استغرب مِنْ مَنْ لم يقرأ الأسطر و ما بين الأسطر، ان سوريا بتاريخها القومي الأصيل و نظامها الحاكم و برئيسها بشار الأسد لم تقبل الرضوخ لضغوط الدولة الإسرائيلية و لم تقبل وضع يدها بيد هذه الدولة الكريهة، لذلك ذبلت امكانيات هذه الدولة بإدراة البلاد و بإدراة اقتصادها، و مما جعلها في صميم مثلث مقاومة ضد الكيان الصهيونة، فمنذ حرب تموز الذي قادها الراحل حسن نصرالله و هي تتوسط رقعة جعرافية تساند بها المقاومة في جنوب لبنان، و تربط ايران مع حزب الله حيث كانت ضلع اساسي بمقاومة اسرائيل و نشاطها المشبوه، و رأينا استبسال من دولة الأسد بمقاومة ما يحاك ضدها لتدميرها مع ايران و العراق و حزب الله،
منذ 2011 و عانت دولة الأسد من ضغوط سياسية و عسكرية و اقتصادية جعل اهلها يلجؤن الى الهجرات الى دول الجوار و الى دول اوروبية و يقاسون الظروف القهرية، فاستغرب من الدول التي قادت هذه الحملات ضد سوريا فضربت بعرض الحائط حياة الملايين في هذا القُطْر، و كأن سوريا ليس بها بشر سيتأثرون من حماقة ما كان يحاك ضدها، فسوريا فقط لأنها رفضت الرضوخ للكيان الصهونية تم تدميرها كليا....و هنا يجب التوقف و وضع النقاط على الحروف يهذا الصراع، فمصر حينما حاولت تأميم قناة السويس تواجهت مع الغرب بحرب ضروس عرف بالعدوان الثلاثي، و تعرضنا لنكسة 67 حينما اشتلعت الحرب مع هذا الكيان الصهيوني البغيض مرة آخرى، و في حرب 1973 حينما استعاد الجيش المصري سيناء و قناة السويس، و بعد هدوء دام عدة عقود اشتعل الربيع العربي لمحاولة هدم الدول المدنية بالمنطقة العربية و تفتيتها، فوقفت مصر بوجه هذا المد العاتي الذي هدد منطقتنا، و حاولت سوريا المحافظة على كينونتها كدولة مدنية و عربية و لكن عبثا ان تقف دولة بمفردها بوجه مخطط اقليمي يقوده دُوَلْ كثيرة حولها، فلماذا فجأة يتم نكران وقوف بيت الأسد و دولتهم ضد اسرائيل و تهميش دورهم القومي بالمنطقة؟ فجأة حينما يقع الجمل يكثر سلخينه؟ رفضت هذه العائلة ان تكون سوريا من دون كرامة و ان ترضخ لضغوطات آلصهيونية فلهذه العائلة تاريخ قومي لم تتنازل عنه، و لم تتنازل عن تاريخ سوريا القومي فرفضت ان تقول نعم لإسرائيل ليتم تدميرها بشتى الطرق التي فعليا لا تطاق، فلماذا حينما انهار هذا النظام تناسا الناس الدور القومي لهم و اتهموهم بأبشع التهم؟ هل السبب السجون التي وجدوها و التي كان يتم تعذيب المساجين بها؟ لكل دولة بالعالم نُظُمُهَا بالدفاع عن كينونتها السياسية فليس هنالك دولة بالعالم ترحم من يقف بوجه انظمتها الحاكمة، و لكل دولة بالعالم سجونها و خفاياها بهذا الخصوص فهل نسينا سجن جوانتنمو الأمريكي الذي تم تعذيب المساجنين السياسيين به بأبشع الطرق؟ تم سلخ جلود العشرات من البشر بهذا السجن الذي مازالت ملفاته ساخنة بالرأي العام و بالإعلام العالمي و لا تعلم أميريكا كيف تلملم فضائحه، أَروني من فضلكم حاكم او رئيس دولة يُجْلِسْ مَنْ يعترض على حُكْمِهِ على طاولة طعامه و يقول له اهلا و سهلا فأنت مرحب بك ببلدي لتدير شأن ثورة ضدي، حتى المرشحين للرئاسة بأمريكيا من الأحزاب الديمقراطية و الجمهورية لم يرحموا بعض فكاد ان يُقْتَلْ الرئيس دونالد ترمب مؤخرا بحادث اطلاق نار عليه و لمرتين، من سيرحم خصمه و هو بالرئاسة؟ للرؤساء حسبة خاصة بكافة بقاع الأرض لإدراة شأن الثورات التي تحاك ضدهم كأنظمة حاكمة فهل الرئيس بشار الأسد سيقول للذي يناهض حكمه اهلا و سهلا بك فتفضل ادِرْ انقلاب ضدي؟ كانت المشاكل اساسا على اطلاق المساجين السياسيين، هل المساجين السياسيين سيُرْحَمونْ؟ اميركيا و هي معقل الديمقراطية عذبت سجناء بالمئات بجوانتمو و اهانت كرامتهم الإنسانية، من سيقف بوجه الأنظة الحاكمة و يدير انقلابات ضدهم سيكون مصيره الكثير من الأحيان التهلكة، انا لا اعطي بنهاية المطاف الشرعية لتعذيب و قتل الناس، فهذا أمر بين الله و الحكام الذي يصل سدة الحكم، و لكن اتكلم بمنطق حينما اناقش هذا الأمر،
الرئيس بشار لم يخطئ باصوله القومية حينما رفض كل الضغوطات التي كانت تحاك ضد سوريا بعهده و لغاية انسحابه من الحكم، ففضل العيش بكرامة على ان يضع يده بيد من اغتصب فلسطين و انتهك مقدرات و ثروات الأمة العربية و نشر الفساد و شن ابشع الخطط ضدنا كعرب، قرر العيش بكرامة على ان يضع يده بيد تركيا التي دعمت الفصائل العسكرية في بلده و انتهكت حرمة بلده، فهذه شِيَمْ البلاد التي تغالي بقوميتها العربية، مصر تواجهت مع نفس الضغوطات القذرة منذ نشأتها كدولة الى ان اقامت كامب ديفيد فسادها الإستقرار لغاية الربيع العربي، و لكن الشأن اختلف في سوريا، فَتَمَسُكِنَا بنظام الأسد كان لهذه الدواعي...دواعي قومية و كي لا يترك وراءه فراغ قوة قد يستغله العدو الصهيوني للتوسع و لضم المزيد من الأراضي العربية الى دولته الكريهة،
نحن كنا مُخَيًرينْ بين ماذا بالضبط؟ بين انظمة حاكمة ترفض وجود المخططات الصهيونية بالمنطقة و تسعى للحفاظ على هويتنا العربية او بين انهيار كيانات حاكمة يتبعها حالات من فراغ القوة المدمر، و كان حتى هذا الخيار قائم منذ بداية الربيع العربي و ما قد ينتج عنه من فوضى تستغلها اسرائيل لتفتيت بنية بلادنا لكي تبقى هي المهيمنة و لتتمم توسعها جغرافيا؟ نحن كعرب بين مطرقة و مَهَدًة عنيفة و ليس سنديان فقط و نحن مهددين بكلا الحالتين فلسنا مُخَيًرينْ اطلاقا بل نجري بتهافت لنحافظ على قومتنا العربية فمنذ نشأتنا كدول و تجري ورائنا اميريكا و حلفاؤها و اسرائيل لكي تبقينا بتخلف رجعي تحيك بمدننا العربية اقذر المكائد لتوقع بنا، فقياداتنا القومية كانت خير رادع لهم، لذلك لا تُعْجِبْ اسرائيل منطق القومية العربية فكانت الحرب على جَمَالْ عبدالناصر ثم انور السادات ايام كامب ديفيد و سعت لنزع القومية العربية من الميول السياسية لدول عربية شتى، و كانت الحرب على آل ألأسد و كانت الحروب على عراق صدام حسين و الآن سوريا تتعرى من اصولها القومية و يُنْزَعْ منها اراضي جبل الشيخ لتعلن اسرائيل انها لن تردها الى سوريا، بل ريثما تنهض سوريا من صدمة مغادرة الأسد لأراضيها ستفقد المزيد من الاراضي لتتغير جغرافيتها فسيتم تقاسُمَها و تفتيتها الى دول اصغر...مع كل اسف، فمغاردة الأسد من عرينه في دمشق هو العيد بِعَيْنُهْ لإسرائيل التي انتظرته لستة عقود طويلة،
اسرائيل تريدنا دُوَلْ يحكمها متزمتون متعصبون دينيا يفرضون علينا ما نلبس و كيف نفكر و ما نقرأ و يضعون الرصن على افواهنا و الحواجز حول اعيننا كي لا نفكر و نتكلم خارج أسس معينة، فلا تريدنا ان نفكر سوى بحلال و حرام مذاهب متعصبة كي نكون شعوب منغلقة الأفق مُسْتَهْلِكَة لا منتجة للفكر و للثقافة عديمي حضارة، و لا نفكر بصورة ديمقراطية...تريد ان يَحْكُمُنا دواعش و ارهابيون و متعصبون و مرتزقة مسلحة يصرخون بوجهنا ان هذا حلال و هذا حرام و ان يقولوا لنا كيف نعيش و يسلبون منا الحريات و ارادة الفكر و الإرادة الحرة...الموسقى حرام و الفنون حرام و التفكير حرام و الفلسفة حرام و التلفاز حرام و الراديو حرام...يريدون منا ان لا نرفع رؤسنا كي لا نعي ماذا يتم ترتيبه لنا مع كلا اسف، لن اخوض في اي تفاصيل آخرى بعد هذا النقاش، فلست مقتنع بحكم المعارضة لدمشق فحضارتها عريقة جدا على حاضِرِها المُحْزِنْ، دماء اولادك و سماؤك و ارضك يا دمشق يغلي حبها في عروقي انت و كل متر من تراب الوطن العربي،
اتمنى الخير و السلام و الإستقرار لشعب سوريا و لقيادتها الجديدة، أتمنى ان تستعيد سوريا لمعانها كدولة و ازدهار مدنها، و اتمنى ان تستقيظ المعارضة التي لن ترتقي الى مسؤلية حكمها و ان تعي التحديات التي تنتظرها و ان تحاول إنشاء مؤسسات الدولة المدنية من جديد و ان ترعى شأن اقتصادها، سوريا دمرها حصار عنيف مِنْ مَنْ خانوها فهي بحاجة الى اعمار شامل و رؤية رجال دولة لا فِرَقْ مسلحة لتقوم من جديد، اتمنى من كل قلبي للشعب السوري ان ينعم بالإزدهار الذي يريده من الآن فصاعدا فسعادته من سعادتنا، رحلة الإعمار طويلة جدا و لكن اتمنى ان يتنبه الشعب السوري ان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة و ان هنالك عمل كثير يجب القيام به، كل الأماني الطيبة اهديها للشعب السوري الشقيق و هو يحاول بناء محافظاته و مدنه من جديد فسلام سوريا من سلام بلادنا الاردنية الهامشية التي نعتز بها...، حرسك الله يا سوريا من مكروه، و لكن يجب ان ننتبه انني خسرنا حربنا مع اسرائيل....بل مع مغادرة الأسد من دمشق قد ماتت القومية العربية من بلادنا العربية الى الأبد، و ستدرس بالمدارس انها مد فكري اجتاح مدننا العربية لفترة من الوقت و انتهى الى الأبد منذ بضعة ايام، فسوريا سيتم ترسيمها الى دويلات بعد عهد الأسد، كسر ظهر المنطقة و كسر صلابة صمودها ضد اسرائيل الى الأبد،
تابعت بمزيد من الحزن و الأسى و الآلم و دمع العين اخبار دخول القوات الإسرائيلية الى الاراضي السورية بعد انسحاب الرئيس بشار الأسد من الحُكْم و مغادرته الأراضي السورية، حيث بحركة استفزازية لقوميتنا العربية و حرمة الاراضي السورية لا يُفْهَمْ منها الا نوايا التوسع الإمبريالي و لتنكشف نوايا اسرائيل الحقيقية تجاه امتنا العربية بضم اجزاء كبيرة من الاراضي العربية الى دولتها استولى الجيش الإسرائيلي على جبال الشيخ، بل باتت قواته على مسافة بضعة كيلومترات من العاصمة العربية دمشق بحادثة صادمة و لكن ليست غريبة على كيان استعماري وَظًفَ كل قدراته و نفوذه مع حلفائه منذ نشأته في عام 1948 لتحطيم اي كيان عربي مناهض لوجوده بالمنطقة، و بالرغم من انسحابه من الاراضي في جنوب لبنان الا ان هذا لم يحدث بعد تحطيمه للبنية التحتية بالعديد من مناطقها تراكا ورائه خراب هائل لن تستطيع الدولة اللبنانية النهوض منه الا بعد عقد طويل من الزمن...و إن نهضمت منه اساسا، و لم ينسحب من جنوب لبنان الا بعد هدنة لا يُفْهَمْ منها سوى الإتفاقيات الغير معلنة التي قد تكون ايران ابرمتها لحل نزاعها مع اميريكا و اسرائيل، فرأينا حركة تقدم غير مسبوقة فجأة و سَلِسَة للمعارضة المسلحة في سوريا نحو دمشق و هي العاصمة التي لم تكن لوهلة لقمة سهلة بعهد الرئيس بشار الأسد للفرق المسلحة، فأوقفت تقدمها دمشق في العقد السالف من الزمن بالرغم من دعم تركيا الكبير لها بمطامعها السياسية و الإمبريالة نحو المنطقة العربية،
ربما يقول البعض ان ما لبث و شعر الرئيس بشار الأسد بإعتكاف حلفاؤه عن مساندته بهذه الحرب الضروس ضده كنظام حاكم و ضد بلاده فإنسحب هو و معاونوه من سوريا، فإستغلت الدولة الإسرائيلية فراغ القوة
(power vacuum)
الذي خلفه وراءه لتتقدم داخل الاراضي السورية و تبدأ بإنجاز خارطة كبرى لدولتها اعلنتها للعالم مرارا و تكرارا و علقت صورها على اكتاف ضباطها في جيشها، لتُفَسِرْ نواياها التوسعية للرأي العام مع كل اسف، و لكن على ارض الواقع و لغاية هذه اللحظة ليس بين ايدينا تفسير لما حصل سوى تسوية ايران و حزب الله لمشاكلهم مع الغرب ليبقى الأسد بميدان القتال بمفرده، اما بالنسبة لروسيا و إعلاناتها المتكررة عن دعم نظام الأسد فاجتهد المفسرون ان انخراط جيشها في اوكرانيا ربما هيج مخاوف لديها من ان تفتح جبهتي قتال في آن واحد، مما لا شك به انها قادرة على فعل ذلك فعتادها و جيشوها قوية جدا، و لكن السؤال الحقيقي الذي يطرح ذاته هو إن كان هنالك وعود اميريكية اعطيت لدولة المربع الأحمر بأن الضغط عليها سيخف بحربها مع كييف مقابل ان تريح اسرائيل من وزن الأسد بالمنطقة، الواضح من كل ما جرى ان الضحية كان نظام حكم الأسد فهذه دنيا مصالح و ليس ببعيد ان الدولة الروسية ابرمت اتفاقا بين تركيا و ايران لتسليم سوريا للمعارضة، و من ثم طُلِبَ من الأسد ان يغادر دمشق نحو موسكو مقابل حصانة عُرِضَتْ عليه، و الثمن كان تسليم دمشق و محافظات سورية للمعارضة، كان الأسد رجل روسيا بالمنطقة بلا منازع، قد يكشف الستقبل خفايا كثيرة و قد يخف الضغط على البرنامج النووية الإيراني، و المعارضة السورية قد لا تتعرض لإسرائيل فهذه الجماعات المتعصبة يتم دعمها بصورة مباشرة من تريكا و يطلب منها عدم التعرض لأمن اسرائيل لكي تبقى هي الحاكمة في مناطقها، اقلها ستكون تركيا كبيرتها و تركيا تتمم مصالح اسرائيل بالمنطقة لذلك لن تسمح تريكا لها بالتعرض لإسرائيل، إخوان مصر بعد تلقيهم الرضى الأميريكي اثناء حكمهم لمصر لم يطلقوا طلقة واحدة صوب اسرائيل، فقتلوا المسلم و المسيحي بحروبهم في مصر و لم يطلقوا طلقة واحدة على اسرائيل، و سوريا تعلم انها بجيوشها اضعف من ان تواجه اسرائيل بمفردها من دون دعم روسي و ايراني...فكانت هذه الصفقات المريبة ربما هي الأقرب لما حصل في آخر فترة،
لو اردنا سرد التاريخ القومي للجمهورية العربية السورية لاحتجنا الى مساحات ورقية لا تنتهي على النِتْ فتاريخها مشرف و طويل بهذا السياق، و لكن بإختصار منذ اندلاع الخلافات الداخلية في الاراضي السورية حول اطلاق سراح المساجين السياسيين، و هذا كله حدث بعد ان استلم الحُكْم الرئيس بشار الأسد و سَعَتْ اسرائيل مع حليفها التركي البغيض لدعم معارضة مسلحة في سوريا لإضعاف نظام حكم الأسد الذي حكم سوريا مع والده الراحل لستة عقود طويلة، رأت سوريا بهذه الفترات الذهبية الإستقرار و الإزدهار و نمو اقتصادي غير مسبوق في تاريخها كدولة، فسوريا بعهد آل الأسد كَبُرَتْ رويدا رويدا لتكون قوة لا يستهان بها بمنطقة الشرق الأوسط و مرتكزا سياسيا هاما للقومية العربية، فكانت قوة اقليمية تبنت شتى المواقف المشرفة لقضيانا العربية، مما جعلها هي و اقتصادها الذي ارتكز على الإكتفاء الذاتي بمواجهة مستمرة مع اسرائيل و البيت الأبيض فكانت سد منيع لهم سياسيا و عسكريا و لمطامعهم بإضعاف المنطقة لتبقى اسرائيل هي القوة المطلقة بالشرق الأوسط، آلا نستذكر ميولها القومية الأصيلة كدولة بالوحدة العربية حينما اقيمت الجمهورية العربية المتحدة مع الشقيقة مصر و الذي عكس لحمة الشعب المصري و السوري مع بعض (1958 - 1961)، الا نستذكر حروبها التي خاضتها ضد الدولة الإسرائيلية في حرب 1967 و 1973، استذكر هنا بعض المحللين الذين رأوا انه من اسباب قيام الجمهورية المتحدة اهتمام الجماهير في سوريا بالشأن المصري و الثورة المصرية و اتفاقية قناة السويس و مقاومة الأحلاف و بلورة الفكر العربي لدى قادة الثورة في مصر و الضغط الصهيوني على مصر متمثلا في الحملة على غزة في مطلع عام 1955، و لا ننسى ذكر طبيعة الإتجاه الإجتماعي للثورة المصرية و محاربتها الجدية للإقطاع و الذي يعكس ابتعاد الدولة المصرية عن النظام الإقتصادي الرأس مالي بسبب الحروب الغربية ضدها و اتجاهها الى الإشتراكية و العلاقات مع السوفييت، فكل تلك العوامل اكسبت الثورة في مصر الإحترام المطلق لدى الجماهير في سوريا، مما ادى الى قبول الراحل جمال عبدالناصر بهذه الوحدة في عام 1958 بسبب الضغط المتزايد من شخصيات عسكرية في سوريا،
حدث بلا جرح عن تاريخ مشرف للقومية العربية في سوريا الذي اكمله الرئيس الراحل حافظ الأسد فبنى سوريا الى قوة اقليمية كانت تهابها و تهاب نفوذها اسرائيل و البيت الابيض و العديد من دول المنطقة، فكانت اسرائيل بعد حروبنا ضدها بترقب دائم لكسر هذه القوى الإقليمية التي كانت تردعها عن اتمام خارطتها الكبرى كدولة صهيونية، مما جعلني اراقب بقلق شديد الأحداث اثتاء الربيع العربي الذي هدد بالفتك بدولنا العربية و بسلامها و بتفتيتها الى دوليات متصارعة على يد فصائل مسلحة و قوى سياسية متعصبة دعمتها اسرائيل و تركيا بالمنطقة، و مما نجحت بإشعال فتيل الثورات في سوريا فإبتدأ هذا الكيان الغالي بالمعاناة بنظامه الحاكم، و اكتملت المؤامرات ضده و ضد اقتصاده من قِبَلْ مجلس الأمن الذي لطالما همش تطاولات اسرائيل العسكرية على البلدان العربية و دعم شتى الحملات ضد دُوَلِنَا العربية التي كانت تقف بوجه الدولة الصهيونية، و منذ عام 2011 و شهدت سوريا الأمَرًيْنْ و منذ هذا الحظر بالتحديد فتسارعت بعض دول عربية بالإلتزام به لكسر ظهر هذه القوة العربية الأصيلة، فاستمعنا الى نداءات عديدة من نظام الأسد و دولته تعاني بسبب هذه الضغوطات مما اضعف قدرتها بإدارة شأن بلادها و اضعفها اقتصاديا بصورة كبيرة، فاصاب اقتصادها الوَهَنْ و كثرة المشاكل لديها و اصاب عملتها التضخم و اغلقت الكثير من المنشأت و المصانع ابوابها و ارتفعت البطالة في ربوعها، في آخر عشرة سنين تسارعت قوى كثيرة بإضعافها سواء من المنطقة العربية و المجتمع الدولي و تجاهلوا نداءات النظام الحاكم بالمسارعة بفك الحصار عنها، و استغرب مِنْ مَنْ لم يقرأ الأسطر و ما بين الأسطر، ان سوريا بتاريخها القومي الأصيل و نظامها الحاكم و برئيسها بشار الأسد لم تقبل الرضوخ لضغوط الدولة الإسرائيلية و لم تقبل وضع يدها بيد هذه الدولة الكريهة، لذلك ذبلت امكانيات هذه الدولة بإدراة البلاد و بإدراة اقتصادها، و مما جعلها في صميم مثلث مقاومة ضد الكيان الصهيونة، فمنذ حرب تموز الذي قادها الراحل حسن نصرالله و هي تتوسط رقعة جعرافية تساند بها المقاومة في جنوب لبنان، و تربط ايران مع حزب الله حيث كانت ضلع اساسي بمقاومة اسرائيل و نشاطها المشبوه، و رأينا استبسال من دولة الأسد بمقاومة ما يحاك ضدها لتدميرها مع ايران و العراق و حزب الله،
منذ 2011 و عانت دولة الأسد من ضغوط سياسية و عسكرية و اقتصادية جعل اهلها يلجؤن الى الهجرات الى دول الجوار و الى دول اوروبية و يقاسون الظروف القهرية، فاستغرب من الدول التي قادت هذه الحملات ضد سوريا فضربت بعرض الحائط حياة الملايين في هذا القُطْر، و كأن سوريا ليس بها بشر سيتأثرون من حماقة ما كان يحاك ضدها، فسوريا فقط لأنها رفضت الرضوخ للكيان الصهونية تم تدميرها كليا....و هنا يجب التوقف و وضع النقاط على الحروف يهذا الصراع، فمصر حينما حاولت تأميم قناة السويس تواجهت مع الغرب بحرب ضروس عرف بالعدوان الثلاثي، و تعرضنا لنكسة 67 حينما اشتلعت الحرب مع هذا الكيان الصهيوني البغيض مرة آخرى، و في حرب 1973 حينما استعاد الجيش المصري سيناء و قناة السويس، و بعد هدوء دام عدة عقود اشتعل الربيع العربي لمحاولة هدم الدول المدنية بالمنطقة العربية و تفتيتها، فوقفت مصر بوجه هذا المد العاتي الذي هدد منطقتنا، و حاولت سوريا المحافظة على كينونتها كدولة مدنية و عربية و لكن عبثا ان تقف دولة بمفردها بوجه مخطط اقليمي يقوده دُوَلْ كثيرة حولها، فلماذا فجأة يتم نكران وقوف بيت الأسد و دولتهم ضد اسرائيل و تهميش دورهم القومي بالمنطقة؟ فجأة حينما يقع الجمل يكثر سلخينه؟ رفضت هذه العائلة ان تكون سوريا من دون كرامة و ان ترضخ لضغوطات آلصهيونية فلهذه العائلة تاريخ قومي لم تتنازل عنه، و لم تتنازل عن تاريخ سوريا القومي فرفضت ان تقول نعم لإسرائيل ليتم تدميرها بشتى الطرق التي فعليا لا تطاق، فلماذا حينما انهار هذا النظام تناسا الناس الدور القومي لهم و اتهموهم بأبشع التهم؟ هل السبب السجون التي وجدوها و التي كان يتم تعذيب المساجين بها؟ لكل دولة بالعالم نُظُمُهَا بالدفاع عن كينونتها السياسية فليس هنالك دولة بالعالم ترحم من يقف بوجه انظمتها الحاكمة، و لكل دولة بالعالم سجونها و خفاياها بهذا الخصوص فهل نسينا سجن جوانتنمو الأمريكي الذي تم تعذيب المساجنين السياسيين به بأبشع الطرق؟ تم سلخ جلود العشرات من البشر بهذا السجن الذي مازالت ملفاته ساخنة بالرأي العام و بالإعلام العالمي و لا تعلم أميريكا كيف تلملم فضائحه، أَروني من فضلكم حاكم او رئيس دولة يُجْلِسْ مَنْ يعترض على حُكْمِهِ على طاولة طعامه و يقول له اهلا و سهلا فأنت مرحب بك ببلدي لتدير شأن ثورة ضدي، حتى المرشحين للرئاسة بأمريكيا من الأحزاب الديمقراطية و الجمهورية لم يرحموا بعض فكاد ان يُقْتَلْ الرئيس دونالد ترمب مؤخرا بحادث اطلاق نار عليه و لمرتين، من سيرحم خصمه و هو بالرئاسة؟ للرؤساء حسبة خاصة بكافة بقاع الأرض لإدراة شأن الثورات التي تحاك ضدهم كأنظمة حاكمة فهل الرئيس بشار الأسد سيقول للذي يناهض حكمه اهلا و سهلا بك فتفضل ادِرْ انقلاب ضدي؟ كانت المشاكل اساسا على اطلاق المساجين السياسيين، هل المساجين السياسيين سيُرْحَمونْ؟ اميركيا و هي معقل الديمقراطية عذبت سجناء بالمئات بجوانتمو و اهانت كرامتهم الإنسانية، من سيقف بوجه الأنظة الحاكمة و يدير انقلابات ضدهم سيكون مصيره الكثير من الأحيان التهلكة، انا لا اعطي بنهاية المطاف الشرعية لتعذيب و قتل الناس، فهذا أمر بين الله و الحكام الذي يصل سدة الحكم، و لكن اتكلم بمنطق حينما اناقش هذا الأمر،
الرئيس بشار لم يخطئ باصوله القومية حينما رفض كل الضغوطات التي كانت تحاك ضد سوريا بعهده و لغاية انسحابه من الحكم، ففضل العيش بكرامة على ان يضع يده بيد من اغتصب فلسطين و انتهك مقدرات و ثروات الأمة العربية و نشر الفساد و شن ابشع الخطط ضدنا كعرب، قرر العيش بكرامة على ان يضع يده بيد تركيا التي دعمت الفصائل العسكرية في بلده و انتهكت حرمة بلده، فهذه شِيَمْ البلاد التي تغالي بقوميتها العربية، مصر تواجهت مع نفس الضغوطات القذرة منذ نشأتها كدولة الى ان اقامت كامب ديفيد فسادها الإستقرار لغاية الربيع العربي، و لكن الشأن اختلف في سوريا، فَتَمَسُكِنَا بنظام الأسد كان لهذه الدواعي...دواعي قومية و كي لا يترك وراءه فراغ قوة قد يستغله العدو الصهيوني للتوسع و لضم المزيد من الأراضي العربية الى دولته الكريهة،
نحن كنا مُخَيًرينْ بين ماذا بالضبط؟ بين انظمة حاكمة ترفض وجود المخططات الصهيونية بالمنطقة و تسعى للحفاظ على هويتنا العربية او بين انهيار كيانات حاكمة يتبعها حالات من فراغ القوة المدمر، و كان حتى هذا الخيار قائم منذ بداية الربيع العربي و ما قد ينتج عنه من فوضى تستغلها اسرائيل لتفتيت بنية بلادنا لكي تبقى هي المهيمنة و لتتمم توسعها جغرافيا؟ نحن كعرب بين مطرقة و مَهَدًة عنيفة و ليس سنديان فقط و نحن مهددين بكلا الحالتين فلسنا مُخَيًرينْ اطلاقا بل نجري بتهافت لنحافظ على قومتنا العربية فمنذ نشأتنا كدول و تجري ورائنا اميريكا و حلفاؤها و اسرائيل لكي تبقينا بتخلف رجعي تحيك بمدننا العربية اقذر المكائد لتوقع بنا، فقياداتنا القومية كانت خير رادع لهم، لذلك لا تُعْجِبْ اسرائيل منطق القومية العربية فكانت الحرب على جَمَالْ عبدالناصر ثم انور السادات ايام كامب ديفيد و سعت لنزع القومية العربية من الميول السياسية لدول عربية شتى، و كانت الحرب على آل ألأسد و كانت الحروب على عراق صدام حسين و الآن سوريا تتعرى من اصولها القومية و يُنْزَعْ منها اراضي جبل الشيخ لتعلن اسرائيل انها لن تردها الى سوريا، بل ريثما تنهض سوريا من صدمة مغادرة الأسد لأراضيها ستفقد المزيد من الاراضي لتتغير جغرافيتها فسيتم تقاسُمَها و تفتيتها الى دول اصغر...مع كل اسف، فمغاردة الأسد من عرينه في دمشق هو العيد بِعَيْنُهْ لإسرائيل التي انتظرته لستة عقود طويلة،
اسرائيل تريدنا دُوَلْ يحكمها متزمتون متعصبون دينيا يفرضون علينا ما نلبس و كيف نفكر و ما نقرأ و يضعون الرصن على افواهنا و الحواجز حول اعيننا كي لا نفكر و نتكلم خارج أسس معينة، فلا تريدنا ان نفكر سوى بحلال و حرام مذاهب متعصبة كي نكون شعوب منغلقة الأفق مُسْتَهْلِكَة لا منتجة للفكر و للثقافة عديمي حضارة، و لا نفكر بصورة ديمقراطية...تريد ان يَحْكُمُنا دواعش و ارهابيون و متعصبون و مرتزقة مسلحة يصرخون بوجهنا ان هذا حلال و هذا حرام و ان يقولوا لنا كيف نعيش و يسلبون منا الحريات و ارادة الفكر و الإرادة الحرة...الموسقى حرام و الفنون حرام و التفكير حرام و الفلسفة حرام و التلفاز حرام و الراديو حرام...يريدون منا ان لا نرفع رؤسنا كي لا نعي ماذا يتم ترتيبه لنا مع كلا اسف، لن اخوض في اي تفاصيل آخرى بعد هذا النقاش، فلست مقتنع بحكم المعارضة لدمشق فحضارتها عريقة جدا على حاضِرِها المُحْزِنْ، دماء اولادك و سماؤك و ارضك يا دمشق يغلي حبها في عروقي انت و كل متر من تراب الوطن العربي،
اتمنى الخير و السلام و الإستقرار لشعب سوريا و لقيادتها الجديدة، أتمنى ان تستعيد سوريا لمعانها كدولة و ازدهار مدنها، و اتمنى ان تستقيظ المعارضة التي لن ترتقي الى مسؤلية حكمها و ان تعي التحديات التي تنتظرها و ان تحاول إنشاء مؤسسات الدولة المدنية من جديد و ان ترعى شأن اقتصادها، سوريا دمرها حصار عنيف مِنْ مَنْ خانوها فهي بحاجة الى اعمار شامل و رؤية رجال دولة لا فِرَقْ مسلحة لتقوم من جديد، اتمنى من كل قلبي للشعب السوري ان ينعم بالإزدهار الذي يريده من الآن فصاعدا فسعادته من سعادتنا، رحلة الإعمار طويلة جدا و لكن اتمنى ان يتنبه الشعب السوري ان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة و ان هنالك عمل كثير يجب القيام به، كل الأماني الطيبة اهديها للشعب السوري الشقيق و هو يحاول بناء محافظاته و مدنه من جديد فسلام سوريا من سلام بلادنا الاردنية الهامشية التي نعتز بها...، حرسك الله يا سوريا من مكروه، و لكن يجب ان ننتبه انني خسرنا حربنا مع اسرائيل....بل مع مغادرة الأسد من دمشق قد ماتت القومية العربية من بلادنا العربية الى الأبد، و ستدرس بالمدارس انها مد فكري اجتاح مدننا العربية لفترة من الوقت و انتهى الى الأبد منذ بضعة ايام، فسوريا سيتم ترسيمها الى دويلات بعد عهد الأسد، كسر ظهر المنطقة و كسر صلابة صمودها ضد اسرائيل الى الأبد،
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |