المتسلقون : عندما يلتقي السحيجة بالشبيحة


بداْ يظهر في المجتمع الأردني أصناف منوعة من التسلق، التسلق على كل شيء في المجتمع، حتى على الوطن. والتسلق أنواع فمنه متعدد الاتجاهات والموضوعات، ومنه أحادي الموضوع. فالمتسلق متعدد الاتجاهات يتسلق على كل شيء للحصول على أشياء كثيرة لا يستحقها في وجود ثقافة التنافس والشفافية. والمتسلق الأحادي الاتجاه له هدف محدد وطريق تسلق محددة. المتسلقون (المتعربشون أو العرابشة) تارة يتسلقون على المؤسسات، وتارة على القومية، وتارة على العروبة، وتارة على الوطنية، وتارة على الممانعة، وتارة على المؤامرة، منهم من تسلق على الحزب، ومنهم من تسلق على العشيرة، ومنهم من تسلق على فلسطين في الداخل والخارج، وكثر هم الذين تسلقوا على الأردن،. ومنهم من تسلق على أقرب الناس إليه، تسلق على كل ما أتيح له من وسائل، منهم من تسلق حتى وصل البرلمان ووصل الوزارة، ولا يزال التسلق مستمراً. وبعضهم لم يتركوا فضائية إلا وتسلقوا من خلالها على هذا الوطن وذموه بأقذر الكلمات، وهم الذين لم تتجاوز معرفتهم بالوطن ولا عمرهم الوطني مرحلة الرضاعة. المتسولون أمام القتلة، والجزارين، الحقوا العار بسمعة بلدنا وسمعة مؤسساتنا، وجامعاتنا، وأحزابنا، ولم يسيئوا لأنفسهم فقط وإنما أساءوا للشعب الأردني وللأردن الذي يستند على شرعية ثورية (الثورة العربية الكبرى). الأردن الذي كان ولا يزال ملاذاً لكل الأحرار والمقهورين والمظلومين واللاجئين من كل صوب.
إن التسلق على الوطن ومؤسساته في حادثة مثل حادثة المباركة لجزار سوريا يمثل الخيانة العظمى بعينها، والخيانة للقيم الإنسانية أولاً، والخيانة للقيم الأردنية، وللمجتمع الأردني وللتاريخ الأردني. حادثة التسلق باسمنا، والتسول على أبواب من قتلوا ويقتلوا شعبهم، وهدموا المساجد، واقتلعوا الحناجر، ولم تتسع صدورهم لكتابات أطفال المدارس، فحركوا كل أدوات القتل والتنكيل والقهر بشعبهم في هذا الشهر الكريم. فقتلوا ما قتلوا، ونكلوا بالصغار والكبار والنساء، واعتقلوا ما اعتقلوا، واستخدموا القنص، والسحق، والشبيحة الرسمي منهم وغير الرسمي، وذهب (سحيجتنا) لتبارك أعمال (شبيحتهم).
قد يكون الأردن والأردنيون قد تأخروا في دعم الشعب السوري الجار العزيز، ولهم علينا حق الدعم والمبادرة بالدعم، مثلما هو حق لتونس، ومصر واليمن. الأردن صاحب رسالة في الوحدة والتحرر، وكان ينبغي أن يكون مبادراً لا متردداً. ما كان ينبغي أن ننتظر تصريحات العربي (الجامعة العربية)، تلك التصريحات التي لم تكن بحجم مصر الثورة أو الجامعة العربية في عصر الربيع العربي، ولا ننتظر مواقف الدول العربية منها والغربية على وجه الخصوص.
وإذا كان التسلق مكروه، ومنبوذ، ومبتذل في الموضوعات العامة التي تتمحور حول المنفعة الذاتية، ذلك أن حصول المتسلق على هدفه هو نوع من الفساد، فكيف يكون التسلق على الوطن لتبرير جرائم ضد الإنسانية، وجرائم ضد الأطفال والنساء، جرائم ضد الركع السجود في دولة جارة. لقد تم تلويث أسم الأردن في هذه الحادثة المخزية، لقد ألحقوا بنا العار والخزي. وينبغي على المؤسسات التي ينتمي إليها هؤلاء المتسلقين أن تحاسبهم وتحاكمهم على فعلتهم الشنيعة. وليس من المستبعد وبعد أن يرحل أركان النظام أن تذهب هذه المجموعة لتبارك للثورة انتصارها.
عندما يكون الخيار في اتخاذ القرار المستند إلى المبادئ، يجب أن تتعطل المصالح، لقد خسرنا كثيراً من المصالح سابقاً جراء مواقفنا التاريخية، ولكننا كسبنا أنفسنا.

*رئيس مركز ابن خلدون للدراسات والأبحاث



تعليقات القراء

سحيج
الم تكن يا دكتورنا الفاضل من ....؟
وهل تستطيع ارجاع ذاكرتك للتسعينات وتتذكر ايام ا....؟
على كل حال شكرا
14-08-2011 12:55 PM
ياويلي
ارحم الزمن؟؟؟؟؟؟؟؟
14-08-2011 01:26 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات