جراسا -

بعد توقف دام 10 سنوات، عاد خط سكة الحديد الحجازي للعمل مجددًا، حيث انطلقت أول رحلة قطار سياحية إلى المفرق، مرورًا بثلاث محافظات وقطع مسافة تصل إلى حوالي 80 كيلومترًا وصولًا إلى آثار المفرق التاريخية في «أم الجمال».

وبعد جهود حثيثة ومتواصلة استمرت أكثر من 7 أشهر، تمكنت مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني من إعادة تشغيل القطار، وذلك بعد تجاوز صعوبات في تنظيف السكة، تفقدها، وإعادة تأهيلها وصيانة القاطرة، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال جماعية أخرى لضمان نجاح هذه التجربة الوطنية. وتمثل هذه الرحلة أول مسار سياحي حديث من عمان إلى المفرق.

تأتي هذه الخطوة في إطار جهود المؤسسة لتعزيز السياحة الداخلية، وتسليط الضوء على المواقع الأثرية والتاريخية في الأردن، بالإضافة إلى تشجيع زيارة المحافظات البعيدة. وقد تم تنظيم الرحلة بالتعاون مع بلدية أم الجمال، وانطلقت من محطة عمان مرورًا بمدينة الزرقاء وصولًا إلى مدينة «أم الجمال» التاريخية.

وشارك في الرحلة العشرات من المثقفين والمواطنين من مختلف الأعمار والثقافات، الذين استمتعوا بتجربة سفر فريدة على متن القطار، الذي يعكس جزءًا من التراث الأردني. ورغم أن الرحلة كانت تقليدية، إلا أن مسارها كان يمر بمناظر خلابة وآثار تاريخية، مما جعلها تجربة تاريخية غنية.

وقد عبّر العديد من المشاركين عن سعادتهم بالرحلة، مؤكدين أن هذه المبادرة ستسهم في جذب أعداد كبيرة من المواطنين والسياح الأجانب، حيث من المتوقع أن يشهد هذا القطار إقبالًا كبيرًا على الخطين: من عمان إلى محطة الجيزة، ومن عمان إلى أم الجمال.

وشملت الرحلة المرور بعدد من المواقع ذات القيمة التاريخية الكبيرة، حيث استمتع الركاب بمشاهد المناظر الطبيعية الرائعة، كما اطلعوا على تاريخ الخط الحديدي الحجازي الذي كان له دور محوري في ربط المدن العربية عبر السكك الحديدية. وعند وصول القطار إلى مدينة أم الجمال، استقبلت البلدية الزوار بحفاوة، ووفرت لهم جولات تعريفية بالمدينة، التي تعد واحدة من أبرز المواقع الأثرية في الأردن، بما تحتويه من آثار تعود إلى الفترات الرومانية، البيزنطية والإسلامية. كما تم تنظيم فعاليات ترفيهية وثقافية احتفاء بالزوار.

وأكد مسؤولون في مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني أن هذه الرحلة تأتي ضمن سلسلة من الفعاليات التي تهدف إلى إحياء الخط الحديدي الحجازي وتعريف الأردنيين والزوار الأجانب بأهمية هذه المؤسسة التاريخية، التي تعد جزءًا من التراث العربي. وأشاد رئيس بلدية أم الجمال بالتعاون مع المؤسسة، مؤكدًا أن الرحلات السياحية عبر القطار تساهم في تعزيز السياحة المحلية وفتح آفاق جديدة للاستثمار السياحي في المنطقة.

وقد عبّر عدد من الزوار عن إعجابهم بالتجربة، مؤكدين أنها أتاحت لهم فرصة للتفاعل مع تراث الأردن الغني، مشيدين بهذه المبادرات التي تعزز الروابط التاريخية والثقافية بين مناطق الأردن المختلفة وتدعم تطوير القطاع السياحي المحلي.

يمر القطار خلال رحلته عبر مدينة الرصيفة، ثم يعبر سيل عمان والزرقاء، ثم إلى محطة السمرا، فالمفرق، وصولًا إلى مدينة أم الجمال.

وتعتبر محطة عمان، التي تعد المحطة الرئيسية، واحدة من محطات الخط الحجازي التاريخي التي تربط بلاد الشام بمكة المكرمة. تقع المحطة على مساحة 44 دونمًا بالقرب من المدرج الروماني، وتحتوي على سبعة خطوط رئيسية، بالإضافة إلى 17 مقصًا، وستة خطوط فرعية.

في الأردن، هناك ثلاثة قطارات ديزل في عمان واثنان في العقبة، بالإضافة إلى سبعة قطارات بخارية. وقد بدأ العمل في محطات السكة الحديدية عام 1900، وتم افتتاحها رسميًا عام 1908. ومنذ ذلك الحين، مضى 116 عامًا على افتتاحها، وكان الهدف منها ربط الأجزاء الجنوبية من الدولة العثمانية بتركيا لدعم النفوذ السياسي والعسكري في منطقة بلاد الشام والجزيرة العربية، بالإضافة إلى نقل الحجاج المسلمين إلى المدينة المنورة ومكة.

اليوم، لا يزال الجزء الممتد من محطة حطية جنوب شرق معان وحتى الحدود السعودية الأردنية، يعد جزءًا من الخط الحديدي الحجازي، ويتخلله 26 محطة رئيسية، من أبرزها: المفرق، الزرقاء، عمان، الحسا، معان، والمدورة.

وكانت أول رحلة للقطار قد انطلقت عام 1908 من بلاد الشام إلى المدينة المنورة، واستغرقت 50 ساعة.