شذرات إدارية


بقلم د. علي الدرابكه *

شرعية الإدارات الحكومية
نعم يا سادة انا أعتقد ان الإدارات الحكومية اليوم تعيش تحد كبير أمام شرعية وجودها وقبولها، نعم كيف ترسم الإدارات الحكومية سياساتها؟ وكيف تصنع قراراتها ؟ هل تكون بالشراكة والشفافية ام أنها تصنعها بالتفرد والغموض؟ ما هي الاهداف الحقيقية وراء خطة تطوير القطاع العام هل هو هدف مالي بقصد ضبط الإنفاق وترشيد هيكلة الإدارة العامة ( Cost Down) وتخفيض أعداد الموظفين ووقف أو تقنين التعيينات في ظل الأزمات الإقتصادية وزيادة نسب البطالة ، وفي ظل تواضع دور القطاع الخاص الذي يعاني من ضعف في التحفيز وضعف في فرص تمكينه ودعمه.
ام ان الهدف المحرك هو زيادة كفاءة الجهاز الإداري وفاعليته ؟ نعم أسئلة مشروعة ويجب الإجابة عليها بشكل علني وشفاف.
لم يعد مقبولا ان ترسم السياسات وتصنع القرارات في الغرف المظلمة بعيدا عن المشاركة لا بل التشاركية الحقيقية مع القطاعات المعنية المؤثرة في هذه السياسات والمتأثرة بها ، ثمة فرق بين التشاركية الحقيقية التي انادي بها وبين الوصاية الحكومية على بقية القطاعات ، نعم لم يعد مقبولا أن تبقى الإدارات الحكومية اللاعب الوحيد في صناعة القرارات ورسم السياسات، نحن نريدها لاعبا رئيسيا فاعلا تسمح للاعبين اخرين قادرين على تجويد سياساتها وخدماتها وقراراتها.
فالإدارة العامة لا يجب ان تبقى تعمل في ظل ظروف إحتكارية، لا بد لها من إيجاد بيئة تؤطر فيها منافسة لتوفير السلع والخدمات العامة.
جدلية المركزية واللامركزية
الحقيقة أن ثمة لغط واحينا كثيرة تفهم الأمور بطريقة خاطئة، نحن لسنا إزاء خيار ان تكون الحكومات أو الدوائر الحكومية مركزية أو لا مركزية.
لا تستطيع اي حكومة في هذا العالم ان تعمل بشكل مركزي طوال الوقت
ولا تستطيع اي حكومة في هذا العالم ان تعمل بشكل لا مركزي طوال الوقت
ولا يجوز ان تعيش الحكومات دائما على الأطراف ، فمعظم اجهزة الخدمة المدنية في العالم تأخذ الشكل الهجين حيث مركزية السياسات وشروط الإتحاق بالوظائف العامة واحدة وأسس الاختيار والتعيين واحدة على سبيل المثال، لكن التطبيق العملي وتنفيذ هذه السياسات تأخذ شكلا لا مركزيا، شريطة توفر أدوات فاعلة للرقابة والمساءلة .
نعم الجراحة هي الجراحة ولكن ثمة جراحة بمشرط وثمة أخرى بمنظار ، لكن جميعها تهدف الى استئصال للداء بعد التشخيص الجيد .
هذه ملاحظات لا بل شطحات ان صح التعبير لقيادة دوائرنا ومؤسساتنا كما هو الحال في الدول المتقدمة حيث اجهزتها قوية ليست هشة، ومستقرة ومتماسكة، تجربتنا في الادارة العامة ان سياساتنا بعيدة عن المؤسسية في عديد الحالات نخلق دائرة أو هيئة اليوم لنلغيها بعد فترة قصيرة من الزمن دون دراسة الاثر وتقييم موضوعي لهذه الهيئة أو تلك ولنا في ديوان المظالم خير مثال.
اذن جهود الإصلاح والتطوير والتحديث ودمج مؤسسات أو إلغاء اخرى أو إيجاد ثالثة بحاجة الى ان تبنى على أسس واقعية ومنطقية ، فالحكومات تأتي وتذهب بينما الأجهزة باقية وموجودة لان الأصل عمل مهني ومرتبط باحتياجات المجتمع .
واالله ولي التوفيق
*الأمين العام السابق للهيئة المستقلة للإنتخاب
*الأمين العام الأسبق لوزارة تطوير القطاع العام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات