إسماعيل الشريف: رجل السلام أم رسول التدمير؟


«ومن يجعل الضرغام بازَهُ... تصيده الضرغام فيما تصيدا» - المتنبي

وصل عاموس هوكشتاين، مبعوث الرئيس بايدن للسلام، إلى بيروت حاملاً اقتراحًا صهيونيًا لوقف إطلاق النار في لبنان. وكما هو متوقع، فإن هذا المقترح مهين ومذل ولن يقبله اللبنانيون. ولا يمكن تطبيق مقولة «ناقل الكفر ليس بكافر» على عاموس، فهو الكفر ذاته!

عاموس هوكشتاين، الذي يصفه بايدن بـ»رجل السلام في لبنان»، يُعَدّ أحد أهم مستشاريه. فمنذ ما يقرب من عام، يقوم هوكشتاين بجولات مكوكية بين حيفا المحتلة وبيروت وواشنطن، بهدف معلن وهو خفض التصعيد على الجبهة الشمالية، ولكن في الواقع، هناك هدف غير معلن يتمثل في مساعدة الكيان في عدوانه!

«رجل السلام» هذا وُلد في الكيان الصهيوني وتلقى تعليمه في مدارسه الدينية، بل وخدم في سلاح المدرعات في جيش الاحتلال خلال الفترة من 1992 إلى 1995. بعدها، هاجر إلى الولايات المتحدة وتزوج من أستاذة جامعية أمريكية، والتي وصفته في عام 2012 بأنه «إسرائيلي»، حين كان يخدم في وزارة الخارجية كنائب مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية في مجال الطاقة. ومع ذلك، عندما يُسأل البيت الأبيض أو وزارة الخارجية عمّا إذا كان هوكشتاين يحمل جنسية مزدوجة، تُقدمان إجابة غير واضحة.

هل يُعقل أن يُصدّق أن رجل بايدن للسلام، الذي يمتلك هذا التاريخ وهذه المواصفات، والذي شارك بيديه في قصف الأطفال والنساء بدافع عقائدي متطرف، يمكن أن يكون محايدًا؟ بالطبع لا!

وفقًا لتقرير صادر عن موقع «بوليتيكو» الحصيف، فإن «رجل السلام» هذا قد منح الضوء الأخضر سرًا للكيان الصهيوني لفتح الجبهة الشمالية على مصراعيها، وأبلغهم بأن الولايات المتحدة ستدعم قرارهم في ذلك. ويضيف التقرير أن هذا التوجه يشمل أيضًا مستشار بايدن الكبير للشرق الأوسط، بريت ماكجورك، الذي يتفق مع هوكشتاين في دعمهما لاستراتيجية نتن ياهو بضرب حزب الله بقوة، بهدف إقناع الحزب بالانخراط في محادثات دبلوماسية لإنهاء الصراع.

ومع ذلك، طلب الاثنان من الصهاينة – زورًا – توخي الحذر في استهداف المدنيين، إلا أنهما يعتبران هذه اللحظة المناسبة للتصعيد بهدف إضعاف إيران. ويشير الموقع إلى أن ماكجورك ورفيقه هوكشتاين، إلى جانب عدد من موظفي الأمن القومي الأمريكي، يرون في الحرب اللبنانية فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وهي نفس العبارة التي يرددها نتن ياهو!

وبعد أيام من تقرير «بوليتيكو»، أفاد موقع «أكسيوس» بأن رئيس وزراء لبنان المؤقت، نجيب ميقاتي، طلب من هوكشتاين تطبيق مبادرة بايدن التي طُرحت في شهر حزيران الماضي لوقف إطلاق النار في غزة، لإنهاء الحرب في لبنان. إلا أن هوكشتاين رد عليه بأن هذا الخيار غير مطروح!

فكيف يمكن اعتباره وسيطًا نزيهًا للسلام، وهو الذي يحرض الصهاينة على إشعال منطقة الشرق الأوسط في حرب واسعة تُمارس فيها الإبادة الجماعية ضد سكانها؟

هذا يلخص سياسة الولايات المتحدة في المنطقة: جندي سابق في جيش الاحتلال يُقدَّم كوسيط للسلام، ورئيس يعلن صراحةً أنه صهيوني، ووزير خارجية في أول زيارة له للكيان بعد التصعيد يصرح أمام الكاميرات لنتن ياهو بأنه جاء كيهودي. حتى أن العديد من المحللين والتقارير الصحفية تساءلت إن كان هذا الوزير يمثل الولايات المتحدة أم دولة الاحتلال! فسياسة الولايات المتحدة في المنطقة تبدو موجهة بالكامل نحو خدمة مصالح الصهاينة، والقضاء على حركات التحرر.

وبالطبع، يرفض هوكشتاين هذه الاتهامات، حيث غرد قائلاً إن هذه التقارير غير صحيحة، وأن «الدبلوماسية وحدها هي التي ستعيد سكان فلسطين المحتلة إلى مستوطناتهم». ومع ذلك، فإنه يتجنب تمامًا الإشارة إلى استهداف المدنيين اللبنانيين أو الفلسطينيين أو آلة التدمير الصهيونية.

هل يمكنك أن تتخيل، لو تبادلنا الأدوار، ورأينا أن ضابطًا عربيًا سابقًا أو خريجًا من الأزهر يكون ضمن فريق بايدن للسلام والتوسط في أي صراع مع الصهاينة، ويزور الكيان ويجتمع مع مسؤوليه؟ سيكون ذلك ضربًا من الخيال!

وجود مبعوثين للسلام على شاكلة هوكشتاين يشير إلى دلالة واضحة؛ وهي أن سياسة الولايات المتحدة منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى تتسم بالازدواجية. فهم يتحدثون علنًا عن وقف إطلاق النار، بينما يديرون حرب الإبادة في الخفاء.

هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه رفضًا عربيًا لاستقبال هؤلاء الجواسيس؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات