كنا ونحن عيالا(صبيانا) صغارا نترقب رمضان في شوق ولهف , و نرقب هلاله في حب و شغف , لعلّ وعسى ان يراه احدنا فيسبق بالخبر الكبار , فتكون النشوة و الفخار لنا نحن الصغار , ويطلع علينا شاب من الشباب ويحلف بأغلظ الايمان انه رأى هلال , وما ادراك ما هذا الهلال ؟ ويأخذ كل منا يبحلق بعينيه الصغيرتين ويبزعهما , ويدقق و يتفحص الافق والشفق قبل ان يحل الغسق , ونرجع البصر مرات وكرات وينقلب البصر الينا خاسئا وهو حسير فلا نرى هلالا لا غربا ولا شمالا.
ونسأله : اينه اينه يا هذا ؟ انت تكذب علينا. وإما على عينيك غبش وترى معان في جرش ولا تكاد تبين البط من الحبش .
ويأخذ بعقولنا ويقول: والله رأيته هناك ... هناك ويصوب بيديه جنوبا وشرقا.
ونقول : اين هناك يا زلمه (رجل) ؟ اننا لا نراه . فيقول ضاحكا مقهقها: هناك في الدكان ويقصد به تاجرا اسمه هلال القوابعة رحمه الله وهو في دكانه .

ذاك هو هلال اهل الطفيلة , اما هلال اهل عمان فهلال رمضانهم مختلف واصغر (من التصغير اللغوي) من هلال الطفيلة , وعندما تسألهم : ارأيتم الهلال يا اهل عمان ؟ فيجيبونك وهم يترقبونه بانهم لن يروا الهلال ابدا الا عندما يروا هليّل على شاشة التلفاز ويقصدون به وزير الاوقاف وقاضي القضاة وامام الحضرة الهاشمية رحمه الله ولا تقولوا بفاول (يريد به شرا او خيرا) على الزلمه , لإن الرحمة تجوز على الحي والميت, وهذا هو هلال عمان . ولا ادري ان كان هناك أهلة اخرى في السلط والخليل و باقي ربوع الوطن الجميل , وان كان فعليهم منا رحمة الله جميعهم كانوا احياء ام امواتا .

ونحن في الاردن الان علينا رحمة الله ايضا , وغفر الله لنا جميعا, فما عسى و ماذا يبغي و يريد الاردنيون من التغيير و الاصلاح ؟ فقد تم لكم ذلك يرحمكم الله وجاءكم الفرج واتاكم حظكم حظ الحظوظ . لان الاردنيين محظوظون , فها قد جاءهم مرة اخرى حظهم و بختهم المبخت المبخوت البخيت , وليس هو بخيتا فحسب انما هو معروف ايضا , وهذا ما يريده الاردنيون من الاصلاح يريدون المعروف لا غير , فها قد جاءكم معروف وما بعد المعروف الا منكر ونكير..!.


abdulhrish@yahoo.com