"ساحة النخيل" والرّطبْ المُتساقِطة .. !!


رغم قناعة الأغلبية من أبناء هذا الوطن الأشم ، ممن عاشوا وتعايشوا بخيراته ، وتلذذوا بطمأنينة العيش على ثراه ، واستكانت أفئدتهم أينما حلّوا عبر جغرافيته المترامية الأطراف ، ونالوا حقوقهم التي كفلها لهم الدستور الأردني بالقدر الذي يحفظ لهم الحدّ الأدنى من كرامة الإنسان .. وقناعتهم المطلقة بأن ما قام به رجال الأمن العام في \" ساحة النخيل 15/تموز \" وما قبلها \" دوار الداخلية 24/أذار \" ما هوّ إلاّ واجبٌ وتأكيدٌ للحفاظ على أمن الوطن والمواطن ، وحمايته من شرور \" المتطفلين \" أصحاب الفتن والدسائس المغرضة التي تبحث عن تعكير صفوّ وكينونة هذا الوطن ومواطنيه وطعنهم في مكامن أمنهم واستقرارهم ..!!

هذه الفئات ممن أطلقوا على أنفسهم \" 24 أذار و 15 تموز \" ، أو أي تواريخ جاءت قبل أو ستأتي بعد ، والتي لم تتجاوز بضع مئات ، وقد نصبوا أنفسهم \" تجاوزاً \" أوصياء على أبناء الشعب الأردني الذي ناهز الستة ملايين نسمة والتحدث والتظاهر والاعتصام باسمهم ونيابةً عنهم في كل شاردة وواردة من صغائر الدنيا ، وكأن بأبناء هذا الوطن الصابرين مقطوعي اللسان ، ومعطوبي الفكر وغير قادرين على التفكر بأمورهم أو المطالبة بحقوقهم ..!!

ألا يعلم هؤلاء \" أصحاب التواريخ المخترعة حديثاً \" 24 آذار و 15 تموز \" بأنهم لا يمثلون إلاّ أنفسهم .؟ وأنهم غير مخوّلين التحدث بإسم الشعب الأردني الذي أبداً لم ولن تُهضم حقوقه ما دام يستظل بظل القيادة الهاشمية ، وأن هذا الشعب لن يرضى أن يكون بأيديهم سيفاً مسلطاً على رقبة الوطن ، وأن الأفعال و الاعتصامات التي يقومون بها ، ما هي إلاّ كخنجر يغرس في جسم الوطن ، وأن التجاوز على أمن وسلامة الوطن والمواطن يستحق فاعله العقاب دون هوادة ..!!

قد نتفق معهم بوجود بعض التجاوزات على الحقوق من بعض مريضي الأنفس ممن تقلدوا مناصب أو ممن أوكلت إليهم مهام ولم يصونوها ولم يحفظوا أمانتها التي عُلقت في أعناقهم أمام الله عز وجل ، ودأبوا إلى هضم حقوق العباد الذين لا حول لهم ولا قوة إلاّ بالله ، ولكن لا بد من التعامل معها بصورة أكثر إشراقاً بحق الوطن ، في تكاتفنا نستطيع الوصول إليهم وكشفهم بالطرق السلمية ، ومقاضاتهم دون الرأفة بحالهم ودون التجاوز على أمن واستقرار الوطن والمواطن ، فأساليب إحقاق الحق كثيرة وهنالك العديد من المداخل التي من الممكن اللجوء من خلالها دون التأثير على أمن الوطن وسلامته ، مع تأكيدنا وبدون أدنى شك أن أجهزتنا الأمنية هيّ صاحبة \" الأوَّلى \" في الحفاظ على أمننا واستقرارنا وإحقاق حقوقنا ، والحقوق لا تعني المادية فحسب ، بل هناك حقوق لا تشترى ولا تباع ، فأمننا وطمأنينتنا على أنفسنا وأهلينا لا تقدر بمال ، فلو نظرنا بنظرة متمحصة ومتأنية وبدرجة متواضعة من الإنصاف لما يدور من حولنا في بعض دولنا العربية ، من أفعال دموية مفجعة وانتهاك للأعراض ، وسلب ونهب للممتلكات إثر غياب الأمن والاستقرار وانتشار الفوضى ، وأصبح \" القوي يأكل الضعيف \" دون تحليل أو تحريم ، في الوقت الذي نحن نعيش فيه بنعمة الأمن والأمان برحمة الرحمن سبحانه وتعالى ..!!

\" ساحة النخيل \" أو \" دوار الداخلية \" أو أيٌ من الأسماء المخترعة ، لن تعنينا ولن تكون لنا عنواناً نعتز به في يوم من الأيام ، كما يوم \" الكرامة \" الذي حقق لنا كرامتنا وأضفى على تاريخنا شموخاً وكبرياء ما فتئنا نتنفس بنصره ونفاخر به الدنيا إلى يومنا هذا ،على النقيض من ساحة النخيل ودوار الداخلية التي ستظل تذكرنا بمرارة أحداثها ودماء أبناءنا الأبرياء التي سفكت من أجل إرضاء أصحاب الأجندات التي تبحث عن التقليد الأعمى لما يدور من حولنا في بعض الدول العربية التي أطلقت شرارتها ولم تعد تقوى على إخمادها ، بل يزداد الوضع فيها سوءً على سوء ..!!

هناك العديد من المبادئ الجليلة تساقطت في \" ساحة النخيل \" كتساقُط الرُطبُ العفنة من عليائها ، فأجهزتنا الأمنية بكافة مرتباتها لا يمكن أن نتجاهل فضلها \" بعد الله سبحانه وتعالى \" في أمننا واستقرارنا ، وسهرها على راحتنا أناء الليل وأطراف النهار في حين نحن غرقى في نومنا العميق هانئين مدللين .. ولا يمكن التغاضي عن جهود مرتباتها المتعددة التي كانت ولا زالت العنصر الرئيس والفاعل في الحفاظ على أمننا واستقرارنا ليلاً نهاراً ، صيفاً وشتاءً ، تمد يد العون لنا ، في حين نحن نردّ الفضل لأهل الفضل بضرب يدها وإقامة الدعاوى والشكاوى عليها ..!!

فهل هذا هو جزاء الإحسان ..؟ قد يقول البعض أن هذا واجبهم .. نعم هوّ واجبهم ، ولكن هناك فرق بين تأدية الواجب بأمانة والتساهل بتأدية الأمانة .. في الوقت نفسه نتجاهل ما يقع علينا نحن كمواطنون من واجب تجاه الوطن ، فالواجب علينا لا يقل أمانة ومسؤوليةً عن واجبهم ومسؤولياتهم تجاه أمن واستقرار هذا الوطن .. !!

فلنحترم أنفسنا قليلاً بقدر احترام الوطن لنا ، ولنكن منصفين وبارين كما الوطن علينا ، لا عاقين ومخربين للوطن ومقدراته .. ودعونا نستمتع بما لذ وطاب من رطب ساحة النخيل الندية ، وندفن نواها في ثرى الوطن علّها تنمو وتصبح نخلاً تستشهدُ الأجيال برطبها الزكية ..!!

akoursalem@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات