مسار التعليم المهني والتقني(BTEC) : رؤية تنموية و دعامة أساسية للتحديث


تتولى مسارات التعليم المهني والتقني عالميا جوانب مفصلية في تنمية الموارد البشرية، و الاستقرار الاقتصادي الشامل؛ إذ يشير نظام (BTEC) إلى الشهادات التقنية المهنية المؤسسية Business and Technology Education Council وهي نظام تعليمي مبتكر يهدف إلى تطوير مهارات الطلبة، وتنمية قدراتهم في المجالات المهنية والتقنية،يأتي استجابة للمتغيرات التي تطرأ على التعليم على مستوى العالم،خاصة أن العديد من الدول تعاني من نقص في القوى العاملة المهنية الماهرة.


و يفترض أن تبني هذا النوع من التعليم في ميدان التعليم الأردني سيلبي احتياجات سوق العمل المتزايدة بفرص عمل يضطلع بها الشباب المدربون في المجالات التقنية و المهنية، لتمثل هذه المسارات ركيزة أساسية في بناء جيل مؤهل ومهيأ يحقق التنمية المستدامة، والتنافسية العالمية.


فهو برنامج فريد و مميز يخضع فيه الطالب الى التدريب والعمل، والملاحظة، والقياس، والتجريب، واختبار النظريات في المختبرات، والمشاغل المدرسية، يعتمد أسلوب تدريس تُطبّق عبره المعرفة النظرية بشكل عملي، ما يجهز الملتحق به بالكفاءة العالية لسوق العمل، و للدراسة الجامعية.


و باعتماد برنامج (BTEC) التقويم عن طريق التدريب من خلال المشاريع الطلابية، فإنه سيتم تقويم كل طالب في كل مادة دراسية من خلال قيامه بعدد من المشاريع التي تعكس فهمه للمادة الدراسية، وتدلل على اكتسابه للمهارات المطلوبة.


و وفقا ل(BTEC) فإن تأهيل الكوادر البشرية الماهرة في مجالات مختلفة، يرفع من سوية الصناعات التقنية والخدمية، و قدرة البلاد على المنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي.


ولا بد أنه إبان توجيه الجهود نحو تحديث المناهج، وتعزيز التعلم العملي، وتوفير البنية التحتية المناسبة،سيلعب التعليم المهني دورًا حيويًا في تأهيل الشباب للقطاعات الصناعية، والخدمية المحلية المختلفة،حيث أن العديد من المهن ستعيش طور الانقراض خلال السنوات المقبلة، وهذا التكيف المرن مع واقع السوق المتغير استلزم إعادة النظر في تعاملنا مع هذا المنطلق، بل لم يكن أمام فلسفة التدريب والتعليم المهني في الأردن إلا أن تكون ذات قدرة على التكيف والمرونة، لتستشرف متطلبات السوق، وتتلاءم معها،حتى يتمكن الأردن من أن يحقق قفزة نوعية في تأهيل الكوادر البشرية، وتقويتها على المستوى الإقليمي والدولي.


و في ظل التطور السريع للاقتصاد العالمي، وتقدم التكنولوجيا،و كشف الإحصاءات الرسمية والتقارير الدولية عن تفشي البطالة لدى القطاع الشبابي، وفي ظل التطورات السريعة في عالم التكنولوجيا والصناعة، برزت دواعي التعليم المهني والتقني (BTEC) في الأردن لسد الاحتياجات المتغيرة، وتحفيز النمو الاقتصادي،إذ يمثل بناء الفرد المؤهل بمهارات فنية عالية ومتعددة، هدفا يجب أن تعكسه مسألة تطوير المناهج التعليمية التي تزودنا بمن يحمل التقنيات والمهارات الحديثة، مثل الصناعات الحرفية، والتصنيع، وتكنولوجيا المعلومات، والطب، والفنون، والخدمات، و ريادة الأعمال.


إن إتاحة التعلم العملي والتدريب، وجعله واقعا، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية المناسبة من مرافق، و مختبرات، وتجهيزات تعليمية متطورة لتعزيز تجربة التعلم، و الاستفادة من التكنولوجيا في عملية التعليم والتدريب لزيادة الفاعلية والكفاءة،يمثل تحديًا مستمرًا، لكنه يفتح أيضًا الباب أمام التجارب العملية والابتكار؛ فبرنامج( BTEC) يدعم الطلاب في اختيار مساراتهم المهنية بناءً على ميولهم وقدراتهم الفردية، و يوفر فرص التدريب والتعلم التطبيقي في بيئات العمل الحقيقية، التي من شأنها تعزيز فهم الطلاب لمتطلبات السوق وتطلعاته، ويسعى جاهدا الى بناء شراكات استراتيجية مع الشركات، والصناعات لتحديد احتياجات القوى العاملة، وتصميم برامج تعليمية تلبي تلك الاحتياجات.


ثم إن تسليط الضوء على أهمية التعليم المهني والتقني في بناء مستقبل مستدام واقتصادي قوي ، يشجع الشباب، وأولياء الأمور على اعتبار التعليم المهني والتقني خيارًا محترمًا ومجزيًا، و من جهة أخرى تقدم برامج تدريبية وتطويرية للمعلمين والمدربين لتحسين كفاءتهم، وتأهيلهم لتوجيه وتدريب الطلاب بشكل فعال،و تعزيز روح الابتكار والبحث في مجال التعليم المهني والتقني لضمان مواكبة التطورات الحديثة في الصناعة، والتكنولوجيا،و الريادة.


و لعل الوضع الفريد الذي تتخذه شهادات BTEC يؤهلها لسد الفجوة في المهارات؛ من خلال توفير تقييمات للمهارات التطبيقية، وتعليم محدث يركز على الحياة المهنية في القطاعات التقليدية الناشئة، فهي تقدم شهادات BTEC International من المستوى 2 للمتعلمين الذين تبلغ أعمارهم 14 عامًا فما فوق للتحضير لمهنة أو الاستمرار في التعليم الإضافي.


و على الرغم من أهمية الانخراط في التعليم المهني والتقني، إلا أن هناك تحديات تواجه عملية تطويره، مثل نقص التمويل، وضعف البنية التحتية، وتحديث المناهج التعليمية، وتوفير التدريب المناسب.

لذا، يجب على الحكومة، و القطاع الخاص، والمجتمع المدني العمل بتعاون يضمن توفير الفرص المناسبة للشباب،و التي بفضلها يمكن للأفراد أن يصبحوا أعضاء فاعلين في سوق العمل، منتجين للثروة الوطنية، مما يسهم في رفع مستوى الاقتصاد الوطني، ويحسن جودة حياة المواطنين، لتكون مخرجات التعليم المهني والتقني استثمارًا قل مثيله لمستقبل الأردن، يحقق التنمية و الاكتفاء الذاتي في مجالات مختلفة، هدفه بناء مجتمع متجدد ومزدهر يستفيد من تنوع موارده، ويواكب التطور العالمي.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات