المرافي يروي حادثة سوء ظنه بزميله في شهر رمضان .. !


شعرت أن أحد الزملاء يتعمد ألا يأكل معنا وجبة الإفطار في شهر رمضان أيام دراستي الجامعية وبعض الأوقات الأخرى ، فقد كان يضع له مقدار بسيط من الطعام و يذهب لتناوله في المسجد القديم المجاور لنا وقت بدء صلاة المغرب ، كنت أنزعج كثيراً من تصرفه وتضايقت من سلوكه هذا ، و كان الزملاء يستغربون تصرفه و كانوا يقولون:" شو هالطبع هذا و لا كأنه جالس مع حدا كأنه مش حاب يجلس معنا " و كنت أقول لهم:" اتركوه وشأنه ! ما بنساها لك مش مصدق أرحل من هالغرفة وتظل لحالك " وقتها يرد عليّ بترديد آيات قرآنية وشعر قريب للحكم .

في السنة الثالثة تحسن الوضع وانتقلت وزملائي إلى بيت حديث عند زملاء لنا و تركنا زميلنا في تلك الغرفة القديمة بعدما ابلغناه أننا راحلون و كان يقول :" الله معكم .

كان ينام وحده في تلك الغرفة ، فلما اقترب تخرجنا و بقي أسبوع فقط على انتهاء آخر امتحان ، رغبت بالذهاب عنده لكي أشاهده و أودعه ، و عندما وصلت غرفته وجدت عنده شيخا كبيرا طاعنا في السن، يشرب الشاي معه و عندما دخلت الغرفة استقبلني زميلي أمام الشيخ الكبير في السن بحفاوة كبيرة وبدأ يرحب بي، ثم علمت بعدها أن الرجل في العقد الثامن، و كان يقول للشيخ:" هذا أخي يوسف الذي حدثتك عنه و الذي كان يسكن معي و يطبخ لنا و كنت أرتاح ، للسكن معه حيث غادر إلى بيت مجاور للجامعة بعدما خيرني للذهاب معه " لقد أخفى حقيقة أننا تركناه .

وقتها نهض الرجل الكبير و كأنه يريد معانقتي ، و كان يردد:" الله يبارك فيك، يا ابني! والله إنك ما قصرت، كنتم ترسلون طعام الإفطار مع زميلك كوني أعيش وحدي في البيت بعدما توفيت زوجتي الختيارة، حيث ليس لديّ أبناء، وربنا أرسلكم لي وزميلك ما قصر معي دائما يأتي لي بالطعام و ينتظرني حتى أفرغ ، وثم يتفقدني ويشتري لي حاجياتي ،حيث أنني امتنعت عنوة عن الذهاب عند أقربائي، وكنت أقول: الشباب الطلبة المجاورين لنا ما بقصروا دائما عندي وأنا أذهب أتونس عندهم. الله يحفظك - يا ابني- يا يوسف ، الله يوفقك على هالتربية، بهنىء والديك فيك و في أخلاقك " .

شعرت في تلك اللحظة بالخجل الشديد ، فقد التزمت الصمت، والختيار يمتدحني ،و أنا لم أقدم له شيئا !! و تمنيت أن تبتلعني الأرض من شدة الخجل و تأنيب الضمير لعدم معرفتي عما كان يفعله صديقي مع الرجل المسن. كان صديقي أفضل منا خلقا ودينًا ، فقد كنا نحسبه لا يحب تناول الطعام معنا تكبراً، وكنت أستغرب تصرفاته في ذهابه للمسجد طوال الوقت رغم أنه كان كثير قراءة القرآن و قيام الليل ، فقد علمت من الختيار أن زميلي كان يمضي الوقت معه، وأنه سوف يذهب إلى أقاربه بعدما يتخرج زميلي كونه كان يعتني به " .

وعندما هممت بالمغادرة، قمت بتوديع الختيار، و أخذت زميلي جانباً لكي أُعاتبه لسوء ظننا به، فقد قلت له :" سامحك الله !!! ليش ما حكيت النا عن هذه الحادثة، وأنك دائما بتوخذ الأكل للختيار ، و خاصة في شهر رمضان، سامحك الله.!!

كانت إجابة زميلي :" أخي يوسف لا يجوز أن أذكر المعروف هذا بيني و بين الله و يعلم الله أنني لا أكن لك إلا الإحترام و أنت ما قصرت كنت تطبخ لنا وأنا كنت أقول للختيار في كل مرة أذهب عنده هذا زميلي يوسف طبخ وحسب حسابك وقتها شعرت بالفخر من زميلي الذي كان يمتدحني ونحن كارهون لتصرفه ،حيث غادرت و دعوت له بالتوفيق في حياته العملية بعدما أنهى امتحاناته الأخيرة في الجامعة. وغادرت من عند صديقي وهو يردد قوله تعالى( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات