المرافي يروي حادثة طبخه للطعام في رمضان المبارك !


كان زملائي في الجامعة في شهر رمضان المبارك يقرعون الباب على محاضرتي المتأخرة التي كانت تسبق آذان المغرب بساعة ؛ لكي أطبخ لهم ، لأننا نعيش ظروف صعبة قاهرة ، تسألهم الدكتورة الجامعية التي كانت تدرّس ذلك المساق عن حاجتهم لي ؛ فيقولون :" لكي يطبخ لنا ؛ فالوقت متأخر حيث لم يبق الكثير عن حلول آذان المغرب ( الإفطار ) ؛ فقد كنا لا نأكل في المطاعم بسبب ضيق الحال والفقر المدقع ، عندها تقوم الدكتورة بالتصفيق و إلقاء عبارات الإعجاب ..وتقول كيف لطلبة في الجامعة أن يعملوا فطرتهم في السكن ، فقلت لها إنّ ما نقوم به من تناول الطعام ليس في رمضان فقط ،بل يكون ذلك في كل الأوقات على مدار سنوات دراستنا الجامعية ، فلم يسبق لنا أن تناولنا الغداء في مطعم أو كفتيريا أو ما شابه ذلك شعورا مع أهالينا ، ومع ذلك أصبح زملائي بعدما تخرجوا من الجامعة يشار لهم بالبنان ، وأصبحوا متميزين في عملهم رغم أن البعض منهم في دراسته الجامعية وأنا واحد منهم لم يكن معه نهاية الأسبوع أجرة الحافلة ، فيقوم بدفعها في الأسبوع الذي يليه ، هذا هو حالنا يا شباب ، لا أخجل من سرد تلك الحياة التي عشناها .

و كان مصروفي الجامعي الأسبوعي خمسة دنانير ، و كنت في بداية كل يوم أحد أجمع مقدار دينارين من كل زميل في السكن على شكل جمعية مصغرة، وأقوم بشراء صندوق (بكسة) بندورة و بطاطا وكيس بصل و سكر و شاي وأدخر مقدار دينار ونصف إلى منتصف الأسبوع لكي أشتري فيها دجاجة في ذلك الوقت وأطبخ لزملائي في السكن (مقلوبة أو مكمورة) .

كما أنني عندما كنت أدرس في الجامعة خاصة في السنة الأولى أفتقر نهاية الأسبوع للطعام ، فأقوم بدق الخبز الناشف في السكن و أضع عليه الشاي وملعقة من السمن البلدي كانت والدتي تجمعه من ثلاثة من الماعز التي تهتم بتربيتهن لكي يصرفنًّ عليَّ في الجامعة من حليبهن ولبنهن ، وأقوم بتقديمه لزملائي، الذين يعجبون بلذتها و حلاوتها وعندما يسألونني عن المكونات أخفي عنهم وأقول أنها كنافة بلدية دأبت والدتي على عملها .

كنت أشعر مع والدتي التي تكفلت بدراستي الجامعية بمصروفٍ مقداره خمسة دنانير رغم أنني أبقى أسبوعًا كاملاً في الجامعة لا أغادرها إلا مساء الخميس من كل أسبوع إلى أهلي .

أيها الأبناء، ارحموا الآباء ، لا تحملوهم فوق طاقتهم ، لم أشعر بمسؤولية الآباء إلا بعدما تزوجت وأصبح لدي من الأبناء، رغم صغرهم مع ذلك أشعر بما يعانيه الآباء من أجل توفير مصروف ومستلزمات البيت ، مع أنني من فئة الشباب إلا أن معظم زملائي هم من كبار السن تجدهم يبكون ، يتوجعون بألم وحسرة ؛ لأن بعض النساء و الأبناء لا يشعرون بأوجاع الآباء .

وأخيرا ، أيها الإخوة والأخوات ، لا أطلب منكم أن تعيشوا على الخبز الناشف والمصروف القليل ، بل نريد منكم التخطيط والتنظيم وإعداد موازنة أسبوعية ترأف بالوالد والاعتماد على الطبخ اليدوي في السكن بمشاركة جماعية والتعاون بينكم في المصروف، ومراعاة ظروف بعضكم في الدراسة والخدمة في السكن ؛ لأنها تعتبر البداية ما بعد الجامعة في اكتساب الخبرة وتكوين الأسرة فيما بعد .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات