ما بين العقل والهوى


لقد ميز الله الإنسان بالعقل والفكر على سائر المخلوقات، ولا يستطيع أحد أن يتصور كيف سيكون حال هذا العالم والكون بأسره إن لم يكن الإنسان صاحب عقل يميز به الخير فيتبع طريقه ويعرف الشر فيبتعد عنه ولذلك فإن رب العزة يقول : فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى
وقد يكون هذا الإنسان الذي خلقه الله لعمارة هذا الكون هو أسوأ المخلوقات وأكثرهم شراً إذا اتبع هواه وألغى عقله وفكره وأصبح يعمل بإملاءات الهوى والشهوة، إن على الإنسان أن يستخدم عقله الذي يرقى به إلى أن يكون عند الله أعلى منزلة من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ذلك أن الإنسان مخير بين الطاعة والمعصية فإذا اتبع أوامر الله وانتهى بنواهيه كان عند الله محموداً ويباهي الله به الملائكة المقربين وإذا اتبع هواه وشهوته أصبح في مرتبة أدنى من الأنعام التي خلقها الله لتكون متاعاً ونعمة لخدمة الإنسان ولذلك يقول الله عز وجل عن أولئك الذين أصبحوا عبيد الشهوة والهوى ( هم كالأنعام بل أضل سبيلا ) ذلك لأنهم ألغوا نعمة العقل والتفكير والتدبر في آيات الله التي تقود من اتبعها وعمل بموجبها وبهديها إلى سعادة الدنيا والآخرة .
إن هذه المقدمة أسوقها كمدخل لموضوع ينادي به الأردنيون جميعهم وعلى رأسهم وفي مقدمتهم سيد البلاد وهو مطلب الإصلاح وأقول باختصار إن الكلمة جميلة وأجمل منها معناها ومبناها ومغزاها والأجمل من كل ذلك أن يكون هذا الإصلاح مبنياً على منهج واضح شفاف لا لبس فيه ولا غموض بموجب دستور ترتضيه الأمة وقوانين وأنظمة وتعليمات تنبثق عن ذلك الدستور وتوافقه بحيث يكون التشريع مفهوماً لكل ذي لب وعقل بحيث يعرف الإنسان حقوقه وواجباته كي ننهض معاً ونبني هذا الوطن معاً ويكون كل فرد في المجتمع عوناً للمسؤول ويكون المسؤول في خدمة الأفراد ويصبح المجتمع بجميع أفراده عوناً للحاكم على تطبيق مبادئ الدستور والقوانين والأنظمة والتعليمات الناظمة لحياة المجتمع وعندها يُقبل الجميع على أعمالهم في ظل المساواة والعدالة والحرية وتكافؤ الفرص والعيش الكريم و الأمن والإيمان و يتبارون في خدمة الوطن فالكل عندئذ خيارمتساوون ولا يوجد ( فقوس ) لا فرق لمواطن على آخر إلا بقدر ما يقدم من انجاز وعمل متميز للوطن والمواطنين إن أكرمكم عند الله اتقاكم
فمتى تنتهي الذاتية والفردية والأنانية التي تحكم الكثيرين وحتى بعض المنادين بالإصلاح وللأسف الشديد وعندها نستشرف المستقبل بصوت العقل دون صوت الهوى لأن صوت العقل هداية وصوت الهوى غواية ولان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ويقولون في الأمثال العربية ( لايستقيم الظل والعود اعوج) والمقصود بالعود في هذا المقام هو المنهج او القانون والنظام ودولة المؤسسات والقانون لا دولة الأفراد و أحيانا دولة الفرد الواحد كما هو الحال في بعض البلاد العربية من حولنا التي تعمل فيها الحكومات مايحلو ومايروق لخاطرها وإن من يحيد عن المنهج يومئذ يجب ان يحاسب ويعاقب وبموجب القانون والدستور فلايعلو احد ابداً فوق نصوص الدستور والقانون بل الكل سواء وعندئذ يتبدل حال الأفراد من البحث عن الخبز والحرية والعدالة ومحاربة الفساد الى البحث العلمي والتفكير المنطقي في سائر العلوم والآداب والفكر والفلسفة والعمل في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي تنهض بالأمة كل الأمة لمواصلة السعي لتقدمها وإعلاء شأنها كي تكون كما كانت في سالف الأيام دوماً أولا ؛ والله المستعان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات