ما بعد قرار محكمة العدل الدولية وردود الفعل المتباينة


جراسا -

-رحمه زهير العزه

توالت رودود الفعل الدولية على قرار محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل بالعمل على منع ارتكاب أي عمل يرتقي إلى جريمة "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليها، وصوتت الأغلبية من أعضاء لجنة المحكمة المؤلفة من 17 قاضيا لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا، باستثناء وقف الحرب على غزة، وبموجب القرار يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريرا إلى المحكمة في غضون شهر، بشأن كل التدابير المؤقتة التي اتخذتها من بعد اصدار الحكم، وعلى إسرائيل أن تتأكد من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات المنصوص عليها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

ومنذ صدور القرار توالت التصريحات، حيث قالت الولايات المتحدة "إن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس يتفق مع رؤية واشنطن بأن إسرائيل لها الحق في اتخاذ إجراء وفقا للقانون الدولي لضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر"، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية "نحن ما زلنا نعتقد أن اتهامات بوقوع إبادة جماعية ليست لها أساس، ونلاحظ أن المحكمة لم تصدر قرارًا بشأن وقوع إبادة جماعية أو دعوة لوقف إطلاق النار في قرارها، بل دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المحتجزون لدى حماس". كما صرح الإتحاد الأوروبي "أنه يتوقع من إسرائيل وحركة حماس الامتثال التام لأوامر محكمة العدل الدولية، كما دعت المحكمة حماس وجماعات مسلحة أخرى إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن".

وأما عن الترحيب الذي لاقاه القرار، فرحبت جنوب أفريقيا بالإجراءات المؤقتة التي فُرضت على إسرائيل، واصفة الحكم "انتصار حاسم لسيادة القانون ومنعطف مهم في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني"، واعتبر الأردن هذا القرار تاريخي ومهم، للنظر في ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وشدد الأردن على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل فوري لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وما يسببه من كارثة إنسانية، وخرق فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتجاوز لكل الحدود القانونية والأخلاقية والإنسانية. ورحبت كلاً من السعودية ومصروتركيا وتونس وغيرهم من الدول، كما وجهت البعثة الدائمة للجزائر بالأمم المتحدة، بطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي وذلك لإعطاء صيغة تنفيذية لقرار المحكمة.

في حين أن الحكومية الإسرائيلية كانت رافضة تماماً للقرار، حيث هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القرار قائلاً أن "الادعاء بأن إسرائيل تنفذ جريمة إبادة شعب هو ليس كذباً فحسب، بل مثيراً للانتفاض، واستعداد المحكمة للتداول فيه هو وصمة عار لن تُمحى لأجيال". وقال أيضاً "تخوض إسرائيل حرباً نقاتل فيها وحوش (حماس) الذين قتلوا واغتصبوا وخطفوا مواطنينا، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لحماية أنفسنا وشعبنا... وتؤيد إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي لكنها مثل أي دولة، لها حق ثابت في الدفاع عن نفسها"، معتبراً أن رفض المحكمة طلب إسرائيل رد الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا، يقضي بحرمانها من حق الدفاع عن نفسها. وهاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير المحكمة واعتبر"قرار المحكمة المعادية للسامية في لاهاي أثبت ما كان معروفاً مسبقاً، هذه المحكمة لا تسعى للعدالة، وإنما لملاحقة الشعب اليهودي، لقد صمتوا إبان الهولوكوست ويواصلون اليوم نفاقهم وارتقوا لمرحلة أخرى"، ودعا بن غفير حكومته إلى عدم الانصياع للقرارات التي تشكل خطراً على استمرار وجود دولة إسرائيل، وعليهم الاستمرار في ضرب العدو حتى الانتصار القاطع.

ورغم أن الحرب ما زالت مستمرة في غزة ووصل عدد الضحايا اكثر من 26 ألف شهيد، فإذا تجاهلت إسرائيل أو امتنعت عن تنفيذ القرار، فسيتم إحالة الأمر لمجلس الأمن الدولي، والذي سيتخذ قراره في حال الإخلال بتطبيق قرار المحكمة، مما سيضع الأمر رهن الفيتو الأمريكي، كما تم استخدامه عدة مرات سابقة منذ بدء الحرب ضد قرار وقف إطلاق النار، لكن في حال حدوث هذا الأمر، فإن ذلك سيضع الأمم المتحدة في موقف حرج وضعيف لأول مرة في التاريخ، وأن محكمة العدل الدولية ذات المرجع القانوني الأول للأمم المتحدة، وأعلى سلطة قضائية في العالم سيُتغاضى عن قرارها، مما سيؤدي الى اهتزاز ثقة الشعوب بالأمم المتحدة وأذرعها القانونية، ومقدرتها على حل النزاعات، وضمان استمرار الأمن والسلم، فمنذ صدور قرار المحكمة الى حين تقديم اسرائيل تقريرها خلال شهر، ستكون الأمم المتحدة أمام اختبار ثقة لجدوى وجودها في البيئة الدولية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات