مجاعة وأمراض وبرد قارس في غزّة


جراسا -

في اليوم الـ101 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووسط حصار وقصف مستمرّ على مدار الساعة، تفاقمت مخاطر توازي بخطورتها ربّما خطر القتل بالقذائف، وأبرزها الموت جراء الجوع والمرض والبرد القارص في ظلّ أوضاع إنسانية كارثية يعيشها السكان هناك.



"على حافة المجاعة"

وفي حين أعلنت وزارة الصحة في غزة "استشهاد 24100 شخص في المجمل وإصابة 60834 في الضربات الإسرائيلية" منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي بأنّ "خطر المجاعة يتزاد".



كذلك أشار الموقع إلى نقص المياه النظيفة والأدوية، إضافة إلى الظروف غير الصحية في القطاع، ما يزيد المخاوف من أن يقتل الجوع والمرض أعداداً أكبر من الفلسطينيين.



وتُحذّر وزارة الصحة الفلسطينية وجماعات الإغاثة من أنّ آلافاً آخرين قد يموتون إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية بشكل كبير.



وتابع "أكسيوس" أنّ القصف الإسرائيلي وضع ضغوطاً هائلة على الأنظمة الإنسانية والمستشفيات المنهكة بالفعل في القطاع.



وأكد أن إسرائيل تسمح بدخول كمية محدودة فقط من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، لافتاً إلى دخول 178 شاحنة مساعدات فقط الأسبوع الماضي، رغم أنه كان يدخل قبل الحرب قرابة 500 شاحنة يومياً.






"تلطّخ إنسانيتنا"

وفي هذا الصدد، قال رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ‏‏(أونروا) فيليب لازاريني إنّ ‏‏"جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن ‏في الأيام المئة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة".‏


وأكّد أيضاً أنّ جيلاً كاملاً من أطفال غزة يعاني من "صدمة ‏نفسية"، والأمراض مستمرة في الانتشار و"المجاعة" تلوح في ‏الأفق.‏



وقال منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، أمام مجلس الأمن، إنّ "توفير المساعدة الإنسانية في أنحاء غزة يكاد يكون مستحيلاً".





وفي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية الأمم المتحدة بالإعلان رسمياً عن أن قطاع غزة يعاني "مجاعة حقيقية تهدد حياة سكانه بالموت"، داعية مجلس الأمن الدولي، إلى تحميل إسرائيل "المسؤولية عن الإبادة بالمجاعة".


ودعت الخارجية إلى "كسر الحصار على قطاع غزة" الذي تفرضه القوات الإسرائيلية، و"تنفيذ القرار 2720 بأسرع ما يمكن، لوضع حد للمجاعة".

وأوضح البيان أن "أكثر من نصف مليون شخص يتضورون جوعاً، وأنّ 4 من كل 5 جائعين في العالم يتواجدون في قطاع غزة".

واستشهد البيان بتصريحات للأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال فيها إنّ "95 بالمئة من أطفال قطاع غزة لا يتوفر لهم الحليب والمواد الغذائية، وأصبحوا يعانون من سوء التغذية، و1.9 مليون نازح في مراكز الإيواء يتعرضون لجوعٍ شديد، وأن 50 ألف امرأة حامل في مراكز الإيواء بلا ماء ولا دواء ولا رعاية صحية".




انتشار الأمراض

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي من أن الجوع قد بدأ وأن خطر المجاعة يتزايد كل يوم.



ويواجه سكان غزة بالكامل، أكثر من 2.2 مليون شخص، أزمة أو مستويات أسوأ من الجوع، وفي الوقت نفسه، فإن مياه الشرب النظيفة باتت نادرة، وهو ما يضاعف الظروف التي تساهم في انتشار الأمراض المعدية.



وقالت منظمة الصحة العالمية، أواخر الشهر الماضي، إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 100 ألف حالة إسهال و150 ألف حالة إصابة بالجهاز التنفسي العلوي والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل والجدري المائي منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر).





ويجعل الجوع والجفاف من الصعب على الجسم مقاومة مثل هذه الأمراض، مما يزيد المخاوف من وفاة الكثيرين بسبب نقص العلاج.



وقالت الطبيبة الأميركية سيما جيلاني، التي عادت مؤخراً من غزة بعد العمل في مستشفى الجراح، إن الأمراض غير المعدية، مثل أمراض الكلى والسكري وارتفاع ضغط الدم، تقتل أيضاً الأشخاص الذين كان من الممكن أن يعيشوا لو أتيحت لهم إمكانية الوصول إلى أدويتهم.



ووصفت المشاهد المروعة التي رأتها في غزة قائلة: "أطفال مصابون بحروق شديدة، المرضى الذين يتحملون العلاج بدون مسكنات الألم، وغرف الطوارئ تعمل بدون شاش".



وتابعت جيلاني، التي عملت في العديد من مناطق الصراع، إن الوضع في غزة فريد من نوعه حيث أن "التفكيك المنهجي للبنية التحتية للرعاية الصحية" أصبح شبه طبيعي.



وأضافت: "في مناطق الحرب، يفكر الناس عادةً في سقوط المدن، مثل سقوط كابول في أفغانستان، أو سقوط الموصل في العراق، أو سقوط سايغون في فيتنام، لكن الطريقة التي نتحدث بها عن هذه الحرب الآن هي سقوط المستشفيات".



ووقعت مئات الهجمات على مرافق الرعاية الصحية منذ بدء الحرب، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ولم يعد هناك سوى 15 مستشفى من أصل 36 مستشفى مفتوح، وتواجه المستشفيات نقصا حادا في الموظفين والأسرة والأدوية والإمدادات الطبية الأخرى.





برد قارس

واستُحدثت آلاف الخيم للنازحين في جنوب القطاع، تبعد مئات الأمتار عن شاطئ البحر المتوسط في أقصى جنوب غرب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.


وفي خيمة من القماش والبلاستيك نصبت في العراء في جنوب مدينة رفح، يجلس إسماعيل نبهان مع أبنائه وأحفاده أمام موقد نار للحصول على بعض الدفء.


ويقول نبهان (60 عاما) بوكالة الأنباء الفرنسية: "قبل يومين كانت الرياح قوية، حاولنا طيلة الليل أن نثبّت النايلون على الخيمة، نحن نعيش في صحراء، والبحر أمامنا، البرد مضاعف".

وتنبعث من الخيمة التي يسكن فيها 28 فردا رائحة كريهة بسبب إشعال حطب وقطع بلاستيكية، كما يملأ الدخان الخانق المكان.


وبحسب الأمم المتحدة، يبلغ عدد النازحين في قطاع غزة اليوم 1,9 مليون من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان القطاع قبل الحرب.

وأكد بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة أن هناك "حاجة ملحة" في قطاع غزة "الى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية". ودعا الى تأمين طرق إمداد "بشكل أكثر أمنا وأسرع"، محذرا من أن مستوى المساعدات الحالي "أقل بكثير مما هي الحاجة لتجنّب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض".

وقالت وكالة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية (أوتشا) في تقريرها إنّذذ النقص يشمل "مليون و200 ألف بطانية ومرتبة، وما لا يقل عن 50 ألف خيمة عائلية معدة لفصل الشتاء و200 ألف قطعة ملابس شتوية، بالإضافة إلى قماش مشمع وأغطية البلاستيكية".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات