للطفيلة لغة من يفهم مفرداتها؟!!


تمتاز لغة الطفيلة بفخامة لهجتها ونغمة صوتها المرتفع والقوي ، وهذا ما يمتاز به سكان الجبال إذ أن للصوت القوي فيه صدىً تختلف نغماته باختلاف الزمان والمكان فالهجيني والمواويل والحداء للحراثين والرعاة وقاطفي الثمار والمحاصيل تكون طويلة ذات سجع مرهف ، أما صرخات النخوة والفزعة فهي قصيرةٌ مدوية تثير الأحاسيس والمشاعر العاطفية للبطولة والإقدام في ساحات الوغى والنزال .
وفي مفردات هذه اللغة ولهجاتها الأكثر كرامه مستمده من عمق الولاء لتراب الأردن عبر التاريخ لتضع حجر الأساس التي بنيت عليه أعمدة الإمارة مدونة أول سطر من العقد الاجتماعي مع أول قطرة دم أريقت في معركة الطفيلة الكبرى"حِدٌّ الدقيقِ" .
من هنا جاء الإصرار على تسمية الطفيلة "المحافظة الهاشمية" غير أنها في مفردات لغة أصحاب القرار"المحافظة الهامشية" ويفهمونها على أنها من المناطق" الأقل حظا" بيمنا يفهمها أهلها على أنها "الأقل رعاية والأكثر إهمالاً وتهميش" ليتولد معه احتقان وغل متجذر، وينبعث الحراك الشعبي مع الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء معروف البخيت للمحافظة رافقها احتجاجات كبيره منع على أثرها الرئيس من الوصول إلى مقر الاحتفال في مبنى المحافظة واستمر الحراك الشعبي الشبابي إلى أن قام الملك بزيارته للطفيلة فتكون الطفيلة قد "استقبلت الملك ورفضت الرئيس" وجاء هذا الرفض لفشل السياسة الحكومية والذي هو امتداد لفشل الحكومات السابقة
على مدى عقود .
من لا يفهم اللغة يظن أن ما دفع المتظاهرين في الطفيلة هي" البطالة والجوع والعوز" غير أن من يجيد اللغة ويفهم مفرداتها يجدها قد تجسدت في بيان لجنة الحراك الشعبي في الطفيلة" أحرار الطفيلة" واليافطات المرفوعة في المسيرات وتجسد مطالب شباب الأردن كله والتي منع الشباب من إلقائها على مسامع الملك من قبل المحافظ واللجنة الحكومية المنظمة للاحتفال وقد اعتبر المواطنون ذلك استمرارا للعنت والاستفزاز والتهميش التي تقوم به الحكومة ويتبع ذلك الخشونة المفرطة من قبل أفراد الدرك عندها تعانق العصا بالحجر ، إنها ليست العصا والحجر في عصر موسى التي وبإرادة الله سبحانه عندما ضرب العصا بالحجر انفجرت منه الماء ، وإنما هي العصا والحجر التي تفجر منها العنف والبطش الذي أعطى صورة مشوهة سوداء ومظلمة عن الأردن الذي نحب.
وعليه تكون الحكومة وأجهزتها الأمنية قد حالت بين الملك ومواطنيه وسماع آرائهم في سلطة العنف التي ألغت الرأي والرأي الآخر وهذا حالها على الدوام تسوق للرأي الذي تعتقد أنه إيجابي وتلغي غير ذلك فتكون الصورة مشوهة بالزيف والخداع والتضليل .
لقد تخلى أفراد الدرك والقوى الأمنية عن عبوات العصير وعلب البسكويت التي كانوا يقدمونها للمحتجين والمتظاهرين مع بداية الانتفاضات العربية في عمان وما حولها وتحت أضواء الإعلام وكاميرات التلفاز ، ما جرى في الطفيلة يوم 13/6 عودة للقوه والعنف وأسلوب التعامل مع المحتجين في دوار الداخلية مع أن الموقف مختلف فقد حول تطرف رجال الدرك المشهد من احتفالي إلى مشهد عنف فوضوي ، فقد استبدلت عبوات العصير والبسكويت بالعصي والهروات قابلها الرد بالحجارة وهذا ما أوقع الإصابات بين أبناء الوطن الواحد ونسأل الله الشفاء العاجل لكل مصاب .
لقد جسدت هذه الحالة بأنه لكل فعل رد فعل والعنف يولد العنف مع غياب تحكيم العقل والاستعمال المفرط للقوه .
وعدم إدراك مدى الاحتقان الذي وصل إليه الناس الذي سببه الظلم والتهميش واستلاب الحقوق وغياب تكافؤ الفرص ، ومصادرة ثروات المحافظة الطبيعية التي التهمتها شركات الخصخصة من غير أي مردود على المواطن أضف إلى ذلك التأثير السلبي على البيئة واستملاك أجود الأراضي لهذه الشركات ومناجمها ، كذلك حرمان المحافظة من صحرائها وغورها وضمها للمحافظات المجاورة .
وقد هدر الصوت المرتفع القوي خلال المسيرات السلمية بعد كل صلاة جمعه وهتف المتظاهرون بلغه واضحة وصوت قوي " لا لجان ولا حوار الإصلاح بدو قرار" .. " واحد اثنين أراضي الدولة وين" .."الشعب يريد إسقاط الحكومة " .." طفيليتنا أبية ومسيرتنا سلمية" ..كما هتفوا .."واحد اثنين ..مصاري الشعب وين ؟" .. واحد اثنين .. المساعدات وين ؟؟".... " من الطفيلة لعمان ..شعب الأردن ما بينهان" .. " من الطفيلة بأعلي الصوت ..اللي بيهتف مش حيموت " كما نادوا بالوحدة الوطنية: لا شرقية ولا غربية وحدتنا وحدة وطنية ".. " مسيرتنا مسيره سلميه " .." الموت ولا المذلة".." ارجع ارجع يا شاهين .. وافضح كل الفاسدين".." طاق طاق طاقية .. حكومة بلطجية " ..ورفعت يافطات كتبت عليها : " إذا استمر صمت أصحاب القرار.. فان معاهدة وادي عربة خزي وعار"
إن تأخر الحكومة بإلاصلاح هو سبب تأزم الطفيلة وباقي محافظات المملكة واستمرار المظاهرات فيهما ..فهل نحن مقبلون على صيف ساخن أم أن الإصلاح سيلطف الجو الذي يرغبه كل مواطن .



تعليقات القراء

أم عمر
شكرا للدكتور على هذا المقال..... فالطفيله دائما مهمشه وصوتها لا يصل لجلالة الملك فهناك من يمنعه.....نأمل من جلالة سيدنا وضع النقاط على الحروف
15-06-2011 01:23 PM
محمد أبو مطر
مقال رائع يا دكتور يا ابن الطفيله الأبية ذات اللغه القويه و المفردات ذات الدلاله الواضحه على رفض الظلم و الفساد و الافساد و بيع مقدرات الوطن و استفادة اصحاب الاجندات الخاصة و السماسرة من ثمنها و كأنها تركة ورثوها عن آبائهم كما ورثوا المناصب من قبل ... هي صرخات تفجرت من قلوب يعتصرها الألم و الحرقة ، هي صرخات النخوة والفزعة التي دوت أرجاء الوطن
15-06-2011 01:24 PM
سلامه العجارمه - الطفيله الشماء
صح لسانك دكتورنا الفاضل وهذا هم ابناء الوطن الافاضل الذين يمثلون وطنهم خير تمثيل وليس من اتخذ الكذب والنفاق ومسح الجوخ والبلطجه له ديدن من اجل مكاسب شخصيه ضيقه تسلم يمينك ابدعت لقد وضعت النقاط على الحروف كما يجب ان تكون بارك الله فيك واطال في عمرك وكثر من امثالك لقد وضعت اصبعك على الجرح تحياتي يالغالي
15-06-2011 01:25 PM
نمر الشواعرة
الله يجزيك الخير يا دكتور عبداللطيف على هذا التحليل الجميل حيث أنك وضعت النقاط على الحروف ووصفت الداء والدواء واللبيب بالإشارة يفهم.
15-06-2011 01:25 PM
هبوب الريح
عدم إدراك مدى الاحتقان الذي وصل إليه الناس الذي سببه الظلم والتهميش واستلاب الحقوق وغياب تكافؤ الفرص ، ومصادرة ثروات المحافظة الطبيعية التي التهمتها شركات الخصخصة من غير أي مردود على المواطن أضف إلى ذلك التأثير السلبي على البيئة واستملاك أجود الأراضي لهذه الشركات ومناجمها ، كذلك حرمان المحافظة من صحرائها وغورها وضمها للمحافظات المجاورة .
هذه من الأسباب الرئيسيه للإحتقان الذي عم جميع أطياف الشباب الأردني ... فالطفيله جزء من الوطن ... و كما سلبت ثروات الطفيله فقد سلبت ثروات الوطن أيضاً ... و بحماية الأجهزة الأمنيه و من يوعز الأموامر لها
15-06-2011 01:31 PM
النورس
"وعليه تكون الحكومة وأجهزتها الأمنية قد حالت بين الملك ومواطنيه وسماع آرائهم في سلطة العنف التي ألغت الرأي والرأي الآخر وهذا حالها على الدوام تسوق للرأي الذي تعتقد أنه إيجابي وتلغي غير ذلك فتكون الصورة مشوهة بالزيف والخداع والتضليل ."
نعم صدقت يا دكتور و وضعت يدك على الجرح فالأجهزة الأمنيه هي من يتلاعب بأمن و استقرار الوطن و تزيف الحقائق و تبطش بالناس
15-06-2011 01:47 PM
فلاح الخلايلة بني حسن
الاجهزة الامنية خط الدفاع الاول عن الاردن - له كل احترام وتقدير ودعم -يجب ان يضل قويا منيعا - قوتنا وسيادتنا ومستقبلنا وامننا من قوة الاجهزة الامنية -
16-06-2011 01:23 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات