الثرثرات العربية " سياسة أم تياسة " ؟! ..


مثلما أنا مولع بالسياسة حتى العظم ، فإن شقيقي أو ، أبني ، أو صديقي مولعون بالسياسة كذلك ، وسط مجتمع عربي يهتم بالسياسة ، وكأنها مهنة أو عادة سائدة عند جميع الشعوب العربية ..

قبل أعوام كتب أحد الصحافيين البريطانيين ، مقالة نشرت في إحدى كبريات الصحف الأجنبية بما فيها المواقع الإلكترونية ، وصف فيها العرب بأنهم سياسيون يفهمون بالسياسة ، ولكنهم لا يجيدونها ، يتكلمون بطلاقة ولكنهم لا يحرزون انتصارا ، يهتمون بشؤون غيرهم ويهملون حقوقهم ، حتى أن معظم الأجيال العربية ، توصف بنوع السياسة التي يهتمون بها ، فالسياسي والمزارع والمهني والطالب وربة البيت والبائع المتجول وبائع الترمس كلهم يهتمون بالسياسة ..

نعم .. العرب سياسيون بارعون ولكنهم دبلوماسيون فاشلون فالسياسي غير الدبلوماسي .. والمهني الذي يتحدث بالسياسة ومدى تأثير الإنتخابات الاميركية على وضع التجارة في اليابان ، مثلا ، لا يفيده ذلك بشيئ في مجال الخراطة والحدادة ، والطالب الذي يتقن فن الحديث في السياسة لا يهمه ذلك في دروس الجغرافيا والرياضيات ، أما راعي الغنم الذي يجيد فن الحوار السياسي ، فإن ذلك لا يقدم ولا يؤخر في إيجاد مرعى مناسب لأغنامه ..

ترى لماذا لا نترك نحن العرب السياسة للاعبيها ، ونتعلم كيف نجيد الصناعة أو حتى كيف نجيد الزراعة أو تربية المواشي ، أو إتقان أعمالنا التي باتت تعاني من الغش والهبوط الى درجة الإنحطاط ، لماذا نوصف نحن العرب بأننا ثرثارون ونحن لا نستطيع صناعة جناح طيارة .. لماذا نحن صداحون ونحن لانجيد حتى النظر الى القمر إلا في أشعارنا وأغانينا وفنوننا الهابطة ..

لماذا نتحدث في السياسة وكأننا أصحابها ، علما بأننا لم نستطيع منذ سنوات طويلة أن نقنع العالم عبر شاشاتنا العربية الرسمية وغير الرسمية بما فيها فضائيات اليوم ، ومن خلال نفس الوجوه النحسة ، بأننا أصحاب حق.. لماذا لا نفعل كما يفعل الشعب الأميركي والإسرائيلي الذي يهمل السياسة ويهتم في مجال عمله ، حتى أن معظم الشعب الأميركي لا يعرف عن الوطن العربي إلا اسم اسرائيل ، التي " تقبع " فوق العرب ..
السياسيون البارعون هم أولئك الذين لا يتكلمون في السياسة كثيرا ، حتى لا نكشف خططهم .. هم أولئك الذين يخططون جيدا لمستقبل شعوبهم وأممهم .. ويفاجئون الآخرين باللحظة الأخيرة التي غالبا ما تكون الضربة القاضية والتي تكون ثمرة جهد سياسي بارع لا ثمرة تهريج سياسي مثلما يحدث الان في الكثير من الدول العربية ..

أما بعض الصحافيين والكتاب العرب ومعهم ( ما يسمون أنفسهم بالمعارضة ) والذين يعتقدون أنهم محللون سياسيون بارعون ؛ فهم غالبا ما يوقعون بلدانهم في كوارث لا هي على البال ، ولا على الخاطر عندما تكون الطريقة التي يسلقون فيها أفكارهم السياسية " كلام جرايد " ، فهم أحيانا يخلطون السياسة بهز الوسط والتياسة ، أو يخلطونها بزبد البحر ..

انا لست ضد الثقافة في كل شيء .. ولست ضد إبداء الرأي أو ضد التنفيس احيانا ، ولكنني ضد الثرثرة التي لا تجدي نفعا وضد أن نقول ما لا نفعل ..
من هنا كفانا ثرثرات سياسة قد توقعنا بالمحظور ، وبما لا يُحمد عقباه رغم هبوطنا الى قاع الحفرة من جديد ..


عن العرب اليوم



تعليقات القراء

حليل ابن الجنوب
كلام رئع وجميل بفش الغل
07-06-2011 07:04 PM
حليل ابن الجنوب
كلام رئع وجميل بفش الغل
07-06-2011 07:08 PM
إلى المستكتب

(كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)
لأول مرة أجد فيما تكتب فائدة، راجيا أن تبدأ بنفسك.
07-06-2011 09:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات