الصحفيون بين مَطرقة المهنة وسندانة المشرّع .. دراسة في قانون المطبوعات والنشر الأردني
رهف الجراح_ دائمًا ما أصف مجال الصحافة والإعلام بجملة قريبة لقلبي ألا وهي "صوت من لا صوت له".
تحتل الصحافة والإعلام دور مهم في المجتمع الديمقراطي الذي يعد وسيلة للاتصال الجماهيري في العالم الحديث، وهو بمثابة حلقة وصل بين السلطات والناس، إلّا أنه يقع على عاتقها مسؤوليات كثيرة تُثقل كاهلها تتبلور بإعلام المشاهد عما يحدث في المجتمع والدولة والعالم بأسره بموضوعية، الأمر الذي يحتّم على الصحفيين المعرفة التامة بقوانين ممارسة العمل الصحفي، إلّا أن الكثيرون منهم يجهلون ضوابط هذا العمل ومحدداته.
من أهم القوانين الناظمة للحق في حرية الرأي والتعبير في الأردن بعد الدستور قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لسنة 1998 وتعديلاته، الذي تفرّد في مجال الصحافة والإعلام وجمع بين الضمانات القانونية لممارسة هذا الحق وقيوده.
عرّفت المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر الصحفي بأنه عضو النقابة المسجل في سجلها واتخد الصحافة مهنة له وفق أحكام قانونها، ويتمتع وفق هذا القانون بضمانة ممارسة مهمته بحرية وفق المادتان 3 و 4، اللتان أكدّتا على أن حرية الرأي مكفولة لكل أردني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة وغيره، وتشكلان هاتان المادتان عماد قانون المطبوعات والنشر؛ لتكريسهما حرية الصحافة والإعلام، والذي يعد بدوره ضمانة قانونيّة لهذه الحرية، وأيضا وفق المادة 8 ك/ه من هذا القانون التي تشكل الضمانة العامة لحرية العمل الصحفي؛ إذ حظرت التدخل بأي عمل يمارسه الصحفي في إطار مهنته أو التأثير عليه أو إكراهه على إفشاء مصادر معلوماته التي كفلت حقه بذلك أيضا وفق المادة 6.د.
وبموجب قانون المطبوعات والنشر يحظر توقيف الصحفيين دون صدور قرار قضائي والذي يعد مبدأ عام وفق المادة 42/ط/1، كما اقتصر عقوبة الصحفي المخالف لأحكام القانون على الغرامة فقط وفق المادة 45-48، ومنح قضيتهم صفة الاستعجال وفق المادة 42/ج والقضاء المتخصص بغرف متخصصة وفق المادة 42/ب/ه.
ضَمِن هذا القانون للصحفيين حقهم بالحصول على المعلومات وحضور الاجتماعات العامة وفق المادتان 6 و 8/أب ج د، إلا أنه خاليًا من الأثر القانوني المترتب على حرمان الصحفي من منحه المعلومات المطلوبة أو منعه من حضور الاجتماعات العامة، إذ كفل هذا القانون ضمانة هذين الحقين لكنه لم يوضّح الأثر القانوني لعدم التطبيق ولم يحدد أي عقوبة رادعة تستوجب الجهات المعنية بمنح الصحفيين حق الوصول للمعلومة، لا بل وأكثر من هذا تم تصنيف المعلومات التي تعد من حق الصحفي الحصول عليها حسب أهميتها إلى نوعين أحدهما ما يتمتع بصفة إخبارية عاجلة وضرورية يجب الحصول عليها في مدة لا تزيد عن 14 يومًا والأخرى معلومة وفترة الحصول عليها غير محددة وربما تمتد إلى أكثر من أسبوعين، ومن يُصنّف هذه المعلومات إلى خبر عاجل أم لا هي الإدارة التي منحت سلطة تقديرية واسعة في تصنيف المعلومات.
حتى أن صلاحية الترخيص هي سلطة مقيّدة بوجهة نظر القضاء الأردنيّ إذ اشترط الترخيص الرسمي المسبق من الجهات المعنية للمؤسسات الإعلامية، ومنح مدير هيئة الإعلام صلاحية إغلاق المحل أو المؤسسة حسب مقتضى الحال، وبهذا تكون قد عارضت بالتأكيد القانون رقم 15 من الدستور والذي يؤكد على عدم جواز إغلاق أو تعطيل الصحف ووسائل الإعلام وإلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.
وهذا يوضح لنا تخبّط قانون المطبوعات والنشر وتعارضه الذي يتمثّل في هذه المسألة بضرورة وجود الأمر القضائي من القاضي فقط وليس هيئة الإعلام.
أيضا في المادة 49/ج من قانون المطبوعات والنشر تضمنت مخالفة تمثلت بتحميل رئيس التحرير مسؤولية جزائية بالتضامن والتكافل واعتباره فاعل أصلي إلى جانب كاتب المادة الصحفية وناشرها ومالك الموقع، وهذا يتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة ومبدأ شرعية الجريمة والعقاب الذي يقود إلى تجريم من ليس له طرف في ارتكاب الفعل.
وإذا تمعّنت في المادة رقم 5 من قانون المطبوعات والنشر تجدها لم تلتزم بشروط تقييد حرية التعبير الثلاث بأكملها، إذ إن كلماتها فضفاضة الصياغة وغير محددة وبالتالي يسقط شرط وجوب كونها محددة بنص قانوني واضح الصياغة ،الأمر الذي يحول دون توافر العلم اليقيني وتمكين الأفراد من ضبط سلوكهم.
أما بالنسبة لقانون الإعلام المرئي والمسموع رقم (26) لسنة 2015 والذي ويشكّل المظلة القانونيّة للاشتراطات التي يتوجّب أن يلتزم بها المرخّص له، فإنه يضمن وجوب تسبيب قرار رفض منح رخص البث وفق المادة 18/2 التي أعطت مجلس الوزراء الحق في رفض منح رخص البث لأي جهة معللًا بالأسباب، مقارنة في النص السابق لهذا السياق كان يمنح مجلس الوزراء صلاحية رفض طلب الترخيص دون مطالبته ببيان الأسباب.
كما ألغى قانون الإعلام العقوبات السالبة للحرية واستعاض عنها بالغرامات المغلّظة في بعض الحالات، وأورد تشكيل لجنة مستقلة من ذوي الخبرة والاختصاص للنظر في الشكاوى المقدمة من الجمهور والتي تعتبر أداة لحل الخلافات دون اللجوء إلى القضاء، وتقتصر صلاحيتها ببعض الأمور كالرد والتصحيح، التنبيه، وغيره.
وتضمّن بعض الالتزامات للنهوض في قطاع الإعلام بموجب المادة 20 تمثل بعدم بث مواد إعلانية أو إعلامية تروّج للشعوذة والتضليل والابتزاز والخداع وعدم بث ما يخدش الحياء العام أو يحضّ على الإرهاب، واحترام الكرامة الإنسانيّة والخصوصية الشخصية وحريات الآخرين وحقوقهم وتعددية التعبير.
وهذا القانون أيضًا لا يعد من القوانين الناظمة للحق قي حرية الرأي والتعبير في الأردن بشكل كامل لوجود بعض الثقوب فيه كغياب الاستقلالية الفعلية لهيئة الإعلام ووقوعها تحت كنف الحكومة ممثلة بالوزير، ومنح الجهات المُختصة صلاحية إيقاف البث والتعطيل، وتعدد مرجعيات فرض الغرامات بين مجلس الوزراء والهيئة، ومنح الهيئة صلاحية إلغاء الرخصة الممنوحة للمرخص له فقط في حال عدم دفع رسوم الترخيص.
لذلك باسمي وباسم جميع الصحفيين، نطالب بتعديل هذه القوانين وعلاج الثغرات التي تم تسليط الضوء عليها سابقًا؛ للتمتع بحرية التعبير عن الرأي التي تندرج تحتها حرية الصحافة والإعلام بشكل مطلق وبحدود منضبطة،
عن طريق فرض عقوبات رادعة لمن يمنع الصحفيين من حضور الاجتماعات العامة و يحرمهم من حقهم في الحصول على المعلومة، وتضييق نطاق المسؤولية الجزائية المناطة برئيس التحرير وعدم تجريمه كفاعل أصلي، وإعطاء مهله أو منح إجراء مخفف للمؤسسة في حال عدم دفع رسوم الترخيص بدلًا من سحب الرخصة منها، والعمل على توحيد واستقلالية المهام المناطة بهيئة الإعلام تحت مظلة القانون وعدم تفرّعها.
رهف الجراح_ دائمًا ما أصف مجال الصحافة والإعلام بجملة قريبة لقلبي ألا وهي "صوت من لا صوت له".
تحتل الصحافة والإعلام دور مهم في المجتمع الديمقراطي الذي يعد وسيلة للاتصال الجماهيري في العالم الحديث، وهو بمثابة حلقة وصل بين السلطات والناس، إلّا أنه يقع على عاتقها مسؤوليات كثيرة تُثقل كاهلها تتبلور بإعلام المشاهد عما يحدث في المجتمع والدولة والعالم بأسره بموضوعية، الأمر الذي يحتّم على الصحفيين المعرفة التامة بقوانين ممارسة العمل الصحفي، إلّا أن الكثيرون منهم يجهلون ضوابط هذا العمل ومحدداته.
من أهم القوانين الناظمة للحق في حرية الرأي والتعبير في الأردن بعد الدستور قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لسنة 1998 وتعديلاته، الذي تفرّد في مجال الصحافة والإعلام وجمع بين الضمانات القانونية لممارسة هذا الحق وقيوده.
عرّفت المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر الصحفي بأنه عضو النقابة المسجل في سجلها واتخد الصحافة مهنة له وفق أحكام قانونها، ويتمتع وفق هذا القانون بضمانة ممارسة مهمته بحرية وفق المادتان 3 و 4، اللتان أكدّتا على أن حرية الرأي مكفولة لكل أردني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية بالقول والكتابة وغيره، وتشكلان هاتان المادتان عماد قانون المطبوعات والنشر؛ لتكريسهما حرية الصحافة والإعلام، والذي يعد بدوره ضمانة قانونيّة لهذه الحرية، وأيضا وفق المادة 8 ك/ه من هذا القانون التي تشكل الضمانة العامة لحرية العمل الصحفي؛ إذ حظرت التدخل بأي عمل يمارسه الصحفي في إطار مهنته أو التأثير عليه أو إكراهه على إفشاء مصادر معلوماته التي كفلت حقه بذلك أيضا وفق المادة 6.د.
وبموجب قانون المطبوعات والنشر يحظر توقيف الصحفيين دون صدور قرار قضائي والذي يعد مبدأ عام وفق المادة 42/ط/1، كما اقتصر عقوبة الصحفي المخالف لأحكام القانون على الغرامة فقط وفق المادة 45-48، ومنح قضيتهم صفة الاستعجال وفق المادة 42/ج والقضاء المتخصص بغرف متخصصة وفق المادة 42/ب/ه.
ضَمِن هذا القانون للصحفيين حقهم بالحصول على المعلومات وحضور الاجتماعات العامة وفق المادتان 6 و 8/أب ج د، إلا أنه خاليًا من الأثر القانوني المترتب على حرمان الصحفي من منحه المعلومات المطلوبة أو منعه من حضور الاجتماعات العامة، إذ كفل هذا القانون ضمانة هذين الحقين لكنه لم يوضّح الأثر القانوني لعدم التطبيق ولم يحدد أي عقوبة رادعة تستوجب الجهات المعنية بمنح الصحفيين حق الوصول للمعلومة، لا بل وأكثر من هذا تم تصنيف المعلومات التي تعد من حق الصحفي الحصول عليها حسب أهميتها إلى نوعين أحدهما ما يتمتع بصفة إخبارية عاجلة وضرورية يجب الحصول عليها في مدة لا تزيد عن 14 يومًا والأخرى معلومة وفترة الحصول عليها غير محددة وربما تمتد إلى أكثر من أسبوعين، ومن يُصنّف هذه المعلومات إلى خبر عاجل أم لا هي الإدارة التي منحت سلطة تقديرية واسعة في تصنيف المعلومات.
حتى أن صلاحية الترخيص هي سلطة مقيّدة بوجهة نظر القضاء الأردنيّ إذ اشترط الترخيص الرسمي المسبق من الجهات المعنية للمؤسسات الإعلامية، ومنح مدير هيئة الإعلام صلاحية إغلاق المحل أو المؤسسة حسب مقتضى الحال، وبهذا تكون قد عارضت بالتأكيد القانون رقم 15 من الدستور والذي يؤكد على عدم جواز إغلاق أو تعطيل الصحف ووسائل الإعلام وإلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.
وهذا يوضح لنا تخبّط قانون المطبوعات والنشر وتعارضه الذي يتمثّل في هذه المسألة بضرورة وجود الأمر القضائي من القاضي فقط وليس هيئة الإعلام.
أيضا في المادة 49/ج من قانون المطبوعات والنشر تضمنت مخالفة تمثلت بتحميل رئيس التحرير مسؤولية جزائية بالتضامن والتكافل واعتباره فاعل أصلي إلى جانب كاتب المادة الصحفية وناشرها ومالك الموقع، وهذا يتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة ومبدأ شرعية الجريمة والعقاب الذي يقود إلى تجريم من ليس له طرف في ارتكاب الفعل.
وإذا تمعّنت في المادة رقم 5 من قانون المطبوعات والنشر تجدها لم تلتزم بشروط تقييد حرية التعبير الثلاث بأكملها، إذ إن كلماتها فضفاضة الصياغة وغير محددة وبالتالي يسقط شرط وجوب كونها محددة بنص قانوني واضح الصياغة ،الأمر الذي يحول دون توافر العلم اليقيني وتمكين الأفراد من ضبط سلوكهم.
أما بالنسبة لقانون الإعلام المرئي والمسموع رقم (26) لسنة 2015 والذي ويشكّل المظلة القانونيّة للاشتراطات التي يتوجّب أن يلتزم بها المرخّص له، فإنه يضمن وجوب تسبيب قرار رفض منح رخص البث وفق المادة 18/2 التي أعطت مجلس الوزراء الحق في رفض منح رخص البث لأي جهة معللًا بالأسباب، مقارنة في النص السابق لهذا السياق كان يمنح مجلس الوزراء صلاحية رفض طلب الترخيص دون مطالبته ببيان الأسباب.
كما ألغى قانون الإعلام العقوبات السالبة للحرية واستعاض عنها بالغرامات المغلّظة في بعض الحالات، وأورد تشكيل لجنة مستقلة من ذوي الخبرة والاختصاص للنظر في الشكاوى المقدمة من الجمهور والتي تعتبر أداة لحل الخلافات دون اللجوء إلى القضاء، وتقتصر صلاحيتها ببعض الأمور كالرد والتصحيح، التنبيه، وغيره.
وتضمّن بعض الالتزامات للنهوض في قطاع الإعلام بموجب المادة 20 تمثل بعدم بث مواد إعلانية أو إعلامية تروّج للشعوذة والتضليل والابتزاز والخداع وعدم بث ما يخدش الحياء العام أو يحضّ على الإرهاب، واحترام الكرامة الإنسانيّة والخصوصية الشخصية وحريات الآخرين وحقوقهم وتعددية التعبير.
وهذا القانون أيضًا لا يعد من القوانين الناظمة للحق قي حرية الرأي والتعبير في الأردن بشكل كامل لوجود بعض الثقوب فيه كغياب الاستقلالية الفعلية لهيئة الإعلام ووقوعها تحت كنف الحكومة ممثلة بالوزير، ومنح الجهات المُختصة صلاحية إيقاف البث والتعطيل، وتعدد مرجعيات فرض الغرامات بين مجلس الوزراء والهيئة، ومنح الهيئة صلاحية إلغاء الرخصة الممنوحة للمرخص له فقط في حال عدم دفع رسوم الترخيص.
لذلك باسمي وباسم جميع الصحفيين، نطالب بتعديل هذه القوانين وعلاج الثغرات التي تم تسليط الضوء عليها سابقًا؛ للتمتع بحرية التعبير عن الرأي التي تندرج تحتها حرية الصحافة والإعلام بشكل مطلق وبحدود منضبطة،
عن طريق فرض عقوبات رادعة لمن يمنع الصحفيين من حضور الاجتماعات العامة و يحرمهم من حقهم في الحصول على المعلومة، وتضييق نطاق المسؤولية الجزائية المناطة برئيس التحرير وعدم تجريمه كفاعل أصلي، وإعطاء مهله أو منح إجراء مخفف للمؤسسة في حال عدم دفع رسوم الترخيص بدلًا من سحب الرخصة منها، والعمل على توحيد واستقلالية المهام المناطة بهيئة الإعلام تحت مظلة القانون وعدم تفرّعها.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |