لماذا لا يكتب العرب؟
جراسا - هل يعقل أن عدد العرب (464 مليون نسمة) قد تجاوز عدد الناطقين باليابانية والألمانية والإيطالية، لكنهم يقدمون أقل محتوى نصي في الإنترنت من هذه الدول. الإحصائيات الحديثة، حتى كانون الثاني (يناير) 2023، تشير إلى أن أمة الأدب والشعر و"الكلام" لا تقدم سوى 0.09 في المئة من محتوى الإنترنت، فيما يقدم الناطقون بالألمانية ضعف ذلك الرقم بأربعين مرة (3.7%)، ويقدم اليابانيون 33 ضعفاً (3%).
وهل يعقل أن عددنا كعرب خمسة أضعاف الإيرانيين، فيما هم يقدمون 25 ضعف مادتنا عبر الإنترنت. وإذا تذكرنا أننا 22 دولة بتنوعها وثرائها الثقافي، فيما الأمة الإيرانية دولة واحدة ستصبح الصدمة مضاعفة. نفرح للإيرانيين لأنهم سبقونا لكننا على ما يبدو أمة شفوية بحق. نتكلم أكثر مما نكتب. ولولا أن الشعر لم يُحصد من صدور الرجال والنساء لضاع ديوان العرب وأبياته الخالدة.
في الأسبوع الجاري، استقطب نادي دبي للصحافة، في منتدى الشباب الإعلامي، نجم البودكاست السعودي عبد الرحمن أبو مالح الذي كان يتساءل كيف يمكن أن ينتج الألمان أضعاف ما نقدمه في الإنترنت مع أن عددهم أقل منا بكثير؟ وتساؤله الوجيه، يجرنا إلى السبب الذي يجعلنا مقلين في النشر. هل السبب في الأفراد أم في المؤسسات أم في الحكومات؟ شخصياً اعتبر أن المسؤولية مشتركة. ويشاطرني الرأي أبو مالح مقدم برنامج البودكاست المعروف "فنجان" ومؤسس شركة "ثمانية". إلا أنه يرى أن مسؤولية الفرد أكبر في صناعة محتوى هادف، وهذا ما دفعه إلى خوض غمار البودكاست، رغم أن مشاهداته كانت في حدود 50 إلى 100 مشاهدة ولم تتجاوز سقف 10 آلاف في العام الأول. شعر "بوحشة" لكنه كان يؤمن بأن "الاستمرارية" هي الحل حتى تمكن من بلوغ ملايين المشاهدات. بل إن إحدى حلقاته شاهدها نحو ربع مليار مشاهد وهو ضعف عدد سكان جمهورية مصر العربية!
وربما نجد الإجابة في الأردن الذي يستحوذ على نصف المحتوى العربي في الإنترنت. كثير منه يعود إلى تركيزه على منصات تحصد مليارات المشاهدات أو الزيارات مثل "مكتوب" و"موضوع" و"سوق دوت كوم". وتدعم الحكومة الأردنية قطاع تكنولوجيا المعلومات بحوافز، وقروض ميسرة، وعدم فرض ضريبة مبيعات على بعض خدماته. وهي تجربة تستحق التأمل والدراسة. أشهرها بيع "مكتوب" لشركة "ياهوو" بسعر 85 مليون دولار وهي شهادة للمحتوى العربي إن أحسن إعداده.
على الصعيد المؤسسي، يفترض بالجهات الحكومية أن تأخذ على عاتقها ضرورة غزارة نشر المحتوى في مواقعها لمن أراد الاستزادة، أو ربما التوجه نحو مشاريع ترجمة أفضل المواقع العالمية. ولماذا لا تفرغ المؤسسات الإعلامية كثيراً من المقابلات الوثائقية المصورة إلى نصوص كما تفعل بعض القنوات الإخبارية لتكون مصدراً غزيراً للمعلومة؟ فضلاً عن ترجمة الموسوعات أو إطلاق أكبر موسوعة في تاريخ الأمة العربية بشكل أنيق وموثوق وسريع البحث.
الأفراد كذلك، عليهم عبء أن ينوروا الناس بتجاربهم، كتابة. وكذلك صناع المحتوى المحترفون لا بد من وجود جهة تحتضنهم وتستفيد من قدراتهم. فبعد انكماش قطاع الصحافة "تبدد" الموهوبون في دهاليز البحث عن أعمال بديلة.
صناعة المحتوى حماية وتعزيز لإرث الأمة ومعرفتها. ويصعب أن نتخيل بقاء اللغة العربية حية من دون أن نغذيها بمحتوى مستدام لا ينضب، من العلم، والمعارف، والحلول التي تسهل حياة الناس، بلغة عصرية وتصميم أنيق.
الكلمات الدالة
هل يعقل أن عدد العرب (464 مليون نسمة) قد تجاوز عدد الناطقين باليابانية والألمانية والإيطالية، لكنهم يقدمون أقل محتوى نصي في الإنترنت من هذه الدول. الإحصائيات الحديثة، حتى كانون الثاني (يناير) 2023، تشير إلى أن أمة الأدب والشعر و"الكلام" لا تقدم سوى 0.09 في المئة من محتوى الإنترنت، فيما يقدم الناطقون بالألمانية ضعف ذلك الرقم بأربعين مرة (3.7%)، ويقدم اليابانيون 33 ضعفاً (3%).
وهل يعقل أن عددنا كعرب خمسة أضعاف الإيرانيين، فيما هم يقدمون 25 ضعف مادتنا عبر الإنترنت. وإذا تذكرنا أننا 22 دولة بتنوعها وثرائها الثقافي، فيما الأمة الإيرانية دولة واحدة ستصبح الصدمة مضاعفة. نفرح للإيرانيين لأنهم سبقونا لكننا على ما يبدو أمة شفوية بحق. نتكلم أكثر مما نكتب. ولولا أن الشعر لم يُحصد من صدور الرجال والنساء لضاع ديوان العرب وأبياته الخالدة.
في الأسبوع الجاري، استقطب نادي دبي للصحافة، في منتدى الشباب الإعلامي، نجم البودكاست السعودي عبد الرحمن أبو مالح الذي كان يتساءل كيف يمكن أن ينتج الألمان أضعاف ما نقدمه في الإنترنت مع أن عددهم أقل منا بكثير؟ وتساؤله الوجيه، يجرنا إلى السبب الذي يجعلنا مقلين في النشر. هل السبب في الأفراد أم في المؤسسات أم في الحكومات؟ شخصياً اعتبر أن المسؤولية مشتركة. ويشاطرني الرأي أبو مالح مقدم برنامج البودكاست المعروف "فنجان" ومؤسس شركة "ثمانية". إلا أنه يرى أن مسؤولية الفرد أكبر في صناعة محتوى هادف، وهذا ما دفعه إلى خوض غمار البودكاست، رغم أن مشاهداته كانت في حدود 50 إلى 100 مشاهدة ولم تتجاوز سقف 10 آلاف في العام الأول. شعر "بوحشة" لكنه كان يؤمن بأن "الاستمرارية" هي الحل حتى تمكن من بلوغ ملايين المشاهدات. بل إن إحدى حلقاته شاهدها نحو ربع مليار مشاهد وهو ضعف عدد سكان جمهورية مصر العربية!
وربما نجد الإجابة في الأردن الذي يستحوذ على نصف المحتوى العربي في الإنترنت. كثير منه يعود إلى تركيزه على منصات تحصد مليارات المشاهدات أو الزيارات مثل "مكتوب" و"موضوع" و"سوق دوت كوم". وتدعم الحكومة الأردنية قطاع تكنولوجيا المعلومات بحوافز، وقروض ميسرة، وعدم فرض ضريبة مبيعات على بعض خدماته. وهي تجربة تستحق التأمل والدراسة. أشهرها بيع "مكتوب" لشركة "ياهوو" بسعر 85 مليون دولار وهي شهادة للمحتوى العربي إن أحسن إعداده.
على الصعيد المؤسسي، يفترض بالجهات الحكومية أن تأخذ على عاتقها ضرورة غزارة نشر المحتوى في مواقعها لمن أراد الاستزادة، أو ربما التوجه نحو مشاريع ترجمة أفضل المواقع العالمية. ولماذا لا تفرغ المؤسسات الإعلامية كثيراً من المقابلات الوثائقية المصورة إلى نصوص كما تفعل بعض القنوات الإخبارية لتكون مصدراً غزيراً للمعلومة؟ فضلاً عن ترجمة الموسوعات أو إطلاق أكبر موسوعة في تاريخ الأمة العربية بشكل أنيق وموثوق وسريع البحث.
الأفراد كذلك، عليهم عبء أن ينوروا الناس بتجاربهم، كتابة. وكذلك صناع المحتوى المحترفون لا بد من وجود جهة تحتضنهم وتستفيد من قدراتهم. فبعد انكماش قطاع الصحافة "تبدد" الموهوبون في دهاليز البحث عن أعمال بديلة.
صناعة المحتوى حماية وتعزيز لإرث الأمة ومعرفتها. ويصعب أن نتخيل بقاء اللغة العربية حية من دون أن نغذيها بمحتوى مستدام لا ينضب، من العلم، والمعارف، والحلول التي تسهل حياة الناس، بلغة عصرية وتصميم أنيق.
الكلمات الدالة
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |