علمت ان صديقي ابو محمود مريضا فذهبت لزيارته وعندما قرعت جرس الباب استقبلتني ام محمود وهي تولول وتقول: «الحق صاحبك» يبدو انه «خرفان» وان الحرارة اودت بعقله.
دخلت مسرعاً وتناولت مقعداً، وجلست الى جانبه، فاستند مرحباً بي ولحقتني زوجته ام محمود وهي ترجوني ان اقنعه بأن يعدل عما في رأسه، فنظر اليها بازدراء وقال: لا تأخذ على كلامها. وسألته ما الحكاية.

استل من علبة السجائر سيجارة واشعلها بعصبية وقال لي: قررت ان اترشح لمجلس النواب القادم وسوف اقوم ببيع منزلي كي اتمكن من الآن حشد التأييد الجماهيري وما أن طرحت هذه الفكرة على زوجتي وابنائي حتى شبت بيننا الخلافات، وهم يرفضون بيع المنزل خوفاً من التشرد اذا لم انجح في الانتخابات.

فقلت له: معهم الف حق في ذلك فكيف تغامر في بيتك الذي وضعت فيه «تحوشية العمر».

رمقني بنظرة متعاليه وقال لي يبدو انك لا تعيش في هذا البلد. الا تعلم ان افضل طريقة لضمان مستقبلك وعائلتك كلها هي مقعد في مجلس النواب. الم تسمع عن الامتيازات التي حصلوا عليها من مضاعفة الرواتب وسيارات بلا جمرك وتوفير فرص عمل لمن يريدون وفيز حج والكثير مما لا نعرفه والمخفي اعظم.
الا يستحق كل هذا المغامرة بربك؟ اليس هذا افضل مشروع استثماري في زمن الانهيار الاقتصادي فالحياة فرصة واحدة.

اندهشت لما سمعت منه، وحاولت ان ابدو امامه مثالياً حتى اتمكن من اقناعه بفساد رأيه، واسهبت بالحديث عن صفات النائب، ودوره في خدمة الوطن، والمؤهلات التي يجب ان يمتلكها من ينوي خوض هذه التجربة.

رمقني بنظرات جارحة ونفث دخان سجائره في وجهي وضحك باستهزاء قائلاً:  هل تعتقد ان نواباً يحصلون على كل هذه الامتيازات من قوت شعبهم الذي يرزح تحت الازمات المتلاحقة يتمتعون بتلك الصفتات التي تتحدث عنها.

غادرت منزله وابو محمود ما زال مقتنعا بأن هناك كنزاً ينتظره اذا حصل على مقعد في مجلس النواب يستحق المغامرة.

esmel68@yahoo.com