دور مجلس النواب في الإصلاح الإداري


أفادت تقارير صحفية بأن اللجنة الإدارية في مجلس النواب قد رفضت بعض ملامح خطة الإصلاح الإداري التي أقرتها الحكومة وبصدد بدء العمل على تنفيذها، وبأنها سترفع توصية لمجلس الوزراء بعدم استحداث هيئة الخدمة والإدارة العامة، والإبقاء على ديوان الخدمة المدنية وتطوير مهامه.
وقد جاء هذا المقترح في ضوء الاجتماع الذي عقدته اللجنة النيابية لبحث خارطة طريق تحديث القطاع العام بحضور الوزراء والمسؤولين المعنيين، حيث أجمع النواب أعضاء اللجنة على أن تحويل ديوان الخدمة المدنية إلى هيئة الخدمة والإدارة العامة "غير مُجد حاليا في ظل عدم وجود معايير واضحة وشفافة للتعيين".
ويبقى التساؤل الأبرز حول مدى إلزامية هذه التوصية للحكومة في مسيرتها نحو تطبيق خطة التحديث الإداري، وما إذا كانت اللجنة النيابية الإدارية قد مارست المهام والأعمال المناطة بها من خلال معارضتها لبعض مقترحات تطوير القطاع العام.
فمن خلال الاطلاع على المادة (43) من النظام الداخلي لمجلس النواب، نجد بأنها قد أناطت باللجنة الإدارية مهمتي دراسة القوانين والأمور والاقتراحات التي تتعلق بالإدارة العامة والإدارة المحلية والبلديات ومجالس المحافظات، ودراسة القوانين والتقارير والأمور التي تتعلق بالموظفين العموميين وأسس التعيين وإنهاء الخدمة والتقاعد والتعويض.
وعليه، فإن اللجنة الإدارية النيابية قد قامت بالدور المناط بها تشريعيا في دراسة المقترحات المتعلقة بتطوير الإدارة العامة والشؤون الخاصة بالوظيفة العامة، وذلك ابتداء من تعيين الموظفين العموميين، مرورا بالأوضاع القانونية المتعددة التي يمر بها الموظف العام خلال مسيرته الوظيفية والمتمثلة بالنقل والترفيع والانتداب والإعارة، وانتهاء بانقضاء العلاقة الوظيفية بين الموظف العام والإدارة بصورها وحالاتها المتعددة كالتقاعد والاستيداع وفقد الوظيفة والعزل منها.
أما عن إلزامية هذه التوصية التي تتمحور حول ضرورة الإبقاء على ديوان الخدمة المدنية وعدم إلغائه لصالح هيئة جديدة سيجري استحداثها كبديل عنه، فإن الحكومة غير ملزمة دستوريا بالأخذ بها ذلك أن المادة (45/1) من الدستور قد أناطت بمجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية.
فالمشرع الدستوري قد كرّس مبدأ الولاية العامة لمجلس الوزراء في إدارة كافة المسائل والموضوعات المتعلقة بمصالح الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ويدخل ضمن إطار هذه الولاية العامة الحق في تحديث أجهزتها الإدارية والمرافق العامة فيها، دون أن يكون لمجلس النواب أي دور في وضع هذه الخطط والبرامج المتعلقة بتحديث القطاع العام.
في المقابل، يظهر دور مجلس النواب في مجال التطوير الإداري من خلال الصلاحيات التشريعية والرقابية المقررة له بموجب الدستور. فمجلس النواب يمكن أن يُعبر عن موقفه من خطة الإصلاح الإداري وأن يتبنى توصية لجنته الإدارية من خلال رفض مشروع أي قانون يتعلق بتنفيذ هذه الخطة وإنشاء هيئة الخدمة والإدارة العامة كبديل لديوان الخدمة المدنية.
فهذه الهيئة المستحدثة إن كان يُراد لها أن تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي والإداري، فلا بد وأن يتم إنشاؤها بقانون خاص يصدر عن السلطة التشريعية، والذي يملك مجلس النواب عدم إقراره تعبيرا عن موقفه الرافض لبعض ملامح الإصلاح الإداري.
كما يحق لمجلس النواب محاسبة الحكومة عما جاء في خطة التحديث الإداري فيما يخص إلغاء ديوان الخدمة المدنية، وذلك عملا بأحكام المادة (51) من الدستور التي تنص على أن رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون مسؤولية مشتركة أمام مجلس النواب عن السياسة العامة للدولة.
فالإصلاح الإداري للقطاع العام يعد من مظاهر السياسة العامة الدولة التي يتحمل مجلس الوزراء برمته المسؤولية السياسية المشتركة عنه أمام مجلس النواب، حيث يملك المجلس النيابي الحق الدستوري بطرح الثقة في الحكومة وإجبارها على الاستقالة، وذلك تعبيرا منه عن رفضه لما جاء في هذه الخطة من خطط وبرامج، ومن ضمنها إلغاء ديوان الخدمة المدنية.

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات