موعد الانتخابات النيابية القادمة
شهدت الأيام الماضية إشارات واضحة من القائمين على إدارة السلطة التنفيذية تتعلق بموعد الانتخابات النيابية القادمة، حيث جاءت أولى هذه الدلالات من الجامعة الأردنية وفي الجلسة الحوارية التي جمعت رئيس الوزراء مع الطلبة فيها، والتي صرّح فيها الرئيس بأن الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في الفترة الممتدة بين 10 تموز و10 تشرين الثاني من العام المقبل 2024، أي بعد نحو (13) شهرا.
وبعد ذلك بأيام، وأثناء لقائه سياسيين وكتابا وأكاديميين تطرق جلالة الملك إلى أهمية الانتخابات النيابية القادمة، واصفا إياها بالمحطة الرئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية، وداعيا الأحزاب السياسية إلى الاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها، وذلك بهدف رفع نسب التصويت في الانتخابات القادمة وتحفيز المواطنين على المشاركة فيها، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب بخاصة الشباب والمرأة.
وفي زيارته الأخيرة إلى لواء الرصيفة، أشار جلالة الملك خلال حديثه إلى أن هنالك نحو عام كامل يتوجب جهدا كبيرا من العمل قُبيلَ عقد الإنتخابات النيابية المقبلة، وهو الأمر الذي فسّره البعض بأن مجلس النواب الحالي سيبقى قائما حتى العام المقبل، موعد إجراء انتخابات مجلس النواب العشرين.
إن هذه التصريحات الصادرة عن السلطة التنفيذية، ممثلة برئيسها جلالة الملك ورئيس الوزراء فيها، تأتي ضمن سياقاتها المقررة في الدستور الأردني، ولم تشكل تجاوزا في الصلاحيات أو اعتداء من سلطة على اختصاصات سلطة أو هيئة دستورية أخرى.
فالمشرع الدستوري أناط بجلالة الملك الحق في أن يحل مجلس النواب، وأن يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات وفق أحكام القانون، وذلك عملا بأحكام المادة (34) من الدستور. أما اليوم المحدد للإجراء الانتخابات والتصويت فيها فهو من اختصاص الهيئة المستقلة للانتخاب، حيث تنص المادة (12) من قانونها على أن من مهام مجلس مفوضي الهيئة "تحديد تاريخ الاقتراع بعد إصدار الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب".
وقد تأكد هذا الحكم في قانون الانتخاب الحالي رقم (4) لسنة 2022، حيث تنص المادة (4) منه على أنه بعد أن يُصدر جلالة الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب بمقتضى أحكام الدستور، يتخذ مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب خلال عشرة أيام من صدور الأمر الملكي قرارا بتحديد تاريخ الاقتراع، ويُنشر القرار في الجريدة الرسمية.
ويبقى القيد الوحيد على حق الهيئة المستقلة للانتخاب في تحديد موعد الاقتراع العام ضرورة مراعاة أحكام المادة (73) من الدستور، التي تفرض إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع مجلس النواب الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر، وإلا عاد مجلس النواب المنحل بحكم الدستور.
وبالعودة إلى تصريحات رئيس الوزراء في جامعة الأردنية والتي حدد فيها فترة زمنية معينة لإجراء الانتخابات النيابية القادمة، فإن هذا القول لا يخرج عن كونه قراءة دستورية سليمة لأحكام الفقرة الثانية من المادة (68) من الدستور، التي تنص على أنه يجب إجراء اﻻنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، فإذا لم يكن اﻻنتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب، يبقى المجلس قائما حتى يتم انتخاب المجلس الجديد.
فمن ضمن السيناريوهات التي وضعها المشرع الدستوري كموعد مقترح لإجراء الانتخابات النيابية أن يتم تنظيمها خلال الشهور الأربعة الأخيرة من عمر المجلس، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء صراحة عندما أعلن أن الانتخابات المقبلة ستكون بين 10 تموز و10 تشرين الثاني من العام القادم.
فالانتخابات النيابية الأخيرة لاختيار مجلس النواب التاسع عشر قد جرت بتاريخ 10 تشرين ثاني 2020، وأن العمر الدستوري لمجلس النواب هو أربع سنوات شمسية. بالتالي تكون الفترة الزمنية بين تموز وتشرين الثاني من العام القادم هي الشهور الأربعة الأخيرة من الوجود الدستوري لمجلس النواب الحالي، والتي أجاز المشرع الدستوري إجراء الانتخابات خلالها.
وتجدر الإشارة إلى أن احتساب عمر مجلس النواب يبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية وذلك عملا بأحكام المادة (68/1) من الدستور، وبأن النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر قد تم نشرها في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 تشرين الثاني من عام 2020.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
شهدت الأيام الماضية إشارات واضحة من القائمين على إدارة السلطة التنفيذية تتعلق بموعد الانتخابات النيابية القادمة، حيث جاءت أولى هذه الدلالات من الجامعة الأردنية وفي الجلسة الحوارية التي جمعت رئيس الوزراء مع الطلبة فيها، والتي صرّح فيها الرئيس بأن الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في الفترة الممتدة بين 10 تموز و10 تشرين الثاني من العام المقبل 2024، أي بعد نحو (13) شهرا.
وبعد ذلك بأيام، وأثناء لقائه سياسيين وكتابا وأكاديميين تطرق جلالة الملك إلى أهمية الانتخابات النيابية القادمة، واصفا إياها بالمحطة الرئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية، وداعيا الأحزاب السياسية إلى الاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها، وذلك بهدف رفع نسب التصويت في الانتخابات القادمة وتحفيز المواطنين على المشاركة فيها، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب بخاصة الشباب والمرأة.
وفي زيارته الأخيرة إلى لواء الرصيفة، أشار جلالة الملك خلال حديثه إلى أن هنالك نحو عام كامل يتوجب جهدا كبيرا من العمل قُبيلَ عقد الإنتخابات النيابية المقبلة، وهو الأمر الذي فسّره البعض بأن مجلس النواب الحالي سيبقى قائما حتى العام المقبل، موعد إجراء انتخابات مجلس النواب العشرين.
إن هذه التصريحات الصادرة عن السلطة التنفيذية، ممثلة برئيسها جلالة الملك ورئيس الوزراء فيها، تأتي ضمن سياقاتها المقررة في الدستور الأردني، ولم تشكل تجاوزا في الصلاحيات أو اعتداء من سلطة على اختصاصات سلطة أو هيئة دستورية أخرى.
فالمشرع الدستوري أناط بجلالة الملك الحق في أن يحل مجلس النواب، وأن يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات وفق أحكام القانون، وذلك عملا بأحكام المادة (34) من الدستور. أما اليوم المحدد للإجراء الانتخابات والتصويت فيها فهو من اختصاص الهيئة المستقلة للانتخاب، حيث تنص المادة (12) من قانونها على أن من مهام مجلس مفوضي الهيئة "تحديد تاريخ الاقتراع بعد إصدار الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب".
وقد تأكد هذا الحكم في قانون الانتخاب الحالي رقم (4) لسنة 2022، حيث تنص المادة (4) منه على أنه بعد أن يُصدر جلالة الملك أمره بإجراء الانتخابات لمجلس النواب بمقتضى أحكام الدستور، يتخذ مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب خلال عشرة أيام من صدور الأمر الملكي قرارا بتحديد تاريخ الاقتراع، ويُنشر القرار في الجريدة الرسمية.
ويبقى القيد الوحيد على حق الهيئة المستقلة للانتخاب في تحديد موعد الاقتراع العام ضرورة مراعاة أحكام المادة (73) من الدستور، التي تفرض إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع مجلس النواب الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر، وإلا عاد مجلس النواب المنحل بحكم الدستور.
وبالعودة إلى تصريحات رئيس الوزراء في جامعة الأردنية والتي حدد فيها فترة زمنية معينة لإجراء الانتخابات النيابية القادمة، فإن هذا القول لا يخرج عن كونه قراءة دستورية سليمة لأحكام الفقرة الثانية من المادة (68) من الدستور، التي تنص على أنه يجب إجراء اﻻنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، فإذا لم يكن اﻻنتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب، يبقى المجلس قائما حتى يتم انتخاب المجلس الجديد.
فمن ضمن السيناريوهات التي وضعها المشرع الدستوري كموعد مقترح لإجراء الانتخابات النيابية أن يتم تنظيمها خلال الشهور الأربعة الأخيرة من عمر المجلس، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء صراحة عندما أعلن أن الانتخابات المقبلة ستكون بين 10 تموز و10 تشرين الثاني من العام القادم.
فالانتخابات النيابية الأخيرة لاختيار مجلس النواب التاسع عشر قد جرت بتاريخ 10 تشرين ثاني 2020، وأن العمر الدستوري لمجلس النواب هو أربع سنوات شمسية. بالتالي تكون الفترة الزمنية بين تموز وتشرين الثاني من العام القادم هي الشهور الأربعة الأخيرة من الوجود الدستوري لمجلس النواب الحالي، والتي أجاز المشرع الدستوري إجراء الانتخابات خلالها.
وتجدر الإشارة إلى أن احتساب عمر مجلس النواب يبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية وذلك عملا بأحكام المادة (68/1) من الدستور، وبأن النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر قد تم نشرها في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 تشرين الثاني من عام 2020.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |