الداعي الى الضلال


في الأزمات الأخلاقية ينقسم الناس إلى أقسام ثلاث؛ بعضهم يدعو إلى الفضيلة والنجاة، وبعضهم يدعو إلى الإنحراف والإنحدار، والبعض الآخر يلتزم الصمت ويبقى على الحياد.

لا بُّد وأنك قابلت خلال مراحل حياتك المختلفة بين المدرسة والجامعة والعمل وأبناء الحي؛ شخصاً من النوع الثاني من البشر، شخص يدعو إلى الضلال، لا يحب الخير لنفسه ولا للآخرين، يحارب أصحاب الفضيلة من ناحية، ويحرّض أولئك الذين لزِموا الحياد معتقدين أنَّ فيه النجاة.

الداعي إلى الضلال هو شخص منحرفُ السلوك، ويمكن القول بأنه يدرك الطريق الصحيح في أغلب الأحيان، ولكنه آثر طريق الهاوية، وفضّل المتعة العاجلة على النجاة الآجلة.

الداعي إلى الضلال هو شخص إجتماعيّ، يتحرك دائماً ضمن مجموعة، ويُحيط به كوكبة من الأشرار أمثاله، الذين يتخذونه قدوة؛ لقصورٍ في إدراكهم، أو لغياب القدوة في حياتهم.

وهو أناني؛ يضع مصلحته الشخصية فوق كل إعتبار، لا يؤمن بمفاهيم الولاء والصداقة والصحبة، بل يعتقد في المنفعة والمصلحة فقط، قد يساعدك في أمر ما، ولكن تأكد بأن له مصلحة خاصة في الأمر، وإلا لما تحرك قيد أُنملة معك.

وهو إنسان غيور غيرة مَرَضية، لا يحب أن يرى نجاحات الآخرين، يدرك تماماً أنهم يتفوقون عليه بأخلاقهم وإلتزامهم، ولا يستطيع أن يرقى الى منزلتهم الرفيعة الشأن العالية المقام، فيبادر بتفكير خبيث إلى الحط من قدرهم حتى يتساووا معه، عبر دعوتهم إلى الإنحراف، أو حتى بإطلاق الشائعات والأكاذيب حولهم، ومحاولة تشويه صورتهم.

الداعي إلى الضلال شخص متكبر، يرفض الإعتراف بحقيقة أنه على الطريق الخاطئ من جهة، ومن جهة أخرى؛ يرفض النصيحة الصادقة التي تدعوه إلى طريق النجاة والصواب.

وهو إنسان يحب الشهرة والأضواء، لم يتمكن من التميُّز في العلم والأدب والثقافة والإلتزام، فلجأ إلى التميُّز بالأساليب المنحرفة لكي يظهر على السطح، ولكي يُشار اليه، حتى لو كانت تلك الإشارات؛ إشارات إزدراء واحتقار.

الداعي إلى الضلال قد يسعى إلى مراكز القيادة كسامريّ بني إسرائيل، وقد يكون جاهلاً بما يدعو اليه كعمرو بن لحيّ، الذي أدخل الأصنام إلى جزيرة العرب، وقد يكون متكبراً كأبليس حين رفض أوامر الله عز وجل.

إتفق العالم اليوم على الدعوة إلى الضلال، من خلال عولمة المثلية الجنسية، ومنح الشواذ الحقوق المدنية، والإعتراف بهم كفئة من المجتمع لها من الحقوق ما لغيرها، وبدأت بتضييق الخناق على من لا يشاركهم في ضلالهم وغوايتهم.

اليوم لا يكفي الصمت وإلتزام الحياد، أنت مدعو إلى الدعوة إلى الحق لمواجهة الهجمة الشرسة من دعاة الضلال، أبدأ بأسرتك، علّمهم أصول الفطرة السوية، ولقنهم أخلاق دينهم الحنيف، وعاداتهم وتقاليدهم العربية الأصيلة، ثم إنتقل الى محيطك من الأسرة الكبيرة والجيران والأصدقاء.

تذكر دائماً أن النجاة كانت للدعاة إلى الفضيلة من بني إسرائيل في قضية الصيد يوم السبت، وكان الهلاك من نصيب المنحرفين، أما منْ بقي على الحياد؛ فلا نعلم لهم مصيراً.

يقول الكاتب داوود العبيدي في كتابه الرائع "حديث الشيخ": "شتّان ما بين مُعلّم الناس الخير، وبين من نصّب نفسه داعياً الى النار، هادياً إلى الضلال، دالاً الناس على طريق المغضوب عليهم أو الضالين، ممن ذمهم الله في كتابه الكريم".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات