تداعيات تأسيس الدول لميليشيات شبه عسكرية


تتكرر المشاهد هذه الأيام حول ما يسمى بالقوات الشبه عسكرية التي تأسسها بعض الدول ولمصالحها الخاصة بين الفينة والاخرى, فالسودان مثلا أسست قوات جديد اسمها قوات الدعم السريع وذلك عام 2013م بقيادة الجنرال (حميدتي) وهذه القوات كانت جزء لا يتجزأ من القوات السودانية المسلحة, وأسست روسيا كذلك مجموعة اسمها مجموعة فاغنر عام 2014م بقيادة (بريغوجين) وهذه المجموعة كانت إلى حد قريب الذراع الأيمن للقوات الروسية, والأمثلة عديدة حول تأسيس قوات شبه عسكرية للدول في هذا العالم, ويبقى السؤال المحوري هنا: كيف تبدأ هذه القوات شبه العسكرية وكيف تنتهي؟
أن القوات الشبه عسكرية التي تأسسها الدول تبدأ تحت ذريعة الأمن والحماية للشؤون الداخلية للدولة, ثم تبدأ هذه القوات بالتمدد والتسلح التدريجي تحت جناح وأشراف القوات المسلحة الرسمية للدولة, ومع مرور الزمن تصبح الذراع الأيمن لتدخل الدولة في الدول الأخرى وذلك لإزاحة اللّوم والإحراج الدولي للدولة والعمل على تحقيق مصالح عسكرية وسياسية واقتصادية خارج حدود الدولة.
أن قوات الدعم السريع السودانية بقيادة الجنرال(حميدتي) تدخلت خارجياً في دول عديدة مجاورة للسودان منها جنوب السودان وليبيا وأريتيريا وأثيوبيا.. وحققت كثير من الأهداف والمصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية للسودان, ومجموعة فاغنر بقيادة الجنرال (بريغوجين) تدخلت خارجياً في العديد من الدول منها سوريا وليبيا واليمن والعراق وأكرانيا.. وحققت كذلك كثير من الأهداف والمصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية لروسيا.
طبيعي أن تقوى شوكة القوات الشبه عسكرية في الدول مع مرور الزمن حتى يصل الأمر بقياداتها إلى الطمع في الوصول للسلطة, وقد ينتهي الأمر بها إلى التفكير في التمرد العسكري لتحقيق أهداف ومصالح معينة, أو ربما قلب نظام الحكم, وأستلام زمام الأمور في الدولة.
أن دورة حياة القوات الشبه عسكرية التي تُأسسها الدول, تبدأ بذريعة الأمن والحماية في الداخل, ثم تنتقل للتدخل الخارجي في شؤون الدول الاخرى, ومن ثم تصل إلى حالة من التمرد العسكري وقلب نظام الحكم في الداخل.
القوات والميليشيات والفرق شبه العسكرية تلك التي تُأسسها الدول.. غالباً ما تكون على اتصال وتواصل سريّ مع دول خارجية أخرى من أجل التسليح والدعم اللوجستي, الامر الذي يجعلها لقمة سائغة في يد هذه الدول.. توجهها وتغير من أهدافها بين الفينة والاخرى كما تشاء.
من هنا ينبغي أن تُدرك الدول خطورة وتداعيات تأسيس قوات وميليشيات وفرق شبه عسكرية لها, بذريعة جعلها الذراع الأيمن للقوات المسلحة الرسمية للدولة, وبحجة تحيق الأمن الداخلي للدولة.. فسرعان ما تخرج هذه القوات والميليشيات والفرق عن ما رُسم لها نتيجة للتمدد والتسلح التدريجي, وتصبح نداً للقوات المسلحة الرسمية, وذلك من خلال حركات التمرد المسلّح ومن خلال قلب نظام الحكم.
إن تأسيس الدول لميليشيات شبه العسكرية, هي بمثابة قنابل موقوته داخل الدولة, لا يستطيع احد التنبؤ بتوقيت انفجارها, لذلك تأسيس مثل هذه القوات يحتاج بالطبع إلى إعادة نظر.
وبعد..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات