التوأمُ المُحيّرُ .. !


أنه أمرٌ غريبٌ عجيبٌ، يأسر القلب ، ويحير اللب ، و يثير الحيرة والدهشة عندما حدثني أحد الأشخاص من محافظة أخرى قبل (٢٤) سنة عندما كنت طالبا في الجامعة ، التقيت به فجأة عندما شاهدني وأنا في حالة من البكاء والحزن الشديد على والدتي المريضة - رحمها الله - التي غادرت الطفيلة إلى الجامعة وهي في حالة المرض الشديد ، فقد كنت جالسا منفردا تحت شجرة نخيل ، سألني عن بكائي وجلوسي منفردا، فأجبته أن والدتي المريضة قد ازداد مرضها وهي التي تكفلت بدراستي الجامعية ، وحدثته عن حياتي الحزينة، فما كان منه إلا أن قال سوف أحدثك بقصة حقيقية حزينة مؤثرة عن التوأم المحيٌر تجعل الحليم حيراناً وفي حالة من الحزن والبكاء وأشد حزنا من حديثك .

يقول الراوي" كان والدي طاعناً في السن يحترم عمي كثيراً ويقدره لدرجة لا يتصورها العقل ، وكذلك عمي أيضا الذي يعتبر والدي نبراسا له كذلك ولأبنائه ، ولكن الطريف الظريف أنهما لا يحدثان بعضهما البعض حتى في الجلسات الخاصة، حيث يجلس كل منهما في غرفة منفصلة ، بينما نحن الأبناء من كلا الطرفين علاقتنا مع بعضنا البعض قوية متينة ؛ فنحن نحترم عمنا ونقدره أكثر من والدنا ، ويضيف أن عمه وأبناءه كذلك يحترمون والدي ونحن كذلك .

"ولكن الغريب العجيب الذي يثير الدهشة والغرابة أنه عندما تنظم مناسبة (طُلبة وخطبة) يقول والدي:" اذهبوا إلى عمكم فهو أفهم مني، ونسقوا معه علشان هو الذي يطلب وذلك لأنهما كبار في السن أي فوق (٨٠) سنة توأم ولديهما كثير من الأحفاد" .

يشير الراوي إلى أن القطيعة بين الأخوين الطاعنين بالسن ليست لأي سبب، إنما هي عداوة متوارثة بين الشقيقين ورثاها على مدار (٦٠) سنة دون أن تؤثر على الأبناء والأحفاد، و يضيف الراوي أيضا إلى أن أخواته عندما يتزوجن يقوم عمي بما يسمى (تقيمة العروس)؛ حيث أن نقوط عمي يفوق نقوط والدي، إذا كانت العروس من طرفنا ، وإذا كانت العروس من طرفهم يقوم والدي بتقيمها وإعطائها نقوطا يفوق نقوط عمي وهكذا جرت العادة .

"فوالدي وعمي هما توأمان وحيدان و وضعهما المادي جيد، فهو ناتج عن ممتلكات وورثة أراضٍ وغيرها" .

"وكلاهما لا يبخل على الآخر، حتى أن أحدهما يساعد أبناء الآخر سراً دون علمه ، حتى أنهما يقومان بإعطاء الأحفاد من كلا الطرفين هدايا وأموال ؛ فهما سخيان لدرجة لا يتصورها العقل ".

"باءت كل محاولات الإصلاح بينهما بالفشل حتى بعد مرضهما واقتراب أجلهما، وكانا ذا هيبة ووقار لدى الأبناء والأحفاد" .

واكمل الراوي حديثه قائلا :" كان والدي يوصينا بأن نطيع عمنا في كل شاردة وواردة وكذلك عمي كان يوصي أبناءه بطاعة والدي (عمهم ) لدرجة كبيرة ، حتى أن الأبناء جميعهم من الطرفين الذكور والإناث ينادون على والدي والعم بلقب والدنا .

ثم واصل الرواي حديثه :" دخل الاثنان المستشفى ولم تفلح المحاولات بإصلاحهما وبقيا على هذا المنوال حتى خرجا مرة أخرى من المستشفى، ومات كل منهما بعد سنوات من خروجهما ، ولم نفلح في إصلاحهما رغم أنه وصل خبر أن عمي في النزاع الأخير ويطلب شقيقه لرؤيته قبل خروج الروح ، فعندما هم والدي بالذهاب إليه بسرعة فارقت روح عمي إلى بارئها ، فقد وصل وهو في حالة الموت ولم يسلم عليه ، وقتها جنّ جنون والدي، وبكى بكاءً لم أرَ بكاءً من قبل كشدته وحزنه وأبكى معه الجميع ، حيث أمضى والدي سنة كاملة و هو يبكي على شقيقه ويزور قبره يوميا إلى أن توفاه الله ، فقد انتقل إلى رحمة الله وكلاهما يوصي كل طرف بالاهتمام بالأبناء والأحفاد من كلا الطرفين .

عندما استحضرت هذه القصة لأكتبها لكم اليوم ذرفتُ الدموع، ودخلت في نوبة بكاء حتى أن أبنائي شاهدوا الحزن يخيم علي وأنا متأثرٌ بقصة (التوأم المحير) ، فقد تأثرت بهذين الشيخين اللذين عملا كل الخير، ولكنهما لم يصطلحا قبل وفاتهما رغم صلاح الأبناء والأحفاد من كلا الطرفين ، وأخيرا تركت وضع العنوان للقارىء الكريم والقارئة الفاضلة لصعوبة دقة العنوان ؛ كونهما مصلحين لا صالحين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات