دردشة عن فيلم الحارة ..
دردشة عامة عن العمل : فيلم الحارة هو من إنتاج (مع حفظ الألقاب) رولا ناصر و يوسف عبدالنبي و شركة لاجوني للإنتاج السينمائي للمنتجة شاهيناز العقاد، و هو من بطولة نادرة عمران و منذر رياحنة و نديم الريماوي و بركة رحماني و عماد عزمي و ميساء عبدالهادي مع لفيف لامع من الفنانين، تم انتاجه في عام 2021 و عرضُه في 8 اغسطس من نفس العام لأول مرة على اثر مشاركته في مهرجان فني في سويسرا، و قد شارك بعدة مهرجانات عالمية ليفوز بجوائز قيمة و ملفتة للنظر، و عرض في 9 حزيران من عام 2022 في الأردن، الفيلم من كتابة و اخراج باسل غندور و هو فيلم اردني يمزج بين فئات الإجتماعي و التراجيدي و الأكشن، التصنيف الرسمي لسن العرض هو 18 فما فوق حيث يحتوى على مشاهد دموية و عبارات لغوية لا تناسب القاصرين،
كان لا بد لي ان اتوقف عنده عاجلا ام آجلا لعدة اسباب م|ُلِحًة، فبعد ان غابت عن شاشاتنا الأردنية المادة الدرامية التي تعالج مشاكلنا المعاصرة بإمتياز، و بعد ان آخذت المسلسلات البدوية النصيب الأكبر من الإنتاج المحلي لغايات عرضها في الخليج، اقتصر الإنتاج خلال السنين الماضية على مسلسلات محلية ناجحة من فئة اللايت كوميدي...و بعد ان فرغت شاشاتنا من اي إنتاج سينمائي يذكر يعالج الشأن الأردني، و بعد ان رأينا نظرات التحقير و الشفقة من شخصيات سينمائية من بعض بلاد كانت تشفق علينا بأن الإنتاج السينمائي ليس لعبتنا و جعبة المنتيجين الأردنيين فارغة كالعادة من اية مواد تذكر، ابتل ريقنا بعمل سينمائي عملاق عانق بجودة إنتاجه هوليود نفسها، لا ابالغ و لا اجامل اي من فريق العمل بهذا التقيم اذ لا اعرف اي منهم معرفة شخصية إطلاقا، و لكنني لو كنت في لجنة تحكيم في مهرجان سينمائي لكنت شجعته ليترشح لجائزة العمل المتكامل، فتقيمنا كنقاد للعمل يتمحور حول عدة عناصر في الفيلم منها على سبيل المثال لا الحصر مكان او لوكيشن التصوير و تناسبه مع اجواء العمل...السيناريو و نضوجه في المادة الدرامية و التقاء الخطوط الدرامية للعمل بالصورة المقنعة و المطلوبة...اخراج المشاهد اذا تم بصورة متقنة...قدرة الفنان و انغماسه بتقديم دوره....تفاعل الفنانين الدرامي بالمشاهد... لباس الفنانين اذا يتناسب مع اجواء العمل... القصة اذا تمت معالجتها بالصورة المرجوة دراميا، و سألعالج بعض هذه النقاط بهذا المقال حيث لا مجال للخوض بها جميعها بمقال واحد،
و لعلني اقول ان هذا الفيلم نجح بهذه العناصر جميعها، ففيلم الحارة هو من وحي خيال الكاتب، اذ يمزج بعض من واقع الفقر و المجتمعات المقهورة مع واقع الجريمة في الاحياء الفقيرة في عمًان عاصمة الأردن، و لعل الجريمة جزء لا يتجزء من اي مجتمع في العالم اذ تتفاوت نسبه من دولة الى آخرى فهو واقع انساني مع الأسف لا هروب منه، و لكننا بالأردن حيث نعاني من حركة سينمائية ضحلة لم تعالج شيئا من مشاكلنا المعاصرة لم يتعود المجتمع الأردني ان يرى و لو حتى انعكاسات لهذا الواقع الجُرْمي ببشاعته في اي عمل درامي، و هنا يكمن جمال كاميرة المخرج اذ قدم رواية ممزوجة بشيئ من الواقع مع عالم خياله لنرى ابعادا لعالم الجريمة في بلدنا، و ما يفعله الفقر المهلك في بعض الأحيان بالناس التي تسعى لنيل رزقها باي طريقة كانت، فالغاية تبرر الوسيلة في شريعة الغاب التي يترعرع بها سكان الأحياء الفقيرة،
الفيلم يقدم لنا حي فقير جدا من احياء عمان، بيوت قديمة جدا ملتصقة بعضها ببعض مهترئة و مبنية بصورة عشوائية يسكنها مواطنين تكاد تكفيهم مداخيلهم للخبز و ابسط متطلبات الحياة، سكانه تائهون بين الفقر المرهق و محاولاتهم لكسب دخل مجزي، و هنا نرى جزءا منهم يحاولون العيش بالحلال مثل بهاء (محمد الجيزاوي)، فهو حلاق للشعر يكسب رزقه من عرق جبينه، و لعله إنسان مسالم بسيط التفيكر يسعى للعيش بما يأتيه من مهنته الشريفة، و تتباين نظافة اخلاقه و طيبة قلبه بصورة رائعة جدا من خلال علاقته بعلي (عماد عزمي)، فعلي هو قواد سيئ الخُلُق يكسب عيشه بطرق الحرام، بل و يقيم علاقة غرامية بالحرام مع عشيقته لانا (بركة رحماني)، ويقوم بتعريف زوار البلد الميسورين ماديا في الفنادق بنادي ليلي و نساء للمتاع و السهر، شخصيتان تختلف مبادئهما بالحياة بالرغم من صداقتهما المثيرة للجدل، و هنالك الحاج عمر (جودة صالح) جد علي الرجل الكبير بالسن و الذي يسعى لنيل رزقه بآخر ايام عمره بالحلال و المرابح التي يجنيها من محل البقالة الذي يمتلكه، و هنالك أسيل (نادره عمران) والدة لانا مصففة الشعر في الحي و التي تعيش حياة كريمة من دخلها من الصالون التي تمتلكه، و لكن سرعان ما تستجد احداث مؤلمة من قبل مُتَسَكِعْ بالحي اسمه صبري (إسلام العوضي) تدفعها الى خوض اللامعقول و الإستنجاد ببلطجي اسمه عباس (منذر رياحنة) في سبيل اللحفاظ على ابنتها، و زوجها توتو (نديم الريماوي) الذي كان يعمل في ايام شبابه في دهان المنازل، و بعد ان تعرف على أسيل في بدايات حياتهم الزوجية فشلت العلاقة بينهما بسبب ادمانه على الكحول، و منذ ذلك الحين و أسيل تمتلك صالونها ليبقى هو اسير ادمانه و تسكعه بشوارع الحي،
و هنالك عباس بلطجي و قواد الحي مع مساعدته هنادي (ميساء عبدالهادي) و عصابته التي ترعب الحارة و بعض من النوادي الليلة التي تُشَغِلْ فيها بنات الليل التي تمتلكها، شبكة اجرام قوية تسعى لنيل رزقها عن طريق الدعارة و ترعيب النوادي الليلة و المخدرات و الأتوات، و هنا سأتوقف عند خبرة شخصية مررت بها مع عالم الليل، كنت اعمل في عام 2009 مدير ليلي في فندق اربعة نجوم كبير في عمًان، و كان به مطعم كبير و بار للمشروب و نادي ليلي كبير لا يخلو من زبائنه بصورة يومية، مما لا شك به انني متدين جدا و لكن اجبرتني ظروف العمل القهرية ان استلم هذا الفندق الضخم بالمائة و ستين غرفة التي به من الحادية عشرة مساءا الى الثامنة صباحا، و كنت مسؤول عن حركة الفندق بالكامل و عن مطاعمه كافة، و تعودت ان أَطُلْ و اراقب نشاط بار المشروب و النادي اليلي الذي به فهذا كان جزاءا من مسؤليتي، و تعودت ايضا على رائحة المشاريب الكحولية التي تفيح من بين جدارنه في بهو الفندق...و ضحكات الجارسونات التي كنت اسمعها من حين لآخر، و انغام الفرقة الموسيقية الأجنبية التي كانت تغني و تعزف الاغاني للزبائن، كنت ادخل اليه من حين لآخر لتلاقيني الزجاجات المفتوحة على الطاولات و حركة الجارسونات و هن يسرعن لتلبية طلبات الزبائن...و كنت اسمع احاديثهم و مسايرتهن للزبائن، كانت الجارسونات من جنسيات مختلفة و اذكر من بينهن الأوروبية التي تقيم بالبلد و الجنسيات العربية، و اذكر تمايل الزبائن على الطاولات مع انغام الموسقي و هم ثملون بعض الشيئ من الكحول...و كانت صدمتي دائما حينما كنت اخرج من البار و اتمشى في ممرات الفندق لتلاقيني صورة كانت معلقة على حائط لقبة الصخرة في القدس...كيف امتزج الشريف بالسكير بفندق واحد، و كنت اتفاجئ بالسيارات الفاخرة التي كانت تصطف في مصفات الفندق و بالشخصيات التي تسهر بالنادي الليلي الذي كانوا يديرونه اوروبيين، كنت ادخله لأشاهد طاولاته المليئة بالزبائن و الشباب و البنات الذين كانوا يرقصون على بيست الرقص، كانت النادلات جميلات جدا و كان جمالهن من يجلب الزبائن، و المثير للجدل العاهرات التي كانت تأتي للزبان الميسورين من حين لآخر في الفندق و في العديد من الفنادق التي عملت بها بالسابق، ادارات الفنادق لا تتدخل في شيئ إطلاقا، و لكن كانت تغض الطرف عن من يسكن بالغرف الفندقية مع صاحب الغرفة فعقد الزواج لم يعد مطلباً اساسياً، خبرتي بالفنادق ابتدأت منذ عام 1994 و انتهت في عام 2009 كمدير ليلي، كانوا زملائي في احد الفنادق الخمسة نجوم الفاخرة في عام 2002 يشيرون الى زبون فندقي كان يقدم خدمات المَيْسَر للزبائن الميسورين ماديا؟؟؟؟ كان يجلب لأصحاب ألقاب طال عمرك الساكنين بالأجنحة النساء، ربما كانوا ضيوف الفنادق يلتقون بهذه الشخصيات اللتي تقدم الميسر بالنوادي اليلية التي كانوا يسهرون بها، و ربما كانوا يلتقون بهم بالصدف في شقق فندقية معينة...لا اعلم...و لكن بعد الذي رأيته و عاصرته في عالم الفنادق هنالك جانبا ليلي من مدينتنا يتحكم به شخصيات عديدة مثل عباس في فيلم الحارة...عالم الليل...القِوادة...المتاع و النساء التي كان العديد من الجنسيات العربية يشترونها بنقودهم...المشاريب الكحولية التي لا يكثر فتح زجاجاتها الا مع حلول الظلام الدامس و مع ضحكات نساء الليل الرقيعة التي تُسْمَع اصواتها في ارجاء النوادي الليلية...كلها جزء من عالم و جريمة قد يتحكم بها من يعمل بمهنة عباس....رأيت كل هذا بعيناي و اختبرته من خلال ادارتي للفنادق فلا يقول لي احد ان فيلم الحارة لا يمثل المجتمع الأردني بأي من اوجهَهُ...انه انعكاسات لواقع الجُرْم الموجود من حولنا...نحن لا تعيش بالمدينة الفاضلة بل هنالك الخير و الشر بعالمنا،
و عباس هو و ليد حياة عَوَزٍ و فَقْرِ لم تُعَلِمْهُ الا القسوة و الجريمة، لذلك نراه رجل خارج عن القانون لا يرحم من يقف في وجهه، له نفوذه بعالم النوادي الليلية و بعالم البلطجة لدرجة انه ذبح المنشار و اباده هو و عصابته من الوجود بمشهد خيانه مرعب جدا، لا صاحب له و لا رفيق الا العنف و القسوة مع اهل الحي، هو و هنادي وجهان لنفس العملة فتنحدر معاونته من عالم العهر الذي خَلًفَ على جسدها عاهة مستديمه، ففي خضم سهراتها الحمراء في نادي ليلي رفضت ان تعشار زبون سكران، فضربها و شوه عين من عينيها مما خلف بها حقد على المجتمع و قلب قاسي اتفقت به مع عباس، فنراها تُخْلِصْ بعلاقتها مع عباس الى الرمق الأخير،
دردشة عن خصائص تقنية و الديناميكيات التي تكون العمل الدرامي :
مكان او لوكيشن التصوير و تناسبه مع اجواء العمل، لباس الفنانين اذا يتناسب مع اجواء العمل :
هذا العمل بالتأكيد هو اجتماعي تراجيدي اكشن، و هو عن حي يعيش اهله الفقر المهلك لذا كان من الطبيعي اختيار حي يعكس بؤس الحياة التي يعيشها ابطال العمل، و احسن مناطق لهذا السيناريو هي المناطق التي تعاني من الترهل بالبنية التحتية و العمار العشوائي القديم، و هنالك مناطق عدة مناسبة لهذا السيناريو في عمان اختار ربما المخرج الأنسب منها، و هو حي جبل النظيف من عمان الشرقية و المعروف بقدمه في بلادنا، و رأيت كم كان هذا الإختيار موفق فبمشهد هروب علي من غرفة نوم لانا ساهمت البنية التحتية للأبنية بهروبه بطريقة مثيرة جدا و مليئة بالحركة فكان يتسلق على مواسير قديمة و يقفز من بناء الى آخر حتى ابتعد عن منزل حبيته، و بمنزل تسلسله الى شقة عباس ساعدت هذه االبنية التحتية ايضا بأن يكون هذا ممكنا بطريقة مثيرة، و هذا مثال حي كم ان اختيار لوكيشن التصوير المناسب يؤثر على مشاهد السيناريو حيث قد تكون مناسبة لحَرَكِيًة المشهد و رفع وتيرة الأكشن و الإثارة بها، رأينا هذا الأمر مطبق بصورة ممتازة ايضا بفيلم لأحمد السقا بإسم ابراهيم الأبيض حيث راينا كم كانت البنية التحتية للحي القديم في بداية الفيلم عامل فعال بمشاهد هروب ابراهيم و هو طفل، حيث كان يجري في طرق قديمة و ضيقة و فوق اسطح العشوائيات من رجال يطاردونه مما وضع الفيلم بإطاره الحركي المناسب منذ بدايته كفيلم اكشن، و بسلاسة كبيرة لا يجد مخرج الفيلم مشكلة بتقديم الزمن في الفيلم و حيث وجدنا ابراهيم الأبيض (احمد السقا) و هو يكمل بالجري في الفيلم من الشرطة بين العشوائيات و في الطرق نفسها القديمة حيث ترعرع منذ طفولته، و رأينا مشاهد مثيرة و هو يقوم بحركات خطرة جدا نظرا لطبيعة المنطقة الغير سهلة،
مما لا شك به ان للوكيشنات التصوير او اماكن تصوير مشاهد العمل العامل الأبرز بنجاح تصوير المشاهد اذ يجب اختيارها بعناية فائقة فهي خلفيات تعكس روح العمل بإمتياز، و لفت انتباهي تركيز المخرج على التفاصيل بالمشاهد حيث نرى هنا اماكن التصوير بتفاصيل مثيرة و رائعة تعكس مدى تعاست اهل الحي في بيوتهم و عيشتهم، و الجميل بالموضوع اننا لا نرى هذا الأمر شاذا يشتت تركيز المشاهد عن حوار الشخصيات اذ تتناسق الأبعاد بكل المشاهد لتكون مكمل للروح الدرامي للعمل، نحن لا نتكلم عن امر ساذج هنا فهنالك مخرجين يتقنون هذا الاسلوب الإخراجي فهنالك تفاصيل التعاسة بكل مشاهد العمل فلا ينتقل التصوير الى مشاهد تخرج العمل من بئته الصحيحة من دون اسباب مقنعة، فنرى الحي الفقير بإستمرار التي تجري به الأحداث المثيرة و نرى النادي الليلي المتواضع الذي يرتاده علي و عباس بحلة متواضعة قاتمة لا يشبه كاباريهات الخمسة نجوم الفاخرة...و نرى الشقق الفندقية المتواضعة التي يلتقط بها علي زبائنه و التي يرتادها علي و لانا لاحقا بعد ارتباطهم، و نرى إلتقاء علي و بهاء فوق سطح بناية مهترئة بالحي حينما يتواجها مع بعض في المشاهد الأولى من العمل، نرى صالون صبري القديم الذي يفتقد الى الإطلالة العصرية و الذي يعكس امكانياته المتواضعة، و نرى منزل عباس بحلته القاتمة و اثاثه الباهت اللون و الكئيب و الذي يملئه الفوضى حيث يعكس مستواه كبلطجي بالرغم من يسر احواله المادية، نرى اسيل في المشاهد الأولى من العمل تتأمل بخوف الحيوانات المحنطة في منزله و صورة الإمرأة المحجبة المعلقة على الحائط و بيدها المسدسات.....نرى منزل اسيل بعفشه القديم و نرى صالونها بإمكانياته المتواضعة الذي يعكس كم هي إنسانة مكافحة، حتى غرفة نوم لانا قديمة تعكس كابة الأحوال التي تعيشها، اثاث البيوت القديم و الأزقات القاتمة التي نرى بها المتسكعين، و سيارة علي التي يضرب تكيفها بيده لتعمل، البيت المهجور الذي يصور به صبري لانا ليبتز والدتها، كاميرة المخرج هنا تقول لنا الكثير حول البيئة التي يعيشوها الأبطال،
مما لاشك به ان لباس اهل الحي المتواضع او إطلالتهم تلعب دور بارز في المساعدة في ابراز هوية الشخصية بالعمل، فتناسق هذا الأمر مع بيئة الحي كان امرا بارزا جدا، و اعجبني عناية المخرج بلباس عباس بالفيلم، فلباسه الغير رسمي من بنطال جينز و بلوزات تكشف الساعد في بعض اطلالاته ليبرز عضل ساعده و الوشم على اعلى الساعد عكس فحولته كبلطجي، طريقة شربه للمشروب بشراهة و خشونه ايضا، إطلالته بالنادي الليلي فطبقته الإجتماعية لا ترتدي البدل بل دائما ما ترتدي اللباس الغير رسمي و كبير هذه الأناقة الجينز و البلوزة و جاكيتات غير رسمية، و لباس هنادي المرافقة كان دائما قاتم الألوان وغير متناسق و غير مرتب، فهذا كان يعكس الحياة المزرية و النفسية البائسة التي تتمتع بها، لباس اسيل الشعبي و المستور كان ملائم لشحصيتها فبالرغم من انها مصففة شعر الا انها على مستوى شخصي إنسانة بسيطة المنطق فإطلالتها تعكس مدى شعبية الشخصية بصورة جميلة، حتى لباس لانا كان الجينز و البلائز حيث تمتع بالبساطة، و نرى ايضا نفس الأمر يتكرر مع معظم سكان الحي فلا نرى امرا شاذا بلباسهم عن منطق الشخصيات التي يقدمونها، تكرار الحجاب في لباس الكومبرس كان متواترا مع الحي الذي يعيشون به فيكثر هذا اللباس في المناطق الشعبية بخلاف مناطق اولاد الذوات و الطبقات الوسطى الذي يكثر بها اللباس العصري، لوحة فنية متكاملة تتناسق بها هذه العناصر بكل عناية،
السيناريو و نضوجه في المادة الدرامية و التقاء الخطوط الدرامية للعمل بالصورة المقنعة و المطلوبة :
لكل بطل رئيسي في العمل خطه الدرامي الخاص، فالأبطال هم علي و لانا و عباس و هنادي و اسيل و توتو و بهاء و صبري، و تتقاطع الخطوط الدرامية بكل سلاسة للابطال من خلال صبري محرك الأحداث بالعمل، فخط عباس يتقاطع مع اسيل بعد ان نرى علي يعاشر لانا في اولى حلقات العمل في غرفة نومها، و نرى تسجيل فيديو لعلي و هو في غرفة نوم لانا يتم ارساله الى موبايل اسيل، مما يدفعها للجوء الى عباس بلطجي الحارة للطلب منه تهديد صاحب الفيديو لإلغاء النسخة التي لديه، و هنا نراها تطلب من عباس ان يهدد علي بالإبتعاد عن ابنتها، و عند هذه النقطة يحتك الخط الدرامي لعلي بخط عباس، فيذهب الى علي بدكان جده ليهدده للإبتعاد عن لانا، و نرى الإثارة تتصاعد بالفيلم بسبب عدم كشف هوية صاحب الفيديو و اعتداء عباس على علي، فعند اعتراض علي تقوم عصابة عباس بضرب علي بقوة و لفرض هيبة عباس بالحارة، و هنا تتقاطع الخطوط الدرامية لثلاثة شخصيات بالعمل مع بعض بسبب الفيديو المجهول، مما لا شك به ان الأحداث تتصاعد بقوة فأسيل تُسَرْ بتدخل عباس ظنا منها ان الموضوع انتهى، فتسعى لترتيب زواج تقليدي لإبنتها، فتوهم ابنتها انها موافقة على علي، و لأجل إتمام هذا الزواج نرى اسيل تتصل بزوجها السكير توتو لكي يقابل اهل الطلاب القادمين اليه، و هنا نرى الخط الدرامي لتوتو يحتك بخط اسيل بعد طول غياب، فأسيل مطلقة من توتو منذ فترة طويلة، و اصبح بهذه اللحظات ضروري بحياتها فوجود والد لانا سيقدمهم كأسرة متماسكة اكثر مما سيزيد فرص زواج لانا بعروسها، و لكن عند هذه الأحداث المثيرة من زمن الفيلم يقرر علي بعد عار ضربه من قبل عصابة عباس الهجرة من الحارة، و يقوم بالكذب على جده و اسرته و صديقه بهاء بأنه سيتم نقله من قبل الشركة التي يعمل بها الى فرعهم بإسطنبول، و يقوم بترتيب موعد بِسِرِيًة تامة مع لانا ليهروبا من المنزل، و يقوم بحجز جناح بفندق شقق فندقية حيث يقيم لفترة من الزمن، و هنا يحدث اللامعقول حيث يقوم علي بالدخول خلسة الى بيت عباس لسرقته، و هنا تتقاطع الخطوط الدرامية لعلي و عباس مرة آخرى بصورة قوية لنصل الى الذروة الدرامية بالفيلم Climax، فعند فشل علي فتح خزنة عباس في منزله يدخل عباس مع عصابته عليه فجأة، مما يدفع علي لسحب مسدس عليه ، و يضربه لِيُفْقِدُه وعيه، و يعطيه ارقام الخزنة تحت تهديد السلاح، و هنا يقوم علي بالإنتقام من عباس و تمزيق لسانه بسكين، يهرب علي و يلاقي لانا بسيارته و يهربا الى الشقق الفندقية سريعا،
و هنا يعلو شأن هنادي بالعصابة، فتتبلور اهميتها اكثر حيث يؤثر شلل لسان عباس على نشاطه بصورة كبيرة، فتصبح هي الرئيس بدلا منه، و نراها تتنقل مع افراد العصابة لتقبض الأتاوات و المداخيل لتعطيهم لعباس اول بأول، و نرى عباس هنا ينهار و يدمن المخدرات و يصبح عاجز عن التصرف بسبب عدم قدرته على الكلام، و فجأة نرى حوار بين هنادي و احد افراد العصابة يحاول اقناعها بالإنقلاب على عباس حيث يريدها هي الرأس الكبير الذي يحرك عصابتهم، فلها من العلاقات ما يؤهلها لهذا العمل، و تتعاقب الأحداث حيث في لحظات من الخيانة يتضح اتفاق عباس و هنادي على اثنين من العصابة ارادا خيانته، فيقتلهم بطريقه بشعة ليعود هو الزعيم من جديد، و لكن لا يمهله قدره الكثير من الوقت،
و هنا تعود الخطوط الدرامية لتأخذ ابعاد جديدة، فتكتشف لانا بلحظات خلوها مع علي مسدس و كميات من المال تشك بمصدرها، فتصارح علي و لكن لتجد منه اجوبة غير مقنعة، فتغضب و تعود الى حارتها بالرغم من محاولته ارضاءها، و نراها تهم الى بيت صديقتها بوسط صدمتها و دموعها، يلحق بها علي معتقدا انها عادت الى منزلها، و يحاول انزال حقيبة من على سطح بيتها الى نافذة غرفة نومها بهدف إرضاءها و لكن لتراه والدتها، فتصرخ عليه من النافذة ثم تحاول الجري ورائه و بيدها مقص، و عندما يلتقيا على الأدراج يتعاركا و لكن ليسقطا معا و ينغرز المقص عن طريق الخطأ برقبة علي لتؤدي هذه الحادثة الى وفاته الفورية، تستنجد اسيل بتوتو ليقرر الآخير التخلص من الجثة و حرقها بحاوية القمامة بمنطقة بعيدة، تعود أسيل الى غرفة نوم لانا و تبحث بالشنطة لتجد كميات كبيرة من المال فيي داخلها، فتقرر الإحتفاظ بها، لا يتم اكتشاف الجريمة الا بعد عدة ايام فقط حيث يكتشف اهل الحي عن طريق تقرير الشرطة ان علي لم يكن بإسطنبول إطلاقا، و لا يمتلك جواز للسفر حتى، و عند هذا الحد تكثر الشائعات على علي لتتفتح اعين صديقه المخلص بهاء بأن هنالك شيئ مريب بموته، يتحرك الخط الدرامي لبهاء بصفته صديقه المخلص بصورة رائعة هنا ليدخل ضمن عمق احداث العمل، فبعد ان كان عبارة عن شخصية غير وازنة في بداية الفيلم لا يمثل في مرحلة من المراحل الا صوت ضمير علي الغائب و نقيضه النظيف يبدأ بالبحث عن اسباب وفاة اعز اصدقائه، و يبدأ بزيارة امكنة تردد علي، فيزور بار المشروب الذي كان يوصل علي به العاهرات بالزبائن، و يبدأ بسؤال الموظفين عنه، فيكتشف انه كان متورط مع عصابة عباس، و يقوم بزيارة الشقق الفندقية التي كان يقيم بها، و يكتشف حقيبة علي المليئة بالعُمْلات النقدية، يتحرك الخط الدرامي لبهاء بصورة نشيطة جدا عند هذا الحد، فنراه يرسل شخصيات من طرفه ليوهم اهل علي اثناء عزءاه بأنهم زملاء علي بالعمل و بأنهم هم من ارسلوه لإسطنبول ليوقف الإشاعات عنه و ليعزي قلب اهله بأن ابنهم كان يعمل بالخارج فعلا، و لا يتوقف عند هذا الحد بل نراه يرسل من طرفه من ينتحل شخصيات ضباط أمن ليقول لأهله ان اسباب وفاته بعد التحقيق كان حادث سيارة، و حتى قاموا بإرسال لأهله سيارة محطمة ليلقوا النظر عليها ليقتنعوا هم و اهل الحي انها سيارته، نرى بهاء هنا يفعل المستحيل ليوقف الإشاعات عن صديقه و يعزي اهله خير عزاء بسمعة ابنهم، يل لا يتوقف تفانيه لصديقه عند المعقول بل نراه يقتل عباس، اذ يفاجئه و هو يدخل الى بنايته و يذبحه و يتركه وسط بركة دماء خلسة قبل ان يهرب،
هذا الفيلم لا يتوقف قبل ان يقول لنا من السبب بسلسلة الكوارث التي تحدث مع اهل الحي، فالخط الدرامي لصبري هنا غير مفعل إطلاقا فلا نعلم عن شخصية المبتز لغاية هذه اللحظات الحاسمة شيئ، حتى لا نعلم انه الرواي للأحدث بأولى مشاهده الا عند مشاهد الختام، مما يضفي عليه الكثير من الإثارة فعواقب أفعاله وخيمة جدا على سكان الحي، و مع قدوم المشاهد النهائية للعمل تستلم اسيل فيديو من المبتز لجريمة قتل علي، و يقوم بطلب مبلغ من المال كالعادة، فتلجأ الى توتو و يتفقا على صنع كمين لمعرفة شخصية صاحب التسجيل، و لكن يفشل الكمين و يهرب المبتز منهم، فتلجأ أسيل الى إلقاء طُعْم له لتكشف هويته، فتوقف ابنتها امام نافذة غرفة نومها و تطلب منها التعري قليلا لتغري المبتز، و تنجح هذه الخطة فيمسكانه هي و زوجها و هو يقوم بتصوير لانا، و يهددانه كي يتوقف عن افعاله معهم و يجبرانه على تسجيل فيديو بأنه قبض نقود مقابل تستره على جريمة القتل،
ينتهي هذا الفيلم كما ابتدأ...بصوت صبري...الذي اشعل اتون ملتهب من المشاكل بفيديوهاته المشبوهة...لتنسدل الستارة على مشاهده القوية و المثيرة للجدل و هو يحكي ماذا حصل مع عدد من ابطاله...و بأن الحي مليئ بالقصص و الحكايات،
دردشة عامة عن العمل : فيلم الحارة هو من إنتاج (مع حفظ الألقاب) رولا ناصر و يوسف عبدالنبي و شركة لاجوني للإنتاج السينمائي للمنتجة شاهيناز العقاد، و هو من بطولة نادرة عمران و منذر رياحنة و نديم الريماوي و بركة رحماني و عماد عزمي و ميساء عبدالهادي مع لفيف لامع من الفنانين، تم انتاجه في عام 2021 و عرضُه في 8 اغسطس من نفس العام لأول مرة على اثر مشاركته في مهرجان فني في سويسرا، و قد شارك بعدة مهرجانات عالمية ليفوز بجوائز قيمة و ملفتة للنظر، و عرض في 9 حزيران من عام 2022 في الأردن، الفيلم من كتابة و اخراج باسل غندور و هو فيلم اردني يمزج بين فئات الإجتماعي و التراجيدي و الأكشن، التصنيف الرسمي لسن العرض هو 18 فما فوق حيث يحتوى على مشاهد دموية و عبارات لغوية لا تناسب القاصرين،
كان لا بد لي ان اتوقف عنده عاجلا ام آجلا لعدة اسباب م|ُلِحًة، فبعد ان غابت عن شاشاتنا الأردنية المادة الدرامية التي تعالج مشاكلنا المعاصرة بإمتياز، و بعد ان آخذت المسلسلات البدوية النصيب الأكبر من الإنتاج المحلي لغايات عرضها في الخليج، اقتصر الإنتاج خلال السنين الماضية على مسلسلات محلية ناجحة من فئة اللايت كوميدي...و بعد ان فرغت شاشاتنا من اي إنتاج سينمائي يذكر يعالج الشأن الأردني، و بعد ان رأينا نظرات التحقير و الشفقة من شخصيات سينمائية من بعض بلاد كانت تشفق علينا بأن الإنتاج السينمائي ليس لعبتنا و جعبة المنتيجين الأردنيين فارغة كالعادة من اية مواد تذكر، ابتل ريقنا بعمل سينمائي عملاق عانق بجودة إنتاجه هوليود نفسها، لا ابالغ و لا اجامل اي من فريق العمل بهذا التقيم اذ لا اعرف اي منهم معرفة شخصية إطلاقا، و لكنني لو كنت في لجنة تحكيم في مهرجان سينمائي لكنت شجعته ليترشح لجائزة العمل المتكامل، فتقيمنا كنقاد للعمل يتمحور حول عدة عناصر في الفيلم منها على سبيل المثال لا الحصر مكان او لوكيشن التصوير و تناسبه مع اجواء العمل...السيناريو و نضوجه في المادة الدرامية و التقاء الخطوط الدرامية للعمل بالصورة المقنعة و المطلوبة...اخراج المشاهد اذا تم بصورة متقنة...قدرة الفنان و انغماسه بتقديم دوره....تفاعل الفنانين الدرامي بالمشاهد... لباس الفنانين اذا يتناسب مع اجواء العمل... القصة اذا تمت معالجتها بالصورة المرجوة دراميا، و سألعالج بعض هذه النقاط بهذا المقال حيث لا مجال للخوض بها جميعها بمقال واحد،
و لعلني اقول ان هذا الفيلم نجح بهذه العناصر جميعها، ففيلم الحارة هو من وحي خيال الكاتب، اذ يمزج بعض من واقع الفقر و المجتمعات المقهورة مع واقع الجريمة في الاحياء الفقيرة في عمًان عاصمة الأردن، و لعل الجريمة جزء لا يتجزء من اي مجتمع في العالم اذ تتفاوت نسبه من دولة الى آخرى فهو واقع انساني مع الأسف لا هروب منه، و لكننا بالأردن حيث نعاني من حركة سينمائية ضحلة لم تعالج شيئا من مشاكلنا المعاصرة لم يتعود المجتمع الأردني ان يرى و لو حتى انعكاسات لهذا الواقع الجُرْمي ببشاعته في اي عمل درامي، و هنا يكمن جمال كاميرة المخرج اذ قدم رواية ممزوجة بشيئ من الواقع مع عالم خياله لنرى ابعادا لعالم الجريمة في بلدنا، و ما يفعله الفقر المهلك في بعض الأحيان بالناس التي تسعى لنيل رزقها باي طريقة كانت، فالغاية تبرر الوسيلة في شريعة الغاب التي يترعرع بها سكان الأحياء الفقيرة،
الفيلم يقدم لنا حي فقير جدا من احياء عمان، بيوت قديمة جدا ملتصقة بعضها ببعض مهترئة و مبنية بصورة عشوائية يسكنها مواطنين تكاد تكفيهم مداخيلهم للخبز و ابسط متطلبات الحياة، سكانه تائهون بين الفقر المرهق و محاولاتهم لكسب دخل مجزي، و هنا نرى جزءا منهم يحاولون العيش بالحلال مثل بهاء (محمد الجيزاوي)، فهو حلاق للشعر يكسب رزقه من عرق جبينه، و لعله إنسان مسالم بسيط التفيكر يسعى للعيش بما يأتيه من مهنته الشريفة، و تتباين نظافة اخلاقه و طيبة قلبه بصورة رائعة جدا من خلال علاقته بعلي (عماد عزمي)، فعلي هو قواد سيئ الخُلُق يكسب عيشه بطرق الحرام، بل و يقيم علاقة غرامية بالحرام مع عشيقته لانا (بركة رحماني)، ويقوم بتعريف زوار البلد الميسورين ماديا في الفنادق بنادي ليلي و نساء للمتاع و السهر، شخصيتان تختلف مبادئهما بالحياة بالرغم من صداقتهما المثيرة للجدل، و هنالك الحاج عمر (جودة صالح) جد علي الرجل الكبير بالسن و الذي يسعى لنيل رزقه بآخر ايام عمره بالحلال و المرابح التي يجنيها من محل البقالة الذي يمتلكه، و هنالك أسيل (نادره عمران) والدة لانا مصففة الشعر في الحي و التي تعيش حياة كريمة من دخلها من الصالون التي تمتلكه، و لكن سرعان ما تستجد احداث مؤلمة من قبل مُتَسَكِعْ بالحي اسمه صبري (إسلام العوضي) تدفعها الى خوض اللامعقول و الإستنجاد ببلطجي اسمه عباس (منذر رياحنة) في سبيل اللحفاظ على ابنتها، و زوجها توتو (نديم الريماوي) الذي كان يعمل في ايام شبابه في دهان المنازل، و بعد ان تعرف على أسيل في بدايات حياتهم الزوجية فشلت العلاقة بينهما بسبب ادمانه على الكحول، و منذ ذلك الحين و أسيل تمتلك صالونها ليبقى هو اسير ادمانه و تسكعه بشوارع الحي،
و هنالك عباس بلطجي و قواد الحي مع مساعدته هنادي (ميساء عبدالهادي) و عصابته التي ترعب الحارة و بعض من النوادي الليلة التي تُشَغِلْ فيها بنات الليل التي تمتلكها، شبكة اجرام قوية تسعى لنيل رزقها عن طريق الدعارة و ترعيب النوادي الليلة و المخدرات و الأتوات، و هنا سأتوقف عند خبرة شخصية مررت بها مع عالم الليل، كنت اعمل في عام 2009 مدير ليلي في فندق اربعة نجوم كبير في عمًان، و كان به مطعم كبير و بار للمشروب و نادي ليلي كبير لا يخلو من زبائنه بصورة يومية، مما لا شك به انني متدين جدا و لكن اجبرتني ظروف العمل القهرية ان استلم هذا الفندق الضخم بالمائة و ستين غرفة التي به من الحادية عشرة مساءا الى الثامنة صباحا، و كنت مسؤول عن حركة الفندق بالكامل و عن مطاعمه كافة، و تعودت ان أَطُلْ و اراقب نشاط بار المشروب و النادي اليلي الذي به فهذا كان جزاءا من مسؤليتي، و تعودت ايضا على رائحة المشاريب الكحولية التي تفيح من بين جدارنه في بهو الفندق...و ضحكات الجارسونات التي كنت اسمعها من حين لآخر، و انغام الفرقة الموسيقية الأجنبية التي كانت تغني و تعزف الاغاني للزبائن، كنت ادخل اليه من حين لآخر لتلاقيني الزجاجات المفتوحة على الطاولات و حركة الجارسونات و هن يسرعن لتلبية طلبات الزبائن...و كنت اسمع احاديثهم و مسايرتهن للزبائن، كانت الجارسونات من جنسيات مختلفة و اذكر من بينهن الأوروبية التي تقيم بالبلد و الجنسيات العربية، و اذكر تمايل الزبائن على الطاولات مع انغام الموسقي و هم ثملون بعض الشيئ من الكحول...و كانت صدمتي دائما حينما كنت اخرج من البار و اتمشى في ممرات الفندق لتلاقيني صورة كانت معلقة على حائط لقبة الصخرة في القدس...كيف امتزج الشريف بالسكير بفندق واحد، و كنت اتفاجئ بالسيارات الفاخرة التي كانت تصطف في مصفات الفندق و بالشخصيات التي تسهر بالنادي الليلي الذي كانوا يديرونه اوروبيين، كنت ادخله لأشاهد طاولاته المليئة بالزبائن و الشباب و البنات الذين كانوا يرقصون على بيست الرقص، كانت النادلات جميلات جدا و كان جمالهن من يجلب الزبائن، و المثير للجدل العاهرات التي كانت تأتي للزبان الميسورين من حين لآخر في الفندق و في العديد من الفنادق التي عملت بها بالسابق، ادارات الفنادق لا تتدخل في شيئ إطلاقا، و لكن كانت تغض الطرف عن من يسكن بالغرف الفندقية مع صاحب الغرفة فعقد الزواج لم يعد مطلباً اساسياً، خبرتي بالفنادق ابتدأت منذ عام 1994 و انتهت في عام 2009 كمدير ليلي، كانوا زملائي في احد الفنادق الخمسة نجوم الفاخرة في عام 2002 يشيرون الى زبون فندقي كان يقدم خدمات المَيْسَر للزبائن الميسورين ماديا؟؟؟؟ كان يجلب لأصحاب ألقاب طال عمرك الساكنين بالأجنحة النساء، ربما كانوا ضيوف الفنادق يلتقون بهذه الشخصيات اللتي تقدم الميسر بالنوادي اليلية التي كانوا يسهرون بها، و ربما كانوا يلتقون بهم بالصدف في شقق فندقية معينة...لا اعلم...و لكن بعد الذي رأيته و عاصرته في عالم الفنادق هنالك جانبا ليلي من مدينتنا يتحكم به شخصيات عديدة مثل عباس في فيلم الحارة...عالم الليل...القِوادة...المتاع و النساء التي كان العديد من الجنسيات العربية يشترونها بنقودهم...المشاريب الكحولية التي لا يكثر فتح زجاجاتها الا مع حلول الظلام الدامس و مع ضحكات نساء الليل الرقيعة التي تُسْمَع اصواتها في ارجاء النوادي الليلية...كلها جزء من عالم و جريمة قد يتحكم بها من يعمل بمهنة عباس....رأيت كل هذا بعيناي و اختبرته من خلال ادارتي للفنادق فلا يقول لي احد ان فيلم الحارة لا يمثل المجتمع الأردني بأي من اوجهَهُ...انه انعكاسات لواقع الجُرْم الموجود من حولنا...نحن لا تعيش بالمدينة الفاضلة بل هنالك الخير و الشر بعالمنا،
و عباس هو و ليد حياة عَوَزٍ و فَقْرِ لم تُعَلِمْهُ الا القسوة و الجريمة، لذلك نراه رجل خارج عن القانون لا يرحم من يقف في وجهه، له نفوذه بعالم النوادي الليلية و بعالم البلطجة لدرجة انه ذبح المنشار و اباده هو و عصابته من الوجود بمشهد خيانه مرعب جدا، لا صاحب له و لا رفيق الا العنف و القسوة مع اهل الحي، هو و هنادي وجهان لنفس العملة فتنحدر معاونته من عالم العهر الذي خَلًفَ على جسدها عاهة مستديمه، ففي خضم سهراتها الحمراء في نادي ليلي رفضت ان تعشار زبون سكران، فضربها و شوه عين من عينيها مما خلف بها حقد على المجتمع و قلب قاسي اتفقت به مع عباس، فنراها تُخْلِصْ بعلاقتها مع عباس الى الرمق الأخير،
دردشة عن خصائص تقنية و الديناميكيات التي تكون العمل الدرامي :
مكان او لوكيشن التصوير و تناسبه مع اجواء العمل، لباس الفنانين اذا يتناسب مع اجواء العمل :
هذا العمل بالتأكيد هو اجتماعي تراجيدي اكشن، و هو عن حي يعيش اهله الفقر المهلك لذا كان من الطبيعي اختيار حي يعكس بؤس الحياة التي يعيشها ابطال العمل، و احسن مناطق لهذا السيناريو هي المناطق التي تعاني من الترهل بالبنية التحتية و العمار العشوائي القديم، و هنالك مناطق عدة مناسبة لهذا السيناريو في عمان اختار ربما المخرج الأنسب منها، و هو حي جبل النظيف من عمان الشرقية و المعروف بقدمه في بلادنا، و رأيت كم كان هذا الإختيار موفق فبمشهد هروب علي من غرفة نوم لانا ساهمت البنية التحتية للأبنية بهروبه بطريقة مثيرة جدا و مليئة بالحركة فكان يتسلق على مواسير قديمة و يقفز من بناء الى آخر حتى ابتعد عن منزل حبيته، و بمنزل تسلسله الى شقة عباس ساعدت هذه االبنية التحتية ايضا بأن يكون هذا ممكنا بطريقة مثيرة، و هذا مثال حي كم ان اختيار لوكيشن التصوير المناسب يؤثر على مشاهد السيناريو حيث قد تكون مناسبة لحَرَكِيًة المشهد و رفع وتيرة الأكشن و الإثارة بها، رأينا هذا الأمر مطبق بصورة ممتازة ايضا بفيلم لأحمد السقا بإسم ابراهيم الأبيض حيث راينا كم كانت البنية التحتية للحي القديم في بداية الفيلم عامل فعال بمشاهد هروب ابراهيم و هو طفل، حيث كان يجري في طرق قديمة و ضيقة و فوق اسطح العشوائيات من رجال يطاردونه مما وضع الفيلم بإطاره الحركي المناسب منذ بدايته كفيلم اكشن، و بسلاسة كبيرة لا يجد مخرج الفيلم مشكلة بتقديم الزمن في الفيلم و حيث وجدنا ابراهيم الأبيض (احمد السقا) و هو يكمل بالجري في الفيلم من الشرطة بين العشوائيات و في الطرق نفسها القديمة حيث ترعرع منذ طفولته، و رأينا مشاهد مثيرة و هو يقوم بحركات خطرة جدا نظرا لطبيعة المنطقة الغير سهلة،
مما لا شك به ان للوكيشنات التصوير او اماكن تصوير مشاهد العمل العامل الأبرز بنجاح تصوير المشاهد اذ يجب اختيارها بعناية فائقة فهي خلفيات تعكس روح العمل بإمتياز، و لفت انتباهي تركيز المخرج على التفاصيل بالمشاهد حيث نرى هنا اماكن التصوير بتفاصيل مثيرة و رائعة تعكس مدى تعاست اهل الحي في بيوتهم و عيشتهم، و الجميل بالموضوع اننا لا نرى هذا الأمر شاذا يشتت تركيز المشاهد عن حوار الشخصيات اذ تتناسق الأبعاد بكل المشاهد لتكون مكمل للروح الدرامي للعمل، نحن لا نتكلم عن امر ساذج هنا فهنالك مخرجين يتقنون هذا الاسلوب الإخراجي فهنالك تفاصيل التعاسة بكل مشاهد العمل فلا ينتقل التصوير الى مشاهد تخرج العمل من بئته الصحيحة من دون اسباب مقنعة، فنرى الحي الفقير بإستمرار التي تجري به الأحداث المثيرة و نرى النادي الليلي المتواضع الذي يرتاده علي و عباس بحلة متواضعة قاتمة لا يشبه كاباريهات الخمسة نجوم الفاخرة...و نرى الشقق الفندقية المتواضعة التي يلتقط بها علي زبائنه و التي يرتادها علي و لانا لاحقا بعد ارتباطهم، و نرى إلتقاء علي و بهاء فوق سطح بناية مهترئة بالحي حينما يتواجها مع بعض في المشاهد الأولى من العمل، نرى صالون صبري القديم الذي يفتقد الى الإطلالة العصرية و الذي يعكس امكانياته المتواضعة، و نرى منزل عباس بحلته القاتمة و اثاثه الباهت اللون و الكئيب و الذي يملئه الفوضى حيث يعكس مستواه كبلطجي بالرغم من يسر احواله المادية، نرى اسيل في المشاهد الأولى من العمل تتأمل بخوف الحيوانات المحنطة في منزله و صورة الإمرأة المحجبة المعلقة على الحائط و بيدها المسدسات.....نرى منزل اسيل بعفشه القديم و نرى صالونها بإمكانياته المتواضعة الذي يعكس كم هي إنسانة مكافحة، حتى غرفة نوم لانا قديمة تعكس كابة الأحوال التي تعيشها، اثاث البيوت القديم و الأزقات القاتمة التي نرى بها المتسكعين، و سيارة علي التي يضرب تكيفها بيده لتعمل، البيت المهجور الذي يصور به صبري لانا ليبتز والدتها، كاميرة المخرج هنا تقول لنا الكثير حول البيئة التي يعيشوها الأبطال،
مما لاشك به ان لباس اهل الحي المتواضع او إطلالتهم تلعب دور بارز في المساعدة في ابراز هوية الشخصية بالعمل، فتناسق هذا الأمر مع بيئة الحي كان امرا بارزا جدا، و اعجبني عناية المخرج بلباس عباس بالفيلم، فلباسه الغير رسمي من بنطال جينز و بلوزات تكشف الساعد في بعض اطلالاته ليبرز عضل ساعده و الوشم على اعلى الساعد عكس فحولته كبلطجي، طريقة شربه للمشروب بشراهة و خشونه ايضا، إطلالته بالنادي الليلي فطبقته الإجتماعية لا ترتدي البدل بل دائما ما ترتدي اللباس الغير رسمي و كبير هذه الأناقة الجينز و البلوزة و جاكيتات غير رسمية، و لباس هنادي المرافقة كان دائما قاتم الألوان وغير متناسق و غير مرتب، فهذا كان يعكس الحياة المزرية و النفسية البائسة التي تتمتع بها، لباس اسيل الشعبي و المستور كان ملائم لشحصيتها فبالرغم من انها مصففة شعر الا انها على مستوى شخصي إنسانة بسيطة المنطق فإطلالتها تعكس مدى شعبية الشخصية بصورة جميلة، حتى لباس لانا كان الجينز و البلائز حيث تمتع بالبساطة، و نرى ايضا نفس الأمر يتكرر مع معظم سكان الحي فلا نرى امرا شاذا بلباسهم عن منطق الشخصيات التي يقدمونها، تكرار الحجاب في لباس الكومبرس كان متواترا مع الحي الذي يعيشون به فيكثر هذا اللباس في المناطق الشعبية بخلاف مناطق اولاد الذوات و الطبقات الوسطى الذي يكثر بها اللباس العصري، لوحة فنية متكاملة تتناسق بها هذه العناصر بكل عناية،
السيناريو و نضوجه في المادة الدرامية و التقاء الخطوط الدرامية للعمل بالصورة المقنعة و المطلوبة :
لكل بطل رئيسي في العمل خطه الدرامي الخاص، فالأبطال هم علي و لانا و عباس و هنادي و اسيل و توتو و بهاء و صبري، و تتقاطع الخطوط الدرامية بكل سلاسة للابطال من خلال صبري محرك الأحداث بالعمل، فخط عباس يتقاطع مع اسيل بعد ان نرى علي يعاشر لانا في اولى حلقات العمل في غرفة نومها، و نرى تسجيل فيديو لعلي و هو في غرفة نوم لانا يتم ارساله الى موبايل اسيل، مما يدفعها للجوء الى عباس بلطجي الحارة للطلب منه تهديد صاحب الفيديو لإلغاء النسخة التي لديه، و هنا نراها تطلب من عباس ان يهدد علي بالإبتعاد عن ابنتها، و عند هذه النقطة يحتك الخط الدرامي لعلي بخط عباس، فيذهب الى علي بدكان جده ليهدده للإبتعاد عن لانا، و نرى الإثارة تتصاعد بالفيلم بسبب عدم كشف هوية صاحب الفيديو و اعتداء عباس على علي، فعند اعتراض علي تقوم عصابة عباس بضرب علي بقوة و لفرض هيبة عباس بالحارة، و هنا تتقاطع الخطوط الدرامية لثلاثة شخصيات بالعمل مع بعض بسبب الفيديو المجهول، مما لا شك به ان الأحداث تتصاعد بقوة فأسيل تُسَرْ بتدخل عباس ظنا منها ان الموضوع انتهى، فتسعى لترتيب زواج تقليدي لإبنتها، فتوهم ابنتها انها موافقة على علي، و لأجل إتمام هذا الزواج نرى اسيل تتصل بزوجها السكير توتو لكي يقابل اهل الطلاب القادمين اليه، و هنا نرى الخط الدرامي لتوتو يحتك بخط اسيل بعد طول غياب، فأسيل مطلقة من توتو منذ فترة طويلة، و اصبح بهذه اللحظات ضروري بحياتها فوجود والد لانا سيقدمهم كأسرة متماسكة اكثر مما سيزيد فرص زواج لانا بعروسها، و لكن عند هذه الأحداث المثيرة من زمن الفيلم يقرر علي بعد عار ضربه من قبل عصابة عباس الهجرة من الحارة، و يقوم بالكذب على جده و اسرته و صديقه بهاء بأنه سيتم نقله من قبل الشركة التي يعمل بها الى فرعهم بإسطنبول، و يقوم بترتيب موعد بِسِرِيًة تامة مع لانا ليهروبا من المنزل، و يقوم بحجز جناح بفندق شقق فندقية حيث يقيم لفترة من الزمن، و هنا يحدث اللامعقول حيث يقوم علي بالدخول خلسة الى بيت عباس لسرقته، و هنا تتقاطع الخطوط الدرامية لعلي و عباس مرة آخرى بصورة قوية لنصل الى الذروة الدرامية بالفيلم Climax، فعند فشل علي فتح خزنة عباس في منزله يدخل عباس مع عصابته عليه فجأة، مما يدفع علي لسحب مسدس عليه ، و يضربه لِيُفْقِدُه وعيه، و يعطيه ارقام الخزنة تحت تهديد السلاح، و هنا يقوم علي بالإنتقام من عباس و تمزيق لسانه بسكين، يهرب علي و يلاقي لانا بسيارته و يهربا الى الشقق الفندقية سريعا،
و هنا يعلو شأن هنادي بالعصابة، فتتبلور اهميتها اكثر حيث يؤثر شلل لسان عباس على نشاطه بصورة كبيرة، فتصبح هي الرئيس بدلا منه، و نراها تتنقل مع افراد العصابة لتقبض الأتاوات و المداخيل لتعطيهم لعباس اول بأول، و نرى عباس هنا ينهار و يدمن المخدرات و يصبح عاجز عن التصرف بسبب عدم قدرته على الكلام، و فجأة نرى حوار بين هنادي و احد افراد العصابة يحاول اقناعها بالإنقلاب على عباس حيث يريدها هي الرأس الكبير الذي يحرك عصابتهم، فلها من العلاقات ما يؤهلها لهذا العمل، و تتعاقب الأحداث حيث في لحظات من الخيانة يتضح اتفاق عباس و هنادي على اثنين من العصابة ارادا خيانته، فيقتلهم بطريقه بشعة ليعود هو الزعيم من جديد، و لكن لا يمهله قدره الكثير من الوقت،
و هنا تعود الخطوط الدرامية لتأخذ ابعاد جديدة، فتكتشف لانا بلحظات خلوها مع علي مسدس و كميات من المال تشك بمصدرها، فتصارح علي و لكن لتجد منه اجوبة غير مقنعة، فتغضب و تعود الى حارتها بالرغم من محاولته ارضاءها، و نراها تهم الى بيت صديقتها بوسط صدمتها و دموعها، يلحق بها علي معتقدا انها عادت الى منزلها، و يحاول انزال حقيبة من على سطح بيتها الى نافذة غرفة نومها بهدف إرضاءها و لكن لتراه والدتها، فتصرخ عليه من النافذة ثم تحاول الجري ورائه و بيدها مقص، و عندما يلتقيا على الأدراج يتعاركا و لكن ليسقطا معا و ينغرز المقص عن طريق الخطأ برقبة علي لتؤدي هذه الحادثة الى وفاته الفورية، تستنجد اسيل بتوتو ليقرر الآخير التخلص من الجثة و حرقها بحاوية القمامة بمنطقة بعيدة، تعود أسيل الى غرفة نوم لانا و تبحث بالشنطة لتجد كميات كبيرة من المال فيي داخلها، فتقرر الإحتفاظ بها، لا يتم اكتشاف الجريمة الا بعد عدة ايام فقط حيث يكتشف اهل الحي عن طريق تقرير الشرطة ان علي لم يكن بإسطنبول إطلاقا، و لا يمتلك جواز للسفر حتى، و عند هذا الحد تكثر الشائعات على علي لتتفتح اعين صديقه المخلص بهاء بأن هنالك شيئ مريب بموته، يتحرك الخط الدرامي لبهاء بصفته صديقه المخلص بصورة رائعة هنا ليدخل ضمن عمق احداث العمل، فبعد ان كان عبارة عن شخصية غير وازنة في بداية الفيلم لا يمثل في مرحلة من المراحل الا صوت ضمير علي الغائب و نقيضه النظيف يبدأ بالبحث عن اسباب وفاة اعز اصدقائه، و يبدأ بزيارة امكنة تردد علي، فيزور بار المشروب الذي كان يوصل علي به العاهرات بالزبائن، و يبدأ بسؤال الموظفين عنه، فيكتشف انه كان متورط مع عصابة عباس، و يقوم بزيارة الشقق الفندقية التي كان يقيم بها، و يكتشف حقيبة علي المليئة بالعُمْلات النقدية، يتحرك الخط الدرامي لبهاء بصورة نشيطة جدا عند هذا الحد، فنراه يرسل شخصيات من طرفه ليوهم اهل علي اثناء عزءاه بأنهم زملاء علي بالعمل و بأنهم هم من ارسلوه لإسطنبول ليوقف الإشاعات عنه و ليعزي قلب اهله بأن ابنهم كان يعمل بالخارج فعلا، و لا يتوقف عند هذا الحد بل نراه يرسل من طرفه من ينتحل شخصيات ضباط أمن ليقول لأهله ان اسباب وفاته بعد التحقيق كان حادث سيارة، و حتى قاموا بإرسال لأهله سيارة محطمة ليلقوا النظر عليها ليقتنعوا هم و اهل الحي انها سيارته، نرى بهاء هنا يفعل المستحيل ليوقف الإشاعات عن صديقه و يعزي اهله خير عزاء بسمعة ابنهم، يل لا يتوقف تفانيه لصديقه عند المعقول بل نراه يقتل عباس، اذ يفاجئه و هو يدخل الى بنايته و يذبحه و يتركه وسط بركة دماء خلسة قبل ان يهرب،
هذا الفيلم لا يتوقف قبل ان يقول لنا من السبب بسلسلة الكوارث التي تحدث مع اهل الحي، فالخط الدرامي لصبري هنا غير مفعل إطلاقا فلا نعلم عن شخصية المبتز لغاية هذه اللحظات الحاسمة شيئ، حتى لا نعلم انه الرواي للأحدث بأولى مشاهده الا عند مشاهد الختام، مما يضفي عليه الكثير من الإثارة فعواقب أفعاله وخيمة جدا على سكان الحي، و مع قدوم المشاهد النهائية للعمل تستلم اسيل فيديو من المبتز لجريمة قتل علي، و يقوم بطلب مبلغ من المال كالعادة، فتلجأ الى توتو و يتفقا على صنع كمين لمعرفة شخصية صاحب التسجيل، و لكن يفشل الكمين و يهرب المبتز منهم، فتلجأ أسيل الى إلقاء طُعْم له لتكشف هويته، فتوقف ابنتها امام نافذة غرفة نومها و تطلب منها التعري قليلا لتغري المبتز، و تنجح هذه الخطة فيمسكانه هي و زوجها و هو يقوم بتصوير لانا، و يهددانه كي يتوقف عن افعاله معهم و يجبرانه على تسجيل فيديو بأنه قبض نقود مقابل تستره على جريمة القتل،
ينتهي هذا الفيلم كما ابتدأ...بصوت صبري...الذي اشعل اتون ملتهب من المشاكل بفيديوهاته المشبوهة...لتنسدل الستارة على مشاهده القوية و المثيرة للجدل و هو يحكي ماذا حصل مع عدد من ابطاله...و بأن الحي مليئ بالقصص و الحكايات،
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |