خفايا الحرب في أوكرانيا .. أسرار وراء الأسوار


جراسا -

اقتصرت مشاهد الحرب في أوكرانيا، منذ 15 شهرًا تقريبًا، في شهر فبراير/ شباط 2022، على ساحات الدم والنار، والتصريحات والبيانات العسكرية من الجانبين (روسيا الاتحادية وأوكرانيا). وبقيت هناك أسرار وراء الأسوار، ومشاهد في الخلفيات العسكرية والسياسية، كانت ولا تزال بعيدة تمامًا عن المتابعة، رغم أنها كفيلة بوضع إجابات محددة لعشرات الأسئلة، مثل: ما الذي حدث قبل اشتعال فتيل الحرب في أوكرانيا؟ وما حقيقة الأوضاع داخل أوكرانيا؟ وما دور الغرب في تسخين جبهات القتال؟ وهل تمتلك أوكرانيا وسائل للانتصار؟ وهل تجاهل الغرب موعد العملية العسكرية الروسية داخل أوكرانيا؟ وهل حاولت روسيا اغتيال الرئيس زيلينسكي؟ وما حقيقة ما يجري الترويج له داخل أوكرانيا من عمليات بطولية؟ وغيرها من التساؤلات التي ظلت على الهامش منذ 15 شهرًا.

كشف خفايا الحرب في أوكرانيا
في محاولة لكشف خفايا الحرب في أوكرانيا، بدأ باحثان فرنسيان متخصصان في الشؤون العسكرية، وبعد أشهر قليلة من بدء هجوم روسيا على أوكرانيا، في تبادل الآراء والأفكار والأسئلة حول الصراع غير المسبوق الذي ضرب أوروبا، ليرد كل منهما للآخر على كل الأسئلة التي يوجهها إليه بصراحة ودقة، مع الحرص دائمًا على وضع سياق لكل ملاحظاتهما. وقد جُمعت هذه الردود في كتاب «خفايا الحرب في أوكرانيا» للباحثين الفرنسيين، ميشيل غويا وجان لوبيز.

وميشيل غويا، عقيد سابق في القوات البحرية وكاتب مقالات تاريخية بارزة، وهو من أفضل الخبراء العسكريين المعاصرين، ويقدم تحليلات في المجالات المتخصصة، وعلى القنوات الإخبارية، ومدير دورية الحروب والتاري، (Guerres et Histoire). وجان لوبيز هو متخصص في التاريخ العسكري الروسي والسوفيتي.
ونشرت صحيفة «لوفيغارو» (Le Figaro) الفرنسية، مقتطفات من الكتاب:



لماذا تجاهل الغرب توجُّه روسيا للحرب ضد أوكرانيا؟
في البداية تساءل الخبيران عن «العمى الغربي» الذي منع الأوروبيين من رؤية الحرب قبل وقوعها، رغم إعلان الولايات المتحدة تحركات غير عادية للقوات الروسية على الحدود الأوكرانية قبل الحرب بأشهر، ورغم وصول وحدات روسية إلى بيلاروسيا بهدف إجراء «مناورات عسكرية» مشتركة، في تكتيك كلاسيكي من الخداع، وتساءلا: هل أوكرانيا والمخابرات الغربية انطلت عليهما الخدعة الروسية كما وقع لكثير من المراقبين؟
ويطرح الخبيران الفرنسيان رؤيتهما للواقع وقتئذ، فقد نبه جان لوبيز إلى أنه لم يكن هو ولا غيره قبل شهر من الحرب يظن أنها ستقع لسبب بسيط، «لأنني كنت أفكر قبل كل شيء في التناقض بين التكلفة الهائلة لهذه الحرب، بالنسبة إلى روسيا والمكاسب المأمولة، وهو تناقض واضح للجميع، على ما يبدو، إلا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».

ومن ناحيته، كان ميشيل غويا، يرى أن «العالم بعد عام 1990 دخل فترة أصبحت فيها الحروب بين الدول باستثناء إفريقيا حكرًا على الولايات المتحدة، بوصفها قوة عسكرية مهيمنة تتمتع بحرية التصرف على الصعيد الدولي، تشن حروبًا عقابية على دول تسميها الدول (المارقة)».

هل خطط الروس لاغتيال رئيس أوكرانيا؟


تساءل جان لوبيز: هل كان الروس قد حاولوا القضاء على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بداية هجومهم؟ يوضح ميشيل غويا العديد من الشائعات التي جرى تداولها حول هذا الموضوع، وأسند بعضها إلى شركة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة، أو إلى كتيبة الشيشان التي كانت في صفوف الجيش الـ35، وهي مسؤولة عن اغتيال القادة الأوكرانيين، أو ربما كانت المهمة متروكة «للمخربين الروس» من أجهزة استخبارات الجيش الذين كانوا يتسللون إلى العاصمة منذ عام، أو ربما للقوات الخاصة من اللواء 45.
ولم يكن الأمر، حسب غويا، يتعلق فقط بإقصاء زيلينسكي، رغم أهمية ذلك، بل كان يتعلق بقطع رأس السلطة التنفيذية الأوكرانية بأسرع ما يمكن، وهي مهمة كان من المفترض أن تتم بالتزامن تقريبًا مع دخول القوات الروسية إلى العاصمة، ورغم فشل الخطة، فإنه قد ظل المسؤولون الأوكرانيون يتحدثون عن عدة محاولات لاغتيال الرئيس في فبراير/ شباط، ومارس/ آذار الماضيين.

«المخربون الروس» داخل أوكرانيا قبل العملية العسكرية بعدة أشهر
ذكر غويا أن غزو الجيش السوفيتي لأفغانستان عام 1979 بدأ باغتيال الرئيس الأفغاني في قصره من وحدة النخبة، وفي أوكرانيا استقر العملاء الروس أحيانًا مع عائلاتهم حتى لا يثيروا الشك بنحو قانوني في المدن الكبرى، مثل كييف وخاركيف، قبل عدة أشهر من بدء الحرب، ما يشير إلى أن الحرب كان مخططًا لها منذ مدة طويلة، وكانت مهمتهم توفير المعلومات، وإذا لزم الأمر تنفيذ إجراءات محددة، وقد أطلق عليهم الأوكرانيون لقب «المخربين» وبذلوا جهدًا كبيرًا في مطاردتهم.
أبطال خارقون مزيفون
أشار كتاب «خفايا الحرب في أوكرانيا» إلى صعوبة الفصل بين الحقيقة والباطل بالنسبة إلى المراقبين الخارجيين، وقدم كمثال على ذلك قصة الاستيلاء على جزيرة الثعابين في اليوم الأول من الحرب من الروس، حين تداول الناس على شبكات التواصل الاجتماعي مكالمة تأمر فيها البحرية الروسية 13 جنديًّا أوكرانيًّا من حامية الجزيرة بالاستسلام أو الموت، ويكون الرد «اللعنة عليكم»، حتى إن زيلينسكي أشاد بالموت «البطولي» للمدافعين عن الجزيرة، غير أن الحقيقة هي أن الجنود أسروا وأعيدوا إلى بلدهم في تبادل للأسرى.
أكذوبة «شبح كييف»

لم تكن هذه هي الأسطورة الوحيدة التي تهدف إلى تمجيد البطولة الأوكرانية، ففي 25 فبراير/ شباط الماضي، نشر الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو تغريدة تستحضر طيارًا مقاتلًا غامضًا أسقط بالفعل 6 طائرات روسية، سرعان ما أطلقت عليه الصحافة الدولية لقب «شبح كييف»، وتحدثت عنه مواقع حكومية أوكرانية مختلفة، قبل أن تعترف بأن هذا الشبح الذي حقق 40 انتصارًا جويًّا لم يكن موجودًا على الإطلاق، مثل المقاتلة الخارقة التي زعم أنها دمرت عشرات الدبابات.
حقيقة المقابر الجماعية



وتناول الخبيران، ميشيل غويا وجان لوبيز، الانسحاب الروسي على عجل من كييف والمناطق القريبة منها، تاركين مقابر جماعية وجثثًا تحمل آثار التعذيب في عدة أماكن في بلدة بوتشا الصغيرة، لتشتعل حرب الدعاية على الفور، ويتكرر الحديث عن تقديم بوتين إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتضغط الولايات المتحدة لتعليق مشاركة روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في حين ينكر الروس ما هو جلي، حسب الخبيرالعسكري غويا، بل يحاولون عكس هذا الاتهام من خلال إطلاق العديد من النسخ المضادة مثل المونتاج الأوكراني والجثث التي تمثل جهات فاعلة والانتقام الأوكراني من المدنيين الذين كانوا يرحبون بالروس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات