الأَخيذ الذي يعطي !!


احتل الشاعر العراقي مظفر النواب، مالئ الدنيا وشاغل الناس، صدارة الشعراء العرب في الستينات والسبعينات وفي طليعة شعراء الرفض والمقاومة والأرض المحتلة، فتلك مرحلة تحول فيها حتى شعراء الغزل والمرأة، نزار قباني نموذجا، إلى شعراء ثوريين، شعراء القدح والفضح والمقاومة.
يوم السبت الماضي كان الشاعر الروائي الإعلامي محمد السيد محسن الذي يستحوذ على كل جلساتنا بثقافته وعذوبته وعفويته، يقدّم لنا كتاباً دأب على نسجه ولظمه حوْلاً كاملاً، عن صديقه الراحل الشاعر مظفر النواب، الموسوم "الشاعر القرمطي مظفر النواب- ذاكرة ومواقف".
هذا الكتاب، حَسَبَ ما كتب لي الصديق أبو شمس في الإهداء: "جزء من الوفاء لمظفر" الذي رحل قبل عام.
بإسلوبه الذي لا يضاهى، مفردةً وفرادةُ وجزالةً، يعيد الدكتور محمد السيد، تقديم الشاعر الثوري مظفر النواب، ناحِتاً له مسلّةً، ومُظَهِّرا له أيقونةّ، تُضاف على ما عليه مظفّر من مكانة شعرية شاهقة.
ومظفر النواب ابن مرحلة التحرر الوطني، التي تميزت بالإنقلابات والمؤامرات والدكتاتوريات، التي ألبَست وجهَها قناعَ ثالوث "الحرية والوحدة والاشتراكية"، فدمرت الحياة المدنية العربية، ومزّقت أحلام بني الأمة في الوحدة وتحرير فلسطين والتحرر من الأمية والفقر والجهل، وأطاحت باللُّحمة القومية، وقادت إلى النكسة المُرّة التي كان مظفر النواب في طليعة المثقفين والشعراء العرب الذين عبروا عن مرارتها وأدانوا صُنّاعها وأعلوا رايات النضال من أجل الخلاص منها.
كانت مرحلة "العنف الثوري"، فطبع شعراءُ وفنانو تلك المرحلة اعمالَهم بطابع العنف اللغوي والفني المتكافئ مع قهر وخذلان مرحلة الإنكسار تلك.
في أمسية إشهار كتاب "الشاعر القرمطي" الحاشدة في قاعة رجال الأعمال العراقيين بالصويفية، كان مظفر يبعث من جديد.
في تلك الأمسية التي أدارها الفنان والشاعر العراقي البارز فلاح هاشم، أفاض علينا الأسير- الأخيذ لمدة تزيد على خمس سنوات وخمسة أشهر في السجون الإيرانية، ومن ضمنها سجن الداودية، محمد السيد محسن، رفيق مظفر وحواريّه لسنوات طوال، بما كان خافيا من شخصية هذا العَلم العربي العراقي.
لقد أعاد كتاب "الشاعر القرمطي" إحياء وجلاء سيرة مظفر النواب ووضعها في صدارة المشهد الثقافي العربي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات