عن رحيل الحكومة والنواب!


أصبحت عند الأردنيين كالاسطوانة المشروخة، تلك المعزوفة التي لا يمل البعض من إعادتها وترديدها كلما أمضت أي حكومة في الدوار الرابع سنتين من تاريخ تشكيلها وبضع اشهر، حيث يبدأ هؤلاء من خلال سهراتهم "وقعداتهم" ولا أقول صالوناتهم السياسية لان الصالونات السياسية الحقيقية تلك التي يدور فيها نقاش وطني مثمر وليس مطابخ لتصدير الاشاعات والبلبةيبدأون بالترويج لرحيل الحكومة، وأنه بات استحقاق لا بد منه، دون الاستناد على أي معلومة او حقيقة، ويزيدون عليها بمحلس النواب، الأمر الذي يكون دافعا للإشاعات والمزاودات والتحليلات والاحتمالات التي لا وجود لها على الارض .

قالها الملك أكثر من مرة بأنه يرغب أن تكون الدورة السياسية في البلاد 4 سنوات، وكان يقصد الحكومة ومجلس النواب، ما دامت المؤسستان تؤديان واجبهما بالشكل المطلوب، لكننا تعودنا عند كل نهاية دورة برلمانية أن نسمع بإشاعات رحيل المجلس، بحجة أنه فقد مبررات وجوده، وأنه لم يكن على قدر المسؤولية الوطنية، وغير هذه العناوين التي لا أساس لها من الصحة، مع التأكيد أن مجلس النواب الحالي كان أداؤه مميزا في إقرار التشريعات الإصلاحية وغيرها من تشريعات التي تتواكب مع النظرة العصرية لمسيرة البلاد دون أي عقبات أو تشاحن، اضافة الى دوره الرقابي الفاعل؛ إلا أن البعض الطامح او الطامع مصر على اطلاق الإشاعات الناتجة عن التمنيات بإحداث أي تغيير ربما يكون لهم نصيب فيه.

أما الحكومة فإنها جاءت إلى الدوار الرابع ورئيسها يعلم أنه لا بد من يوم يأتي ويغادر هو وفريقه لأن هذه سنة الحكم في الأردن والدول جميعها ،حكومة تأتي وحكومة تذهب والتغيير سنة الحياة بشكل عام، أنا أعرف جيدا أن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة يعمل كأنه دائم في موقعه، ، لكنه في نفس الوقت يدرك أن مصير الحكومة بيد صاحب الحق الدستوري في هذا الشأن والذي من الممكن أن يمارسه في أي وقت يقرره هو، وهذه المعادلة تمثل اشارة قويةالى المسؤول الناجح الذي يعمل دون التفكير بمصير الكرسي الذي يجلس عليه..
هناك من يقول إن حكومة الخصاونة أنهت برنامجها وما هو مطلوب منها، وكأن الحكومات لها برنامج محدد تنجزه وتمضي، ويفوتهم أن الحكومات ما دامت على رأس عملها، وتحظى بالثقة برنامجها مفتوح وكل الملفات على الطاولة وتتعامل معها كصاحبة ولاية على البلاد بتكليف من الملك وهو الوحيد الذي يستطيع الحكم على أدائها.

الحكومة القائمة منذ اليوم الأول تعاملت مع أزمات متعددة، وتفاوتت هذه الأزمات بتعقيداتها وصعوبتها، وخرجت منها بأقل الخسائر الوطنية، إضافة إلى تعاملها المدروس مع موضوع الدين العام وضبطه وضبط انعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني واستطاعت تسديد اثني عشر مليار دولار، وحققت الكثير من الإنجازات في مختلف الملفات الوطنية، المهم أنه لم يسجل على هذه الحكومة أي فشل في تعاملها مع القضايا الوطنية، وكما أشرت، ستظل تتعامل مع مهامها بنفس عزيمة اليوم الأول الذي تسلمت به كتاب التكليف الملكي، وهذا بالضرورة ينعكس إيجابيا على الأداء العام.

أما القول بأن التغيرات الكثيرة التي حدثت في المنطقة مؤخرا توجب تغيير الحكومة والمجيء بحكومة تستطيع التعامل مع الظروف الجديدة فهذا حديث لا يستند إلى واقع، لأن ملف السياسة الخارجية الأردنية بيد الملك، وهو الذي يتعامل معه مباشرة، والحكومة تنفذ الرؤيا الملكية في هذا الجانب، وهذا الوضع جعل الأردن يحصد مكاسب كبيرة على المستوى الإقليمي والدولي وقد اكتسب ثقة الجميع لأن الملك عبدالله الثاني يتمتع بثقة العالم نظرا لاعتدال فكره ومواقفه السياسية، وتغيير الحكومات في الأردن لم يعد أحد أسبابه الوضع السياسي للمحيط وانعكاساته. وبالعودة إلى المسار الداخلي، لم تفتعل هذه الحكومة أي أزمة، فكل الأزمات التي واجهتها كانت عابرة للحكومات وتعاملت معها حكومات عديدة وعلى رأسها الفقر والبطالة، وغير هذه الملفات التي نتعامل معها منذ عقود.

انا هنا أدافع عن الاستقرار الذي ننشده في كل مؤسسات الدولة خصوصا الحكومات ومجالس النواب، فالحكومة قطعا ليست بجميع وزرائها ناجحة، فهناك وزراء "ووزيرات" لا شك انهم يشكلون عبئا على الرئيس وحكومتة، ولم يقدموا ما كان منشود منهم، ولكن الفريق بشكل عام أظهر أنه على قدر المسؤولية الوطنية والتكليف الملكي، كذلك النواب، فهناك نواب متميزون يؤدون دورهم بحرفية عالية، وهناك القليل منهم لم يستطع القيام بواجبات النائب.

رئيس الحكومة كما أشرت لم يتعامل يوما أنه لا بديل انه مخلد في الدوار الرابع، بل على العكس قالها تحت قبة البرلمان أكثر من مرة أنه في الوقت الذي يرى فيه نفسه وفريقه أنهم باتوا ليسوا على قدر المسؤولية سيغادر لإفساح المجال لغيره، المهم أننا نتمنى استقرار الدورة السياسية في بلادنا مع ملاحظة أن الذين يطلقون الاشاعات والتمنيات اليوم برحيل الحكومة وحل مجلس النواب هم أنفسهم الذين كانوا يحذرون من خطورة كثرة التغييرات وسرعتها والتي كانوا يصفونها بأنها عامل يولد عدم استقرار للبلاد .

إن صاحب القرار الاول عندما يرى انه حان موعد التجديد في السلطات سيتخذ قراره جدون النظر الى احلام الطامحين والطامعين..فقط ستكون بحساباته المصلحة الوطنية..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات