مضر بدران .. عندما يتحول عسكرنا إلى ساسة


برحيل دولة المغفور له بإذن الله مضر بدران، تكون قد أغلقت صفحة مهمة من تاريخنا الوطني الأردني، كتبها الراحل باعصابه وعصارة فكره، حاملا روحه على كفه في الكثير في الأحيان، ويكفي القول بأنه تعرض لأكثر من محاولة لاغتياله،كانت نتيجة أحدها رصاصات في يده، في فترة كان مضر بدران أحد الصناع المؤثرين لحياتنا الوطنية، واحد أهم قادة حرب بلدنا على الإرهاب، وحماية أمننا الوطني، خاصة في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي، ويكفيه فخرا أنه شكل جسر العبور بلدنا من حالة سياسية إلى حالة أخرى عام 1990 عندما صمد برباطة جأش، و?عة صدر وهدوء أعصاب أمام اشرس هجوم نيابي، شنه أقوى مجلس نيابي منتخب ضم كل ألوان المعارضة السياسية واتجاهاتها، واستطع رد الهجوم وكسب ثقة من هاجموه وتحمل تجريحهم واتهاماتهم، رافضا حل المجلس، حرصا منه على نجاح تجربة التحول السياسي التي كان يمر بها وطننا.

صبر مضر بدران رحمه الله على هجمة مجلس النواب المنتخب 1989 هو تجسيد لشخصية الرجل التي هي مزيج من دراسته للحقوق وتجربتيه الأمنية والسياسية وقبلهما العسكرية، فقد بدأ الراحل حياته العملية في صفوف الجيش العربي الأردني، قبل أن ينتقل للمساهمة في تأسيس دائرة المخابرات العامة، التي صار فيما بعد ثاني مدير عام لها، قبل أن ينتقل إلى الحياة السياسية، متمتعا بشخصية تتصف بقوة الشكيمة وبالحزم والقدرة على الإنجاز بعيدا عن الثرثرة وشقشة اللسان، وبهذه الصفات قدم مضر بدران من خلال مسيرة حافلة بالعطاء والمواقف نموذجا يشار إليه?بالبنان، للدور المميز الذي يلعبه عسكر الأردن في بناء وطنهم خاصة عندما يتحولون إلى العمل السياسي حاملين معهم قيم العسكرية الأردنية، القائمة على النظافة والعفاف المؤمنة بالمؤسسية، المهمومة بالانجاز، ورفض الدنية للوطن، لذلك لم يكن غريبا أن يتخذ رئيس الوزراء مضر بدران قرارا بمنع هنري كيسنجر من دخول الأردن ووضعه على القائمة السوداء، وكيسنجر هو من هو في السياسة الأميركية وعلى الساحة الدولية،وهي مكانة لم تمنع مضر بدران من اتخاذ قرار المنع لأن كيسنجر أساء للأردن في بعض ما كتب. وكان مضر في قراره هذا الذي لم يرجع في? لأحد يجسد تجسيدا عمليا معنى الولاية العامة للحكومة خاصة عندما يرأسها رجال أصحاب قرار كالراحل مضر بدران رحمه الله.

كثيرة هي الصفات التي امتاز بها مضر بدران، فقد كان مستشارا مؤتمنا يقول رأيه مهما كان قاسيا أو مخالفا، مادام فيه مصلحة الوطن وقيادته.

ولأنه رجل بمعنى الكلمة، فلم يكن يخشى من العمل مع الرجال الأقوياء، ويختار منهم فريق عمله.

وكان يعطي الأولوية للشأن الداخلي يقدم الظروف المعيشية للاردنيين على كل شيء.

خلاصة القول هي إننا برحيل مضر بدران خسرنا رجل دولة من طراز خاص، وأغلقت صفحة مهمة من صفحات تاريخنا الوطني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات