اسرائيل وسورية وإيران .. ماذا عن قواعد الأشتباك الجديدة !؟"


بالبداية ، لابد من التأكيد على أن العمليات العسكرية الأمريكية أو الأسرائيلية التي تستهدف الحرس الثوري الإيراني في سورية ،ما هي الا استراتيجية ممنهجة للحرب على إيران بطرق غير مباشرة ،فـ مازالت أمريكا تتمسك بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كـ"منظمة إرهابية" ،وهنا بات واضحاُ أن إيران تتعرض لحملة أبتزاز أمريكية - اسرائيلية ممنهجة ،لن تتوقف عند حدود هذه الضربات العسكرية بل تتجاوزها إلى مساومة الأتفاق النووي بتخفيف سلسلة الضغوط الاقتصادية الأخيرة ،ولاعند تمسك الأمريكي بقراره بخصوص الحرس الثوري،وهنا وفي هذه المرحلة يمكن القول إنّ إيران ، قد دخلت في مرحلة تحاول فيها أمريكا وضع إيران بين فكي كماشة وهي مرحلة أكثر صعوبة من كلّ المراحل التي كانت تتعرض فيها إيران لضغوط أمريكية، فالتحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية بات يراهن عليها الأمريكي اليوم لزيادة الضغوط على إيران .



وهنا عند الحديث عن ملف الضربات الأسرائيلية لمراكز عسكرية سورية أو إيرانية في الداخل السوري ،فـ اليوم علينا ان ندرك جيداً أن الدولة السورية وحليفتها إيران اليوم ليست عاجزة عن الرد على أي عدوان خارجي ،سواء اكان أسرائيلي أو غربي ، ولديها ” مخزون “هجومي ” صاروخي استراتيجي سوري ” لم يستخدم بعد ” “و للعلم هو قادر على ضرب كل القواعد العسكرية الأسرائيلية أوالأمريكية والغربية في المنطقة “(( “صواريخ Scud-D….صواريخ M-302….صواريخ Scud-C …Scud-B صواريخ ميسلون وتشرين ” ،وغيرها “))”وهذه الصواريخ تم تطويرها مؤخراً وبالتعاون مع الحلفاء بشكل كبير ، فهذا المخزون ،والذي تؤكد التقارير انه يتجاوز حاجز 120 الف صاروخ ،لم تستخدمه سورية الدولة بعد ،والغرب كما الأسرائيلين يدركون جيداً ان سورية الدولة وبحال تعرضها لعدوان خارجي شامل ومعلن عن اطرافه ، ستلجئ لمخزونها العسكري هذا ، وهو مخزون قادر على كسر وردع أي عدوان خارجي "شامل وواسع "غزو بري أو هجوم جوي واسع ومستمر وشامل "،ولهذا نرى أن أي عدوان اسرائيلي أو غربي على سورية ،يكتفي دوماً بضرب اهداف محددة "وعلى الاغلب غير معلن عن اطرافه "،ويكون على الاغلب ،عدوان للاستهلاك الإعلامي فقط ،ليس له أي جدوى لتغيير المعادلات العسكرية على الارض السورية .





وهنا ندرك جيداً أن من حق أي متابع للملف السوري ، أن يسأل عن قدرة الردع السورية ويطالب الدولة السورية برد عسكري رادع على أي عدوان خارجي ،ولكن بذات الوقت علينا أن نعلم ان سورية لليوم مازالت تعيش في ذروة الحرب عليها ،والحصار الاقتصادي هو وجه من وجوهها ،ولهذا علينا أن نعلم جيداً ،أن مشروع التصدي لهذه الحرب يجب أن يدار بالعقل لا بالعاطفة ،ونتحدث هنا عن العقل البارد والصبر الاستراتيجي ،فالدولة السورية تعرف جيداً أسس الرد وحجمه ومكانه ،مع ادراكها الكامل لاستراتيجيات أعدائها وأهدافهم الحقيقية وراء كل عدوان يقومون به على سورية ، وبذات الاطار فـالدولة السورية بدورها تعلم جيداً أن معركتها مع أعدائها لن تنتهي على الارض السورية ما دام لاعدائها أدوات على الأرض السورية، لذلك اليوم تؤمن الدولة السورية بأن حجم إنجازتها على الأرض واستمرار معارك تطهير سورية من رجس الإرهاب، والاستمرار بتطوير منظومتها العسكرية، وبالتوازي مع ذلك السير بمسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الرد الأفضل والأكثر تاثيراً اليوم في اعدائها، وبقدر صمود سورية وضربها لآفة الإرهاب والعمل على اجتثاثها من الأرض السورية، بقدر ما يكون حجم الرد أقوى على اعدائها .




وهنا وليس بعيداً عن بدايتنا ، وعند الحديث عن العدوان الأسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية في الفترة الاخيرة ، والذي بمعظمه يستهدف مراكز الابحاث العلمية والعسكرية التطويرية لمنظومة التسليح السورية بشقيها الدفاعي والهجومي"حلب – دمشق –ريف دمشق " ، وهنا لايمكن انكار حقيقة أن هذا العدوان الأسرائيلي يأتي في ظل تصاعد دراماتيكي لقوة الدولة السورية عسكرياً، ومع بروز مؤشرات انتصارها على هذه الحرب التي تستهدفها ، وبعد الصمود الأسطوري على الأرض للجيش العربي السوري، وانهيار البؤر الإرهابية ، واتساع حجم انتشار استراتيجية المصالحة الوطنية والمجتمعية بالدولة السورية بالكثير من مناطق الجغرافيا السورية ، والتي يصاحبها معلومات مؤكدة أن معامل الدفاع والتصنيع الحربي والتطويري العسكري السوري ، قد نجحت بالفترة الاخيرة من تطوير منظومة صواريخ "سكود " متطوّرة يصل مداها مابين 350 إلى 750 كيلومتر، أي أن هذه الصواريخ تستطيع الوصول إلى عمق أسرائيل وإلى بعض قواعد حلف شمال الأطلسي (الناتو) في منطقة البحر المتوسط ، وهو ما يثير قلق الأسرائيلين والأمريكان بالفترة الحالية ،ولهذا نرى هذه الهستيريا الأسرائيلية وتكرار العدوان على سورية ،في محاولة للوصول إلى مخازن هذه الصواريخ المتطورة ،والتي تثير رعب أسرائيل كما تحدثنا .




بالمحصلة ،شاهدنا في الأيام الماضية ،رد عسكري من الأراضي السورية باتجاه أسرائيل أنطلق من الجولان السوري وعلى رغم محدوديته، فقد بعث برسائل واضحة لأسرائيل ، مضمونها أن الرد قادم ، والضربات الاسرائيلية المقبلة بحال حدوثها ستلقى رد واسع من سورية وحليفتها إيران ، وستشمل على الأقل ضرب قواعد عسكرية اسرائيلية بالجولان العربي السوري المحتل ، هذه التطورات تزامنت مع حالة ارتباك حقيقية عاشتها اسرائيل في الساعات القليلة الماضية ، ومايدلل على ذلك مجموعة اللقاءات و الاتصالات المنفصلة التي اجراها رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتنياهو مع بعض أقطاب الادارة الأمريكية ومجموعة قوى غربية ، والتي عبر من خلالها نتنياهو عن قلقه من هذا التطور العسكري الهام ، والذي غير جميع قواعد الاشتباك العسكرية وأسس لقواعد اشتباك جديدة بما يخص أي عدوان اسرائيلي جديد على الأراضي السورية .



وبالنهاية ،علينا أن نؤكد ،أن مجموع ما قامت به اسرائيل من عمليات عسكرية ضد سورية،لن يكون بمقدوره اخضاع دمشق ولاعزلها عن حلفائها كما تتحدث دمشق ،ولاحتى محاولة فرض شروط مسبقة لطاولة تسويات لم يحن موعد الجلوس حولها، فهناك اوراق سياسية - عسكرية ومفاجأت عسكرية عدة ، مازالت دمشق وحليفتها إيران لم تفعلها وتستخدمها وترفعها بوجه اعدائها ، لأنها تدرك ،وكما ندرك ،وكما يدرك اعداء سورية كذلك ، أن الوقت مبكر للدفع بها الآن ،فهناك معارك "كبرى " منتظرة على الارض السورية و"محيطها" ،وعندها سيتم الدفع بالتدريج باوراق سورية العسكرية ، والتي حتماً حينها ستفاجئ البعض .





*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات