في العارضة !!


البُنى الاجتماعية الاقتصادية للأحزاب، خليطٌ لا يمكن ان ينتج مواقف متماثلة ولا متطابقة طبعاُ، مما يوفر فرص اختلافات طولانية متفاوتة العمق بين تلك البُنى.
سرعان ما يكتشف المزارعون والعمالُ وطلابُ الجامعات وصغارُ الموظفين والكسبةُ والمهنيون، الذين يشكلون القوى الاجتماعية الأردنية الجديدة، الفوارقَ الكبيرة في المراكز المالية والاجتماعية. وسوف تكتشف البرجوازيةُ الوطنية ورجالُ الأعمال والمقاولون و"البانكرز" والمُلاّكُ ومدراءُ الشركات، أنْ ليس هناك ما يجمعهم بالمزارعين والعمال والحرفيين وصغار الموظفين والعاطلين عن العمل، سوى الشعارات الجميلة، والنوايا الطيبة.
وسرعانَ أيضاُ ما تتحول الأهداف والتطلعات والغايات والمصالح الخاصة بكل فئة، إلى توجّسٍ وترصّدٍ وانحيازات وانضمامات وكتل وجماعات قابلة للمواجهة والانشطار والانفجار.
وسرعانَ ما ينجلي ان الإنسجام الضروري على مختلف المستويات لاستمرار الحزب، هو انسجامٌ متعذر ومستحيل.
إن قناة التسجيل في الأحزاب، هي الاتصال الشخصي والدعوة المباشرة: "بدنا إياك معنا بالحزب"، وهي دعوة حصلت معي شخصيا مِن أكثر من حزب ؟!
أو قناة "سجّلْ مع حزب كذا"، مع المشروحات التقليدية "التي تعمل البحر مقاثي" !
ستظل الفوارق فوارقَ، لأنّ "تذويب الفوارق" بين الطبقات والقوى الاجتماعية والمصالح المتضادة، مهمةٌ عبثية تشبه دمجَ ومزجَ الماء بالزيت.
سرعانَ ما يزول اندهاش شباب الحزب ببريق النجوم والشخصيات السياسية والدينية والفنية والاقتصادية والإعلامية ورجال المال والأعمال، ويتوقف التقاط الصور السلفي معهم.
يلعب المالُ الأسود السياسي، دوراً في معظم أنواع الإنتخابات، إذ يُنجِّح إِمّعات ويُسقِّط قامات، وهو ما لم تردعه أو تَحِدَّ من تأثيراته التخريبية، الهيئاتُ والقوانينُ والفتاوى والخطبُ والمواعظُ والندواتُ والمقالاتُ والكاريكاتورات، فهل ستكون الانتخابات الداخلية للأحزاب بمنأى كلي عن سطوته وتأثيراته ؟!
من الطبيعي أن نصطدم حين انتخاب قيادات الأحزاب، بالبُنى الإجتماعية الثقافية السائدة، والتحشيد على هوية الولاءات الإقليمية والجهوية والطائفية، بدل التيارات الفكرية والقضايا الوطنية، التي يعلن مؤسسو الأحزاب الانطلاق منها.
لا أحد يزعم أنه سيتمكن من "تحييد" المؤثرات الثقافية الاجتماعية التقليدية، فتلك مسألة زمن طويل، حدده دولة معروف البخيت بعقود !
المطلوب "مرحلياً" أن لا نعزز تلك المؤثرات ولا نزيد عليها !!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات