جراسا -

انتهت اليوم إحدى أهم جلسات مجلس النواب والتي تم خلالها إقرار تعديلات النظام الداخلي للمجلس وكذلك مدونة السلوك ، والتي في الحقيقة كانت هذه التعديلات مطالب ليس فقط الوسط البرلماني ، وإنما كافة الأوساط السياسية والحزبية والشعبية التي لطالما نادت بضرورة إحداث تغييرات من شأنها أن تمحو كافة أشكال الصور السلبية والنمطية التي رسمت عن مجالس البرلمان السابقة.

لا ننكر أن خلافات في الآراء تخللت وسبقت إقرار هذه التعديلات ، وهذا أمر صحي ، ولكن المتأمل في بنود التعديلات على النظام الداخلي للمجلس ، ومدونة سلوكه سيدرك حتما أن صورة المجلس الحالي ، وكذلك المجالس القادمة مختلفة أشد الاختلاف - نحو الأفضل - عن المجالس السابقة.

فالبنود المتعلقة باستقالة رئيس المجلس والنائب، والتي تعتبر استقالته نافذة من تاريخ إيداعها للأمانة العامة، والنائب تعتبر نافذة من تاريخ تقديمها للرئيس ، جاءت متوافقة مع التعديلات الدستورية الأخيرة ، كما أن البند الذي ينص على " إذا لم تفز أي إمرأة من سيدات المجلس بموقعي الرئيس أو نائبيه، فإن أحد مقاعد مساعدي رئيس المجلس يكون مخصصاً للترشح للمرأة فقط" عزز التوجهات الرسمية والشعبية الداعمة لتمكين المرأة ومنحها فرصة تسلم مناصب قيادية في المجلس.

وأيضا انصبت التعديلات في النظام الداخلي على معالجة أكثر النقاط سلبية ، ألا وهي ظاهرة تغيب العديد من النواب عن الجلسات بدون عذر سواء من خلال الحسم المالي ، ووضع عقوبات على من يتغيب أكثر من 8 جلسات متتالية أو 15 متفرقة ، حيث أن النائب وصل الى كرسيه بجهود وأصوات ناخبيه ، ومن حق هؤلاء أن يروا نائبهم مواظبا ومتابعا ، لا مجرد أنه يقبض المستحقات المالية دون حضور وعمل حقيقي.

أما من جانب مدونة السلوك فقد آن أوانها وقد جاءت بالوقت المناسب ، سيما إذا طبقت بشكل صحيح ، حيث أنها ركزت على معالجة كثير من المواقف التي شهدناها تحت قبة البرلمان من عنف جسدي ولفظي ، كما أنها وضعت الأصبع على كافة المظاهر السلبية التي كنا نراها تحت القبة.

تعديلات النظام الداخلي ، ومدونة السلوك ، يمكننا أن نطلق عليها بالتدخل الجراحي الذي قد يكون مؤلما للبعض داخل الوسط البرلماني ، لكنه هو الإجراء الصحيح الذي سيكون الخطوة العملية الأولى نحو البرلمان الحزبي الذي ننشده ، وسيكون كذلك لبنة أساس في بناء منظومة التطوير بكافة مجالاتها.