بر الوالدين هو عمل مستدام، ومستمر طوال حسبما أمرنا الله عز وجل بقوله في كتابه العزيز: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"، ولكن شهر رمضان الفضيل له خصوصية في جميع الواجبات والعبادات، وبر الوالدين واحدة من تلك العبادات التي تحتاج الى مزيد من الجهد والمثابرة.

والمصيبة الكبرى أنه بالتقصير في حق الوالدين يجتمع عليك خيبتان وخسارتان، وبالتالي لا يجتمع عليك التقصير في رمضان وعقوق الوالدين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ارْتَقى النبيُّ صلى الله عليه وسلم على المنبر درجةً فقال: آمين، ثم ارتقى الثانيةَ فقال: آمين، ثم ارتقى الثالثةَ فقال: آمين، ثم استوى فجلس، فقال أصحابُه: على ما أمَّنْتَ؟ قال: أتاني جبريلُ فقال: رَغِمَ أنفُ امرئٍ ذُكِرْتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك، فقلتُ آمين، فقال: رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك أبوَيه فلم يَدخُلِ الجنة، فقلتُ: آمين، فقال: رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغْفَرْ له، فقلتُ، آمِين".

قد تدفعنا ظروف العمل الى الإبتعاد عن الأسرة الكبيرة بشكل عام، وعن الوالدين بشكل خاص، ويحقق لنا شهر رمضان الفرصة الأمثل لإعادة لم شمل الأسرة على وجبة الفطور، وخلال أمسيات الشهر الكريم، خصوصاً في ظل تقليص ساعات العمل وإمكانية الإنتقال والإجتماع بهما، أو من خلال العطلة في نهاية الشهر الكريم.

ومن أشكال بر الوالدين خلال شهر رمضان الكريم إخراجهم من الروتين اليومي المعتاد، كدعوتهم الى الإفطار خارج المنزل، أو ترتيب إفطار جماعي يشمل جميع أفراد الأسرة، وإعادة الوالدين الى الذكريات الجميلة، حين كان الأبناء صغاراً في السن، ومجتمعون في المنزل، قبل أن يتفرقوا سعياً في طلب الرزق.

ومن أشكال البر أيضاً إراحتهم من عناء إعداد الإفطار إن كانوا يسكنون بالقرب منا، من خلال تجهيز الإفطار لهم، والقيام على خدمتهم ومساعدتهم، خصوصاً إن تقدموا في السن، واحتاجوا الى من يساعدهم.