6 معضلات كبرى خلفتها الأزمة السياسية في إسرائيل


جراسا -

بعد أن حاصرته الأزمة السياسية لأسابيع عدة، واستهدفته الاحتجاجات الصاخبة، اضطر رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن يعلن، أمس الإثنين، عن إرجاء مناقشة تشريع تعديل قانون السلطة القضائية، لحين إجراء مشاورات والتوافق حول مشروع القانون المثير للجدل.
هذه الخطوة ليست مفاجئة.. إذ أكد مراقبون أنها جاءت متأخرة بعد تفاقم الأوضاع الداخلية في إسرائيل وحدوث حالة من الشلل في أغلب القطاعات من جراء الاحتجاجات. ورغم مساعي نتنياهو للتهدئة، لكن المحصلة لم تسفر عن حل جذري لعلاج الاحتقان السياسي في إسرائيل.
ولا يزال أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عدة معضلات خلفتها الأزمة السياسية، وأبرزها:



قانون السلطة القضائية
رغم قرار نتنياهو تأجيل التعديلاتِ القضائية للدورة القادمة للكنيست المقررة الشهر المقبل، فإن هذا القرار يؤجل صراعا سيتجدد لاحقا، إذ رفض قادةُ الاحتجاجات في إسرائيل موقف نتنياهو، وأكدوا البقاءَ في الشوارع حتى إلغاء التعديلات القضائية.
وخلّفت تلك التعديلات المقترحة على قانون السلطة القضائية معضلة سياسية، إذ سيتجدد المشهد الأخير من احتجاجات واضطراب، حين يحاول نتنياهو تمرير مشروع القانون لاحقا.

إضافة إلى ذلك، فإن مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، رسم صورة سيئة لرئيس الوزراء الذي أصبح متهما من المحتجين بإنشاء نظام جديد في الدولة العبرية تكون فيه السلطات بيد رئيس الحكومة، فيمكنه ذلك من السيطرة على السلطة التنفيذية والتشريعية (بطبيعة قيادة للكتلة الأكبر بالكنيست) والقضائية أيضا من خلال التدخل في اختيار القضاة.







أما في حال عدم إقرار التعديلات، فإن نتنياهو سيخسر فرصة لتحقيق مزيد من الحصانة أمام القضاء، فعلى مدار السنوات الماضية ظل شبح مصير رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، الذي حوكم في قضايا فساد يلوح في أفق نتنياهو، وهو الكابوس الذي دفع نتنياهو لـ”التحالف مع الشيطان” (اليمين المتطرف)، أملا في النجاة من المحاكمة في قضايا الفساد التي تلاحقه وتستغلها المعارضة للإطاحة به والزج به إلى السجن.
ولا تزال الأزمة قائمة مع تأجيل النظر في التعديلات، حيث من المنتظر أن تستعر الأزمة من جديد مع العودة لطرحها على الكنيست، حيث من المحتمل أن يعاد النظر بها بعد الأعياد اليهودية (عيد الفصح) في إبريل/نيسان أو بعد الاحتفال بعيد قيام الدولة مايو/آيار بحسب مطالب البعض.



النضال ضد «الديكتاتورية»
على الرغم من إعلان نتنياهو تجميد النظر في التشريعات المتعلقة بالتعديلات القضائية، إلا أن أصوات داخل الحراك الجماهيري تطالب بضرورة استكمال الاحتجاجات و”عدم الاستكانة”، خاصة أنهم رأوا في تصريحات رئيس الحكومة إصرارا على المضي قدما في طريق تمرير التشريعات.







وأكدوا أن تصريحات نتنياهو وشركائه “المتطرفين” اعتراف بعزمهم على إعادة “قوانين الديكتاتورية” إلى جدول أعمال الكنيست، بما يضر باقتصاد الدولة وأمنها، على حد قولهم. مشددين على أنه طالما استمر هذا التشريع فإنهم باقون في الشوارع.



العصيان العسكري
وتعد هذه هي أبرز وأخطر الأزمات أمام نتنياهو، فدخول المؤسسة العسكرية على مسار الاحتجاجات هو أمر مقلق لأي دولة.
فبعد أن أبلغ العشرات من جنود الاحتياط، قياداتهم رفض الخدمة العسكرية وعدم الاستجابة للاستدعاء للتدريبات وعدم الانضمام لوحداتهم رفضا لخطوات حكومة اليمين، وصف الكثيرون الأمر بأنه بداية “عصيان في المؤسسة العسكرية”.
ولفتت وسائل إعلام عبرية إلى أن ضباطا وجنود احتياط من الوحدة الاستخباراتية الأقوى في إسرائيل 8200 وقعوا على عريضة لرفض أداء الخدمة العسكرية، في خطوة إضافية للتعبير عن الاحتجاج.





وقال منظمو عريضة العمليات الخاصة، التي وقعها 450 ضابطا وجنديا، وعريضة الوحدات الإلكترونية الهجومية، التي وقعها 200 شخص، إنهم لن يقدموا تقارير إلى قياداتهم في الاحتياط اعتراضا على إصرار حكومة نتنياهو على التعديلات القضائية.
ومع اتساع رقعة الاحتجاج في الجيش، خرج نتنياهو ليؤكد أنه لا توجد دولة تستطيع أن تتخلى عن جيشها.
لكن خطاب نتنياهو الأخير حمل كلامات صارمة، إذ طالب قادة الجيش بالتصدي “بشدة” لظاهرة رفض الخدمة العسكرية.
وفي السياق ذاته، فإن إقالة وزير الجيش، يوآف غالانت، خلقت ضغطا على قادة المؤسسة العسكرية، ما جعلهم يستشعرون أنهم وسط نيران السياسة، فبحسب صحيفة هآرتس فإن إقالة غالانت تتسبب في إلحاق ضرر مباشر بالجيش، وتعرض أمن إسرائيل للخطر



اليمين واستعراض القوة
زاد الأمر سوءا، دعوات الأحزاب اليمينية أمس لأنصارها بالخروج إلى الشوارع للتظاهر لتأييد التعديلات التشريعية، وهو الأمر الذي يضعهم في مواجهة المحتجين، وأعرب العديد من العسكريين والمدنيين عن غضبهم من تلك الدعوات.
ورغم عدم اندلاع أية مواجهات بين تلك المجموعات وبين المتظاهرين، إلا أنها تؤسس لقاعدة جديدة وهي الزج بالجماهير “المضادة” إلى الشوارع لتحقيق مكاسب سياسية وخلق ضغوط، وهو أمر غير محمود العواقب، فاحتمالية خروج الأمر عن السيطرة واردة دائما، لا سيما في ظل مشاركة مجموعات يمينية متطرفة معروفة بالعنف، وبعضها يمتلك سلاحا، ما قد يقود إلى حرب شوارع.



المعارضة الداخلية
بالرغم من ترحيب أوساط سياسية إسرائيلية بخطوة نتنياهو، وعلى رأسهم الرئيس اسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع الأسبق بيني غانتس، إلا أن زعيم المعارضة، يائير لابيد، استبعد الدخول في مفاوضات، مستنكرا ذلك بقوله إنها دعوة “مريبة”. كما أعرب عن مخاوفه من “المناورة” التي يقوم بها نتنياهو عبر تلك المفاوضات مع الكتل السياسية.


وبينما تواصل المعارضة الضغط على نتنياهو، فإن اختلاف الأجندات السياسية واللجوء إلى الشارع قد يزيد الهوة بين الفريقين، وخصوصا مع وجود تشريعات مرفوضة شعبيا.

ضغط غربي
لا يمكن إنكار الضغوط الغربية على حكومة اليمين الإسرائيلية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي أعربت عبر أكثر من جهة عن تخوفها مما تشهده الساحة الداخلية الإسرائيلية من اضطرابات، ومن المساس بـ”النظام الديمقراطي”.
وقبل أيام، نشرت وسائل إعلام عبرية رسالة من مسؤولين أمريكيين لنتنياهو حملت نصيحة بعدم زيارة الولايات المتحدة خلال هذه الفترة، تحاشيا لتعرضه للإحراج من جانب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على خلفية الاحتجاجات بإسرائيل.

وتجدر الإشارة إلى أن تأخر زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة قد تأخرت بشكل لافت، رغم توليه السلطة منذ عدة أشهر، إلا أنه لم يتلق الدعوة لزيارة البيت الأبيض حتى الآن، واقتصرت زياراته الخارجية على دول أوروبية، وهناك لاحقته مظاهرات منددة بالتعديلات القانونية المقترحة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات