معركة الكرامة .. صفعة زلزلت دولة الاحتلال


جراسا -

يحتفظ التاريخ العربي الحديث، بسجل شرف يضم «معركة الكرامة» في الأردن (21 مارس / آذار 1968)، من حيث التوقيت والنتائج: فالمعركة جرت وقائعها بعد شهور قليلة (أقل من عام) من نكسة 1967 في بلدة «الكرامة» الأردنية قرب الحدود الفلسطينية شرقي نهر الأردن، قريبا من جسر الملك حسين، وهي نقطة عبور فوق النهر الفاصل بين الأردن وفلسطين.. والمعركة استمرت 15 ساعة سجلت «صفعة قوية» زلزلت كيان مؤسسة الاحتلال وفي زمن انفجار غرور القوة الإسرائيلية عقب النكبية العربية الثانية في الخامس من يونيو/ حزيران 1967.

وبداية التصعيد الإسرائيلي في 20 مارس/آذار 1968 مع تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي «ليفي أشكول» أمام الكنيست بالتحضيرات للهجوم ومبرراته (تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية انطلاقا من المملكة الأردنية الهاشمية حيث تتواجد فصائل المقاومة الفلسطينية)، وجاء ذلك في وقت استدعى الأردن سفراء بريطانيا وفرنسا وروسيا، ووضعهم في صورة التصعيد الإسرائيلي، وأخبرهم أن القوات الأردنية في حالة تأهب.

بداية المعركة
بدأت المعركة بقصف مدفعي إسرائيلي قرابة الخامسة والنصف صباحا على مواقع قوات الإنذار والخطوط الأمامية للجيش الأردني، بالتزامن مع اقتحام من 3 معابر باتجاه الأردن، وهي «جسر الملك حسين» و«جسر دامية» و«جسر الملك عبد الله».. وأخذت المدفعية الأردنية تركز قذائفها على مناطق العبور فدمرت الجسور الثلاثة وبعض المجنزرات. ومع مواصلة الجيش الإسرائيلي تقدمه نحو بلدة الكرامة كانت آلياته تتعرض للقصف المدفعي من الجيش الأردني، وإطلاق النار من قبل الفدائيين الفلسطينيين.

ومع وصول قوات جيش الاحتلال للبلدة، تحولت الدبابات والآليات العسكرية إلى هدف للألغام وقذائف «آر بي جي» والأسلحة الرشاشة والأسلحة البيضاء التي بحوزة الفصائل الفلسطينية المقاتلة، تقصف أوهام دولة الاحتلال بأن المعركة مجرد «نزهة» إسرائيلية بعد هزيمة العرب في 1967، لتصبح معركة الكرامة «فاجعة» لقوات الجيش الإسرائيلي.

فشل المخطط الإسرائيلي باحتلال المرتفعات الأردنية
تقول الرواية الأردنية، إنه رغم إعلان إسرائيل أنها قامت بالهجوم لتدمير قوة المقاومين العرب في بلدة الكرامة، فإن هدف العدوان كان مغايرا، وهو تحطيم القدرات العسكرية للقوات والقيادة الأردنية وزعزعة ثقتها بنفسها بعد حرب يونيو/حزيران 1967، واحتلال المرتفعات الشرقية والاقتراب من العاصمة عمان، للضغط على القيادة الأردنية ومساومتها سياسيا مستقبلا.

ويقول الجيش الأردني إن العدو فشل في مخططاته التي عرفت من الوثائق التي كانت لدى القادة الإسرائيليين وتركت في ساحة القتال، وهي احتلال المرتفعات الشرقية ودعوة الصحفيين لتناول طعام الغداء في عمان.
ووفق الهيئة الأردنية، فقد لعب سلاح المدفعية وقناصو الدروع دورا كبيرا في المعركة، وعلى طول الجبهة، وخاصة في السيطرة على جسور العبور، الأمر الذي منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه.



القوات على أرض المعركة
استنادا إلى معطيات مديرية التوجيه المعنوي الأردنية، كان العتاد للأطراف وفقا كالتالي:

القوات الإسرائيلية: لواء مدرع 7، لواء الدروع 60، لواء المشاة 80، لواء المظليين 35، 5 كتائب مدفعية ميدان وثقيلة، 4 أسراب طائرات مقاتلة ميراج ومستير ومروحيات تستطيع نقل كتيبتين.
القوات الأردنية: فرقة المشاة الأولى ووزعت على: لواء حطين، لواء عالية، لواء القادسية يساند الفرقة اللواء المدرع 60. وفي الميدان توزعت القوات إلى كتيبة و3 سرايا دبابات، و3 كتائب مدفعية، وكتيبة هندسة.
وكانت إمكانيات المقاتلين الفلسطينيين: ألغاما وقنابل وقذائف «آر بي جي» وأسلحة خفيفة، وكانت مواجهات المقاومة الفلسطينية تشمل التحاما مباشرا مع القوات الإسرائيلية. وبحسب تصريح الأمين العام للجبهة الشعبية الراحل أحمد جبريل بأن عدد المقاتلين من الفدائيين الفلسطينيين يقدر بنحو 1500 مقاتل.


معركة الكرامة.. نقطة انقلاب بين اليأس والأمل
ومع اشتعال المواجهات على ساحة «معركة الكرامة»، وارتفاع خسائر جيش الاحتلال، لجأت إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة، في حين أصر ملك الأردن الحسين بن طلال على عدم وقف إطلاق النار طالما بقي جندي إسرائيلي واحد شرقي نهر الأردن.

وبدأ انسحاب القوات الإسرائيلية قرابة الساعة الثانية ظهرا، وتقول وثائق بريطانية إن رئيس أركان الجيش الأردني عامر خماش حاصر القوات الإسرائيلية حتى السادسة والنصف مساء ولم يهاجمها خشية تصعيد الموقف.

وقال الزعيم الفلسطيني، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ياسر عرفات، «إن المعركة «شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل»


خسائر معركة الكرامة
واستنادا إلى منشورات الجيش الأردني، كانت خسائر المعركة كالتالي:

القوات الأردنية: 86 شهيدا و108 جرحى، وتدمير 13 دبابة و39 آلية مختلفة.
القوات الإسرائيلية: 250 قتيلا و450 جريحا، تدمير 88 آلية مختلفة شملت 47 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن، وأسقطت 7 طائرات مقاتلة.
في حين يذكر مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، أن عدد شهداء الجانبين الفلسطيني والأردني بلغ 185 و200 جريح.
اعترافات إسرائيلية
نتائج المعركة التي كانت «صدمة» لجيش الاحتلال الإسرائيلي، عبر عنها الدبلوماسي الإسرائيلي السابق آلون ليال (وهو أحد جنود تلك الحرب) بأن المعركة صُورت للجنود على أنها «نزهة» وأن الجيش الأردني لن يقاتل إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية.

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي ـ كشاهد عيان ـ إن هدف المعركة كان مقاتلة منظمة التحرير فقط، وأن مهمة القبض على «عرفات» كانت على عاتق المظليين. وأضاف : كان واضحا أن مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية يتحكمون في أغلب المباني على الطريق الرئيسية.. وما حدث كان مخالفا تماما لما كان منتظرا”.

وتابع في اعترافاته: إن حصيلة المعركة تركتنا جميعا في حالة صدمة.. وتحولت هذه العملية التي قدمت لنا على أنها نزهة إلى فاجعة.

رموز معركة الكرامة
كانت مشاركة القيادة الفلسطينية في المعركة، تضم:

ياسر عرفات، القائد العام لحركة فتح..وخليل الوزير «أبو جهاد» عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ..وصلاح خلف «أبو إياد» عضو اللجنة المركزية لحركة فتح..وأحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وبهجت أبو غربية عضو قيادة الكفاح المسلح .
ومن الجانب الأردني: مشهور حديثة الجازي قائد معركة الكرامة بالجيش الأردني..وعامر خماش رئيس أركان الجيش الأردني وقت المعركة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات