في تصنيف الرجال ..


في تصنيف الرجال..
ولكم سمعتها من امي يرحمها الله وامهاتكم...
هذه الأم التي ولدت لأم سليلة الرجل الذي ذاع صيته قبل قرن وربع القرن في كل أصقاع الجنوب في الشجاعة والاقدام والهيبة (محمد الهِلّة / الهلول)..إذ اكتسبت منها أنفة وشموخ التاريخ المسكوت عنه لأنه كما تقول العامة (معناش مصاري)، إلا ما هو مخزون في صدور الرجال وأحاديث السمر في المجالس ...
كانت والدتي تقول في معرض حديثها عن الرجال :
فلان يا ولدي مثل (السلاح الماضي) كناية عن رجولته وجميل مواقفه حين يُسنَد إليه أمرٌ من أمور العامة ليحله أو لينهي لهم ما اعتورهم من مشكلات...
نعم، فلان في سلوكه الحياتي يشبه المِدية المشحوذة جيدا على مِسَنّ الحياة فهي تشفي غليلك عند ذبحك الشاة دون عناء...
أما فلان يا ولدي(ما يفك المتخانقات) أي لا يقوى على فض خصومة بين امرأتين تتعاركان بالأيدي...لجبنه وانعدام رجولته...
هكذا كانت امي وقبلها جدتي يرحمهن الله تصنفان لنا الرجال ، فاختر انت أي نوع تروم من هذه الأصناف...كان تصنيفها هذا مشفوعا بالتهكم تارة وبالثناء تارة أخرى لينشأ الطفل على تمثل نموذج منهما والاقتداء بما يعلي هامته في قادم الأيام...
ذات جلسة متواضعة مع عدد من الحضور عند اناس نعزهم ونقدرهم من قبيلة بني صخر (الهقيش)...حدثني أحدهم يرحمه الله إذ توفاه الله عن مسؤول في المنطقة كنا ننوي الاستعانة به لاجل أمر عام يخص المجتمع المحلي...
تحدثنا مطولا وعقدنا العزم على مراجعته لطلب العون منه فقال محدثنا قولة قديمة يتناقلها الناس في تلك المنطقة ، قال (لا تطمع كثيرا ففلان مثل ادوى الجمعة)....
جحظت بعينيّ مستغرباً ذلك الوصف الاختزالي لكامل المشهد...
كررت العبارة وانا في غاية الاندهاش (فو.. لااا..ن مثل ادوى الجمعة) !!!
الفلاحون من فلسطين نسمعهم يقولون (فلان مثل الملوخية) لا يضر ولا ينفع إلا أن العلم اثبت ان للملوخية فوائد جمّة...
كان الناس قديما إذا مرض فيهم ومنهم شخص ما يوم الجمعة لم يكونوا ليجدوا له علاجا شافيا من أدوية طبية إذ لا صيدليات ولا مركز طبي فاتح ابوابه لأن الجمعة عطلة رسمية وممنوع عليك أن تمرض..فكانوا يبادرون إلى علاجه بما توفر لهم من أعشاب وربما يزداد الوجع ليعالجوه بالكيّ بواسطة (العُطبة)❤️ حتى ولو كان المريض يعاني من العضال...ربما يسكت الوجع قليلا في هذا اليوم لكنه سيعاود المريض في اليوم التالي...ومن هنا قيل (ادوى الجمعة) أي لا نفع فيه للمريض سوى تسكين مؤقت لا فائدة منه...
قوم آخرون ونحن منهم نقول فلان (مثل دوا الصحية) إذ الصحية مقصود بها مراكز الطبابة الفقيرة في الأحياء والقرى النائية والتي أن بالغتْ في علاجك فلا تصرف لك اكثر من شريط ريفانين مهما كان مرضك...
اليوم نحن في بلاء عظيم ونحن نواجه غالبية من الرجال، نتعامل معهم بحسرة وندامة لأنهم خرجوا عن وصف امي يرحمها الله وهي تقول (فلان مثل السلاح الماضي) وقبعوا مستأنسين في زاوية الوصف الذي يقول (فلان مثل ادوى الجمعة) أو (فلان ما يفك المتخانقات)...
واذا ما استثنيت فإنني والله استثني رجالا اقلاء لا زالوا رجالا في كل موقف يقفون له ..فتحية إكبار وإجلال لهم في هذا الصباح الجميل...تحية لهم على علو همتهم وتمسكهم برجولتهم رغم المعاناة...
.......
❤️ العُطبة: قطعة من القماش البالي (لفافة أو خرقة) تُحرق حتى تحمرّ ينفخ عليها كي تتوقد أكثر ثم يكوى بها العصب الذي يعتقده المداوي بأنه العصب المسؤول عن الوجع في جسد المريض...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات