بيت البيدر المسكون .. الجزء السادس


سارت ليلى سمعان مع رفيقتها سوسن الحج في الشارع امام الكنيسة المارونية في ضيعة عين ابل، كان الطقس باردا بعض الشيئ فاشارت دائرة الأرصاد الجوية الى خلو المنطقة من اية منخفضات جوية و سُحُب ماطرة مع بقاء تيارات غربية باردة تسيطر على الأجواء، كانت الساعة السابعة مساءا و كان عتم الليل يقوى رويدا رويدا في جلد السماء، كان برفقة سوسن كلبة تكسوها فرو اسود و رمادي، كانت من نوع وُلْف و كانت كبيرة تزن ثمانين كليوغراما، بالرغم من انها لم تهاجم احد اطلاقا خلال فترة اقتناءها من قبل عائلة سوسن الا ان الناس كانت تتفادى المسير بقربها حينما كانت تسير بالشوراع ، فتعودت ان تخرج معها بمفردها لقضاء حاجتها في كل يوم، قررت اليوم بغير عادتها ان تمر بمنزل رفيقتها ليلى لـتاخذها معها، فالنهار اصبح يقصر مع تقدمهم في فصل الخريف و ليلهم بات اطول، فطابت لها فكرة رفيقة تسليها ريثما تسير لفترة في الشوارع و تنجز مهمتها، كانت في الكثير من الأحيان تهاب قطعات الكهرباء اثناء المسير في الليل لذلك كان الصيف اختيارها المفضل بغروبه الذي يطول حلوله، كانت خدمات المولدات الكهربائية في الضيعة اضعف من ان تنير عمدان الإنارة حيث كانت تعطي طاقة على قدر عزمها المحلي، فكانت تصلح للمنازل فقط، فكانت احيائهم تبقى لساعات طويلة اثناء الليل بالظلام الدامس لحين اعادت كهرباء الدولة او لشروق كان ينير الدنيا على اهل الضعية، فالله لا يطلب نقود مقابل نور الشمس و لا يطلب مقابل لاي نعمة ينعمها على عبيده، بعكس دولة غاب عنها الحياء فلا تستجيب لطلبات الأهالي بتحسين الخدمات في بلادهم،

كانت سوسن إنسانة بسيطة في لباسها بالرغم من جمالها الفتان، فكانت بالخامسة و العشرين من العمر بيضاء البشرة ذات شعر اشقر طويل و عينين خضراء جميلة، كانت ملامح وجهها ناعمة تميل الى الإطلالة الأوروبية بالرغم من اصولها الشرقية، فحكا القدماء من اهل المدينة ان بعض من رجالهم تزوجوا من خارج لبنان في فترة الإنتدابات العثمانية و الفرنسية، فلذلك دخلت على ملامحهم الإطلالات الغربية، حينما بلغت الثامن عشرة من العمر ذاع صيت جمالها بعين ابل فتردد خطاب كثيرون على منزلها، الا انها رفضت بقرار شخصي منها لإكمال دراستها، و سرعان ما اكملت دراستها الجامعية لتختص بالتجارة، فكان من اهدافها مساعدة والدها في تجارته المرموقة في عين ابل، فكان يمتلك محل كبير لبيع المواد التموينية،
كانت ترتدي بنطال اسود و قميص احمر و سترة سوداء فوقها، و كانت تلف رقبتها بشال اسود من الصوف، و ارتدت للبرد في قدميها بوتين طويل كان يصدر منه طقطقتٌ خفيفة كلما هدأ الشارع بجانبهم من حركة السيارات، على النقيد كانت ليلى بمزاج سيئ فلم تكترث للباسها، فكانت ترتدي بذلة رياضية رمادية و حذاء رياضي و سترة جلد سوادء من فوق للبرد، كان شعرها الأسود الطويل يهتز مع هبات الخرف الباردة بعكس سوسن التي اختارت ربط شعر رأسها ببكلة لينساب بِجَدْلَة متواصلة لمنتصف ظهرها،
نظرت ليلى الى البدر المكتمل فوقهم، كان سناه وضاءا يشتت بعض ظلام السماء الرحبة و الواسعة، تراقصت حوله بعض النجوم بلوحة انيقة جدا، قالت بنبرة حنونة "الا يبدو القمر الليلة رومنسيا؟"
تأملت سوسن السماء لبرهة من الزمن ثم اجابت بإستغراب "رومنسيا؟ ارى السماء بقمر مكتمل بليلة باردة امر مروع بعض الشيئ،"
اجابت "من كثرة افلام الرعب التي تشاهدينها،" اكملت بنبرة رقيقة "انا بالعكس ارى العشاق يجتمعون تحته ليتسامروا و يتبادلوا كلام الغرام، ارى اشعته الرقيقة تضيئ وجوه العشاق و هم يقولون قصائد الغزل لبعض،"
رَدًتْ على انتقادها ساخرة "اه، انت تشاهدين المسلسلات المكسيكية كثيرا، الرجل الوسيم بالبذلة و هو يُمْسِكْ الجيتار تحت شرفة معشوقته بمنزلها و يغني لها اغاني رومنسية،"
اجابت ليلى بثقة "يعني واحده بواحده، لأنني انتقدتك، حسن انا متصالحة مع نفسي، انا طبيعتي رومنسية، يحركني الكلام الرقيق، القُبَلْ الملتهبة تحت قمر الصيف الحالم، قلوب العشاق المتيمة ببعض،"
"يا ولد يا حبيب، اتمنى ان ترزقك الايام برشدي اباظة عصرنا لكي يهريك حبا و حنان و عطفا،" ضربتها سوسن بكوعها قليلا على خصرها و قالت "أليس هنالك مشروع عروس هنا او هناك؟"
وضعت يدها على وجهها و قالت مستنكرة "لا تذكريني، امي سألتني مرة آخرى عن العاشق الولهان اياه منذ بضعة ايام، اكاد اجن منها، ليس على لسانها الا سيرته، هو سيحمي الديار بما ان راتبه الشهري مبلغ و قدره،"
فجأة ابتدأت كلبة سوسن بالنباح على قطة شاهدتها على مقربة منها، شدة سوسن سلسلة الحديد بيدها بقوة تحسبا لأي محاولة منها للحاق بها و قالت آمرة "لَكِي اهدائي،" حاولت الكلبة السير نحوها فاستدارت سوسن الى اليمين بعزم و صعدت بممرا اسمنتيا قديما بين منازل مهجورة، سارت معها ليلى قائلة "احضرت لها بعضا من الطعام، سيعجبها،"
ارتفعت بالأجواء طقطقت نعل سوسن و اختلطت بصوت تكسر اوراق الأشجار اليابسة و هن يسرن الى داخل الممر، فتوقفن تحت شجرة كبيرة كانت تطل من داخل صور احد المنازل، كان سنا القمر يضيئها بعريها الخريفي الجميل، فكانت نسمات الهواء تعريها من اوراقها من حين لآخر فلم يتبقى عليها سوى بضعة اوراق صفراء كانت تهتز مع حركة اغصانها، اخرجت ليلى كيس من جيبها به بعض من بسكويت الكلاب و وضعته امام لَكِي، اكلت منه فتشتت تركيزها عن القطة، قالت ليلى "كان عندي يوما من الايام كلب جميل، كنت متعلقة به كثيرا، و لكنه كان اصغر حجما من هذا الديناصور الذي برفقتك،"
"لم تخبريني بالرغم من انني شعرت بهذا الأمر حينما رزتيني في بيتي و لم تخافي من لكي،"

"والدتي تتضايق منهم، فسرعان ما جعلتني اتخلص منه، ارسلته لصديقة لي حينما قدمت من بيروت لزيارة الضيعة،"
"انا آسفى لهذا الحدث،"
"قد نسيت فوكس منذ زمن بعيد،" نظرت الى الكيس امام لَكِي و قالت "سوسن قد اكلت الطعام، هيا نكمل مسيرنا، الى اين سنذهب؟"
"سنسير الى ظهر البيدر،" اكملا طريقهما صعودا، قالت سوسن "اخبرتيني ان والدتك ترغب بزواجك من منيب؟ لا اظن ان هنالك شيئا يعيب هذا الرجل، انه كَسٍيبْ و يمتلك بيتا كبيرا لا يسكن به سوى اهله، بيته كبيرا جدا فلا اظنك ستتضايقين من اهله لو استقريت معهم، ما المشلكة،"
"اشعر و كأنني بفيلم مصري، الأم التي تضغط على ابنتها بسبب الفقر للزواج برجل فقط لأنه ثري، اشعر و كأنني سلعة تريد امي بيعها لتتخلص من ظروفنا،"
"ليلى انت إمرأة جميلة جدا و جمالك قد يجلب لك الحظ، من الواضح ان منيب يحبك، لا تأخذي قرار عشوائي، المبادئ جميلة جدا و لكن,,,"
قالت بقليل من خيبة الأمل "انتِ تشبهين امي.."
"لا اقصد و لكن الحظ قد لا يتكرر ان لم ننتبه،"
"انه فاسد، سُمْعَتُه مريبة جدا، كما انني لم اشعر بأي شيئ تجاهه، حتى حينما زارنا هو و اهله..."
"تعرفي عليه، اعطي لنفسك فرصة، بلادنا تحتاج لمعجزة لتنهض من المشاكل التي تعاني منها، هل تعلمي ان الصيدليات مؤخرا باتت لا توفر حليب للأطفال اطلاقا من كثرة الإحتكارات التي تسيطر على السوق، وصل سعر علبة الحليب الصغيرة الى اكثر من خمسمائة ألف ليرة، الكل يعاني و منيب له علاقاته، يعني لن تحملي هم ارتفاع اسعار او هبوطها، فكري مليا، الشريف لا يعيش مرتاح ببلادنا"
"انا اخذت قراري، انا سأخبر والدتي برفضي لمنيب، لن اعيش بنقود حرام، انا مؤمنة و اصلي بالكنيسة، اخاف إن انجبت على اولادي من دخل والدهم الحرام، ما عمري اكلت لقمة حرام يا سوسن،"
"انا شخصياً لو تقدم لي سأقبل، بعد نفسي الطوفان..."
"انت تعيشين عيشة محترمة من دخل والدك، انت لست بحاجة لعروس غني ليتقدم لك،"
تَنَهًدَتْ سوسن بعمق و قالت "كل واحِدَةٍ منا تحلم بفارس يأتيها على فرس ابيض ليأخذها الى ديار الأمان و الأستقرار،"
كسرت ليلى اجواء الحوار الجدي و ضحكت فجأة، ثم قالت مستهزءة "فرس ابيض؟ اتمنى ان يرزقك الزمن بعنتر ايامنا كي يهريك حبا و حنانا..."
ضحكا الأثنين معا، فجأة استوت الأرض امامهما و اصبحا بمنتصف شارع يمتد من يمينهم الى يسارهم، كان امامهم طلوع اسفلتي قوي فابتدأوا يسيران نحوه و لكن ارتفع بالأجواء ضجيج على يمينهم لاطفال و هم يركلون كرة للقدم بجانب شرفة بيت طابق ارضي، كانت الشرفة مضاءة بالكامل فانارت للأطفال الشارع اثناء لعبهم، رأت طوني يلهو مع رفاقه بالشارع، كانوا على مسافة قريبة منهم فنادت لهم ليلى "لا تلعبوا بمنتصف الشارع، فقد تصدمكم السيارات!"
اجاب احد الأطفال "الدنيا ظلام فلا نستطيع اللهو كما يحلو لنا بالاراضي الترابية!"
اجابت سوسن "بكل الظروف اللهو بالشارع به خطر عليكم،"
رد احد الأطفال "حاضر، سنؤجل اللعب الى وقت آخر،"
فجأة اقترب منهم طوني و قال "يا مادام كيف حالك،"
لامست شعره و هي تقول "انا بخير يا طوني، و انت كيف حالك،"
"انا بخير،" كان طوني يرتدي بذلة رياضية كحلية اللون و سترة من فوق، كانت ترى بعض من معالم وجهه بفضل سنا القمر، سأل ليلى "الى اين انتم ذاهبون؟"
قالت له "الى طريق ظهر البيدر،"
اجابها "احذروا البيت المسكون مادام، فهو مليئ بالأشباح، نحن نقترب من الهالوين و تحدث اشياء مريبة هناك،"
ابتسمت له سوسن و اجابت "انها مجرد اساطير يا طوني، و لكن حاضر، سنكون حذرين،"
وضع يده على رأس لكي و قال "كلب جميل جدا،"
سألت ليلى "الا تخاف الكلاب، انت ولد شجاع،"
ابتسم طوني و قال "الكلبة متوتره قليلا، هل ضايقها شيئ مؤخرا؟"
قالت سوسن "رأت قطة فقط،"
"عندي كلبة مثلها، انها متوترة من شيئ اكثر من رؤية قطة، عموما يجب ان اعود الى رافقي، فريقنا يكسب و انا مهاجم الفريق،"
قالت ليلى "حظا طيبا، و لكن العبوا في مكان آخر،"
فجأة ابتدأوا رفاقه ينادون عليه، قال "تحت امرك مادام، يجب ان اعود، الى اللقاء بالغد،"
عاد طوني الى رفاقه بينما اكملا طريقهما نحو البيدر، سارا لبضعة دقائق و اكملا حوارهما بينما ارتفعت بالأجواء اصوات لهو الأطفال من جديد، سمعا احد الأهالي يصرخ لهم "يا اولاد، اشعلت لكم كشافين في الحديقة خلف المنزل لتلعبوا، تعالوا الى المنزل!"
قالت ليلى "الحمدلله ان احدهم وَفًرَ لهم مكان آمن للهو،"
اجابت سوسن "الا يكفي ان الدولة لا تسأل بشيئ، قولي لي ما الغد الذي ينتظرهم، ليس هنالك الا تَوًعُدْ من حين لآخر من احزاب الشيعة بالجنوب لإسرائيل، و طبول حرب تُدًق بسببها، و سياسيون ينهبون ثروات البلد غير مكترثين بما يجب ان توفر لهم بالغد، و اذا تظاهر الناس مطالبين بحقوقهم يرسلون الدرك برهواته ليكسروا رؤوسهم، حَوًلوا بلادنا الى خرابة كبيرة،"
ساد سكون بعد كلام سوسن عَكَسَ كم حملت قلوبهم آهات مريرة على ما يحدث ببلدهم، اختفى صوت الأولاد تماما مع صعودهما الى طريق ظهر البيدر، فسارا وسط الظلام الحالك بجانب اراضٍ خالية من المنازل، لم يقطع صوت السكون الذي خيم على المكان الا اصوات حفيف النباتات ببعض و حفيف اوراق الأشجار و الهواء يجرفها من حين لآخر عن التراب من حولهم، حتى الشارع كان هادئا من دون حركة سيارات، افلتت سوسن سلسلة لَكِي من يدها، ابتدأ يسير بإتجاه ارض فسيحة على يسارهم ليسرح بها قليلا، و لكن فجأة توقف و نظر الى البيت المسكون، كان البيت المسكون على مسافة قصيرة منهم، ابتدأ يزمجر و هو ينظر الى بوابته التي كانت تهتز قليلا كعاتدها مع هبوب الرياح الخريفية، قالت ليلى لسوسن "ما بالها لكي منزعجة هكذا؟"
اجابت "لا اعلم، يبدو انها متوترة من شيئ،" صرخت اليها قائلة "لكي، عودي الى هنا!"
لم تأبه لكي لأوامرها، فبقيت تزمجر على شيئ داخل ارض البيت المسكون، صرخت لها سوسن بنبرة حازمة اكثر "لكي عودي فورا الي!!! هيا!!!"
قالت ليلى "لاحظ طوني انها متوترة منذ لحظات، ما بالها؟"
"كنت اظن توترها بسبب القطة،"
تيقنت ليلى ان الموضوع لا يتعلق بقطة اطلاقا، كانت تعلم ان حاسة الكلب قوية جدا، فيبدو انها شعرت بشيئ مريب ببيت البيدر، فجأة انطلقت لكي صوب البوابة المفتوحة، صرخت اليها سوسن "لكي عودي!!!" و لكنها دخلت الى داخل اراضي البيت المظلمة، نظرت ليلى بخوف الى ما يحدث فتذكرت فجأة كلام طوني بحصة العلوم منذ بضعة ايام حينما سألها "هل تؤمنين بالأشباح،" شعرت بعدم ارتياح و هي ترى الكلبة تختفي بسرعة في داخل اراضي البيت، فجأة صرخت صديقتها "سأدخل وراء كلبتي!" ابتدأت ليلى بالتوسل لصديقتها "ستعود لكي بعد قليل، لا تذهبي ورائها، المكان مظلم! هذا البيت تحيط به اشاعات مرعبة!"
لم تأبه سوسن الى تحذيرات صديقتها، فسارت بسرعة وراء كلبتها و وقفت قليلا عند البوابة، صرخت بصوت عالٍ "لكي عودي الي!!! هيا لا تفعلي هذا بي!!!"
سارت ليلى نحوها ببطئ قائلة بصوت مرتفع "سوسن لكي قوية و ستعود لك سريعا!" فجأة ارتفع صوت نباح شرس من عمق الاراضي المعتمة، كانت لكي تنبح و تزمجر بقوة و كأنها تتعارك مع احدهم، صرخت سوسن بشدة "لكي!!!" و انطلقت بسرعة الى داخل الاراضي المعتمة، جَرَتْ ليلى نحو البوابة و هي تراقب صديقتها تختفي وسط الظلام الدامس، ارتفع صوت طقطقت الأشجار اليابسة و صديقتها تدوسها بعزم بإتجاه صوت العراك، كانت اصوات النباح على مسافة بعيدة و لكنها كانت واضحة من شراستها، وقفت ليلى متحيرة و الرعب يعصف بها بلا رجمة و هي تفكر بما يجب ان تفعله ، قررت فجأة ان تتصل بوالد سوسن لتخبره عما يجري معهم، التقطت هاتفها المحمول من جيبها لتطلبه و لكن فجأة سمعت صرخة موجوعة من سوسن جعلت الدماء تتجمد بعروقها، توالت الصرخات المرعبة و ليلى واقفة عند البوابة و التفسيرات تعصف بذهنها الى ما قد يكون قد حدث لصديقتها،
فجأة وصل الرعب في داخلها الى مستويات شل تفكيرها، دفعتها كميات ضخمة من الأرتباك و الهلع الى الجري بإتجاه البيت المسكون، هَبًتْ من حولها رياح باردة و هي تجري الى مصدر صراخ صديقتها، صرخت اليها "سوسن!!!" و لكن توالت الصرخات الموجعة لصديقتها و هي تنوح على امرٍ ما، داست الأرض الرطبة تحت قدميها بسرعة كبيرة و هي تقترب من مصدر الصراخ فلم تستطيع التفكير بأي شيئ سوى الوصول الى صديقتها، اشعلت الكشاف الصغير على هاتفها و هي تشعر انها تقترب من الصراخ، سلطته امامها و هي تجري بين الأشجار الكثيفة لكي لا تصطدم بأي منها اثناء جريها، فجأة رأتها بين شجرتين راكعة على الأرض تصرخ و تلطم رأسها براحتيها، اقتربت منها و ركعت بجانبها و حضنتها و هي تلهث من الذعر الشديد "لا تخافي! انا هنا!" حضنتها بقوة و حاولت تهدأت اعصابها، فجأة شعرت بنقاط تنهال على رأسها، حاولت النهوض مع صديقتها و لكنها رفضت و اشارت الى فوق، كان جسدها يهتز بشدة و لسانها لا ينطق بشيئ سوى تمتمات غير مفهومة، وقفت ليلى و سلطت كشاف هاتفها الى الاعلى و تتبعت النقاط، فجأة عصفت بها موجات هلع ضخمة و هي تنظر الى الأعلى، كانت لكي معلقة على غصن شجرة كبير قد اخترقها من بطنها، صرخت صرخة مدوية و هي تنظر الى الكلبة تتلوى من الألم و الدماء تنزف منها، كانت جزءا من مصارينها تلتف حول الغصن الكبير، صرخت الى سوسن "يجب ان نخرج من هنا،"
لم تنطق سوسن بكلمة بل استمرت بإطلاق تمتمات مذعورة و هي تنهض من على الارض، سحبتها صديقتها رغما عنها و هي تحاول الجري صوب البوابة مرة آخرى، قاومتها سوسن و هي تنظر الى كلبتها، ارتسمت علامات الألم على وجهها و هي تنظر اليها و لكن صفعتها ليلى صفعة قوية على وجهها، صرخت قائلة "اهداي، هذا المكان مريب، من فعل هذا الأمر بكلب بحجم لكي شخص بشع، يجب ان نخرج من هنا حتى لا يؤذينا،"
بكت سوسن متألمة و هي تجري مع صديقتها صوب البوابة، كان ضوء كشاف الهاتف يساعدهم برؤية الطريق و لكن لم يكن قادرا على كشف الطريق لمسافات طويلة، ارتفعت بالأجواء اصوات عدد من السيارات و هي تسير بالشارع مما ساعدهم بتحديد وجهة البوابة اكثر، فسارا بعزم شديد، فجأة توضحت امامهما انارة عمدان الشارع و هي تشتعل فشعرا براحة اكبر و اسرعا اكثر الى ان وصلا الى البوابة، كانت الوابة مغلقة بفعل الرياح ففتحتها ليلى على مصريعها و خرجتا الى الشارع، ركعت سوسن باكية و انطلق لسانها اخيرا بعد اللحظات المريرة التي أَلَمًتْ بها و بليلى، صرخت باكية "لكي!!! ماتت لكي!!!" ركعت بجانبها ليلى بمحاولة لمواساتها "الحمدلله اننا بخير، اهدائي حبيبتي، سنبلغ الشرطة بالغد بما حدث، اهدائي،"
"و انا انظر الى لكي و هي تنزف على عضن الشجرة شعرت بزفير مسموع لأحدهم، كان قويا و دافئا جدا، شعرته لوهلة و هو ينساب على رقبتي، و كأنه خلفي، كان تنفسه قوي كالريح فارتعبت و استدرت الى الوراء، شعرت و كأنني لثانية من الزمن رأبت حوافر لكائن كبير يسير حولي،"
حضنتها سوسن بقوة و توسلت اليها "اهدائي، نحن بآمان، الشيئ الذي قتل لكي بقي في داخل الأرض، انظري نحن بالشارع مرة آخرى،"
فجأة سمعت نباح بالقرب منها، نظرت الى صوب بوابة البيت المسكون فرأت كلبة كبيرة تجري صوبها، نهضتا معا من مكانهما و هما تنظران الى الكلبة و هي تجري صوبهما، فركت سوسن عينيها و هي غير مصدقها لما كانت تراه، فجأة اقتربت منها الكلبة و وقفت على ساقهيا الخلفية و وضعت ساقيها الأمامية على اكتافها، ابتدأت بلعق وجهها، صرخت ليلى و هي غير مصدقة "لكي!!!!" وقعا الأثنين معا على الأرض و سوسن تداهب فروها بفرح كبير، لعقت لكي وجهها مرارا و تكرارا قبل ان تسيطر عليها و تنهض من مكانها،
قالت لها ليلى بفرح كبير "الحمدلله، لكي بخير!!!"
نظرت سوسن و هي تداعب لكي الى ليلى و سألت بصوت كان لا يزال يرتجف من الخوف "ما الذي حدث معنا بالداخل،"
قالت سوسن و الدموع تنهمر من عينيها، انا متأكدة من الذي رأيته بالداخل، متأكدة من ان كان هتالك شيئ مريب قد فتك بكلبه بحجم لكي، الحمدلله ان التي ذبحت لم تكن لكي،"
كانتا تقفا تحت عامود للإنارة، فأكملت سوسن "لم يكن وهما، دماء من التي على ثيابك،"
نظرت ليلى الى بذلة الرياضة التي كانت ترتديها، فكانت مليئة بالدماء...يتبع
*********************************



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات