أوروبا تبحث عن الاستقلال بعيدا عن أمريكا


جراسا -

ترصد الدوائر السياسية والعسكرية في الغرب، مؤشرات تنبىء بتوجه دول الاتحاد الأوروبي،للتحرك على الساحة الدولية وأن تتخذ قراراتها باستقلالية تامة، وهو ما وصفته بـ «هدف واقعي»، في ظل مناخ اختلال التوازنات الدولية الحالية، وبعد أن كشفت حرب أوكرانيا «عورة أوروبا» ومدى اعتمادها على الولايات المتحدة عسكريا، وفي نفس الوقت بات واضحا تراجع دعم الولايات المتحدة.

والتوجه لـ «الاستقلال الاستراتيجي»، بات رغبة أوروبية ملحة، وكان هذا واضحا ـ على سبيل المثال ـ في اتفاقية الائتلاف الحكومي في برلين لعام 2021، وجاء في الاتفاقية «نريد المزيد من الاستقلال الاستراتيجي لأوروبا.. هدفنا هو اتحاد أوروبي مستقل كلاعب قوي في عالم يتسم بعدم اليقين وتنافس منهجي».

إذن هناك شيء ما يحدث، سواء على المستوى الألماني أو الأوروبي.
أوروبا تتحسب لنهاية الدعم الأمني والسياسي الأمريكي «السخي»

ويؤكد مدير معهد السياسة العالمية العامة في برلين، تورستن بنر، لشبكة DW دويتشه فيله، أنه من المتوقع أن يدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن التاريخ كآخر مدافع عن العلاقات عبر الأطلسي في البيت الأبيض، وقريبا سينتهي زمن الدعم الأمني والسياسي السخي، مهما كانت هوية من سيأتي بعد بايدن إلى البيت الأبيض، لأن الولايات المتحدة ستركز في المستقبل على الصين أكثر بكثير.

الوضع الجيوسياسي الجديد غير مريح للأوروبيين



هناك تطورات داخل الساحة العالمية، فرضت على دول الاتحاد الأوروبي، البحث عن «الاستقلال الاستراتيجي» دون الاعتماد على أمريكا التي تدير ظهرها لأوروبا ببط..وفي المقابل هناك الصين وهي قوة عالمية تراها أوروبا «تزداد عدوانية»، وبينما روسيا بوتين تهاجم دولة أوروبية مستقلة، وحرب أوكرانيا كانت مفاجئة للجميع تقريبا..وهذا هو الوضع الجيوسياسي الجديد غيرالمريح بالنسبة للأوروبيين.

وقد تم بالفعل استخلاص النتائج في الاتحاد الأوروبي، وكإجابة على ذلك أطلقت عبارة «الاستقلال الاستراتيجي»..ويعني ذلك أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتحرك ويتصرف عسكريا وسياسيا واقتصاديا بشكل مستقل عن اللاعبين الآخرين في السياسة الدولية
الاستقلال الاستراتيجي.. «قضية البقاء السياسي»



وعلى نفس المسار ـ نقريبا ـ كتب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في مقال: إن أوروبا مهددة بأن تصبح «غير ذات أهمية». ويدلل على ذلك بتراجع وزن أوروبا في العالم بقوله «قبل 30 عاما كانت حصة قارتنا ربع الرخاء العالمي. في غضون 20 عاما ستكون حصتنا من الإنتاج الاقتصادي العالمي 11 بالمائة كحد أقصى»، وأن الاستقلال الاستراتيجي هو «قضية البقاء السياسي»

لا يشارك الجميع في تحقيق هذا الهدف الأوروبي

بينما يرى هينينج هوف من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، أن أوروبا ككل لا تزال بعيدة عن تحقيق هدف الاستقلال الاستراتيجي. وقال «في السياسة الخارجية والدفاعية، أظهرت الحرب الروسية ضد أوكرانيا أن الأوروبيين يعتمدون على الولايات المتحدة، ويسري ذلك على الردع النووي والقوات العسكرية التقليدية، وليس هناك شك، لو كان على أوكرانيا أن تعتمد على أوروبا فقط، لما كانت موجودة اليوم».

وسبق أن حذر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، في مؤتمر برلين للأمن الذي انعقد في بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول، من استقلال أوروبا في مجال السياسة الدفاعية.

وقال ستولتنبرج: «أنا لا أؤمن بأوروبا لوحدها، ولا بأمريكا لوحدها، فقط حلف الناتو يمكن أن يضمن الأمن»

كما أن الأوروبيين منقسمون بشأن الاستقلال العسكري، حيث ترى دول البلطيق وبولندا أنه ينبغي للولايات المتحدة والناتو أن يلعبا دورا أقوى في أوروبا.
أوروبا أكثر كفاءة في جميع المجالات



وفي المقابل.. يرى الباحث ميهاي شيهايا، من مركز السياسة الأوروبية في بروكسل، أنه يمكن جمع المصالح المختلفة..وقال لشبكة DW إن أوروبا أكثر كفاءة، يمكن أن تساهم في الأمن عبر الأطلسي وتكمل حلف الناتو.

ويرى خبراء ومحللون غربيون، أن هدف الاستقلال الاستراتيجي لا يتعلق بالأمن والدفاع فقط، وإنما يشمل كذلك التجارة والصناعة والمالية والاستثمار أيضا.. وقد أيد الأوروبيون التعددية والتجارة الحرة ضد ترامب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات