الكتل النيابية .. واقع وتطلعات


استكملت الكتل النيابية الإجراءات الخاصة بتسليم أسماء أعضائها إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، حيث تشير التقارير الصحفية إلى أن الغالبية العظمى من النواب الحاليين قد انضموا إلى سبع كتلة نيابية، وأن عدد النواب المستقلين قد بلغ (13) نائبا فقط.

إن أهمية الكتل النيابية تكمن في اعتبارها الآلية البرلمانية المتوافرة حاليا لمأسسة العمل الجماعي، وذلك في ظل غياب الأحزاب السياسية عن تشكيلة المجلس الحالي. فالكتل تقوم على تجميع النواب لبعضهم البعض على أساس فكري أو برامجي أو حتى عقائدي بعد نجاحهم في الانتخابات، فيتحول العمل البرلماني لعمل كتلوي، بدلا من أن يكون جهدا فرديا لا يحقق الفائدة المرجوة منه.

وقد تأخر مجلس النواب في تنظيم الكتل النيابية من حيث تشكيلها ومباشرتها لعملها حتى عام 2013، عندما أفرد في نظامه الداخلي مجموعة من النصوص التنظيمية لهذه الغاية، وذلك ابتداء من المادة (25) التي تنص على أنه يحق لمجموعة من النواب لا يقل عددها عن (10%) من أعضاء المجلس تشكيل كتلة نيابية. وهنا يسجل لمجلس النواب أنه قد ربط تشكيل الكتل في نظامه الداخلي بنسبة معينة من عدد أعضائه وليس بعدد ثابت منهم، مما يجعل من هذا الحكم صالحا للتطبيق بصرف النظر عن أي تغيير قد يطرأ على عدد أعضاء المجلس النيابي.

وعلى خلاف الأنظمة المقارنة، لم يشترط النظام الداخلي لمجلس النواب وجود نسبة معينة من النساء والشباب في تشكيلة الكتل النيابية. هذا على خلاف الوضع في التشريعات المقارنة، حيث تنص المادة (64) من النظام الداخلي لمجلس النواب المغربي بالقول "تخصص وجوبا تمثيلية للنساء والشباب بمكاتب الفرق والمجموعات النيابية".

وعلى الرغم من أن الفصل الخامس من النظام الداخلي لمجلس النواب يحمل عنوان "الكتل والائتلافات النيابية"، إلا أنه لم يتضمن أي اشارة تتعلق بطبيعة الائتلافات النيابية وكيفية ممارستها لمهام عملها. فالنظام الداخلي الحالي قد خلا من أي نص قانوني يتعلق بالائتلافات النيابية، باستثناء حكم المادة (25/ب) منه التي تنص على أنه يحق لكتلتين أو أكثر تشكيل ائتلاف نيابي.

كما يسجل على النظام الداخلي لمجلس النواب أنه لم يكرس مبدأي الإشهار والإعلان عن تشكيل الكتل النيابية وعند حدوث أي تغيير في عضويتها أو نظامها الأساسي. هذا على خلاف الوضع في الأنظمة المقارنة كتونس والمغرب، التي تفرض تشريعاتها البرلمانية على رئيس مجلس النواب الإعلان عن ولادة الكتل والائتلافات النيابية، وعن أي تغييرات قد تطرأ عليها، وذلك بشكل رسمي خلال جلسات المجلس مع نشر هذه التعديلات في الجريدة الرسمية.

وعن أحكام العضوية في الكتل النيابية، نجد بأن المادة (31) من النظام الداخلي لمجلس النواب تحظر على النائب الانضمام لأكثر من كتلة واحدة. وهذا الحكم يتوافق مع طبيعة الكتل النيابية، التي يُفترض أن تقوم على أساس برامجي وفكري معين؛ إذ لا يعقل أن يكون للنائب أكثر من توجه وموقف واحد ضمن المجلس النيابي.

ولغايات مواجهة ظاهرة الانتقال المتكرر للنواب بين الكتل النيابية وعدم استقرارهم ضمن الكتلة الواحدة لفترة زمنية طويلة، فقد حظر النظام الداخلي على النائب الانتقال من كتلة إلى أخرى إلا بعد انتهاء الدورة العادية. فكل نائب قد بدأ الدورة العادية بالعضوية في كتلة معينة يُحظر عليه الانتقال إلى كتلة نيابية أخرى خلال فترة انعقاد الدورة العادية لمجلس النواب.

إن التحديث السياسي الذي قامت به الدولة الأردنية والذي تمثل في إقرار تشريعات جديدة للأحزاب السياسية والانتخاب تقوم على أساس تخصيص مقاعد نيابية للأحزاب على مستوى الوطن، من شأنه أن يوفر بديلا دستوريا للكتل النيابية في المستقبل القريب. فنواب الأحزاب السياسية الذين سيصلون إلى البرلمان سيكونون ملزمين بموجب القانون بالبقاء على تكتلهم الحزبي، وعدم الخروج عنه طيلة فترة تواجدهم في مجلس النواب، وذلك تحت طائلة خسارة مقاعدهم في البرلمان.

كما أن التكتل الحزبي الذي سيشكله النواب الذين ستفرزتهم القائمة الوطنية بشكل أساسي، سيشكلون نواة لكتل نيابية مختلفة من حيث التشكيل والروابط بين الأعضاء عن الكتل الحالية. فهي ستمتاز بالثبات والديمومة بشكل سيؤثر إيجابا على عمل المجالس القادمة، وكيفية أداء الأعضاء فيها لمهامهم في التشريع والرقابة.

إن النظام الداخلي لمجلس النواب سيكون بحاجة إلى مراجعة شاملة عند ولادة مجلس النواب القادم، بحيث تكون القواعد الإجرائية لعمل المجلس متناسبة مع تشكيلته الجديدة، وطبيعة الأعضاء المشكلين له.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات